الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 958 سنة 8 ق – جلسة 07 /03 /1938 

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) – صـ 156

جلسة 7 مارس سنة 1938

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك المستشارين.


القضية رقم 958 سنة 8 القضائية

اختصاص. جناية. وقوعها من صغير. إحالتها على قاضي الإحالة. اعتبارها جنحة. خطأ. إحالتها إلى محكمة الجنح لتوقيع عقوبة الجنحة عليها. جوازه.
(قانون 19 أكتوبر سنة 1925 والمادتان 60 و65 ع = 66 و71)
إن ظرف صغر سنّ المتهم ليس إلا عذراً قانونياً مخففاً للعقاب ولكنه لا يؤثر في الاختصاص. فإذا كانت التهمة المسندة إلى المتهم هي إحداثه بالمجني عليه جرحاً نشأت عنه عاهة مستديمة فإن صغر سنه لا يغير هذه التهمة من جناية إلى جنحة، ولا يمنع بالتالي محكمة الجنايات من نظرها. وإذاً فليس لقاضي الإحالة، إذا ما قدّم إليه متهم صغير السنّ، أن يعتبر الجناية المقدّم بها إليه جنحة ويحيلها إلى النيابة لإجراء شئونها فيها، بل عليه – إذا رأى أن تفصل محكمة الجنح لا محكمة الجنايات في أمر المتهم – أن يحيل الدعوى إليها عملاً بالمادة الأولى من قانون 19 أكتوبر سنة 1925 التي تخوّل له حق إحالة المتهم بجناية في هذه الحالة إلى القاضي الجزئي، لا لأن الجريمة في ذاتها جنحة، بل لتوقيع عقوبة الجنحة مع اعتبارها جناية.


المحكمة

وحيث إن النيابة بنت طعنها على أن قاضي الإحالة قد أخطأ في تطبيق القانون باعتباره الواقعة المسندة إلى المتهم جنحة لا جناية بناء على أن التمييز بين الجرائم مرجعه إلى نوع العقوبة. وفي بيان ذلك تقول النيابة إن قرار الإحالة اعتمد في هذا الاعتبار على أن سنّ المتهم اثنتا عشرة سنة، وعلى أن المادة 65 عقوبات جديد تنزل بالعقوبة من السجن المنصوص عليه في المادة 204/ 1 عقوبات إلى التسليم للوالدين أو لمن لهم حق الولاية أو إلى الإرسال إلى مدرسة إصلاحية أو محل معين متى كانت سنّ الجاني تزيد عن سبع سنين وتقل عن اثنتي عشرة سنة كاملة. وتقول النيابة إذا كان ما رآه القاضي صحيحاً من جهة أن مناط التمييز بين الجرائم هو نوع العقوبة إلا أنه يجب أن يلاحظ أن قاضي الإحالة ما كان له أن يتأثر بظرف صغر سنّ المتهم، إذ هذا الظرف ليس إلا عذراً قانونياً مخففاً للعقاب ولكنه لا تأثير له في الوصف من ناحية الاختصاص.
وحيث إن التهمة المسندة إلى المتهم في هذه الدعوى هي إحداثه بالمجني عليها عاهة مستديمة، وهذه الجريمة جناية إذ هي معاقب عليها بعقوبة جناية. ولكن القانون إذ عرض لأحداث السنّ رأى أن يعاملهم معاملة خاصة متخذاً من سنهم هذا عذراً قانونياً مخففاً للعقاب. ولكن ليس من شأن هذا العذر أن يؤثر في الاختصاص، إذ محكمة الجنايات مختصة بنظر كل فعل يعدّ جناية بمقتضى القانون بصرف النظر عن نوع العقوبة التي يوجب القانون تطبيقها على الجاني في بعض الحالات.
وحيث إن القانون الصادر في 19 أكتوبر سنة 1925 نص في مادته الأولى على أن لقاضي الإحالة، بدلاً من تقديم متهم إلى محكمة الجنايات، أن يصدر أمراً بإحالة الدعوى إلى القاضي الجزئي المختص إذا رأى أن الفعل المعاقب عليه قد اقترن بعذر صغر السنّ المنصوص عليه في المادة 60 عقوبات. فإذا لوحظ أن العقوبات جميعها التي يمكن إيقاعها بالمجرم الحدث في الجنايات عملاً بالمادة المذكورة هي من عقوبات الجنح كان في هذا ما يكفي من الدلالة على أن القانون لا يرى للعقوبة المخففة بسبب السنّ أي تأثير في الاختصاص، بل أبقى لمحكمة الجنايات حق الفصل في الجنايات التي يرتكبها الأحداث بدليل وجوب تقديمها لقاضي الإحالة توطئة لإحالتها إلى محكمة الجنايات.
وحيث إنه لما تقدّم يكون قاضي الإحالة قد أخطأ في اعتبار الواقعة جنحة وإحالتها إلى النيابة لإجراء شئونها فيها. ولقد كان في استطاعته، فيما لو رأى أن تفصل محكمة الجنح في هذه التهمة، أن يحيل الدعوى إليها عملاً بالمادة الأولى من قانون التجنيح آنف الذكر، إذ هي كما سلف تخوّل قاضي الإحالة حق إحالة المتهم في مثل هذه الحالة على القاضي الجزئي لا لأن الجريمة ذاتها جنحة بل لتوقيع عقوبة الجنحة رغم أن الواقعة جناية.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات