الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1184 سنة 10 ق – جلسة 28 /10 /1940 

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 6 نوفمبر سنة 1939 لغاية 26 أكتوبر سنة 1942) – صـ 257

جلسة 28 أكتوبر سنة 1940

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك المستشارين.


القضية رقم 1184 سنة 10 القضائية

( أ ) أسباب الإباحة وموانع العقاب. دفاع شرعي. التمسك به. الرد على هذا الدفع. وجوبه. إغفاله يبطل الحكم.

(المادة 210 ع = 246)

(ب) محكمة النقض والإبرام. آثار الطعن. نقض الحكم بالنسبة لأحد الطاعنين باعتباره صاحب الأسباب التي بني عليها النقض. طاعنون آخرون. متى يستفيدون من نقض هذا الحكم؟

(9-5)

1 – إذا دفع المتهمون بأنهم فيما وقع منهم لم يكونوا معتدين وإنما كانوا في حالة دفاع شرعي تبيح لهم في سبيل رد الاعتداء الواقع عليهم ارتكاب الفعل الذي قدّموا للمحاكمة من أجله فإن ذلك يقتضي من المحكمة، إذا لم تأخذ به، أن ترد عليه صراحة في حكمها. فإذا هي أدانتهم ولم تتحدّث عنه كان حكمها معيباً بما يوجب نقضه.
2 – إذا كان نقض الحكم متعيناً بالنسبة لواحد من الطاعنين باعتباره صاحب الأسباب التي بني النقض عليها فإن باقي الطاعنين الذين قرروا بالطعن في الحكم الصادر عليهم معه يستفيدون أيضاً من هذه الأسباب متى كانت متعلقة بعيب في الحكم يتصل بهم أيضاً، فينقض الحكم بالنسبة لهم كذلك.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن الثالث على الحكم المطعون فيه أنه بني على الإخلال بحق الدفاع مما يوجب نقضه. ذلك لأن هذا الطاعن وزميليه الطاعنين الآخرين دفعوا التهمة في التحقيقات الأوّلية وفي جلسة المحاكمة بأنهم لم يرتكبوا الواقعة المرفوعة بها الدعوى العمومية عليهم إلا بعامل الدفاع الشرعي عن أنفسهم، واستندوا في ذلك إلى ما يبرره من ظروف الدعوى وملابساتها، ولكن المحكمة أغفلت الرد على ما تمسكوا به من هذا، ثم أوقعت عليهم العقاب على اعتبار أنهم كانوا فيما وقع منهم معتدين غير معذورين مع أن واقعة الدعوى التي أوردتها في حكمها تفيد بذاتها أنهم كانوا في حدود حقهم يدفعون الاعتداء الذي ثبت وقوعه عليهم من فريق خصومهم.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن المتهمين (الطاعنين) طلب لهم البراءة قائلاً إنهم كانوا في حالة دفاع شرعي، ودعّم طلبه هذا بأقوال الشهود الذين ذكرهم وبظروف الدعوى التي أشار إليها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أدان الطاعنين في جناية القتل العمد المرفوعة بها الدعوى العمومية عليهم وقضى على كل منهم بالأشغال الشاقة لمدة 15 سنة. وذكر واقعة الدعوى كما حصّلتها المحكمة من التحقيقات التي أجريت فيها بقوله: "إنه بناءً على طلب نقطة المعايدة قام المتهم الأوّل (الطاعن الأوّل) مستصحباً المتهمين الثاني والثالث (الطاعنين الثاني والثالث) لناحية نزلة الحرجات لضبط عبد المطلب سيف ولعان لاتهامه في جنحة سرقة، وهناك عارض والده سيف ولعان في القبض عليه وحصلت مشادّة بين الطرفين وطعن سيف ولعان وكيل شيخ الخفر علي عبد الرحمن أبو زيد (الطاعن الأوّل) بالسكين في صدره فأطلق عليه الخفير محمد طه علي (الطاعن الثاني) عياراً نارياً أصابه في فخذه وأعقبه علي عبد الرحمن أبو زيد بإطلاق النار على المجني عليه المذكور فسقط قتيلاً فصرخت بنته لطيفة فأطلق عليها راتب محمد علي الطاعن الثالث عياراً أصاب منها مقتلاً". وبعد ذلك أورد الحكم الأدلة التي استند إليها في ثبوت هذه الواقعة ومنها الإشارة التليفونية المرسلة من نقطة البوليس بتكليف وكيل شيخ الخفر بضبط عبد المطلب سيف ولعان المشبوه وإلا فتكون المسئولية شديدة في حالة التأخير. ثم عقب على ذلك بقوله: "وحيث إنه واضح مما تقدّم أن وكيل شيخ الخفراء بناءً على هذه الإشارة توجه للنزلة لضبط عبد المطلب سيف ولعان ويظهر أنه لسبق اعتداء عبد المطلب المذكور ووالده وإخوته في القضية السابقة لم يشأ أن يتوجه بمفرده بل استصحب معه المهمين الثاني والثالث من الخفراء حاملين أسلحتهم كما تبعه بعض أقاربه، وذلك دفعاً لما يقع من مقاومة واعتداء كما حصل في سنة 1938 وضبت له الواقعة التي قيدت تحت رقم 1221 جنح. فلما توجه وكيل شيخ الخفراء ومن معه وهم يحملون السلاح فوصلوا إلى النزلة وتقابل الفريقان لم تكن نفوسهم في حالة عادية بل كان كل فريق منهم مستوثباً إلى الشر – فريق ولعان لا يقبلون تسليم ولده عبد المطلب ومتأثرون من الحكم عليهم بالحبس سنة في القضية السابقة، وفريق وكيل شيخ الخفراء يريد تنفيذ أمر القبض الوارد له من النقطة بدون هوادة ولا تراخٍ خوفاً من المسئولية التي حملها إياه رئيس النقطة، كما يريد في تنفيذ أمر القبض هذا ألا يقاوم وألا يعتدي عليه بالضرب ولا تتجدّد مأساة جنحة الاعتداء السابقة، فحضر ومن معه مدججين بالسلاح معتبرين أي منافسة أو مشادة مقاومة يردّون عليها بإطلاق النار. فحصل أن رفض سيف ولعان تسليم ولده عبد المطلب واشتدّت المنافسة وهجم سيف ولعان بزقلة على المتهم كما جاء بأقوال عبد العظيم ولعان نفسه، ولم يطعنه بالسكين في صدره كما جاء بأقوال المتهمين، بل إنه ظاهر من تقرير الطبيب الشرعي أن إحداث الإصابة التي وجدت بصدر المتهم الأوّل كان في متناول يد المصاب نفسه فضلاً عن أن الإصابة قطعية وسطحية نوعاً وليست طعنية ويجاورها جرح سطحي للغاية الأمر الذي يدل على أنها مفتعلة ولا يقصد بها سوى تبرير موقف رجال الحفظ في الاعتداء على المجني عليه. فأطلق عليه محمد طه علي عياراً نارياً وأعقبه المتهم الأوّل بإطلاق عيارين ناريين فصرخت بنته لطيفة فأطلق عليها راتب أحمد علي عياراً أرداها قتيلة".
وحيث إن الحكم المطعون فيه مع قضائه بإدانة الطاعن الثالث وزميليه وإنزاله بهم العقوبة المقرّرة لجناية القتل العمد لم يتحدّث عن الدفاع الذي تمسك به المتهمون في دفع التهمة عنهم من أنهم فيما وقع منهم على المجني عليهم لم يكونوا معتدين وإنما كانوا في حالة دفاع شرعي تبيح لهم قانوناً في سبيل رد الاعتداء الواقع عليهم ارتكاب الفعل المطلوب محاكمتهم عنه. وفي إغفال المحكمة التحدّث عن هذا الدفاع والرد عليه صراحة ما يعيب الحكم بما يوجب نقضه، لأن هذا الدفاع – لو صح – لانتفت به مسئولية المتهمين جنائياً، ولما جازت إدانتهم وتوقيع العقوبة المقرّرة لجناية القتل عليهم.
وحيث إنه وإن كان نقض الحكم على الأساس المتقدّم واجباً بالنسبة للطاعن الثالث على اعتبار أنه صاحب الأسباب التي بني النقض عليها إلا أن الطاعنين الأوّل والثاني ما داما قد قرّرا بالطعن في الحكم الصادر عليهما مع الطاعن الثالث في جرائم مرتبطة ببعضها ارتباطاً وثيقاً يستفيدان من هذه الأسباب لتعلقها بعيب في الحكم يتصل بهما أيضاً. ولذلك يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لجميع الطاعنين, وذلك من غير حاجة للبحث في باقي أوجه الطعن.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات