طعن رقم 257 سنة 23 ق – جلسة 05 /12 /1957
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثالث – السنة 8 – صـ 868
جلسة 5 من ديسمبر سنة 1957
برياسة السيد محمود عياد المستشار. وبحضور السادة: محمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف، ومحمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت المستشارين.
طعن رقم 257 سنة 23 ق
( أ ) ضرائب. ضريبة الأرباح التجارية والصناعية. وعاؤها. الاستهلاكات
التي تخصم من الأرباح التي تفرض عليها الضريبة. اعتبار الاستهلاك حقاً للممول وليس
واجباً عليه إجراؤه. ق 14 سنة 1939.
(ب) ضرائب. ضريبة الأرباح التجارية والصناعية. وعاؤها. الديون. عدم جواز خصمها من الأرباح
إلا بعد صدور الحكم نهائي بها ووجوب خصمها في السنة التي ثبتت فيها بمقتضى هذا الحكم
وليس في سنة نشوء الدين. ق 14 سنة 1939.
1 – متى كان الثابت من وقائع الدعوى أن الممول لم يجر استهلاكاً على العمارة المتنازع
على تحديد الربح الناتج من بيعها من تاريخ شرائها سواء في ذلك خلال السنين السابقة
على صدور القانون رقم 14 لسنة 1939 أو السنين اللاحقة عليه استناداً إلى أن قيمتها
لم تنقض عن قيمتها الدفترية فإن الربح من بيعها الذي تستحق عليه ضريبة الأرباح التجارية
يكون هو الفرق بين ثمن الشراء حسبما أثبت في دفاتر الممول وبين الثمن الذي تم به البيع.
ومن ثم فإذا كان الحكم قد أوجب خصم مقابل الاستهلاك من القيمة الدفترية للعمارة فإنه
يكون مخالفاً للقانون – ذلك أن مؤدى نص المادة 39 من القانون رقم 14 لسنة 1939 فيما
يتعلق بالاستهلاكات التي تخصم من مجموع الأرباح أن الاستهلاك فرض لمصلحة الممول فهو
حق له ليس واجباً عليه إجراؤه لأن الاستهلاك تكليف على مجموع الأرباح يخصم منه إذا
رغب الممول فيقل تبعاً لذلك الوعاء الذي تفرض عليه الضريبة، فإذا رأى الممول عدم إجراء
الاستهلاك بسبب ارتفاع قيمة الأصل المقابل له أو لسبب آخر فإن القانون لا يلزمه بإجرائه.
وإن من شأن إجراء الاستهلاك في حالة ارتفاع قيمة الأصل عن القيمة الدفترية تكوين احتياطي
وهمي لا يقابل نقصاً حقيقاً في قيمة ذلك الأصل. وإذ كان الاستهلاك قد أجيز الممول إجراؤه
لمصلحته فقد عنى المشرع بوضع قيود تحد من المغالاة فيه أو الادعاء بحصوله على غير الحقيقة
فنص على أن تكون الاستهلاكات حقيقة وأن تكون حصلت في دائرة ما يجري عليه العمل عادة
طبقاً للعرف ولطبيعة كل صناعة أو تجارة أو عمل.
