الطعن رقم 986 سنة 9 ق – جلسة 24 /04 /1939
مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة
النقض والإبرام في المواد الجنائية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) – صـ 540
جلسة 24 إبريل سنة 1939
برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك المستشارين.
القضية رقم 986 سنة 9 القضائية
اتفاق شخصين أو أكثر على ارتكاب جريمة ضرب. عاهة مستديمة. عدم معرفة
محدثها. مسئولية الجميع عن العاهة.
(المواد 40 و41 و43 و204 ع = 240)
إن الاتفاق الجنائي بين شخصين أو أكثر على ارتكاب جريمة ضرب يجعل كلاً منهم مسئولاً
بصفته شريكاً بالاتفاق عما يقع من الباقين تنفيذاً لهذا الاتفاق، كما يجعله مسئولاً
أيضاً عن المضاعفات الناتجة عن الضرب. وذلك لأن القانون نص على تشديد العقاب في حالة
هذه المضاعفات لمجرّد حصولها ولو لم تكن مقصودة بذاتها من الضارب، فتستوي في ذلك مسئولية
الفاعل الأصلي والشريك. وما دام ما وقع من الفاعل الأصلي لم يخرج عما حصل الاتفاق عليه
مع الشركاء فلا محل مع هذا للرجوع إلى المادة 43 من قانون العقوبات، لأن هذه المادة
تفترض وقوع جريمة أخرى غير التي تناولها فعل الاشتراك. فإذا قدّم متهمون إلى قاضي الإحالة
لمحاكمتهم بالمادتين 240/ 1 و2 و242/ 1 و2 من قانون العقوبات لإحداثهم بالمجني عليه
إصابات تخلفت عن إحداها عاهة مستديمة وكان ذلك منهم عن سبق الإصرار، وقرّر قاضي الإحالة
أن لا وجه لإقامة الدعوى ضدّهم في جناية الضرب الذي نشأت عنه العاهة لعدم معرفة محدثه
من بين المتهمين وبإحالتهم إلى النيابة لإجراء اللازم لمحاكمتهم جميعاً على جنحة ضربهم
المجني عليه مع سبق الإصرار طبقاً للمادة 241/ 2، واستند في قراره هذا إلى أن المتهم
الذي أحدث العاهة بالمجني عليه غير معروف، فإن ما أثبته في قراره من توافر ظرف سبق
الإصرار في الجريمة المسندة إلى المتهمين يلزم عنه وحده أنهم اتفقوا جميعاً على الاعتداء
على المجني عليه بالضرب، وهذا يقتضي اعتبار كل منهم مسئولاً كشريك بالاتفاق مع كل من
الباقين عما وقع منه من ضرب وعن مضاعفات هذا الضرب.
المحكمة
وحيث إن النيابة بنت طعنها على أن قرار قاضي الإحالة أثبت أن واقعة
ضرب المجني عليه حصلت من المتهمين مع توافر سبق الإصرار، وهذا وحده يجعلهم جميعاً مسئولين
عن العاهة المستديمة التي تخلفت بالمجني عليه من ضربة أحدهم بصرف النظر عن تعيين محدثها.
ولذا يكون قاضي الإحالة قد أخطأ في اعتبار الواقعة جنحة منطبقة على المادة 241/ 2 عقوبات.
ولا محل للاعتراض على ذلك بأن التوافق من المتهمين لم يكن على إحداث العاهة بل انصرف
إلى الاعتداء بالضرب فقط لأن الاتفاق على ارتكاب جريمة مّا كاف وحده بحسب المادة 43
عقوبات لتحميل كل المتفقين نتيجة ذلك الاتفاق ولو كانت الجريمة التي وقعت بالفعل غير
التي اتفق على ارتكابها متى كانت الجريمة التي وقعت نتيجة محتملة للاتفاق.
وحيث إن الاتفاق الجنائي بين شخصين أو أكثر على ارتكاب جريمة الضرب يجعل كلاً منهم
مسئولاً بصفته شريكاً بالاتفاق عما يقع من الباقين تنفيذاً لهذا الاتفاق وعن المضاعفات
الناتجة عن الضرب. ذلك لأن القانون شدّد العقاب في حالة هذه المضاعفات لمجرّد حصولها
ولو لم تكن مقصودة لذاتها. فتستوي في ذلك مسئولية الفاعل الأصلي والشريك، وما دام ما
وقع من الفاعل الأصلي لم يخرج عما حصل الاتفاق عليه فلا محل مع هذا للرجوع إلى المادة
43 عقوبات، لأنها تفترض وقوع جريمة أخرى غير التي تناولها فعل الاشتراك.
وحيث إن الثابت من القرار المطعون فيه أن النيابة العامة قدّمت المتهمين لقاضي الإحالة
طالبة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمادتين 240/ 1 – 2 و242/ 1 – 2 من قانون
العقوبات لإحداثهم بالمجني عليه الإصابات الموصوفة بالكشف الطبي والتي تخلفت عن إحداها
عاهة مستديمة وكان ذلك منهم مع سبق الإصرار. وجاء قرار قاضي الإحالة بأن لا وجه لإقامة
الدعوى ضد المتهمين في جناية الضرب الذي نشأت عنه عاهة مستديمة وبإحالتهم إلى النيابة
لإجراء اللازم نحو محاكمتهم جميعاً على جنحة ضربهم المجني عليه مع سبق الإصرار طبقاً
للمادة 241 فقرة ثانية عقوبات. واستند في قراره هذا إلى أن المتهم الذي أحدث العاهة
بالمجني عليه غير معروف. وتضمن القرار في الوقت ذاته أن الثابت من ظروف الدعوى أن جميع
المتهمين اعتدوا مع سبق الإصرار على المجني عليه بالضرب الذي عولج من أجله أكثر من
عشرين يوماً.
وحيث إن ما رآه قاضي الإحالة في قراره من توفر ظرف سبق الإصرار في الجريمة المسندة
إلى المتهمين يلزم عنه حتماً أنهم كانوا جميعاً متفقين على الاعتداء على المجني عليه
بالضرب وهو ما يقتضي اعتبار كل منهم مسئولاً كشريك بالاتفاق مع كل من الباقين عما وقع
منه من ضرب وعن مضاعفاته كما سبق الذكر.
وحيث إنه لما تقدّم يكون قرار قاضي الإحالة الصادر بأن لا وجه لإقامة الدعوى بالنسبة
للجناية قد أخطأ في تأويل القانون. ولذا يتعين نقضه وإعادة الأوراق إليه للتصرف فيها
على أساس أن الواقعة المسندة إلى المتهمين تكون بالنسبة لجميعهم جناية اشتراك مع مجهول
من بينهم في ضرب المجني عليه ضرباً نشأت عنه عاهة مستديمة طبقاً للمواد 40 و41 و240/
2 عقوبات.
