الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 936 سنة 10 ق – جلسة 15 /04 /1940 

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 6 نوفمبر سنة 1939 لغاية 26 أكتوبر سنة 1942) – صـ 173

جلسة 15 إبريل سنة 1940

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك المستشارين.


القضية رقم 936 سنة 10 القضائية

اختلاس أشياء محجوزة. مناط العقاب في هذه الجريمة. فعل الاختلاس. متى يعتبر خيانة أمانة؟ متى يعتبر سرقة؟ مالك. تسلمه ماله المحجوز من الحارس. تصرفه فيه. عقابه بمقتضى المادة 342 ع.

(المادتان 280 و297 ع = 323 و342 والمادة 460 مرافعات الملغاة بالقانون رقم 7 لسنة 1904)

إن المادة 460 من قانون المرافعات التي ألغيت بالقانون رقم 7 لسنة 1904 كانت تنص على أنه: "إذا اختلس المدين المحجوز على أمتعته أو غيره شيئاً من الأمتعة المحجوزة قضائياً أو إدارياً يجازي جزاء السارق" فكانت تتناول بالعقاب كل مدين يعتدي على السلطة العمومية التي أوقعت الحجز بالعمل على عرقلة التنفيذ على ماله المحجوز بارتكابه أي فعل يؤدّي إلى تحقيق هذه الغاية التي رمي إليها. يستوي في ذلك أن يكون المال مسلماً لغيره فعلاً بمقتضى الحجز، أو باقياً تحت يده إما بصفته حارساً عليه معيناً من مندوب الحجز أو باعتباره أميناً عليه مختاراً من قبل الحارس وتحت مسئوليته، أو بأية صفة أو اعتبار آخر. والشارع إذ استبدل بالمادة المذكورة المادتين 280 و297 من قانون العقوبات القديم المقابلتين للمادتين 323 و342 من القانون الحالي لم يقصد – كما هو ظاهر من المذكرة الإيضاحية – أن يضيق دائرة نطاق الأفعال المستوجبة للعقاب في هذا الخصوص وإنما أراد فقط أن يجعل النصوص التي أوردها، والتي أوجبتها طبيعة الجريمة بسبب وقوعها من المالك الذي له بحسب الأصل أن يتصرف في ماله كل تصرف يشاؤه، متفقة متسقة مع المبادئ التي جرى عليها فقه القانون، وهي اعتبار فعل الاختلاس خيانة أمانة إذا كان المال في حيازة المختلس، أو سرقة إذا كانت الحيازة فيه للغير، وأن يعاقب على مقتضى هذا الأساس المالك الذي يختلس ماله المحجوز. وإذن فإن نص المادة 342 من قانون العقوبات يتناول المالك الذي يختلس ماله المحجوز أثناء وجوده تحت يده لأي سبب من الأسباب. أما ما جاء بهذه المادة من قولها "المالك المعيّن حارساً" فإنه لا يقصد به – كما هو المستفاد من المذكرة الإيضاحية – سوى أن يكون المحجوز موضوعاً فعلاً تحت يد المتهم بأية طريقة من طرق الائتمان التي تخوّله حيازته مع مراعاة مقتضى الحجز الموقع عليه. فالمالك الذي يتسلم ماله المحجوز عليه من الحارس ويتصرف فيه يعتبر مختلساً، ويحق عليه العقاب بمقتضى المادتين 341 و342 من قانون العقوبات.


المحكمة

وحيث إن وجهي الطعن يتحصلان: (أوّلاً)……………. و(ثانياً) في أن الطاعن قدّم للمحاكمة على أساس أنه شريك للحارس في جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة ولكن المحكمة الاستئنافية اعتبرته مرتكباً لجريمتي السرقة والاختلاس وعدّته فاعلاً أصلياً فيهما وطبقت عليه المادتين 318 و323 من قانون العقوبات، وهي إذ فعلت ذلك تكون قد أخلت بحق الدفاع وأخطأت في تطبيق القانون، لأنها لم تلفت المتهم إلى التعديل الذي أجرته، ولأن ثبوت تسليم المحجوزات من الحارس له بصفته مالكاً ينتفي معه فعل السرقة وفعل الاختلاس.
وحيث إن المادة 460 من قانون المرافعات التي ألغيت بالقانون رقم 7 لسنة 1904 والتي كانت تنص على أنه "إذا اختلس المدين المحجوز على أمتعته أو غيره شيئاً من الأمتعة المحجوزة قضائياً أو إدارياً يجازي جزاء السارق" كانت تتناول بالعقاب كل مدين يعتدي على السلطة العمومية التي أوقعت الحجز بالعمل على عرقلة التنفيذ على ماله المحجوز بارتكابه أي فعل يؤدّي إلى تحقيق هذه الغاية التي رمى إليها. يستوي في ذلك أن يكون المال مسلماً لغيره فعلاً بمقتضى الحجز أو باقياً تحت يده إما بصفته حارساً عليه معيناً من مندوب الحجز أو باعتباره أميناً عليه مختاراً من قبل الحارس وتحت مسئوليته أو بأية صفة أو اعتبار آخر. والشارع إذ استبدل بالمادة المذكورة المادتين 280 و297 من قانون العقوبات القديم المقابلتين للمادتين 323 و342 من القانون الحالي لم يقصد – كما هو ظاهر من مذكرته الإيضاحية – أن يضيق دائرة نطاق الأفعال المستوجبة للعقاب في هذا الخصوص، وإنما أراد فقط أن يجعل النصوص التي أوردها والتي أوجبتها طبيعة الجريمة بسبب وقوعها من المالك الذي له بحسب الأصل أن يتصرف في ماله كل تصرف يشاؤه – أراد أن يجعل هذه النصوص متفقة متسقة مع المبادئ التي جرى عليها فقه القانون وهي اعتبار فعل الاختلاس خيانة أمانة إذا كان المال في حيازة المختلس أو سرقة إذا كانت الحيازة فيه للغير، وأن يعاقب على مقتضى هذا الأساس المالك الذي يختلس ماله المحجوز. وإذن فإن نص المادة 342 عقوبات يتناول المالك الذي يختلس ماله المحجوز أثناء وجوده تحت يده لأي سبب من الأسباب. أما ما جاء بهذه المادة من قولها "المالك المعين حارساً" فإنه لا يقصد به – كما يستفاد من المذكرة الإيضاحية – سوى أن يكون المحجوز موضوعاً فعلاً تحت يد المتهم بأية طريقة من طرق الائتمان التي تخوّله حيازته مع مراعاة مقتضى الحجز الموقع عليه.
وحيث إن واقعة الحال في هذه الدعوى تتحصل في أن النيابة العمومية رفعت الدعوى على محمد أحمد شحات والطاعن بأنهما في يوم 27 أغسطس سنة 1937: الأوّل "بدّد زراعة قطن محجوزاً عليها إدارياً لصالح الحكومة إضراراً بها حالة كونه مالكاً لها ومسلمة إليه على سبيل الوديعة ليقدّمها يوم البيع باعتباره معيناً حارساً. والثاني اشترك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع الأوّل في ارتكاب الجريمة السالفة بأن اتفق معه وحرضه ومساعده عليها بتصرفهما في القطن المحجوز عليه وعدم تقديمه يوم البيع فوقعت الجريمة نتيجة هذا الاتفاق والتحريض والمساعدة". ومحكمة أوّل درجة أدانت الاثنين في الجريمة المذكورة وأوقعت على كل منهما العقوبة طبقاً للمادة 341 من قانون العقوبات بالنسبة للأوّل وطبقاً لهذه المادة والمادتين 40 و41 عقوبات بالنسبة للثاني (الطاعن). أما المحكمة الاستئنافية فإنها بعد أن أثبتت في حكمها أن المتهم الأوّل قرّر في التحقيقات أنه سلم محصول الأرض المحجوز عليه إلى المالك وهو المتهم الثاني (الطاعن) وكان ذلك أمام الصراف وشيخ البلد ذكرت: "وحيث إنه ولو أن الشاهدين المذكورين لم يسألا في التحقيقات إلا أن المتهم الثاني صادقه على دفاعه وقرّر أنه استلم المحصول المحجوز عليه وزعم أنه باعه وسدّد للصراف من ثمنه 37 جنيهاً".
"وحيث إنه لذلك يكون الحكم الابتدائي بالنسبة للمتهم الأوّل في غير محله ويتعين إلغاؤه وبراءته. وحيث إنه فيما يختص بالمتهم الثاني فالثابت من اعترافه في محضر التحقيق أنه استلم القطن المحجوز عليه من الحارس وباعه، ولم ينقضِ هذا الاعتراف بعد ذلك حتى الجلسة الأخيرة. وحيث إن هذه الوقائع تكوّن جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادتين 318 و323 عقوبات. وحيث إن دفاع المتهم انحصر في أنه سدّد المطلوب بمقتضى الإيصال الذي قدّمه، وأن البيع تأجل من غير أن يعلم به رسمياً وكان محدّداً له سوق سمالوط وهو مع زميله غير مسئولين عن النقل إليه بصفتهما المدين والحارس. وحيث إنه بالنسبة لحصول الإعلان وعدم حصوله وتحديد السوق للبيع فإن ذلك كله لا يفيد المتهم لأنه اعترف بمجرّد سؤاله أنه باع المحصول وتصرف فيه. وحيث إنه لا يشفع له قوله إنه باع وسدّد من الثمن 37 جنيهاً لأن هذا القول لم يثبت، وعلى العكس كذبه الصراف في التحقيقات، وادعى به المتهمان في الجلسة، وتأجلت مراراً ليقدّما الدليل ولم يقدّما شيئاً إلا في الجلسة الأخيرة. وحيث إنه نظراً لحصول السداد كما يستفاد من الإيصال المقدّم من المتهم بالجلسة الأخيرة، فترى المحكمة تطبيق المادتين 55 و56 عقوبات".
وحيث إنه يتضح من البيان المتقدّم: (أوّلاً)…………….. و(ثانياً) أنه وإن كانت المحكمة اعتبرت الطاعن فاعلاً أصلياً في جريمة الاختلاس مع أن الدعوى العمومية لم ترفع عليه بهذا الوصف بل بوصف أنه اشترك مع الحارس في هذه الجريمة إلا أن ذلك لا يعيب حكمها ما دامت لم تنسب إليه في الحكم واقعة أخرى غير التي رفعت بها الدعوى عليه وحصلت المرافعة على أساسها. وهذه الواقعة هي التي عدّتها النيابة ومحكمة أوّل درجة مكوّنة لجريمة الاشتراك في الاختلاس وهي التي عدّتها المحكمة الاستئنافية مكوّنة لجريمة الاختلاس المنطبقة على المادتين 318 و323 من قانون العقوبات. وهي كذلك التي تعدّها هذه المحكمة للاعتبارات السابق ذكرها مكوّنة لجريمة الاختلاس الذي وقع من المتهم المالك على ماله المحجوز عليه والمسلم إليه من الحارس والتي تنطبق عليها المادتان 341 و342 من قانون العقوبات.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات