الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1697 سنة 9 ق – جلسة 20 /11 /1939 

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 6 نوفمبر سنة 1939 لغاية 26 أكتوبر سنة 1942) – صـ 14

جلسة 20 نوفمبر سنة 1939

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حامد فهمي بك ومحمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك المستشارين.


القضية رقم 1697 سنة 9 القضائية

عقوبة. تحديد مدّتها في الحكم. وجوبه. عقوبة المراقبة الخاصة. عقوبة مؤقتة كعقوبة الحبس. وجوب تعيين مدّتها في الحدود القانونية المقررة لها وهي ثلاث سنوات. مشتبه فيه. متشرد. هذه المراقبة بالنسبة لهما واحدة.

(المادتان السادسة والتاسعة من القانون رقم 24 لسنة 1923)

إنه بحسب الأصل يلزم أن يحدّد في الحكم مدّة العقوبة التي يقضى بها على المتهم. فيجب على القاضي أن يبين في جميع الأحوال مقدار كل عقوبة يقضى بتوقيعها على المحكوم عليه. وذلك ما لم يوجد نص صريح في القانون يحلله من هذا الواجب، ويكل أمر تحديد العقوبة لسلطة أخرى وفقاً للأوضاع والحدود التي رسمها. وبما أن القانون رقم 24 لسنة 1923 الخاص بالمتشردين والمشتبه فيهم خلو مما يفيد أنه أراد أن تكون عقوبة المراقبة الخاصة التي أوردها بالمادة التاسعة منه غير محدّدة المدى، أو أن تحديد مدّتها من شأن سلطة أخرى غير المحاكم التي توقعها، بل إن نصوصه في مجموعها تدل على أن هذه المراقبة هي بعينها المراقبة التي ذكرت بالفقرة الأخيرة من المادة السادسة ونص على أنها تعدّ مماثلة لعقوبة الحبس فيما يتعلق بتطليق أحكام قانوني العقوبات وتحقيق الجنايات، وأن مكان تنفيذها على المحكوم عليه بها يعين بقرار من وزير الداخلية، وأن مدّتها لا تزيد على ثلاث سنوات، فذلك يقتضي أن تكون المراقبة الخاصة عقوبة مؤقتة كعقوبة الحبس، ويستلزم أن يحدّد الحكم الذي يصدر بها مقدار مدّتها في الحدود القانونية المقرّرة لها. وشأن المشتبه فيه بالنسبة لهذه المراقبة شأن المتشرد سواء بسواء.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة إسماعيل أحمد حسنين بأنه في يوم 26 يوليه سنة 1938 الموافق 28 جماد أوّل سنة 1357 ببندر سوهاج مديرية جرجا: أوّلاً سرق عرق الخشب المبين أوصافه وقيمته بالمحضر والمملوك للشيخ محمود محمد قاسم حالة كونه عائداً إذ سبق الحكم عليه بعشر عقوبات مقيدة للحرّية في سرقات وشروع فيها: إحداها بالحبس لمدّة سنتين، والأخيرة بالحبس لسرقة وشروع فيها في 21 فبراير سنة 1938. ثانياً لم يسلك سلوكاً مستقيماً رغم سبق إنذاره مشتبهاً فيه بتاريخ 6 أغسطس سنة 1932 من مركز سوهاج، وذلك بأن قدّم ضدّه بلاغ جديد في قضية السرقة سالفة الذكر. وطلبت من حضرة قاضي الإحالة إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 318 و49 و51 و52 عقوبات، والمواد 4 و6 و8 و9 و10 و11 و24 و30 من قانون 24 لسنة 1923، فقرّر حضرته بتاريخ 15 نوفمبر سنة 1938 إحالته إليها لمحاكمته بالمواد المذكورة. ومحكمة جنايات سوهاج سمعت هذه الدعوى ثم قضت حضورياً في 13 فبراير سنة 1939 بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدّة ثلاث سنوات وبوضعه تحت المراقبة الخاصة من تاريخ انقضاء مدّة العقوبة وطبقت مواد الاتهام. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في يوم صدوره إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن المرفوع من النيابة العامة أن محكمة الجنايات إذ قضت على المتهم في جريمة مخالفته مقتضى إنذار الاشتباه الصادر إليه من البوليس بوضعه تحت المراقبة الخاصة من غير أن تحدّد مدّتها قد أخطأت في تطبيق القانون خطأ يعيب حكمها بما يستوجب قبول الطعن لتطبق محكمة النقض والإبرام القانون على الوجه الصحيح.
وحيث إنه يلزم بحسب الأصل أن يحدّد للمتهم مدّة العقوبة التي يقضي عليه بها فيجب على القاضي أن يبين في جميع الأحوال مقدار كل عقوبة يقضي بتوقيعها على المحكوم عليه. وذلك ما لم يوجد نص صريح في القانون يحلله من هذا الواجب ويكل أمر تحديد العقوبة لسلطة أخرى وفقاً للأوضاع والحدود التي رسمها.
وحيث إن القانون رقم 24 لسنة 1923 الخاص بالمتشردين والمشتبه فيهم خلوّ مما يفيد أنه أراد أن تكون عقوبة المراقبة الخاصة التي أوردها بالمادة التاسعة منه غير محدودة المدى، أو أن تحديد مدّتها من شأن سلطة أخرى غير التي توقعها، بل إن نصوص هذا القانون في مجموعها تدل على أن هذه المراقبة هي بعينها المراقبة التي ذكرت بالفقرة الأخيرة من المادة السادسة وقال القانون عنها بأنها تعدّ مماثلة لعقوبة الحبس فيما يتعلق بتطبيق أحكام قانوني العقوبات وتحقيق الجنايات، وأن مكان تنفيذها على المحكوم عليه بها يعين بقرار من وزير الداخلية، وأن مدّتها لا تزيد على ثلاث سنوات، مما يقتضي أن تكون المراقبة الخاصة عقوبة مؤقتة كعقوبة الحبس، ويستلزم أن يحدّد الحكم الذي يصدر بها مقدار مدّتها في الحدود القانونية المقرّرة لها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيّن الواقعة الجنائية التي حصلتها المحكمة وأدانت المتهم فيها وهي تكوّن جريمة السرقة وجريمة عدم سلوك المتهم سلوكاً مستقيماً بارتكابه جريمة السرقة المذكورة رغم سبق إنذاره مشبوهاً، وقضى عليه بالأشغال الشاقة عن جناية السرقة وبوضعه عن الجريمة الثانية تحت المراقبة الخاصة من تاريخ انقضاء مدة العقوبة بغير أن يحدد مدة هذه المراقبة مخالفاً في ذلك ما يقضي به القانون على الأساس المتقدّم بيانه. وأما ما ذكره الحكم تبريراً لعدم تحديده مدّة عقوبة المراقبة من "أن القانون لم يحدّد هذه المدّة في شأن المشتبه فيهم وإنما حدّدها في شأن المتشردين، وأن لا سبيل للقياس بين الحالتين في صدد تطبيق القانون الجنائي، خصوصاً والمتفق عليه أن إنذار المشبوه لا يسقط خلافاً لإنذار التشرد مما يدل على أن المشرع قد فرّق بين الحالتين" – ما ذكره الحكم هذا لا محل له إذ أن كشف حقيقة المراقبة الخاصة على الوجه السابق ذكره لا يتعارض مع ما تقضي به أصول تفسير القانون وقواعده من عدم جواز التوسع في نصوص القوانين الجنائية وتحريم الأخذ في مواد العقوبات بوجوه الشبه والمماثلة ما دام قصد الشارع قد وضح في أن عقوبة المراقبة التي قرّرها للمشبوهين هي هي بذاتها التي سنها للمتشردين. وأما عن إنذاري التشرّد والاشتباه فإن توقيت أحدهما وتأييد الآخر أساسه في الواقع اختلاف كل منهما عن الآخر في طبيعته وفي مرماه على مقتضى ما أراده الشارع، وذلك لا صلة له بالعقوبة التي أراد القانون توقيعها في كل من الحالتين.
وحيث إن هذه المحكمة في سبيل إرجاع الأمور إلى نصابها القانوني تحدّد مدة المراقبة الخاصة التي تستوجبها مخالفة المتهم لموجب الإنذار الصادر إليه من البوليس بسنة واحدة.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات