الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1831 سنة 8 ق – جلسة 20 /06 /1938 

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) – صـ 273

جلسة 20 يونيه سنة 1938

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك وبحضور حضرات: محمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وأحمد مختار بك وسيد مصطفى بك المستشارين.


القضية رقم 1831 سنة 8 القضائية

تزوير:
( أ ) تقدّم شخص أمام المحكمة بصفة شاهد. تسميه باسم شخص آخر. إدلاؤه بشهادته في محضر الجلسة بالاسم المنتحل. تزوير بطريق انتحال شخصية الغير. عدم وجود مانع قانوني يمنع هذا الشخص من الإدلاء بالشهادة باسمه. لا يؤثر في قيام هذه الجريمة.
(ب) أخ. تسميه باسم الغير وإدلاؤه بالشهادة في قضية شرعية تتعلق بأخته. غش للقاضي في تقدير القوّة التدليلية لهذه الشهادة.
(المادة 181 ع = 213)
1 – إن جريمة التزوير في الأوراق الرسمية بطريق انتحال شخصية الغير تتحقق متى تقدّم شخص أمام المحكمة بصفة شاهد وتسمى باسم شخص آخر وأدلى بشهادته في محضر الجلسة بالاسم المنتحل. ولا يغير من ذلك عدم وجود ما يمنع قانوناً من أن يؤدي هذا الشخص شهادته باسمه الحقيقي، لأن القاضي الذي يسمع الشهادة يجب أن يكون ملماً بعلاقة الشاهد بالخصوم. وقد قضت لائحة المحاكم الشرعية بأن يسأل كل شاهد عن اسمه ولقبه وصنعته ووظيفته ومحله ونسبه وجهة اتصاله بالخصوم بالقرابة أو الاستخدام أو غيرهما، وأن تكتب الشهادة وما يتعلق بها بالتفصيل في محضر الجلسة. وما ذلك إلا لكي يقف القاضي على علاقة الشاهد بالمشهود له أو عليه حتى يتسنى له أن يزن الشهادة ويقدّرها قدرها. فإذا تسمى الأخ باسم الغير ليخفي عن القاضي في دعوى شرعية علاقته بأخته المشهود لها تحقق التزوير لما في ذلك من إدخال الغش على القاضي عند تقديره للقوّة التدليلية للشهادة.


