الطعن رقم 1590 سنة 8 ق – جلسة 30 /05 /1938
مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة
النقض والإبرام في المواد الجنائية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) – صـ 253
جلسة 30 مايو سنة 1938
برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك المستشارين.
القضية رقم 1590 سنة 8 القضائية
قتل خطأ. رابطة السببية. انعدامها. انعدام الجريمة. مثال. مسئولية
مدنية.
(المادة 152 مدني والمادة 202 ع = 238)
إنه لا يكفي للإدانة في جريمة القتل الخطأ أن يثبت وقوع القتل وحصول خطأ من المحكوم
عليه، بل يجب أيضاً أن يكون الخطأ متصلاً بالقتل اتصال السبب بالمسبب بحيث لا يتصوّر
وقوع القتل بغير وجود هذا الخطأ. وينبني على ذلك أنه إذا انعدمت رابطة السببية، وأمكن
تصوّر حدوث القتل ولو لم يقع الخطأ، انعدمت الجريمة معها لعدم توافر أحد العناصر القانونية
المكوّنة لها. فإذا كان الحكم قد اعتبر الطاعن مسئولاً جنائياً عن جنحة القتل الخطأ
لأنه ترك سيارته في الطريق العام مع شخص آخر يعمل معه، وأن هذا الشخص الآخر دفع العربة
بقوّة جسمه إلى الخلف بغير احتياط فقتل المجني عليه، فإنه يكون قد أخطأ في ذلك لانعدام
رابطة السببية بين عمل المتهم وبين قتل المجني عليه، لأن ترك المتهم سيارته في الطريق
العام يحرسها تابع له ليس له أية علاقة أو صلة بالخطأ الذي تسبب عنه القتل والذي وقع
من التابع وحده.
على إن إخلاء المتهم (صاحب السيارة) من المسئولية الجنائية لا يخليه من المسئولية المدنية،
بل إن مسئوليته مدنياً تتوافر جميع عناصرها القانونية متى أثبت الحكم أن التابع كان
يعمل عند الطاعن ولحسابه وقت أن تسبب بخطئه في قتل المجني عليه.
المحكمة
وحيث إن طعن الطاعن الثاني حاز شكله القانوني.
وحيث إن هذا الطاعن الثاني ينعى على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون على
الواقعة الثابتة فيه لأنه أدانه في جنحة القتل الخطأ مع أن رابطة السببية بين الفعل
المنسوب إليه وبين الحادث غير موجودة إذ أن تركه العربة في الطريق العام لم يكن سبباً
مباشراً أو غير مباشر في دفع محمد سعيد المتهم الأوّل (الطاعن الأوّل) العربة إلى الخلف،
ولو أن الطاعن كان موجوداً عندها لما منع ذلك محمد سعيد حارس العربة من دفعها للخلف.
على أن الثابت في الحكم المطعون فيه أن الطاعن لم يترك العربة من غير حراسة أحد، بل
تركها في حراسة محمد سعيد المذكور. فإذا ارتكب هذا الأخير جريمة ما كأن دفع العربة
للخلف فنشأ عن ذلك وفاة أحد الأفراد، فالمسئولية تقع عليه وحده دون الطاعن صاحب العربة
أو سائقها. والثابت في الحكم المطعون فيه أيضاً أن حارس العربة لم يحرّكها للخلف بواسطة
محرّكها حتى يقال إن الطاعن أهمل ومكن من قيادة العربة شخصاً غير مصرح له بالقيادة،
وإذاً فلا مسئولية على الطاعن.
وحيث إنه لا يكفي للإدانة في جريمة القتل الخطأ أن يثبت وقوع القتل وحصول خطأ من المحكوم
عليه، بل يجب أيضاً أن يكون الخطأ متصلاً بالقتل اتصال السبب بالمسبب بحيث لا يتصوّر
وقوع القتل بغير وجود هذا الخطأ. وينبني على ذلك أنه إذا انعدمت رابطة السببية وأمكن
تصوّر حدوث القتل ولو لم يقع الخطأ انعدمت الجريمة معها لعدم توافر أحد العناصر القانونية
المكوّنة لها.
وحيث إنه يبين من مراجعة الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أدان
الطاعن وآخر في جنحة قتل المجني عليه خطأ على أساس أنهما تسببا في القتل من غير قصد
ولا تعمد بأن كان ذلك ناشئاً عن إهمالهما وعدم احتياطهما وعدم مراعاة الطاعن للوائح
بأن دفع المحكوم عليه الآخر العربة للخلف دون تنبيه لأحد ودون طلب ذلك من السائق (أي
الطاعن) فاصطدمت العربة بالطفل، وبأن ترك الطاعن العربة في الطريق العام بلا قائد فمكن
الشخص الآخر من دفعها فنشأ عن ذلك اصطدامها بالمجني عليه وإصابته بالإصابات التي نشأت
عنها وفاته. وقد استند الحكم في ثبوت هذه الواقعة المتقدّمة على المحكوم عليه الآخر
إلى "أن التهمة ثابتة عليه من أقواله وشهادة جميع شهود الإثبات من أنه هو الذي دفع
السيارة للخلف فأصابت المجني عليه وقضت على حياته". أما بالنسبة للطاعن فقد ذكر الحكم
أن التهمة ثابتة قبله "من أنه هو المالك والسائق للسيارة وكان الواجب عليه عدم تركها
وحدها بالطريق العام ولو لم يكن المتهم الآخر معه في العمل لما اهتم بإعداد السيارة
للسير ودفعها للخلف في غيبته، وكونه يترك السيارة للمتهم الآخر الشخص الغير مصرح له
بقيادة سيارة والذي ترتب على عمله قتل المجني عليه".
وحيث إنه يظهر من البيان المتقدم أن الحكم المطعون فيه اعتبر الطاعن مسئولاً جنائياً
عن جنحة القتل الخطأ لأنه ترك سيارته في الطريق العام مع الشخص الآخر الذي يعمل معه،
وأن هذا الشخص الآخر دفع العربة بقوّة جسمه إلى الخف بغير احتياط فقتل المجني عليه،
مع أن ترك المتهم سيارته في الطريق العام يحرسها تابع له ليس له أية علاقة أو صلة بالخطأ
الذي تسبب عنه القتل والذي وقع من المحكوم عليه الآخر وحده. ولم يكن لترك الطاعن سيارته
في الطريق مع تابعه أية صلة أو ارتباط مباشر بالحادث. ومتى تقرّر ذلك وجب القول بخطأ
الحكم في معاقبة الطاعن عن الجريمة التي أدين فيها لانعدام الرابطة بين عمله وبين قتل
المجني عليه وتعين بالتالي قبول الطعن موضوعاً ونقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لما
قضى به من عقوبة على الطاعن.
وحيث إنه عن الدعوى المدنية فإن الحكم المطعون فيه إذ أثبت أن المحكوم عليه الآخر كان
يعمل عند الطاعن ولحسابه وقت أن تسبب بخطئه في قتل المجني عليه يكون قد بيّن توافر
جميع العناصر القانونية التي تتحقق بها مسئولية الطاعن مدنياً عن الجريمة التي وقعت
من تابعه. ولذلك يكون الحكم سليماً من هذه الناحية ويتعين إذاً رفض الطعن بالنسبة لما
قضى به الحكم من تعويض مدني.
