الطعن رقم 2175 لسنة 53 ق – جلسة 10 /11 /1983
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
الجزء الثاني – السنة 34 – صـ 945
جلسة 10 من نوفمبر سنة 1983
برئاسة السيد المستشار/ حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: راغب عبد الظاهر، أحمد أبو زيد، محمد زايد وصلاح البرجي.
الطعن رقم 2175 لسنة 53 القضائية
خطف. جريمة "أركان الجريمة". إكراه. محكمة الموضوع "سلطتها
في تقدير الدليل". قصد جنائي. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه.
تسبيب غير معيب".
جريمة خطف أنثى يزيد عمرها عن ست عشرة سنة بالتحيل أو الإكراه تحققها بإبعادها عن مكان
خطفها. أياً كان. يقصد العبث بها. باستعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بها وحملها
على مواقعة الجاني لها. أو أية وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها.
المادة 290 عقوبات. مثال لتسبيب سائغ على توافر الجريمة.
ركن التحيل أو الإكراه في جريمة الخطف. تقدير توافره. موضوعي.
خطف. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه تسبيب غير معيب". نقض "أسباب
الطعن. ما لا يقبل منها".
قصد الشارع من العقاب على جريمة خطف الأنثى التي يزيد عمرها عن ست عشرة سنة هو حماية
الأنثى ذاتها من عبث الخاطف.
1 – من المقرر أن جريمة خطف الأنثى التي يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة بالتحيل
أو الإكراه المنصوص عليها في المادة 290 من قانون العقوبات تتحقق بإبعاد هذه الأنثى
عن المكان الذي خطفت منه أياً كان هذا المكان بقصد العبث بها. وذلك عن طريق استعمال
طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليها وحملها على موافقة الجاني لها أو باستعمال
أية وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها، وكان البحث في توافر القصد الجنائي
في هذه الجريمة أو عدم توافره هو ما يدخل في سلطة قاضي الموضوع حسبما يستخلصه من وقائع
الدعوى وظروفها ما دام موجب هذه الظروف وتلك الوقائع لا يتنافى عقلاً مع ما انتهى إليه
– ولما كان ما أورده الحكم – فيما سلف سائغاً في العقل والمنطق ويكفي لحمل قضائه فيما
انتهى إليه من عدم توافر القصد الجنائي في حق المطعون ضدهما في جريمة الخطف ومن تعديل
التهمة الثانية المسندة إليهما من جناية الخطف إلى جنحة القبض على المجني عليها وحجزها
بدون أمر من الحكام وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً – وهي واقعة مادية يشملها وصف
تهمة الخطف المرفوعة بها الدعوى الجنائية وإذ كانت المحكمة قد استخلصت في استدلال سائغ
أن المطعون ضدهما لم يقصدا العبث بالمجني عليها وتساندت فيما خلصت إليه من ذلك إلى
أدلة منتجة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه ولا تجادل الطاعنة في سلامة استخلاص
الحكم بشأنها فإنها تكون قد فصلت في مسائل موضوعية لا رقابة لمحكمة النقض عليها فيها
ولا محل لما تسوقه النيابة الطاعنة من أن القصد الجنائي في هذه الجريمة لا يلزم لتوافره
انصراف غرض الجاني إلى العبث بالمجني عليها بل يتحقق هذا القصد بانصراف إرادة الجاني
إلى الفعل ونتيجته ولا عبرة بالغرض الذي توخاه من فعلته.
2 – الغرض من العقاب على جريمة الخطف المنصوص عليها في المادة 290 من قانون العقوبات
هو حماية الأنثى نفسها من عبث الخاطف وليس الغرض حماية سلطة العائلة كما هو الشأن في
جرائم خطف الأطفال الذين لم يبلغ سنهم ست عشرة سنة كاملة والتي يتحقق القصد الجنائي
فيها بتعمد الجاني انتزاع المخطوف من أيدي ذويه الذين لهم حق رعايته وقطع صلته بهم
مهما كان غرضه من ذلك.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما في قضية الجناية رقم… بأنهما
بدائرة قسم الشرابية محافظة القاهرة: أولاً: شاركا مع آخرين مجهولين في تجمهر مؤلف
من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه أن يعرض السلم العام للخطر الغرض منه ارتكاب إحدى جرائم
الاعتداء على النفس باستعمال القوة حالة كونهم حاملين آلات من شأنها إحداث الموت إذا
استعملت بصفة أسلحة (مدي وسكاكين) فوقعت تنفيذاً للغرض من التجمهر مع علمهم بالجريمة
الآتية:
ثانياً: – خطفا وباقي المتجمهرين بالإكراه أنثى يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة
وذلك بأن توجهوا إلى مسكن…. حاملين آلات حادة (مدي وسكاكين) وقام المتهمان (المطعون
ضدهما) بجذبها عنوة إلى خارج المسكن واقتاداها مع باقي المتهمين المتجمهرين إلى مسكن
المتهمين بعد أن اعتدوا عليها بالضرب لشل مقاومتها، وحدثت بها الإصابات الموضحة بالتقرير
الطبي وطلبت إحالتهما لمحكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر
الإحالة.
ومحكمة جنايات أمن الدولة العليا بالقاهرة قضت حضورياً للمتهم الأول وغيابياً للمتهم
الثاني في….. عملاً بالمادة 280 من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهما بالحبس مع الشغل
لمدة ثلاث سنوات، وذلك على اعتبار أنهما قبضا على…. واحتجزاها بدون أمر أحد الحكام
المختصين بذلك وفي غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين واللوائح.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض. إلخ.
المحكمة
حيث إن الحكم المطعون فيه وإن صدر غيابياً بالنسبة إلى المطعون
ضده الثاني إلا أنه لما كانت المادة 33 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات
الطعن أمام محكمة النقض قد أجازت للنيابة العامة فيما يختص بالدعوى الجنائية الطعن
بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم بجناية ومن ثم فإن الطعن
المقدم من النيابة العامة يكون جائزاً وقد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضدهما بجريمة
القبض على المجني عليها وحجزها بدون أمر من الحكام وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً
بعد أن عول وصف التهمة المسندة إليهما وهي خطف أنثى يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة
كاملة بالإكراه قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه بنى قضاءه بعدم تحقق جريمة الخطف
في حقهما على انتفاء القصد الجنائي وهو قصد العبث بالمجني عليها في حين أن هذه الجريمة
لا تتطلب سوى توافر القصد الجنائي العام وهو انصراف إرادة الجاني إلى انتزاع الأنثى
وإبعادها عن المكان الذي خطفت منه ولا عبرة بما يكون قد دفع الجاني إلى فعلته أو بالغرض
الذي توخاه منها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق ومدونات الحكم المطعون فيه أن الدعوى الجنائية
رفعت على المطعون ضدهما لمحاكمتهما عن جريمتي الاشتراك في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة
أشخاص وخطف أنثى يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة، بالإكراه، وبعد أن بين الحكم
واقعة الدعوى وأورد أدلتها انتهى في قضائه إلى عدم توافر أركان جريمتي الاشتراك في
التجمهر والخطف في حق المطعون ضدهما ودانهما بجريمة القبض على المجني عليها وحجزها
بدون أمر من الحكام وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً المنصوص عليها في المادة 280
من قانون العقوبات والتي شملها وصف تهمة الخطف المرفوعة بها الدعوى، وقد عرض الحكم
لجريمة الخطف ونفى توافر القصد الجنائي في حق المطعون ضدهما في قوله "إن المحكمة لا
تساير النيابة العامة فيما ذهبت إليه من توافر أركان جريمة الخطف المنصوص عليها في
المادة 290 من قانون العقوبات فضلاً عن أن المادة سالفة الذكر قد خصت بالحماية الإناث
اللاتي تزيد أعمارهن عن ستة عشر عاماً دون الذكور فقد جرى نص المادة 291 من القانون
سالف الذكر بإعفاء الخاطف من العقوبة إذا تزوج بمن خطفها وبذا يكون المشرع قد كشف عن
قصده بجلاء من ضرورة توافر قصد العبث بالأنثى لقيام تلك الجريمة، ولما كانت المجني
عليها لم تقل في التحقيقات بوقوع ثمة اعتداء بأي نوع عليها بل زادت على ذلك بأن المتهم
الأول أحضر إليها جلباب والدته لتستر به جسدها عندما أبدت استيائها من شفافية ثيابها
الأمر الذي يقطع بأن قصد العبث لم يدر بخلد المتهمين، هذا فضلاً عما بان للمحكمة من
وجود خلف بين المتهم الأول وشقيقة المجني عليها وأن القبض عليها إنما وقع نكاية في
شقيقتها الأمر الذي تنهار معه أركان جريمة الخطف المنصوص عليها في المادة 290 من قانون
العقوبات". وما انتهى إليه الحكم من ذلك سديد في القانون ذلك بأنه من المقرر أن جريمة
خطف الأنثى التي يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة بالتحيل أو الإكراه المنصوص عليها
في المادة 290 من قانون العقوبات تتحقق بإبعاد هذه الأنثى عن المكان الذي خطفت منه
أياً كان هذا المكان بقصد العبث بها, وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير
بالمجني عليها وحملها على مرافقة الجاني لها أو باستعمال أية وسائل مادية أو أدبية
من شأنها سلب إرادتها، وكان البحث في توافر القصد الجنائي في هذه الجريمة أو عدم توافره
هو مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع حسبما يستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها ما دام موجب
هذه الظروف وتلك الوقائع لا يتنافى عقلاً مع ما انتهى إليه – ولما كان ما أورده الحكم
– فيما سلف – سائغاً في العقل والمنطق ويكفي لحمل قضائه فيما انتهى إليه من عدم توافر
القصد الجنائي في حق المطعون ضدهما في جريمة الخطف ومن تعديل التهمة الثانية المسندة
إليهما من جناية الخطف إلى جنحة القبض على المجني عليها وحجزها بدون أمر من الحكام
وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً – وهي واقعة مادية يشملها وصف تهمة الخطف المرفوعة
بها الدعوى الجنائية وإذ كانت المحكمة قد استخلصت في استدلال سائغ أن المطعون ضدهما
لم يقصدا العبث بالمجني عليها وتساندت فيما خلصت إليه من ذلك إلى أدلة منتجة من شأنها
أن تؤدي إلى ما انتهى إليه ولا تجادل الطاعنة في سلامة استخلاص الحكم بشأنها فإنها
تكون قد فصلت في مسائل موضوعية لا رقابة لمحكمة النقض عليها فيها، ولا محل لما تسوقه
النيابة الطاعنة من أن القصد الجنائي في هذه الجريمة لا يلزم لتوافره انصراف غرض الجاني
إلى العبث بالمجني عليها بل يتحقق هذا القصد بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل ونتيجته
ولا عبرة بالغرض الذي توخاه من فعلته، ذلك بأن الغرض من العقاب على جريمة الخطف المنصوص
عليها في المادة 290 من قانون العقوبات هو حماية الأنثى نفسها من عبث الخاطف وليس الغرض
حماية سلطة العائلة كما هو الشأن في جرائم خطف الأطفال الذين لم يبلغ سنهم ست عشرة
سنة كاملة والتي يتحقق القصد الجنائي فيها بتعمد الجاني انتزاع المخطوف من أيدي ذويه
الذين لهم حق رعايته وقطع صلته بهم مهما كان غرضه من ذلك ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة
في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً
رفضه موضوعاً.