المحكمة

ومن حيث إن محصل وجه الطعن أن المحكمة الاستئنافية ألغت حكم البراءة الابتدائي وأدانت الطاعن دون أن ترد على الأسباب التي استند إليها ذلك الحكم ومنها أنه لا يوجد مانع من أن يشهد الأخ لأخته، وأنه على فرض تسمى الشاهد باسم غيره أمام المحكمة فلا جريمة.
وحيث إن جناية التزوير في الأوراق الرسمية بطريقة انتحال شخصية الغير تتحقق متى تقدّم شخص أمام المحكمة بصفة شاهد وتسمى باسم شخص آخر وأدلى بشهادته في محضر الجلسة بالاسم المنتحل. ولا يغير من ذلك عدم وجود ما يمنع قانوناً من أن يؤدي هذا الشخص شهادته باسمه الحقيقي.
وحيث إن الحكم الابتدائي أثبت أن محمد محمد يحيى زوج المتهمة الثانية قدّم بلاغاً يقول فيه إن المتهم الأوّل وهو أخ للمتهمة الثانية حضر للمحكمة الشرعية وتسمى باسم أحمد حسن عبد العزيز ليشهد على مقدرة مقدّم البلاغ على الدفع، وقد اشترك مع المتهمة الثانية والمتهم الثالث (الطاعن) في هذه الشهادة، وأن الشيخ محمد عبد الرحيم صقر (كاتب الجلسة) شهد بأنه لا يوجد مانع من أن يشهد الأخ لأخته، كما أنه لا يذكر من هم الشهود الذين حضروا أمامه، وأنه على فرض أنه (أي الأخ) شهد باسم آخر فلا جريمة في الموضوع ما دامت شهادته شخصياً غير ممنوعة ولم يقم أي دليل عليه غير أقوال محمد يحيى المبلغ، وأن محمد فتح الله الكردي شهد بأنه يوجد بعض الرحالة بالبلد ومن ضمنهم شخص يسمى باسم أحمد حسن عبد العزيز، كما شهد العمدة بذلك، كما أن شهادة علي علي قنديل (الطاعن) لا يؤخذ بها لتضاربه فيها، وأنه لذلك تكون جريمة التزوير غير متوافرة.
وحيث إن الحكم الاستئنافي ألغى الحكم الابتدائي المذكور وأدان الطاعن ومن اتهم معه قائلاً "إنه تبين للمحكمة من الاطلاع على الأوراق أن محمد محمود يحيى المجني عليه أورى فيها بما يفيد أن المتهم الأول انتحل اسم أحمد حسن عبد العزيز، وشهد أمام محكمة فوّة الشرعية في قضية ضدّه، وأن الذي حمله على ذلك أنه أخ للمتهمة الثانية المدعية في القضية المشار إليها، كما أورى بأن المتهمة الثانية لما عجزت عن إثبات مقدرته على الدفع جاءت بأخيها المتهم الأول كشاهد وتسمى باسم أحمد حسن عبد العزيز وقام بأداء الشهادة، وأن أقوال المجني عليه المذكور تأيدت بأقوال المتهم الثالث (الطاعن) أمام النيابة من أن المتهم الأوّل انتحل اسم أحمد حسن عبد العزيز فعلاً، وأدى الشهادة أمام المحكمة الشرعية في قضية أخته على هذا الاعتبار، وأن ظروف الدعوى تدل دلالة قاطعة على حصول ما أدلى به المجني عليه والمتهم الثالث (الطاعن) أمام النيابة. وليس أدل على ذلك من أنه اتضح من أقوال نائب العمدة حسن حسين أبو بكر عدم وجود شخص بالبلدة اسمه أحمد حسن عبد العزيز، ومن أن المتهم الأوّل لم يستطع الإرشاد عن شخص بهذا الاسم، وأنه من غير المعقول أن تكون تأدية الشهادة بالاسم المنتحل بدون اتفاق سابق بين المتهم الأوّل وأخته المتهمة الثانية صاحبة المصلحة في الدعوى الشرعية والمتهم الثالث (الطاعن) الذي ثبت من ظروف الدعوى أنه أدى الشهادة أوّلاً في نفس اليوم أمام المحكمة الشرعية وأدّيت شهادة المتهم الأوّل بالاسم المنتحل تحت سمعه وبصره والذي اتضح أيضاً أنه قبل الالتزام بمبلغ معين يدفعه لنهو الموضوع صلحاً والتخلص من الجريمة".
وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم الاستئنافي المطعون فيه من أنه أدانه بغير أن يرد على أسباب حكم البراءة على غير أساس، لأن المحكمة الاستئنافية ذكرت الوقائع وبينت الأدلة التي استقتها من أوراق الدعوى وبنت عليها ثبوت التهمة على الطاعن وإدانته. ولقد كان عمادها في الإثبات أقوال الطاعن نفسه وشهادة محمد محمد يحيى اللذين قال الحكم المستأنف إنه لا يأخذ بأقوالهما. وفي هذا ما يفيد أنها ردت على حكم البراءة بتصديقها هذه الأقوال التي تأيدت لديها بالأدلة الأخرى التي أوردتها.
وحيث إنه فضلاً عن ذلك فإنه يظهر من البيان المتقدّم أن المحكمة الاستئنافية أدانت الطاعن بناء على ما اطمأنت إليه عقيدتها من وقائع الدعوى والأدلة التي أوردتها في الحكم من أنه اشترك مع كل من أحمد إبراهيم العطار وزكية إبراهيم العطار في جناية التزوير بأن اتفق معهما على جعل واقعة مزوّرة في صورة واقعة صحيحة وذهب معهما إلى المحكمة الشرعية وتسمى أحمد إبراهيم العطار أمامها باسم أحمد حسن عبد العزيز وأدلى بشهادته لمصلحة أخته في محضر الجلسة بهذا الاسم المنتحل، وأن الجريمة وقعت بناء على الاتفاق الذي حصل. وفي هذا الذي أثبته الحكم ما تتوافر معه جميع العناصر القانونية لجناية التزوير التي أدين فيها الطاعن من تغيير للحقيقة بطريقة التسمي باسم الغير في محضر جلسة المحكمة الشرعية الذي من شأن كل تغيير للحقيقة فيه الإضرار بالنظام العام وبأساس الثقة العمومية الواجبة للأوراق الرسمية، ومن ثبوت علم الطاعن ومن اشترك معه بكل ذلك.
وحيث إن عدم تعرّض الحكم المطعون فيه للرد على ما ذكره الحكم الابتدائي من عدم وجود ما يمنع من أن يشهد الأخ لأخته، وأنه على فرض حصول التغيير في الاسم فلا جريمة، لا يشوبه ولا يؤثر في سلامته ما دام قد أثبت على الطاعن الواقعة الجنائية التي توافرت فيها جميع الأركان القانونية المكوّنة لجناية التزوير على النحو المتقدّم. وأما ما ذكره الحكم الابتدائي من عدم وجود مانع من أن يشهد الأخ لأخته فلا يغير من النظر الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه، بل يؤكد التزوير لأن لائحة المحاكم الشرعية تقضي بأن يسأل كل شاهد عن اسمه ولقبه وصنعته ووظيفته ومحله ونسبه وجهة اتصاله بالخصوم بالقرابة أو الاستخدام أو غيرهما وأن تكتب الشهادة وما يتعلق بها بالتفصيل في محضر الجلسة. وما ذلك إلا لكي يقف القاضي على علاقة الشاهد بالمشهود له أو عليه حتى يتسنى له أن يزن الشهادة وأن يقدّرها حق قدرها. فإذا تسمى الأخ باسم الغير ليخفي عن القاضي علاقته بأخته المشهود لها تحقق التزوير لما في ذلك من إدخال الغش على القاضي عند تقديره للقوّة التدليلية للشهادة.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات