الطعن رقم 1273 سنة 8 ق – جلسة 11 /04 /1938
مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة
النقض والإبرام في المواد الجنائية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) – صـ 208
جلسة 11 إبريل سنة 1938
برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك المستشارين.
القضية رقم 1273 سنة 8 القضائية
تفتيش:
( أ ) بيوت العاهرات. دخولها. سلطة البوليس. تفتيشها بدون إذن. لا يجوز. بيوت الدعارة
السرية. دخولها استناداً على نصوص لائحة العاهرات. لا يجوز. دخول البوليس فيها بدون
إذن. مبرر. ضبط جريمة شاهدها فيها البوليس صحته.
(لائحة بيوت العاهرات والمادة 5 من قانون تحقيق الجنايات)
(ب) تحريض على الفسق والفجور. ركن العادة. متى يتوافر
(المادة 233 ع = 270)
1 – للبوليس بمقتضى لائحة بيوت العاهرات أن يدخل هذه البيوت للأغراض المعينة المنصوص
عليها في تلك اللائحة ولكن ليس له أن يفتشها. ولا يصح الخلط بين الأمرين لأن لكل منهما
أحكاماً خاصة يخضع لها. وإذاً فالتفتيش الذي يجريه البوليس في هذه البيوت استناداً
إلى حقه في دخولها لا يكون صحيحاً. على أن السلطة المخوّلة للبوليس في الدخول مقصورة
على البيوت المخطر عنها لا تتناول غيرها مما يدار بغير إخطار. فلا يجوز للبوليس، اعتماداً
على هذه اللائحة، أن يدخل منزلاً أعدّ للدعارة السرية ولم يخطر عنه طبقاً للقانون.
ولكن إذا كان صاحب هذا المنزل لم يرع هو نفسه حرمته فأباح الدخول فيه لكل طارق بلا
تمييز وجعل منه، بفعله هذا، محلاً مفتوحاً للعامة فمثل هذا المنزل يخرج عن الحظر الذي
نصت عليه المادة الخامسة من قانون تحقيق الجنايات من حيث عدم جواز دخوله إلا بإذن من
جهة القضاء، فإذا دخله أحد رجال البوليس كان دخوله مبرراً، وكان له تبعاً لذلك أن يضبط
الجرائم التي يشاهدها فيه، ويكون محضره الذي يحرره عن ذلك صحيحاً لا يشوبه بطلان مّا.
2 – متى كانت واقعة الدعوى الثابتة بالحكم المطعون فيه هي أن الطاعنة كانت تحرّض بنتين
قاصرتين على الدعارة ردحاً من الزمن تكرر فيه فعل التحريض بتقديمهما لرجال مختلفين،
ففي ذلك ما يكفي لبيان توافر ركن العادة في جريمة التحريض على الفجور.
المحكمة
وحيث إن مبنى الوجه الأوّل هو أن الطاعنة دفعت لدى محكمة الموضوع
ببطلان تفتيش منزلها بمعرفة البوليس لعدم وجود إذن لديه من النيابة، فرفضت المحكمة
هذا الدفع بناء على أن منزل الطاعنة من المنازل العامة للعاهرات التي يجوز لرجال البوليس
دخولها تطبيقاً للمادتين الأولى والثانية والعشرين من لائحة بيوت العاهرات مع أن هذه
اللائحة لا تنطبق إلا على بيوت العاهرات المرخص لهن في احتراف البغاء في حدود اللائحة
المذكورة التي نظمت شؤون هؤلاء العاهرات، وظاهر أنها لا تطبق إلا على البيوت العامة
لا الخاصة، وقد أثبتت المحكمة أن منزل الطاعنة يدار للدعارة سراً بمعنى أنه منزل خاص
لا تسري عليه أحكام لائحة بيوت العاهرات، بل تتبع بشأنه أحكام القانون العام فيما يختص
بالتفتيش. فيجب إذاً استبعاد محضر البوليس واعتباره كأن لم يكن وعدم التعويل عليه كدليل.
وحيث إن ما تنبغي ملاحظته ابتداء هو وجوب التفرقة بين حق البوليس في التفتيش وحقه في
دخول محلات العاهرات وغيرها مما للبوليس حق دخولها لأغراض معينة منصوص عليها في القوانين
الخاصة. ولذا فلا يجوز الخلط بين الحقين إذ لكل منهما أحكام خاصة، ويكون الحكم المطعون
فيه إذ عبر عن دخول البوليس منزل الطاعنة بأنه كان تفتيشاً قد أخطأ إذ أن الحق الذي
للبوليس طبقاً للائحة منازل العاهرات التي استند إليها هو حق دخول لا حق تفتيش.
وحيث إنه يؤخذ من مجموع نصوص لائحة العاهرات الصادرة في 16 نوفمبر سنة 1905 أن حق البوليس
في دخول محلات العاهرات قاصر على المحلات المرخص بها لا غيرها مما يدار بغير ترخيص.
ولذا فقد جاء استناد الحكم المطعون فيه إلى هذه اللائحة تبريراً لدخول البوليس منزل
الطاعنة غير صائب، لأن منزلها الذي أعدّته للدعارة السرية لم يحصل الإخطار عنه طبقاً
لأحكام لائحة بيوت العاهرات.
وحيث إنه وإن لم يكن لرجال الضبط دخول منازل الدعارة السرية بمقتضى لائحة العاهرات
إلا أن لهم هذا الحق في حالة ما إذا كان صاحب المنزل نفسه لم يرع حرمته فأباح الدخول
فيه لكل طارق بلا تمييز، وجعل منه، بفعله هذا، محلاً مفتوحاً للعامة، فخرج بذلك عن
الحظر الذي نصت عليه المادة الخامسة من قانون تحقيق الجنايات من حيث عدم جواز دخوله
إلا بإذن من القضاء.
وحيث إنه يؤخذ من مراجعة الحكم المطعون فيه أن ما دعا رجال الضبط إلى دخول منزل الطاعنة
هو البلاغ الذي تقدّمت به إليهم والدة إحدى المجني عليهما متهمة الطاعنة بإفساد أخلاق
ابنتها القاصرة، وإذ كان لهذا المنزل شهرة بأنه أعدّ للدعارة السرية وقد سبق للبوليس
أن اتخذ ضدّه إجراءات رسمية لإغلاقه وضبطت به نسوة فقد دخله الضابط برجاله لضبط الحادثة
المبلغ عنها. ويستفاد من هذا أن منزل الطاعنة كان مفتوحاً للعامة يغشاه كل من أراد
من الناس. وإذاً يكون دخول البوليس فيه مبرراً بمقتضى مفهوم المادة الخامسة من قانون
تحقيق الجنايات آنفة الذكر.
وحيث إنه متى كان للبوليس حق دخول منزل الطاعنة فله تبعاً لذلك أن يضبط الجرائم التي
يشاهدها فيه طبقاً للواجبات المفروضة عليه قانوناً، ولذا فإن ما كان من ضابط البوليس
في هذه الدعوى من دخول منزل الطاعنة ومشاهدته القاصرتين فيه وإثبات هذه الحالة في محضره
قد جاء كله صحيحاً ولا بطلان فيه.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو أن الطاعنة دفعت لدى محكمة الموضوع بأن ركن العادة الذي
يشترطه القانون في جريمة التحريض على الفجور غير متوفر في هذه الدعوى، ولكن المحكمة
لم ترد على هذا الدفع.
وحيث إن الحكم المطعون فيه استعرض وقائع الدعوى التي اقتنع بصحتها فإذا هي تتضمن أن
الطاعنة كانت تحرّض القاصرتين على الدعارة ردحاً من الزمن تكرر فيه فعل التحريض بتقديمهما
لرجال مختلفين، ثم أشارت المحكمة في موضع آخر إلى أن وقائع إفساد الطاعنة للقاصرتين
قد تكررت فتوفرت بذلك أركان الجريمة المسندة إليها. وفي هذا الذي ذكره الحكم ما يتوفر
معه ركن العادة بالنسبة لكلتا القاصرتين، وفيه الرد الكافي على دفاع الطاعنة.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث هو أن الطاعنة دفعت لدى محكمة الموضوع بأن المجني عليهما
غير قاصرتين، ودللت على ذلك بأن إحداهما اعترفت بأن سنها تسع عشرة سنة وأنها متزوّجة
ووضعت غلاماً توفى، وأن الثانية وإن كان الطبيب قرر أن سنها حوالي سبع عشرة سنة إلا
أن لفظة حوالي قد تمتد إلى سنة بدليل أن الطبيب قرر بالنسبة للمجني عليها الأخرى أن
سنها يتراوح بين 16 و17 سنة، فضلاً عن أن تقرير الطبيب موضع شك، إذ أنه في قضية أخرى
حصلت واقعتها في 20 يوليه سنة 1936 أي بعد سبعة شهور ظل التقدير كما هو رغم مضي هذه
المدّة، ولكن المحكمة لم ترد على هذا الدفع مع أنه جوهري.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع قد استندت في تقدير سنّ كل من
المجني عليهما إلى تقرير الطبيب الشرعي ورأت في قوله إن سنّ إحداهما حوالي سبع عشرة
سنة، وإن سنّ الأخرى يتراوح بين ست عشرة وسبع عشرة سنة، ما يقنعها بأنهما لم تبلغا
ثماني عشرة سنة. ولذا تكون المحكمة قد بتت في مسألة موضوعية مستندة في ذلك إلى ما يبرر
تقديرها. ولا يعيب هذا التقدير أخذها به في قضية أخرى بعد سبعة شهور، إذ هذه المدّة
ليس من شأنها أن تؤثر تأثيراً حاسماً في سنّ إحدى القاصرتين بحيث تجعلها متجاوزة سنّ
القصر في الجريمة الحالية.
وحيث إن الوجه الرابع مبني على أن محكمة الموضوع لم تبين الوقائع التي آخذت الطاعنة
بها ورتبت جزاءها عليها بياناً سليماً من الغموض ولم تفصل أركان التهمة المسندة إليها
وتوضح الدليل على قيام كل ركن منها وجاء الحكم المطعون فيه رغم إسهابه في بعض مناخ
غير جوهرية مبهماً كل الإبهام بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا الوجه جاء مبهماً لا بيان فيه لموضع القصور في الحكم فهو إذاً غير جدير
بالالتفات؛ على أن الحكم جاء مستوفياً من جهة بيان الوقائع المتوفرة بها أركان الجريمة
والتدليل على صحتها.
