الطعن رقم 116 سنة 9 ق – جلسة 23 /01 /1939
مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة
النقض والإبرام في المواد الجنائية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) – صـ 446
جلسة 23 يناير سنة 1939
برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك المستشارين.
القضية رقم 116 سنة 9 القضائية
( أ ) دفاع. محام. ترتيب خطة الدفاع. تركها لرأي المحامي وتقديره.
اكتفاؤه بطلب الرأفة.
(ب) إثبات. محام. أقواله في الدفاع. لا يصح الاستشهاد بها على المتهم.
1 – إن وجود محام بجانب المتهم في المواد الجنائية للدفاع عنه لا يقتضي أن يلتزم المحامي
خطة الدفاع التي يرسمها المتهم لنفسه بل للمحامي أن يرتب الدفاع كما يراه هو في مصلحة
المتهم. فإذا رأى ثبوت التهمة على المتهم من اعترافه بها أو من قيام أدلة أخرى كان
له أن يبنى دفاعه على التسليم بصحة نسبة الواقعة إليه مكتفياً ببيان أوجه الرأفة التي
يطلبها له.
2 – ما دامت خطة الدفاع متروكة لرأي المحامي وتقديره وحده، فلا يجوز للمحكمة أن تستند
إلى شيء من أقواله هو في إدانة المتهم.
المحكمة
وحيث إن الوجه الأول من أوجه الطعن يتحصل في أن المحكمة قد أخلت
بحق دفاع الطاعن، وذلك بتجزئة الوقائع إلى جناية وجنحة، وفصل إحداهما عن الأخرى، مما
أدى إلى توزيع الأدلة وتوزيع شهادة الشهود توزيعاً لا يطابق الواقع – الأمر الذي أدى
إلى تسويء حالة الطاعن. ولو عرضت الدعوى بحذافيرها على المحكمة لتمكن الدفاع من توضيح
مركزه توضيحاً قد يؤدي إلى براءته.
وحيث إنه يبين من الرجوع إلى الحكم المطعون فيه أن الدعوى قدّمت لمحكمة الجنايات ضد
الطاعن وحده. فإن كان هناك واقعة جنحة مرتبطة بها ورأى الطاعن أن من مصلحته ضمها أو
نظرها فله أن يطلب ضمها والمرافعة على أساس الوقائع الثابتة بها. وبالرجوع إلى محضر
جلسة المحاكمة يبين أن الطاعن لم يطلب ضم قضية الجنحة، ولكنه تناول في دفاعه وقائع
الدعويين. وقد عرضت المحكمة لهذا الدفاع وبحثته، كما هو ثابت في الحكم المطعون فيه،
وأدانت الطاعن وهي على علم بوقائع الجنحة. وإذاً فلا محل للقول بحصول إخلال بحق الدفاع
كما يزعم الطاعن.
وحيث إن محصل الوجه الثاني هو أن الطبيب الشرعي قرر أن إصابة المجني عليه شديدة، وقد
لا يكون قادراً بعدها على الكلام، بينما قرر أحد الشهود الذين سمعوا أمام المحكمة بأنه
سأل المجني عليه عمن ضربه فأجاب بأنه الطاعن. وفي هذا تناقض ظاهر بين الكشف الطبي وشهادة
الشاهد.
وحيث إن الحكم المطعون فيه لم يستند في إدانة الطاعن إلى شهادة هذا الشاهد الذي يشير
إليه في وجه الطعن ولم يدنه على أساس دليل يستمد من أقوال المجني عليه بعد إصابته فلا
أهمية إذاً لما شهد به الشاهد المذكور.
وحيث إن حاصل الوجه الثالث هو أن المحامي عن الطاعن خرج عن حدود توكيله أمام محكمة
الجنايات بطلبه استعمال الرأفة معه لأن هذا الطلب ليس له مبرر من التحقيقات التي أنكر
الطاعن في جميع أدوارها التهمة المنسوبة إليه. وقد أخذت المحكمة من هذا الطلب دليلاً
ضد الطاعن.
وحيث إن وجود محام بجانب المتهم في المواد الجنائية للدفاع عنه لا يقتضي أن يلتزم المحامي
خطة الدفاع التي يرسمها المتهم لنفسه، بل للمحامي أن يرتب الدفاع كما يراه هو في مصلحة
المتهم. فإذا رأى ثبوت التهمة على المتهم من اعترافه بها أو من قيام أدلة أخرى كان
له أن يبني دفاعه على التسليم بصحة نسبة الواقعة إليه مكتفياً ببيان أوجه الرأفة التي
يطلبها له. وما دامت خطة الدفاع متروكة لرأي المحامي وتقديره وحده، فلا يجوز للمحكمة
أن تستند إلى شيء من أقواله في إدانة المتهم.
وحيث إنه بالرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة يتضح أن المحامي عن الطاعن بعد أن طلب البراءة
لموكله على أساس عدم ثبوت التهمة قبله سلم بحصول الواقعة منه وقال لا بد من أن عاملاً
لم يثبته التحقيق دفعه إلى ذلك، وطلب الرأفة من باب الاحتياط.
وحيث إنه ثابت من الحكم المطعون فيه أن المحكمة عندما أخذت في التدليل على إدانة الطاعن
اعتمدت على أدلة أربعة ليس منها الطلب الاحتياطي الخاص بالرأفة الذي قدّمه المحامي.
أما ما ذكره الحكم بعد ذلك من أن الدفاع عن المتهم (الطاعن) يكاد يسلم بصحة التهمة
المسندة إليه، فقد ذكره وهو يتحدّث عن الرد على ما طلبه الدفاع من طلب استعمال الرأفة،
ولم يكن للاستناد عليه كدليل في إدانة الطاعن. ويبين من ذلك كله أن المحامي إذ طلب
الرأفة لموكله لم يخرج عن الحق المخوّل له قانوناً في الدفاع عن موكله. كما أن الحكم
قد خلا مما يعيبه إذ لم يؤسس إدانة الطاعن على شيء مما جاء في دفاع المحامي عنه.
وحيث إن ملخص الوجه الرابع والأخير من أوجه الطعن هو أن الحكم خال من إثبات نية القتل
لدى الطاعن، أما سرد المحكمة للوقائع فلا يغني عن التدليل على هذه النية.
وحيث إن ما جاء بهذا الوجه غير صحيح فقد عنى الحكم ببيان توافر نية القتل لدى الطاعن
ودلل عليه بقوله "إن المتهم (الطاعن) أطلق عليه (أي المجني عليه) عياراً من بندقيته
غيلة وغدراً صوّبه نحو صدره وبطنه ما يقطع بتوفر نية القتل لديه". وهذا الذي ذكره الحكم
يؤدي لتوافر نية القتل لدى الطاعن خلافاً لما يزعمه.
