الطعن رقم 9 سنة 10 ق – جلسة 04 /12 /1939
مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة
النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 6 نوفمبر سنة 1939 لغاية 26 أكتوبر سنة 1942) – صـ 38
جلسة 4 ديسمبر سنة 1939
برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حامد فهمي بك ومحمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك المستشارين.
القضية رقم 9 سنة 10 القضائية
أسباب الإباحة وموانع العقاب. دفاع عن المال. اللجوء إلى رجال السلطة، منع الاعتداء على المال بطريقة أخرى غير دفعه بالقوّة. تقديرهما. موضوعي.
(المادتان 210 و211 ع = 246 و247)
إن حق قاضي الدعوى في تقدير ما إذا كان من استعمل القوة للدفاع عن المال كان في إمكانه أن يركن في الوقت المناسب إلى رجال السلطة، وفي تقدير ما إذا كان ممكناً له أن يمنع الاعتداء الواقع على المال بطريقة أخرى غير القوّة هو – على حسب ما يؤخذ من نص المادتين 246 و247 عقوبات – مما يدخل في سلطته المطلقة لتعلقه بتحصيل فهم الواقع في الدعوى. فيكفي لسلامة الحكم أن تبين محكمة الموضوع فيه واقعة التعدّي على المال وظروفه وواقعة دفعه بالقوّة، وتوضح كيف كان صاحب المال في مقدوره دفع الاعتداء بالالتجاء للسلطة وبأخذ آلات الاعتداء من المعتدي لتصل من ذلك إلى القول بأن ارتكاب صاحب المال للجناية التي وقعت منه لم يكن له مبرر.
المحكمة
ومن حيث إن مبنى الطعن أن المحكمة الاستئنافية حين قضت بتأييد الحكم
المستأنف مع وقف التنفيذ وتعديل التعويض المحكوم به على الطاعن وجعله خمسة عشر جنيهاً
فقط مع المصاريف المناسبة عن الدرجتين، نافية ما ادعاه من أنه كان عند ضربه المجني
عليهما في حالة الدفاع الشرعي عن مال والدته مستندة في ذلك إلى ما ذكرته في حكمها المطعون
فيه من أنه كان في إمكانه في الوقت المناسب الالتجاء إلى البوليس لمنع الاعتداء الواقع
من المجني عليه على أرض والدته وسورها المبنى، وكان في استطاعته أيضاً أخذ الفأس التي
كان يعمل بها رجال المجني عليه في هدم السور – إن المحكمة حين قضت بذلك نافية عن الطاعن
حالة الدفاع الشرعي قد أخطأت في تطبيق القانون. ويقول الطاعن إنه متى ثبت أنه كان حقيقة
يدافع عن ماله والدته فإنه لا يكون مسئولاً عن أي تعويض للمجني عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين كيف حضر عسكري البوليس لمحل الواقعة على أثر
حصولها في الساعة الخامسة صباحاً، وكيف وجد المجني عليه مصاباً في منزل الطاعن، وأن
سبب الحادث يرجع إلى نزاع بين الطرفين على قطعة أرض وعلى سور من البناء، وأن كلاً منهما
يدعي ملكيته ووضع يده عليه، وأنه قد حكم للمجني عليه حكماً ابتدائياً غير مشمول بالنفاذ
المعجل بمنع تعرّض والدة الطاعن، وأن فريق المجني عليه بدأوا يهدمون السور فاعترضهم
الطاعن متمسكاً بأن الحكم لم يصبح بعد نهائياً فاستمروا في الهدم فاعتدى المتهم على
المجني عليه ذلك الاعتداء الذي تخلفت بسببه العاهة المستديمة التي أثبتها الكشف الطبي
– بعد أن أثبت الحكم ذلك، وبعد أن ذكر أن الطاعن متمسك بأنه كان في حالة الدفاع الشرعي
قال الحكم: "وحيث إن هذا الدفاع في غير محله لسببين: الأوّل أنه كان من الممكن الركون
في الوقت المناسب لرجال السلطة العمومية وقد تبين أنهم (أي المتهمين) أرسلوا مباشرة
للعسكري محمد جوهر الذي كان في دركه فحضر في الحال. والسبب الثاني أنه كان يمكن للمتهم
الأوّل (الطاعن) وفريقه أخذ الفأس التي كان يعمل بها رجال المجني عليه في الهدم وكان
معه من أهله عدد كافٍ. ولهذا فهو لم يستعمل القوّة اللازمة لإيقاف الاعتداء بل ارتكب
جريمة الجناية بغير مبرر ولهذا يكون دفعه في غير محله".
وحيث إن حق قاضي الدعوى في تقدير ما إذا كان ممكناً أو غير ممكن لمن يستعمل القوّة
اللازمة للدفاع عن المال أن يركن في الوقت المناسب لرجال السلطة، وفي تقدير ما إذا
كان ممكناً له أو غير ممكن أيضاً وقف الاعتداء الواقع على المال بطريقة أخرى غير دفعه
بالقوّة هو – بحسب ما يؤخذ من نص المادتين 246 و247 عقوبات – مما يدخل في سلطته المطلقة
تحصيلاً لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليه فيه.
وحيث إنه بحسب محكمة الموضوع أن تبين وقائع التعدّي على المال وظروفه ووقائع دفعه بالقوّة
على ما سبق ذكره، وأن توضح كيف كان الطاعن متمكناً من دفع الاعتداء بالالتجاء للسلطة
وبأخذ أدوات الاعتداء من المجني عليه، وأن تصل من ذلك إلى القول بأن ارتكاب الطاعن
لجنايته كان بغير مبرر، وأنه مع ذلك يستحق وقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها وتعديل التعويض
المحكوم به – بحسبها هذا البيان الوافي المنتج لحكمها ليكون في منجاة عن رقابة محكمة
النقض.