2 – حرم المشرع في المادة 39 من القانون رقم 14 لسنة 1939 – في خصوص تحديد الوعاء الذي
تربط عليه الضريبة خصم ما يحتجزه الممول من مجموع الأرباح لمواجهة الخسائر المحتملة
أو لإعداد مقابل لوفاء الديون سواء كانت تلك الديون محققة في ذمة الممول أو متنازعاً
في تحققها واعتبر المشرع أن تلك المبالغ المحتجزة من مجموع الربح لا تعد من التكاليف
التي يجوز خصمها. فإذا ما ثبتت هذه الديون في ذمة الممول بحكم نهائي كان للممول خصمها
من مجموع الأرباح في السنة التي ثبتت فيها بمقتضي هذا الحكم. ولا عبرة بما يثار من
أن الأحكام مقررة وأنه نتيجة لذلك يجب أن تحمل أرباح السنة التي نشأ فيها الدين بقيمته
ذلك أن هذه القاعدة لا محل لإعمال حكمها في مجال تحديد وعاء الضريبة في كل سنة ضريبية
على حدة لأن كل سنة منها تتحمل أرباحها بالتكاليف الفعلية التي تحملها الممول في تلك
السنة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – في حدود ما تضمنه الطعن وحسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر
الأوراق – تتحصل في أن الطاعنة كانت قد اشترت في سنة 1899 بضع عقارات من بينها العمارة
المرموز لها في دفاترها بحرف "ب" بثمن إجمالي. وفي سنة 1922 وزعت الطاعنة هذا الثمن
على مختلف العقارات وحددت ثمن العمارة المذكورة بمبلغ 46000 جنيهاً، وفي سنة 1929 أقامت
الطاعنة بتلك العمارة ثلاثة مصاعد بلغت تكاليفها 1669 جنيهاً و929 مليماً وبذلك أصبحت
قيمة العمارة طبقاً لما هو مقيد بدفاتر الطاعنة 47669 جنيهاً و929 مليماً وفي إبريل
سنة 1944 باعت الطاعنة العمارة بمبلغ صافي مقداره 106050 جنيهاً وعند إجراء المحاسبة
مع المطعون عليها عن ضريبة الأرباح التجارية المستحقة لها على الطاعنة في سنة 1944
حددت الأخيرة ربحها من بيع العمارة بالفرق بين ثمنها على ما هو مقيد بدفاترها وبين
ثمن البيع أي 58380 جنيهاً و71 مليماً فلم توافق المطعون عليها على هذا النظر استناداً
إلى أن مباني العمارة قد هبطت قيمتها سنة بعد سنة منذ شرائها وأنه عند محاولة معرفة
صافي الريع الحقيقي الذي عاد على الطاعنة من بيع العمارة يجب أن تخفض قيمة المباني
على أساس ما جرى به العرف من استهلاك المباني بما يوازي 2% من قيمة تلك المباني سنوياً
من تاريخ الشراء. كما أن المصاعد قد لحقها ما لحق مباني العمارة من نقص في القيمة بمضي
الزمن وأن قيمتها يجب أن تخفض على أساس أصول استهلاك المصاعد بواقع 5% سنوياً وانتهت
المطعون عليها إلى أنه أخذاً بهذا النظر تكون قيمة العمارة وقت البيع أي ما يعتبر أنه
رأس مال الطاعنة في العمارة 23760 جنيهاً 624 مليماً وبذلك يصبح صافي الربح الناتج
من بيعها 82289 جنيهاً و376 مليماً – وأمر آخر تنازعت الطاعنة مع المطعون عليها في
خصوصه يجمل في أن الطاعنة كانت تداين المرحوم الأمير سعيد حليم بدين لها واستصدرت به
حكماً من محكمة استئناف بروكسل في نوفمبر سنة 1907. وفي يناير سنة 1913 صدر قرار من
مجلس إدارة الشركة الطاعنة بالتنازل عن هذا الدين وكان المدين قبل ذلك قد أودع لدى
الشركة عدداً من الأسهم ضماناً لدينه وبقيت تلك الأسهم في حيازة الطاعنة ببلجيكا.
وفي سنة 1921 بيعت الأسهم المذكورة بناء على أمر الحارس على أموال الأعداد إذ كان الأمير
سعيد حليم معتبراً تركي الجنسية وقبضت الطاعنة ثمن تلك الأسهم. وفي سنة 1922 أجرت مقاصة
بين هذا الثمن وبين دينها الذي سبق أن تنازلت عنه في سنة 1913 على أساس أن هذا الدين
لا يزال من حقها – وبقى الأمر على ذلك إلى أن قام عمر حليم ومحمد عبد الحليم حليم وارثاً
الأمير سعيد حليم برفع دعويين أمام المحكمة المختلطة طلباً فيها بثمن الأسهم وبتعويض
عن تصرف الطاعنة في شأن ثمنها وحرمانهما من هذا الثمن. وفي 24 من فبراير سنة 1941 قضت
المحكمة المختلطة ابتدائياً برفض دعوى عمر حليم وببعض طلبات محمد عبد الحليم حليم فاستأنف
هذان الحكم، كما استأنفته الطاعنة في خصوص ما قضى به للأخير منهما. وفي 2 من ديسمبر
سنة 1943 قضت محكمة الاستئناف المختلطة بإلزام الطاعنة بأن تدفع لوارثي سعيد حليم مبلغ
38401 جنيهاً و772 مليماً من ذلك 8860 جنيهاً و152 مليماً – أصل ثمن الأسهم، 20000
جنيه تعويضاً و8151 جنيهاً و274 مليماً قيمة الفوائد والباقي مصروفات – ولما أرادت
الطاعنة محاسبة المطعون عليها عن أرباح سنة 1944 رأت أن تخصم من أرباح تلك السنة المبلغ
المحكوم به لوارثي سعيد حليم من أصل وفوائد وتعويض ومصاريف على أساس أن هذه المبالغ
لم تتحقق في ذمتها إلا بحكم محكمة الاستئناف المختلطة، ولكن المطعون عليها لم توافق
على هذا النظر تأسيساً على أن المبلغ الواجب خصمه من أرباح السنة المذكورة يجب ألا
يتعدى قيمة التعويض والمصروفات وفوائد ثمن الأسهم التي استحقت عن تلك السنة، أما أصل
الدين فيجب أن يتحصل به حساب الأرباح والخسائر في السنة التي نشأ فيها الدين في سنة
1922 وهو التاريخ الذي دخل فيه أصل الدين في ذمة الطاعنة نتيجة للمقاصة التي أجرتها
بين ثمن الأسهم وبين ما زعمت بغير حق أنه دين لها في ذمة مورث المحكوم لهما وأن الفوائد
باعتبار أنها تستحق سنة فسنة يجب أن تتحمل أرباح وخسائر كل سنة ابتداء من سنة 1922
قيمة الفوائد المستحقة عن تلك السنة – وبسبب الخلاف بين الطاعنة والمطعون عليها على
هذين الأمرين ومسائل أخرى أقامت الأولى هذه الدعوى أمام محكمة مصر المختلطة طلبت فيها
فيما طلبت الأخذ بوجهة نظرها في خصوص الأمرين سالفي الذكر. وقد أحيلت الدعوى إلى محكمة
مصر الوطنية بعد إلغاء المحاكم المختلطة وقيدت برقم 2110 سنة 1949 تجاري كلي مصر. وفي
29 من يونيه سنة 1950 قضت تلك المحكمة بما يتفق ووجهة نظر الطاعنة فاستأنفت المطعون
عليها الحكم وقيد الاستئناف برقم 544 سنة 68 ق تجاري مستأنف مصر. وفي 26 من مارس سنة
1953 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف في خصوص ما يتنازعه الطرفان في هذا
الطعن وأقرت في حكمها وجهة نظر المطعون عليها. فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض،
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأبدت النيابة رأيها بنقض الحكم، وقررت دائرة الفحص
إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية لجلسة 24 من أكتوبر سنة 1957 وفيها صممت
النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين يتحصل أولهما في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة
القانون والخطأ في تطبيقه وتخاذل أسبابه وتناقضها استناداً إلى أن الحكم اعتبر أن الطاعنة
ملزمة بإجراء الاستهلاك في حين أن الاستهلاك على ما يبين من المادة 39 من القانون رقم
14 لسنة 1939 حق اختياري للممول مقيد بحق مصلحة الضرائب في التحقق من صحته. ذلك أن
الاستهلاك بطبيعته في صالح الممول تقتطع قيمته من الأرباح فينقص تبعاً لذلك الوعاء
الذي تفرض عليه الضريبة ويكون لمصلحة الضرائب أن تنازع في إجرائه كلية إذا كان غير
حقيقي، أو تنازع في مقداره إذا كان مبالغاً فيه وأنه نتيجة لهذا لا يجوز لمصلحة الضرائب
أن تلزم الممول بإجراء الاستهلاك في عناصر تجارته إذا تراءى له غير ذلك. كما أن المادة
39 تقضي بأن تكون الاستهلاكات حقيقية مما يقطع في عدم الاعتماد على الاستهلاكات التي
لا تعبر عن نقض حقيقي في الأصول المطلوب إجراء الاستهلاك عليها وأن القول بغير ذلك
يؤدي إلى أن أملاك الممول التي تفرض ضريبة الأرباح التجارية والصناعية على ما تنجه
من ربح يمكن أن تكون قيمتها في زيادة مستمرة في الوقت الذي يقتطع فيه من الربح استهلاكات
لا مبرر لها مما يفوت على مصلحة الضرائب والمساهمين حقوقاً ثابتة بسبب تدابير حسابية
غير مشروعة وبعيدة عن تصوير المركز المالي الحقيقي للممول تنتهي إلى تكوين احتياطي
سري لا يمثل نقصاً في قيمة الأصول التي جرى عليها الاستهلاك وأن المادة 39 إذ نصت على
أن الاستهلاكات التي تخصم من أرباح الممول هي الاستهلاكات الحقيقة التي حصلت قد قصدت
إلى أن يكون الاستهلاك ممثلاً لحقيقة ما أصاب الأصل الذي جرى عليه الاستهلاك من نقص
في القيمة وأن يكون هذا الاستهلاك قد أثبت في دفاتر الممول. وأنه لما كان الحال في
هذه الدعوى أن العمارة التي تطلب المطعون عليها إجراء الاستهلاك على مبانيها ومصاعدها
لم يصبها نقص في القيمة وكانت الطاعنة لم تثبت في دفاترها استهلاكاً في خصوص تلك العمارة
ولا في خصوص غيرها من العمارات المملوكة لها، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف حكم
المادة 39 سالفة الذكر. وفضلاً عن هذا فإن الحكم إذ أرجع الاستهلاك إلى سنة 1899 لم
يبين سنده من القانون في هذا الرجوع إذ لم يكن معروضاً على المحكمة سوى بحث موضوع الضريبة
عن السنوات 1941 – 1944 وما كان يجوز للحكم أن يعدل في ميزانيات السنين الضرائبية 1938،
1939، 1940. كما أن الحكم لم يأمر بتعديل حساب الأرباح والخسائر فيها… يضاف إلى ذلك
أن السنوات السابقة على السنين الضرائبية منذ سنة 1899 لا تمتد ولاية القانون رقم 14
سنة 1939 إليها، وانتهت الطاعنة في هذا السبب إلى أن الحكم أقر بصحة النظرية التي تقول
بأن القانون لم يحتم إجراء الاستهلاك بل ولم يجزه إلا بقيود، إلا أنه عاد فقرر أن الأمر
في صدد تحديد الضريبة على الممول يجب أن يكون منصرفاً إلى معرفة الأرباح الحقيقية التي
جناها بالفعل وأنه للوصول إلى هذه النتيجة يجب تقدير التناقص الذي يلحق مباني العقار
المبيع على مر السنين وخصم قيمة هذا التناقص من ثمن الشراء حتى ولو كان الممول لم يجر
الاستهلاك في دفاتره وحساباته مما مؤداه أن الاستهلاك أمر وجوبي على الممول إجراؤه
وفي هذا ما يشوب الحكم بالتناقض والتخاذل في أسبابه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الخصوص على ما أورده من أنه "لا نزاع
في أن المباني من الأصول التي يلحقها البلى وتتلاشى بمرور الزمن وأن الأصول التجارية
السليمة تقضي باتباع قواعد لاستهلاكها ورصد ما يقابل هذا الاستهلاك سنة بعد أخرى…..
وأن ازدياد قيمة المباني بسبب عوامل أخرى كازدياد صقع المكان أو نشوب حرب أدت إلى ارتفاع
الأسعار لا تغير من الحقيقة الواقعة المستفادة من أن المبنى تنقص قيمته بمرور الزمن
عن القيمة التي قدرت له وقت دخوله في حيازة صاحبه. أما ارتفاع السعر أضعافاً مضاعفة
فليس له علاقة بالاستهلاك وإنما يعد من قبيل الربح الذي يجنيه المالك وأن العقار المبيع
تعد مبانيه أصلاً من الأصول التي يلحقها البلى بمرور الزمان وتقل قيمتها عاماً بعد
عام فيجب أن يرصد لها مقابل استهلاك حسب الأصول المتبعة والعرف التجاري – على أنه في
هذه الحالة بالذات تلاحظ المحكمة أن العامل الذي زاد في قيمة العقار هو ارتفاع قيمة
الأرض ارتفاعاً كبيراً والأرض أصل من الأصول التي لا يلحقها الاستهلاك لبقائها ودوامها
على مر الزمان وأن ما ذهبت إليه محكمة أول درجة من أن القانون لم يحتم إجراء الاستهلاك
بل إنه لم يجزه إلا بقيود. هذا الذي ذهب إليه الحكم المستأنف سليم وصحيح قانوناً إلا
أنه في صدد حساب الضريبة المستحقة على الممولين يجب أن يكون الحساب منصرفاً إلى الأرباح
الحقيقية التي جناها الممولون بالفعل وللوصول إلى هذه النتيجة في هذه الحالة محل النظر
يجب تقدير التناقص الذي يلحق مباني العقار المبيع على مر السنين وخصم هذا القدر من
ثمن الشراء. ولا يرد على ذلك بأن قيمة العقار زادت زيادة فاحشة الأمر الذي منع الشركة
من إجراء الاستهلاك لأن هذه الزيادة كما قدمنا رجعت إلى عوامل أخرى أهمها ارتفاع ثمن
الأرض وهذا لم يجر عليه أي استهلاك ويجب أن يحتسب الربح على أساس الفرق بين ثمن الشراء
وبين ثمن البيع وذلك بعد إجراء الاستهلاك عن المباني والمصاعد كما سبق البيان".
وحيث إن هذا الذي أورده الحكم وأقام عليه قضاءه مخالف للقانون. ذلك أن المادة 39 من
القانون رقم 14 لسنة 1939 تجري بأن "يكون تحديد صافي الأرباح الخاضعة للضريبة على أساس
نتيجة العمليات على اختلاف أنواعها التي باشرتها الشركة أو المنشأة ويدخل في ذلك ما
ينتج من بيع أي شيء من الممتلكات سواء في أثناء قيام المنشأة أو عند انتهاء عملها وذلك
بعد خصم جميع التكاليف وعلى الأخص: ….. الاستهلاكات الحقيقية التي حصلت في
دائرة ما يجري عليه العمل عادة طبقاً للعرف ولطبيعة كل صناعة أو تجارة أو عمل….."
ومؤدى هذا النص أن الاستهلاك فرض لمصلحة الممول فهو حق له ليس واجباً عليه إجراؤه لأن
الاستهلاك تكليف على مجموع الأرباح يخصم منها إذا رغب الممول فيقل تبعاً لذلك الوعاء
الذي تفرض عليه الضريبة. فإذا رأى الممول عدم إجراء الاستهلاك بسبب ارتفاع قيمة الأصل
المقابل له أو لسبب آخر فإن القانون لا يلزمه بإجرائه. وأن من شأن إجراء الاستهلاك
في حالة ارتفاع قيمة الأصل عن القيمة الدفترية تكوين احتياطي وهمي لا يقابل نقصاً حقيقياً
في قيمة ذلك الأصل – وإذ كان الاستهلاك قد أجيز للممول إجراؤه لمصلحته فقد عنى المشرع
بوضع قيود تحد من المغالاة فيه أو الادعاء بحصوله على غير الحقيقة فنص على أن تكون
الاستهلاكات حقيقية وأن تكون حصلت في دائرة ما يجري عليه العمل عادة طبقاً للعرف ولطبيعة
كل صناعة أو تجارة أو عمل. ولما كان الثابت من الوقائع أن الطاعنة لم تجر استهلاكاً
على العمارة التي يتنازع الطرفان تحديد الربح الناتج من بيعها من تاريخ شرائها في سنة
1899 سواء في ذلك خلال السنين السابقة على صدور القانون رقم 14 لسنة 1939 أو السنين
اللاحقة عليه استناداً إلى أن قيمتها لم تنقص عن قيمتها الدفترية – لما كان ذلك فإن
الربح من بيعها الذي تستحق عليه ضريبة الأرباح التجارية يكون هو الفرق بين ثمن الشراء
حسبما أثبت في دفاتر الطاعنة وبين الثمن الذي تم به البيع في سنة 1944 ومن ثم فإن الحكم
المطعون فيه إذ أوجب خصم مقابل الاستهلاك من القيمة الدفترية للعمارة يكون مخالفاً
للقانون متعيناً نقضه.
وحيث إن حاصل السبب الآخر أن الحكم أخطأ تطبيق القواعد السليمة في مادة الضرائب قي
خصوص ما تنازعه الطرفان بشأن الدين المحكوم به لورثة الأمير حليم وفوائده. وتقول الطاعنة
في ذلك أن الحكم المطعون فيه استظهر من حكم محكمة الاستئناف المختلطة في سنة 1943 أن
الطاعنة وقت أن تسلمت ثمن الأسهم التي كانت مملوكة للأمير حليم في سنة 1922 وأجرت المقاصة
بين هذا الثمن وبين ما كان لها من دين كانت تعلم على وجه التعيين أن لا حق لها في إجراء
تلك المقاصة لسبق تنازلها عن دينها قبل الأمير حليم في سنة 1913 ومن ثم كان إجراء المقاصة
مشوباً بسوء النية وانتهى الحكم المطعون فيه إلى وجوب إلحاق أصل الدين بالسنة التي
ضم فيها إلى أموال الطاعنة في سنة 1922 وإلحاق فوائد هذا الدين بالسنين التالية سنة
فسنة – وأن هذا الذي قرره الحكم مخالف لقاعدة مسلم بها وهي أن الديون المتنازع عليها
لا يمكن إثباتها في حسابات الممول إلا متى ثبتت بأحكام نهائية أو على الأقل بأحكام
ابتدائية مشمولة بالنفاذ – كما أن الفوائد التي حكم بها على الطاعنة من محكمة الاستئناف
المختلطة لم يكن متفقاً عليها من قبل ولم تترتب في ذمة الشركة الطاعنة إلا بهذا الحكم
الأخير. ومن ثم فإن تحميل أرباح وخسائر كل سنة من السنوات السابقة على الحكم القاضي
بالفوائد بتك الفوائد لا سند له من القانون فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه لم يبرر
قضاءه في هذا الخصوص مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه فيما انتهى إليه عن إلحاق أصل الدين بالسنة التي
دخل فيها في ذمة الطاعنة على ما أورده من "أن الحكم الاستئنافي المختلط قضى بصفة قاطعة
أن الشركة وقت أن تسلمت ثمن الأسهم المبيعة كانت تعلم على وجه اليقين ألا حق لها في
الثمن المذكور ومع ذلك أجرت المقاصة وكان إجراؤها مشوباً بسوء النية ومتى تقرر هذا
كان القول بأن ثمن أسهم الأمير سعيد حليم يمثل ديناً مشكوكاً فيه كانت الشركة في حل
من عدم إثباته في دفاترها في حينه هذا القول بعيد عن الصواب وترى المحكمة أن تصرف الشركة
طبقاً لما استظهره الحكم الاستئنافي كان مشوباً بسوء النية بل إن بعض أعمالها شابها
طرق احتيالية طبقاً لما فصله الحكم المذكور، وإنه متى كان الدين محققاً وكانت الشركة
لم تثبته في دفاترها في حينه تعنتاً من جانبها ورغبة في الخلاص منه بطريقة أو بأخرى.
متى كان الأمر كذلك فإن المحكمة ترى أن وجهة نظر مصلحة الضرائب في هذا الشأن سليمة
وأنه من الواجب إلحاق أصل الدين بالعام الذي تحقق فيه وهو وقت بيع الأسهم كما يجب إلحاق
الفوائد بالسنين التالية سنة فأخرى…." وهذا الذي أورده الحكم وأقام عليه قضاءه مخالف
للقانون. ذلك أن المادة 39 من القانون رقم 14 سنة 1939 تنص على أن "يكون تحديد صافي
الأرباح الخاضعة للضريبة على أساس نتيجة العمليات على اختلاف أنواعها التي باشرتها
الشركة أو المنشأة…. وذلك بعد خصم جميع التكاليف وعلى الأخص…." ثم أوردت المادة
في فقراتها التالية بعض التكاليف التي أجاز القانون خصمها من مجموع الأرباح وانتهت
المادة في فقرتها الأخيرة إلى النص على ما يأتي: "أما المبالغ التي تأخذها الشركات
أو المنشئات من أرباحها لتغذية الاحتياطي على اختلاف أنواعه أو لتكوين مال احتياطي
خاص لتغطية خسارة محتملة… فلا تخصم من مجموع الأرباح التي تحسب عليها الضريبة". ومؤدى
هذا النص الصريح أن المشرع حرم في خصوص تحديد الوعاء الذي يربط عليه الضريبة خصم ما
يحتجزه الممول من مجموع الأرباح لمواجهة الخسائر المحتملة أو لإعداد مقابل لوفاء الديون
سواء كانت تلك الديون محققة في ذمة الممول أو متنازعاً في تحققها واعتبر المشرع أن
تلك المبالغ المحتجزة من مجموع الربح لا تعد من التكاليف التي يجوز خصمها. فإذا ما
ثبتت هذه الديون في ذمة الممول بحكم نهائي كان للممول خصمها من مجموع الأرباح في السنة
التي ثبتت فيها بمقتضى هذا الحكم – ولما كانت الطاعنة إذ أدخلت ثمن الأسهم التي كانت
مملوكة للأمير سعيد حليم في ذمتها في سنة 1922 وأجرت المقاصة بين هذا الثمن وبين ما
كانت تدعيه من دين لها بغير الحق. فإنه لم يكن يجوز لها في مواجهة مصلحة الضرائب إزاء
صراحة نص المادة 39 من القانون رقم 14 لسنة 1939 أن تحجز من أرباحها ما يقابل الوفاء
بهذا الدين في السنة المالية التي تمت فيها عملية المقاصة ولا في السنين التالية. وكان
للطاعنة أن تتربص حتى يقضي في أمر هذا الدين بحكم نهائي. ولا عبرة بما أثارته المطعون
عليها في مذكرتها من أن الأحكام مقررة وأنه نتيجة لذلك يجب أن تحمل أرباح السنة التي
نشأ فيها الدين بقيمته ذلك أن هذه القاعدة لا محل لأعمال حكمها في مجال تحديد وعاء
الضريبة في كل سنة ضريبية على حدة لأن كل سنة منها تتحمل أرباحها بالتكاليف الفعلية
التي تحملها الممول في تلك السنة وفي خصوص هذه الدعوى لم يثبت الدين وفوائده في ذمة
الطاعنة إلا بالحكم الصادر من محكمة الاستئناف المختلطة في ديسمبر سنة 1943 ومن ثم
فإن السنة الضريبية التي تتحمل أرباحها هذا التكليف هي سنة 1944. لما كان ذلك فإن الحكم
المطعون فيه إذ قضى بإلحاق أصل الدين بالنسبة التي نشأ فيها في ذمة الطاعنة يكون قد
خالف القانون متعيناً نقضه ولا جدوى بعد ذلك من التحدث عما أثارته الطاعنة عن فوائد
هذا الدين وإلحاقها بالسنين التالية لنشوء الدين.
وحيث إنه لذلك يتعين نقض الحكم والإحالة.
