الطعن رقم 1212 سنة 9 ق – جلسة 22 /05 /1939
مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة
النقض والإبرام في المواد الجنائية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) – صـ 554
جلسة 22 مايو سنة 1939
برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وأحمد مختار بك وسيد مصطفى بك المستشارين.
القضية رقم 1212 سنة 9 القضائية
سرقة. محترف بنقل أشياء. اختلاسه شيئاً مسلماً إليه لنقله. سرقة.
لا خيانة أمانة. حدود هذا الاعتبار.
(المادة 274/ 8 ع = 317/ 8)
إنه وإن كان صحيحاً أن اختلاس الشيء بعد تسلمه بمقتضى عقد ائتمان يكوّن جريمة خيانة
الأمانة لا سرقة إلا أن القانون قد خالف ذلك فأدخل بنص صريح (المادة 317/ 8 ع) في جريمة
السرقة فعل الاختلاس الذي يقع من المحترفين بنقل الأشياء في العربات أو المراكب أو
على دواب الحمل، أو من أي إنسان آخر مكلف بنقل أشياء، أو أحد أتباع هؤلاء، إذا سلمت
إليهم الأشياء المذكورة بصفتهم السابقة. وهذا يقتضي اعتبار الاختلاس الذي يقع من هؤلاء
سرقة ولكن في حدود النص المقرر لهذا الاستثناء فقط [(1)].
المحكمة
وحيث إن محصل وجه الطعن أن الدفاع عن الطاعن عرض على محكمة الموضوع
أن الوصف الحقيقي للتهمة المنسوبة إليه يجب أن يكون خيانة أمانة لا سرقة، لأن الطاعن
كان موكولاً إليه من جانب مصحة فؤاد استلام الفحم الوارد لها من عربات السكة الحديدية
بمحطة حلوان، وأنه هو الذي تسلم البوليصة من المصحة وسلمها لمحطة السكة الحديدية واستلم
الفحم، وبهذا التسلم نقلت الحيازة إلى الطاعن فأصبح مسئولاً من وقت نقل الفحم من المحطة
إلى وقت وصوله للمصحة، وأن وضع اليد على المنقول بصفة أمانة مؤقتة يمحو جريمة السرقة
إذا حصل التصرف فيه، وتحل محل هذه الجريمة جريمة خيانة الأمانة التي لا تتم إلا بضياع
الوديعة، وحالة الطاعن إن صحت شروع في تبديد لم يتم فلا عقاب قانوناً.
وحيث إن الواقعة التي استخلصها الحكم المطعون فيه وأدان الطاعن فيها هي "أن حامد أفندي
عبد الباري مهندس مصحة فؤاد بحلوان لاحظ أن الفحم الذي يستهلك لا يتناسب مع الذي يرد،
فأراد المراقبة، ولما ورد الفحم كلف المتهم بنقله من عربات السكة الحديدية بمحطة حلوان
إلى المصحة وراقبه عن بعد فوجد سيارة تحمل فحماً، مع أن ما يحمل هذا الفحم عربات جر
(كارو)، ثم راقب السيارة حتى خرجت من المحطة وسارت متجهة إلى طريق مصر وتركت كل الطرق
التي توصل إلى المصحة. وبعد أن قربت من حمامات حلوان حيث تتجه إلى الطريق الذي يوصل
للبحر ومنها لمصر ضبطها، وكان بها السائق والمتهم والشيال، وضبط بها أربع أطنان ونصف
من الفحم ثمنه 25 جنيهاً". وبعد أن أورد الحكم الأدلة التي استند إليها في صحة هذه
الواقعة قضى على الطاعن بالعقوبة طبقاً للمادة 317/ 8 عقوبات.
ومن حيث إن ما يقوله الطاعن في وجه الطعن بشأن الوصف القانوني للفعل الجنائي الذي وقع
منه صحيح. لأن تسليم الشيء إلى مختلسه ينفي ركن الاختلاس وهو ركن أساسي في جريمة السرقة،
ولأن اختلاس الشيء بعد تسلمه على أساس الوكالة يعدّ خيانة أمانة. إلا أن القانون قد
خالف أحكام السرقة بأن أدمج فيها فعل الاختلاس الذي يحصل من المحترفين بنقل الأشياء
في العربات أو المراكب أو على دواب الحمل أو من أي إنسان آخر مكلف بنقل أشياء أو أحد
أتباعهم إذا سلمت إليهم الأشياء المذكورة بصفتهم السابقة. وذلك طبقاً للفقرة الثامنة
من المادة 317 عقوبات.
ومن حيث إنه ما دام القانون نفسه هو الذي أعطى فعل الاختلاس الذي يقع من المحترفين
بالنقل حكم السرقة في الحدود الواردة في الفقرة الثامنة من المادة 317 عقوبات المذكورة
استثناء من القواعد العامة فلا حق للطاعن في إثارة هذا الجدل بشأن وصف الفعل الذي وقع
منه، ويكون الحكم إذ قضى بإدانته على أساس أن هذا الفعل سرقة في حدود هذا النص القانوني
قد أصاب ولم يخطئ في شيء. ومن ثم يتعين رفض الطعن موضوعاً.
[(1)] إن الحكم إذ يعتبر ما يقع من هؤلاء سرقة فهذا الاعتبار كما هو مفهوم من الحكم مقصور على الصورة الواردة بالمادة 274/ 8 ع = 317/ 8 وحدها، يعني أنه لا يمكن اعتبار ما يقع من هؤلاء سرقة منطبقة على أية مادة أخرى من مواد السرقة. فمثلاً إذا اجتمع في الواقعة ظروف أخرى تجعل وصفها جناية، فإن هذا الوصف لا يصح في حقهم، بل يجب الرجوع في هذه الحالة إلى الوصف الحقيقي للفعل الجنائي الذي وقع منهم ما دام لا يدخل في متناول ما استثناه القانون.
