الرائيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 2350 سنة 8 ق – جلسة 21 /11 /1938 

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) – صـ 349

جلسة 21 نوفمبر سنة 1938

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وأحمد مختار بك وسيد مصطفى بك المستشارين.


القضية رقم 2350 سنة 8 القضائية

( أ ) دفاع. التحقيق في دور المحاكمة. الأصل أن يكون شفوياً. استناد الحكم في الإدانة على أقوال شاهدين في التحقيق دون سماع أقوالهما. إخلال بحق الدفاع.
(ب) نقض وإبرام. نقض حكم صادر في قضية. محكمة الإعادة. حكم في جريمة جلسة. صدوره من محكمة جنايات. نقضه. إحالة القضية على المحكمة الجزئية التي وقعت الجريمة في دائرتها.
1 – الأصل في التحقيق في دور المحاكمة أن يكون شفوياً ليتسنى للمحكمة وللخصوم في الدعوى مناقشة الشهود استجلاءً للحقيقة. فلا يجوز للمحكمة أن تستند إلى دليل ورد بالتحقيق الابتدائي وتعتمد عليه إلا إذا كان غير ميسور لها تحقيقه بنفسها. وإذاً فالحكم الذي يجعل عماده في إدانة المتهم أقوال شاهدين في التحقيق دون أن تسمعهما المحكمة يكون قد أخل بحقوق الدفاع ويتعين نقضه.
2 – إنه وإن كانت إحالة القضية بعد نقض الحكم الصادر فيها يجب أن تكون إلى المحكمة التي قضت في الدعوى مؤلفة من قضاة غير الذين قضوا فيها إلا أنه يستثني من هذه القاعدة الأحكام الصادرة في الجرائم التي تقع بجلسات المحاكم، فالإحالة فيها يجب أن تكون إلى المحكمة ذات الاختصاص الأصلي في الحكم في الدعوى. لأن حق المحاكم في الحكم في جرائم الجلسة ليس مؤسساً على القواعد العامة في الاختصاص، وإنما هو مؤسس على أن جريمة الجلسة هي من جرائم التلبس لوقوعها في الجلسة أمام هيئة القضاء، فلا تتبع بشأنها الإجراءات المعتادة. ومتى زالت حالة التلبس بعدم القضاء في الجريمة فوراً أثناء انعقاد الجلسة التي وقعت فيها فيجب أن تعود الأمور إلى نصابها وأن تراعي القواعد العامة في الاختصاص. وإذاً فإذا قضت محكمة الجنايات (محكمة جنايات سوهاج) بإدانة متهم في جريمة جلسة (شهادة زور) ثم نقض حكمها فلا تعاد القضية – وقد زالت حالة التلبس – إلى محكمة الجنايات التي قضت فيها لأنها لم تكن مختصة أصلاً بالحكم في تلك الجريمة، وإنما يجب – تحقيقاً لضمانات المحاكمة – أن تحال القضية إلى المحكمة التي وقعت الجريمة في دائرتها (محكمة جنح سوهاج الجزئية) ليتسنى نظرها أمام درجتين.


المحكمة

وحيث إن مبنى الوجه الخامس من أوجه الطعن هو أن محكمة الموضوع أدانت الطاعن في تهمة شهادة الزور المسندة إليه مستندة إلى قولها "أنه وإن كان قرر بالجلسة أنه لم يعرف الشخص الذي كان يجري أمام الخفير عقب ارتكاب الجناية التي أدى الطاعن شهادته فيها إلا أنه قرر أيضاً أن أحد الخفراء أحضر المتهم إليه بالدوّار ومعه البندقية. وهذه الأقوال لو صحت لجاءت مؤيدة لشهادة خفيرين آخرين مما يضر بالمتهم، وقد ثبت من شهادة اثنين من العساكر كذب شهادة الخفيرين". ويقول الطاعن أن في قول المحكمة هذا قصوراً وتناقضاً لأنها لم تسمع في الجلسة أقوال العسكريين، ولم توضح أقوالهما، ولأنه ليس في أقوال العسكريين المذكورين ما ينقض شهادة الطاعن أو الخفيرين.
وحيث إنه يبين من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة والحكم المطعون فيه أن الطاعن أدّى في يوم 14 مايو سنة 1938 شهادة أمام محكمة الجنايات في القضية التي كان متهماً فيها المدعو علي عبيد الله. ولما انتهى نظر هذه الجناية وقبل أن تصدر المحكمة حكمها فيها وجهت النيابة تهمة شهادة الزور إلى الطاعن. وبعد أن أدى فيها دفاعه قضت المحكمة بحبسه ستة شهور مع وقف التنفيذ. واعتمدت في حكها بطريقة أساسية على شهادة عسكريين في التحقيق دون أن تسمع أقوالهما.
وحيث إن الأصل في التحقيق في دور المحاكمة أن يكون شفوياً حتى يتسنى للمحكمة والأطراف في الدعوى مناقشة الشهود واستجلاء الحقيقة، ومن ثم لا يسوغ للمحكمة الاستناد إلى التحقيق الابتدائي والاعتماد عليه بطريقة أساسية فيما يمكنها إجراؤه بنفسها.
وحيث إن محكمة الموضوع في الدعوى الحالية إذ جعلت عمادها في الإدانة أقوال شاهدين لم تسمعهما حتى كان يتسنى للطاعن مناقشتهما تكون قد أخلت بحقوق الدفاع، وفي هذا ما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه وإن كانت إحالة القضية بعد نقض الحكم الصادر فيها يجب أن تكون – بحسب القاعدة المقررة قانوناً – إلى المحكمة التي قضت في الدعوى بشرط أن تكون مؤلفة من قضاة غير الذين قضوا فيها، إلا أنه لا مناص من أن يستثنى من هذه القاعدة الأحكام الصادرة في جرائم الجلسات فالإحالة فيها يجب أن تكون بداهة إلى المحكمة ذات الاختصاص الأصلي في الحكم في الدعوى إذا كانت غير التي أصدرت الحكم. ذلك لأن هذا الاختصاص لم يخوّل إلى المحاكم إلا استثناء على أساس أن الجريمة الواقعة هي من جرائم التلبس لوقوعها في الجلسة أمام هيئة القضاء، ولا حاجة إلى أن تتبع بشأنها الإجراءات المعتادة، فإذا زالت حالة التلبس بعدم القضاء في الجريمة فوراً أثناء انعقاد الجلسة التي وقعت فيها وجب أن تعود الأمور إلى نصابها واتباع القواعد العامة في الاختصاص.
وحيث إنه مع نقض الحكم المطعون فيه لا يمكن إعادة القضية إلى محكمة الجنايات التي قضت فيها لزوال حالة التلبس الآن، ولأنها لم تكن مختصة أصلاً بالحكم في الجريمة المسندة للطاعن.
وحيث إن نقض الحكم يعيد القضية إلى حالتها الأصلية قبل الحكم فيها فيجب إذاً أن تحال إلى المحكمة التي وقعت الجريمة في دائرتها وهي محكمة جنح سوهاج الجزئية ليتسنى بذلك ضمان نظرها أمام درجتين.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات