الطعن رقم 88 سنة 9 ق – جلسة 23 /01 /1939
مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة
النقض والإبرام في المواد الجنائية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) – صـ 441
جلسة 23 يناير سنة 1939
برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك المستشارين.
القضية رقم 88 سنة 9 القضائية
( أ ) تحقيق. رجال الضبطية القضائية. الواجبات المفروضة عليهم قانوناً
في الوقائع التي تبلغ إليهم. مباشرتهم هذه الواجبات أثناء قيام النيابة العمومية بالتحقيق.
المحاضر التي يحرّرونها بذلك. الاعتماد عليها عند الحكم. جوازه.
(ب) تفتيش مشوب ببطلان. الطعن فيه. صاحب الحق فيه. دليل مستمد من هذا التفتيش. الاستشهاد
به على الشخص الذي لم يفتش هو أو منزله. متى يصح؟
(حـ) سرقة بإكراه. عدّة أشخاص. مساهمة كل منهم في عمل من الأعمال المكوّنة للجريمة.
اعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين.
(المادة 271 ع = 314)
1 – إنه من الواجبات المفروضة قانوناً على رجال الضبطية القضائية وعلى مرءوسيهم أن
يستحصلوا على جميع الإيضاحات وأن يجروا جميع التحرّيات اللازمة لتسهيل تحقيق الوقائع
الجنائية التي تبلغ إليهم أو التي يعلمون بها بأية كيفية كانت وأن يتخذوا جميع الوسائل
التحفظية للتمكن من ثبوت تلك الوقائع. وقيام النيابة العمومية بإجراء التحقيق بنفسها
لا يقتضي قعود هؤلاء المأمورين عن القيام إلى جانبها بهذه الواجبات في ذات الوقت الذي
تباشر فيه عملها. وكل ما في الأمر أن المحاضر الواجب على أولئك المأمورين تحريرها بما
وصل إليه بحثهم ترسل إلى النيابة لتكون عنصراً من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى
وجوب تحقيقه منها. وللمحكمة أن تستند في الحكم إلى ما ورد بهذه المحاضر ما دامت قد
عرضت مع باقي أوراق الدعوى على بساط البحث والتحقيق أمامها بالجلسة.
2 – لا يجوز الطعن بالبطلان في الدليل المستمد من التفتيش بسبب عدم مراعاة الأوضاع
القانونية المقررة له إلا ممن شرعت هذه الأوضاع لحمايتهم. فيصح الاستشهاد بالدليل الذي
أسفر عنه التفتيش على غير من فتش شخصه أو مسكنه ولو كان هذا التفتيش مشوباً بما يبطله
ما دام لم يقدّم الطعن في صحته ممن وقع التفتيش على شخصه أو في بيته.
3 – إذا ساهم عدّة أشخاص في تنفيذ جريمة سرقة بطريقة توزيع الأعمال التي تتكوّن منها،
فبعضهم استعمل الإكراه على المجني عليه وأمسك به حتى تمكن البعض الآخر من نقل المسروقات
والفرار بها، فهذا يجعلهم قانوناً مسئولين جميعاً باعتبارهم فاعلين أصليين في السرقة
على أساس أنها تكوّنت من أكثر من عمل واحد، وأن كلاً منهم، مع علمه بها وبعمل زملائه،
قام بتنفيذ عمل فيها.
المحكمة
وحيث إن مبنى الوجه الأوّل من وجهي الطعن أن الحكم المطعون فيه
أخطأ خطأً يعيبه ويوجب نقضه، لأنه اعتمد في إدانة الطاعنين على دليل باطل قانوناً.
وفي بيان ذلك يقولون إنه لا يجوز قانوناً لضابط البوليس إجراء عمل من أعمال التحقيق
وتفتيش المنازل وعمل المضاهاة أثناء مباشرة النيابة التحقيق إلا بإذن منها. ولذلك يكون
الإجراء الذي اتخذه ضابط البوليس واستند إليه الحكم من ضبط جزء من القطن المسروق بمنزل
نصر محمد سعد الذي قيل بأن أحد المتهمين وضعه فيه، ومن إجرائه مضاهاة هذا القطن على
قطن المجني عليهما وإثبات أنه غير مختلف عنه – يكون هذا الإجراء باطلاً. وكان يتحتم
على المحكمة بعد أن أثار الدفاع أمامها بطلانه أن تستبعده وأن لا تعلله تعليلات واهية
فتقول إن هذا الإجراء ما هو إلا جمع استدلالات وإن أحد المتهمين أقرّ بصحته وإن شهادة
الضابط ومن معه في ذلك محل تقدير منها.
وحيث إنه من الواجبات المفروضة قانوناً على رجال الضبطية القضائية وعلى مرءوسيهم أن
يستحصلوا على جميع الإيضاحات وأن يجروا جميع التحرّيات اللازمة لتسهيل تحقيق الوقائع
الجنائية التي تبلغ إليهم أو التي يعلمون بها بأي كيفية كانت، وأن يتخذوا جميع الوسائل
التحفظية للتمكن من ثبوت تلك الوقائع. وقيام النيابة العمومية بإجراء التحقيق بنفسها
لا يقتضي قعود هؤلاء المأمورين عن القيام بهذه الواجبات بجانبها في ذات الوقت الذي
تباشر فيه عملها. وكل ما في الأمر أن المحاضر الواجب على أولئك المأمورين تحريرها بما
وصل إليه بحثهم ترسل إلى النيابة لتكون عنصراً من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى
وجوب تحققه منها. وللمحكمة أن تستند في الحكم إلى ما ورد بهذه المحاضر ما دامت قد عرضت
مع باقي أوراق الدعوى على بساط البحث والتحقيق أمامها بالجلسة.
وحيث إنه لا يجوز الطعن بالبطلان على الدليل المستمد من التفتيش بسبب عدم مراعاة الأوضاع
القانونية المقرّرة له إلا ممن شرعت هذه الأوضاع لحماية مصالحهم. فيصح الاستشهاد بالدليل
الذي أسفر عنه التفتيش على غير من فتش شخصه أو مسكنه، ولو كان هذا التفتيش مشوباً بما
يبطله ما دام لم يقدّم الطعن على صحته من الشخص الذي وقع عليه أو في منزله التفتيش.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أدان الطاعنين وأورد الأدلة التي استند إليها وهي شهادة
المجني عليهما وأقوال وكيل العمدة بحضورهما إليه وتبليغه في حق الطاعنين بأنهم ارتكبوا
الحادثة؛ وشهادة شيخ الخفراء بأنه تحرّى وبحث عن القطن المسروق فعلم أنه وضع في زراعة
ذرة صيفي فبلّغ ضابط النقطة وذهبوا إلى هناك فوجدوا آثار قطن بهذه الزراعة وعثروا بعد
ذلك على بعض القطن في منزل نصر محمد، وشهادة كل من عبد الحميد أفندي توفيق ضابط البوليس
وسويفي محمد عبد الرحيم وعليوه السيد داود عسكري بوليس بما يتضمن أنهم بحثوا في زراعة
الذرة المقول عنها فوجدت بها آثار القطن؛ ثم عثروا على جانب منه في منزل نصر محمد سعد
الذي شهد هو وزوجته بأن سليمان توفيق نايل المتهم الخامس وآخر قد أحضرا هذا القطن إلى
منزلهما في صباح يوم الحادثة، وقد أقرّ هذا المتهم بأنه هو الذي أحضر هذا القطن إلى
المنزل. ثم انتهى الحكم إلى القول بثبوت التهمة على الطاعنين من شهادة المجني عليهما
المؤيدة بالإصابات التي وجدت فيهما والمعززة بهروبهم عقب الحادثة، وبما ظهر أخيراً
من أن المتهم الخامس وهو أخو المتهمين الأوّل والثالث (الطاعنين الأوّل والثالث) قد
أخفى بعض القطن المسروق في صباح يوم الحادثة بمنزل نصر محمد سعد. وبعد ذلك عرض الحكم
إلى الدفاع المشار إليه بوجه الطعن فقال إن ما أجراه ضابط البوليس ما هو إلا جمع استدلالات
في الحادثة. وهذا من واجبه القيام به. وفضلاً عن ذلك فإنه هو ومن كان معه أثناء البحث
في زراعة الذرة قد مثلوا أمام المحكمة وشهدوا بما رأوه وكانت شهادتهم محل تقدير المحكمة.
هذا فضلاً عن أن المتهم الخامس وهو غير الطاعنين قد أقرّ بصحة ضبط القطن بمنزل نصر
محمد سعد واعترف بأنه هو الذي وضعه فيه. ولذلك لا تعوّل المحكمة على إنكار المتهمين
الثلاثة (الطاعنين) ولا تأخذ بدفاعهم.
وحيث إنه يتضح مما تقدّم أنه فضلاً عن أن المحكمة لم تستند إلى نتيجة البحث الذي وصل
إليه ضابط البوليس بصفة أصلية في إدانة الطاعنين بل ذكرته من باب الاستئناس تأييداً
للأدلة الأخرى التي اعتمدت عليها – فضلاً عن ذلك فإن محضر التحرّي كان معروضاً عليها
وكان لها قانوناً أن تأخذ بما اطمأنت إليه منه، إذ شأنه في ذلك شأن سائر أدلة الدعوى.
فإذا كانت قد رأت زيادة في الاطمئنان إلى صدق الدليل المستمد من هذا المحضر أن تسمع
أقوال من اشتركوا في البحث الذي تضمنه، كان عملها أبلغ في تحرّي الحقيقة وأبعد عن أن
يكون محل تثريب أو شكاية. أما التفتيش الذي أجراه ضابط البوليس أثناء جمع الاستدلالات
بمنزل من وجد القطن المسروق عنده فلا يحق للطاعنين أن ينفردوا بالمناقشة في صحته ما
دام لا شأن لهم بهذا المنزل.
وحيث إن محصل الوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ خطأً موجباً لنقضه لأنه اعتبر
الطاعنين فاعلين أصليين في السرقة مع أنهم بحسب الثابت به لم يكونوا إلا شركاء لآخرين
مجهولين في الجريمة التي وقعت لأن مأموريتهم كانت مجرّد إرهاب المجني عليهما، أما السارقون
فهم الذين نقلوا القطن المسروق وأخذوه، وهؤلاء لم يوفق التحقيق إلى معرفتهم.
وحيث إنه يتضح من الحكم المطعون فيه أنه بيّن الواقعة الجنائية التي أدان الطاعنين
فيها كما حصلتها المحكمة من التحقيقات التي أجريت في الدعوى. وهي تتحصل في أنهم مع
آخرين، لم يعلموا، حضروا إلى زراعة المجني عليهما لسرقة القطن وهدّدهما الطاعنون وضربوهما
ليلزموهما الصمت وعدم الاستغاثة، حتى تمكن المجهولون من سرقة القطن وانصرفوا به، ومكث
الطاعنون ملازمين المجني عليهما فترة طويلة حتى وثقوا من ابتعاد زملائهم بالمسروق.
وحيث إنه فضلاً عن أن لا مصلحة للطاعنين في إثارة الجدل على الصورة الواردة بوجه الطعن
لأنه، مع التسليم بصحة زعمهم، فإن العقوبة المقررة بالقانون للجريمة التي أدينوا فيها
واحدة بالنسبة لكل من الفاعل الأصلي والشريك – فضلاً عن ذلك فإن هذا الزعم خاطئ لأن
من شأن مساهمة عدّة أشخاص في تنفيذ جريمة السرقة بطريقة توزيع الأعمال التي تتكوّن
منها بحيث إن بعضهم يستعمل الإكراه مع المجني عليه ويمسك به حتى يتمكن البعض الآخر
من نقل المسروقات والفرار بها – من شأن هذا قانوناً أن يسأل جميع هؤلاء الأشخاص باعتبار
أنهم فاعلون أصليون في السرقة على أساس أنها تكوّنت من أكثر من عمل واحد وأن كلاً منهم
مع علمه بها قام بتنفيذ عمل فيها.
