الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 33 سنة 10 ق – جلسة 11 /12 /1939 

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 6 نوفمبر سنة 1939 لغاية 26 أكتوبر سنة 1942) – صـ 42

جلسة 11 ديسمبر سنة 1939

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: محمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك ونجيب مرقس بك المستشارين.


القضية رقم 33 سنة 10 القضائية

مواد مخدّرة. العقوبة المغلظة الواردة بالمادة 35. مجرّد الإحراز يستوجب هذه العقوبة. العقاب المخفف الوارد بالمادة 36. التعاطي أو الاستعمال الشخصي. القصد من الإحراز. تخصيصه. إثباته. على المتهم.

(المادتان 35 و36 من القانون رقم 21 لسنة 1928)

إن الظاهر من مقارنة عبارة نصوص مواد قانون المخدّرات ومن المناقشات التي دارت بشأنه في مجلسي الشيوخ والنوّاب أن الشارع أراد أن يجعل مجرّد الإحراز مستوجباً أصلاً للعقوبة المغلظة الواردة بالمادة 35 ما لم يثبت المتهم – لكي ينتفع بالعقاب المخفف الوارد بالمادة 36 – أن الإحراز لم يكن إلا بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي. وإذن فعبء الإثبات الذي يتخصص به القصد من الإحراز يقع على عاتق المتهم دائماً.


