الطعن رقم 1003 سنة 8 ق – جلسة 28 /03 /1938
مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة
النقض والإبرام في المواد الجنائية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) – صـ 190
جلسة 28 مارس سنة 1938
برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك المستشارين.
القضية رقم 1003 سنة 8 القضائية
( أ ) اختلاس: أوراق صادرة من المتهم. العبرة في هذه الجريمة بحقيقة
الواقع لا بعبارة الأوراق. وكالة بالعمولة.
(ب) الامتناع عن الرد. متى لا يترتب عليه وقوع جريمة الاختلاس؟ حساب حقيقي مطلوب تصفيته.
(المادة 296 ع = 341)
1 – إن العبرة فيما تشهد عليه الأوراق الصادرة من المتهمين في جريمة اختلاس هي بحقيقة
الواقع لا بعبارة الأوراق وألفاظها. ولكن متى كانت الأوراق المقدّمة في الدعوى صريحة
في ثبوت علاقة المتهم بالمجني عليه كوكيل بالعمولة وتأيدت هذه العلاقة بقرائن الدعوى،
فمثل هذه الأوراق تعتبر أساساً لجريمة الاختلاس.
2 – إنه إن صح أنه لا يترتب على مجرّد الامتناع عن الرد تحقق وقوع جريمة الاختلاس متى
كان سبب الامتناع راجعاً إلى وجوب تصفية الحساب بين الطرفين فمحل ذلك أن يكون هناك
حساب حقيقي مطلوب تصفيته توصلاً لإثبات وقوع مقاصة تبرأ بها الذمة. أما إذا كان الثابت
أن الحساب بين المتهم وبين المجني عليه قد صفي بما يفيد مديونية المتهم بمبلغ تعهد
بردّه على أقساط، فامتناع المتهم عن الرد يعتبر اختلاساً.
المحكمة
وحيث إن الوجه الأوّل من أوجه الطعن يتحصل في أن النزاع موضوع المحاكمة
مدني لأن الفاتورة المؤرخة 16 مايو سنة 1935 ما هي إلا سند مديونية عادي ذكر فيه على
غير الحقيقة أن البضائع سلمت على سبيل الأمانة. وقد أجمعت المحاكم على عدم اعتبار مثل
هذا السند أساساً لجريمة التبديد لأن العبرة بالحقيقة لا بالألفاظ.
وحيث إن العبرة حقيقة فيما تشهد عليه الأوراق الصادرة من المتهمين في جريمة الاختلاس
بحقيقة الواقع لا بعبارة الأوراق وألفاظها. والثابت بالحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه
بالحكم المطعون فيه أن المحكمة اعتمدت على القائمة المؤرخة 16 مايو سنة 1935 والموقع
عليها من الطاعن في إثبات أنه استلم البضاعة الواردة فيها وقالت إنها صريحة في أنه
تسلم البضاعة من الشركة لتسليمها إلى أشخاص معينين وتحصيل الثمن وتوريده للشركة، وإن
هذا قاطع في أن المتهم وكيل بالعمولة. كما ذكرت تأييداً لما هو وارد في هذه الورقة
أنه لو كان المتهم يوزع لحسابه الخاص كما يدّعي لما عينت له الشركة الأشخاص الذين يتعامل
معهم بل لتركته حراً ليتخير من يشاء ليبيع إليه، وأن هذه قرينة واضحة تدل على أن المتهم
لم يكن إلا وسيطاً في تصريف البضائع. وفي هذا الذي ذكره الحكم ما يدل على أن المحكمة
اعتبرت ما ذكر في الورقة التي استندت إليها مطابقاً لحقيقة التعامل بين المتهم والمجني
عليه.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني أنه إذا فرض وأن البضائع كانت قد سلمت للطاعن على سبيل الأمانة
وأنه امتنع عن ردّها أو رد ثمنها بسبب عدم تصفية الحساب بين الطرفين، فإن هذا الامتناع
لا يكوّن جريمة التبديد.
وحيث إنه وإن صح أنه لا يترتب على مجرّد الامتناع عن الرد تحقق وقوع جريمة الاختلاس
إذا كان سبب الامتناع راجعاً إلى وجوب تصفية حساب بين الطرفين، إلا أنه يجب لذلك أن
يكون هناك حساب حقيقي يطلب تصفيته توصلاً لإثبات وقوع مقاصة تبرأ بها الذمة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أثبت أنه تبين من أقوال شاهد الإثبات أن الحساب قد صفي بين
المتهم والمجني عليه بما يفيد مديونية المتهم بمبلغ عشرين جنيهاً تعهد بدفعها على أقساط.
وهذا يدل على أن امتناع الطاعن عن الرد لم يكن لتصفية الحساب كما يزعم بل كان بنية
الاختلاس.
وحيث إن الوجه الثالث مبني على أن المحكمة اعتبرت العلاقة بين الطاعن والمجني عليه
علاقة وكيل بالعمولة، في حين أن نفس المجني عليه يقرر أن الطاعن يشتغل لحساب نفسه وأنه
لا يهمه (أي المجني عليه) إلا الحصول على ثمن البضاعة. وبهذا تكون المحكمة قد استندت
إلى وقائع تتعارض مع النتيجة التي استخلصتها منها.
وحيث إن هذا الوجه غير صحيح، لأن المحكمة استندت في ثبوت علاقة المتهم بالمجني عليه
كوكيل بالعمولة إلى القائمة التي قدّمت وهي صريحة في ذلك وإلى قرائن الدعوى، ولم يقل
المجني عليه أمام المحكمة ما يفيد بأن البضاعة كانت تسلم للمتهم على اعتبار أنها ملك
له بل ليبيعها لحساب المجني عليه ويورد ثمنها له، وأنه كان يتفق معه في كل عملية على
أجره.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع أن الطاعن طلب من المحكمة تكليف المجني عليه بتقديم دفتر
الصادر والوارد حتى تتبين حقيقة الدعوى، وأنه سدّد المبلغ المدعى عليه باختلاسه، ولكن
المحكمة لم تجب هذا الطلب.
وحيث إن هذا الوجه غير صحيح أيضاً، لأن الطاعن لم يطلب تقديم الدفاتر أمام المحكمة
الاستئنافية. وكل ما حصل أنه قدّم هذا الطلب أمام محكمة أوّل درجة فلم تغفله بل أمرت
المدعي بإحضار دفاتره، فقدّم المجني عليه تلك الدفاتر وقال بأنه ليس عنده الدفتر الذي
يعنيه الطاعن.
وحيث إن محصل الوجه الخامس والأخير أن الدفاع أثار أمام المحكمة الاستئنافية المسائل
القانونية المبينة بالأوجه الثلاثة الأولى فلم ترد المحكمة عليها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أخذ بأسباب الحكم الابتدائي المستأنف، وفي تلك الأسباب الرد
الكافي على ما أثاره الطاعن كما سبق البيان في الرد على الأوجه المتقدّمة.