المحكمة

وحيث إن مبنى أوجه الطعن: (أوّلاً) أن الدفاع عن الطاعن انحصر بحثه أمام المحكمة الاستئنافية في أن الحكم الابتدائي أخطأ إذ اعتبر أن مجرّد الإحراز من جانب المتهم يجب أن يكون بقصد الاتجار، وأن المتهم هو المكلف بإثبات أن الإحراز كان للاستعمال الشخصي مما يقتضي تكليف المتهم بما لا يكلفه به القانون. وبناء على هذا الخطأ جعل كل ما أبداه الدفاع لنفي تهمة الاتجار كأنها أدلة تقدّم على دعوى، وأن مجرّد الشك فيها كافٍ لاستبعادها ولتطبيق عقوبة الاتجار، وهذا لا يمكن أن يكون قد قصده القانون في تقرير العقوبة على أفعال مادّية وقعت فعلاً. ومع ذلك فقد أيد الحكم الاستئنافي الحكم الابتدائي لأسبابه فجاء خاطئاً هو الآخر بما يوجب نقضه. (وثانياً) أن الدفع بتطبيق مادة الاستعمال الشخصي قد تقدّم للمحكمة الاستئنافية لأوّل مرة ولكنها لم تعنِ بالبحث فيه، وهذا يبطل حكمها كذلك. (وثالثاً) أن الحكم الابتدائي اعتبر الطاعن عائداً وأخذه بالشدّة وقضى عليه بالحبس لمدّة سنتين، والحكم الاستئنافي قرّر في أسبابه أنه يؤيد الحكم الابتدائي لأسبابه ثم استبعد المادة الخاصة بالعود، وأبقى العقوبة على حالها، وفي هذا تناقض يبطله.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه أدان الطاعن في جريمة إحراز مواد مخدّرة بقصد الاتجار مع كونه عائداً. وأثبت واقعة الدعوى كما حصلتها المحكمة من التحقيقات التي أجريت فيها فقال: إن رئيس مكتب المباحث علم أن المتهم (الطاعن) يتجر في المواد المخدّرة فاستصدر أمراً من النيابة بتفتيشه ودكانه وبيته، ثم انتقل مع نفر من رجال البوليس إلى الدكان وعثروا فيه على مواد مخدّرة (أفيون وحشيش)، وإن المتهم لما سئل في التحقيق أنكر التهمة وقرّر أنه لا يعرف من أين أتت لديه تلك المواد، وادعى أن أحد العمال ربما يكون قد دسها له. واستخلصت المحكمة من ذلك ثبوت التهمة على المتهم فذكرت أنها ترى أن التهمة ثابتة ثبوتاً كافياً من إقراره بضبط المادة في الدكان الذي يشتغل فيه، ولم يثبت من أقواله أنه أحرز المادة لتعاطيها فيكون إحرازه هذا بقصد الاتجار، ومما يؤيد ذلك أن الكمية التي ضبطت عنده من الحشيش والأفيون غير قليلة، وأن ضبط المخدّرات قد حصل في محل عمله مما يقطع بأنه أوجدها في هذا المكان للاتجار فيها، وأن المكان الذي وجدت هذه المواد مخبأة به لا يعقل معه أن تكون قد دست فيه بغير علمه إذ أنها وجدت في فترينة مفتاحها معه، وأن رجال المباحث قد شهدوا بأن المتهم يتجر في المواد المخدّرة لطيفة خاصة، وأن ضبط الميزان الدقيق في محله يدل على أنه يستعمله أو أعدّه بقصد الاتجار في المادة المخدّرة، وانتهى الحكم من ذلك إلى القول بثبوت التهمة، وبأن عقاب المتهم بها ينطبق على المواد 1 و2 و35 و39 و40 و42 من قانون المواد المخدّرة، وأن المحكمة ترى بالنظر لظروف القضية، ولكون المتهم سبق الحكم عليه قبل ذلك في قضية إحراز مخدّرات، أخذه بالشدّة، ثم قضت بحبس المتهم سنتين مع الشغل وتغريمه 400 جنيه والمصادرة.
وحيث إن الحكم الاستئنافي بعد أن ذكر أن المتهم المحكوم عليه هو الذي استأنف الحكم، قضى بتأييد الحكم المستأنف مع استبعاد المادة 39 من قانون المواد المخدّرة.
وحيث إنه يتضح مما تقدّم: (أوّلاً) أن الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت على الطاعن إحرازه للمواد المخدّرة أفاض في بيان الأدلة التي استخلص منها أن هذا الإحراز لم يكن بقصد الاستعمال الشخصي، فلا صحة إذن لما ينعاه عليه الطاعن من هذه الناحية، وإذا كان الحكم مع ذلك قد قال إن الطاعن لم يثبت أنه أحرز الجواهر المخدّرة لتعاطيه هو، فلا تثريب عليه في قوله هذا. لأن الظاهر من مقارنة عبارة نصوص مواد قانون المخدّرات ومن المناقشات التي تمت بشأنه في مجلسي الشيوخ والنوّاب أن الشارع أراد أن يجعل مجرّد الإحراز مستوجباً أصلاً للعقوبة المغلظة الواردة بالمادة 35 ما لم يثبت المتهم – لينتفع بالعقاب المخفف الوارد بالمادة 36 – أن الإحراز لم يكن إلا بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي. فعبء الإثبات الذي يتخصص به القصد من الإحراز واقع دائماً على عاتق المتهم، وذلك خلافاً لما يزعمه الطاعن بوجه الطعن. (وثانياً) أن الحكم المطعون فيه بأخذه بالأسباب التي أقيم عليها حكم محكمة الدرجة الأولى والتي تضمنت التدليل على أن إحراز الطاعن للمواد المخدّرة لم يكن بقصد الاستعمال الشخصي يعتبر قد ردّ في صراحة على أنه لم يأخذ بدفاع الطاعن بأنه أحرز المخدّر لاستعماله الشخصي. (وثالثاً) أن التناقض الذي يدعي الطاعن بوجوده في الحكم منتفٍ. لأن الحكم المطعون فيه لم يستبعد مادة العود على أساس أن المتهم لم يكن عائداً، أو أن السابقة التي أثبتها عليه الحكم الابتدائي لم تكن له، أو أنه لا يستحق تشديد العقوبة بسبب هذه السابقة، بل إنه استبعدها لأن مقدار العقوبة التي وقعت على المتهم – مع مراعاة جميع الاعتبارات المذكورة بالحكم ومنها سابقة الحكم على المتهم في جريمة مماثلة – يدخل في نطاق النص القانوني الذي بين عقوبة الجريمة ذاتها، فلم تكن هناك إذن حاجة لإيراد مادة التشديد في حالة العود ما دام لم يحصل تشديد على مقتضاها في الواقع.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات