الطعن رقم 229 سنة 8 ق – جلسة 27 /12 /1937
مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة
النقض والإبرام في المواد الجنائية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) – صـ 134
جلسة 27 ديسمبر سنة 1937
برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وأحمد مختار بك المستشارين.
القضية رقم 229 سنة 8 القضائية
( أ ) تفتيش. الدفع ببطلان التفتيش. دفع قانوني. جواز التمسك به
لأوّل مرة لدى محكمة النقض.
(ب) تفتيش. الإذن الصادر من النيابة. متى يظل معتبراً قائماً؟
(جـ) دكان. إدارته بواسطة شخص. تفتيشه. صدور إذن النيابة باسم مديره دون مالكه. التفتيش
الحاصل بناءً عليه. صحته قانوناً.
(المادة 30 تحقيق)
(د) مخدّرات. المادة 35 من قانون المخدّرات. الحالات الواردة بها. بيان التهمة بالحكم.
اكتفاؤه بذكر المادة 35 دون الفقرة المنطبقة على الواقعة. لا يبطله.
1 – الدفع ببطلان التفتيش هو دفع متعلق بالقانون لأنه يرمي إلى عدم الأخذ بالدليل المستمدّ
من التفتيش، فالتمسك به لأوّل مرة أمام محكمة النقض جائز.
2 – الإذن الصادر من النيابة بتفتيش دكان المتهم يعتبر قائماً ويكون التفتيش الذي حصل
بمقتضاه صحيحاً قانوناً ما دامت النيابة لم تحدّد فيه أجلاً معيناً لتنفيذه، وما دامت
الظروف التي اقتضته لم تتغير.
3 – إذا كان المحل الذي صدر إذن النيابة بتفتيشه غير مملوك للمتهم ولكنه تحت إدارته
فلا يجوز للمتهم أن يتمسك ببطلان محضر التفتيش بدعوى أن الإذن لم يذكر فيه سوى اسمه
هو لا اسم المالك.
4 – إن إشارة الحكم إلى المادة 35 من قانون المخدّرات رقم 21 لسنة 1928 بعد بيان الواقعة
التي أثبتها على المتهم تكفي لتعيين الحالة التي أرادها الحكم من بين الحالات المختلفة
الواردة بتلك المادة. فلا يبطل هذا الحكم عدم ذكره الفقرة المنطبقة على الواقعة من
هذه المادة. وعدم نص الحكم الاستئنافي صراحة على ذكر تلك المادة لا يعيبه إذا كان قد
أخذ بأسباب الحكم المستأنف المشتملة على المادة المذكورة.
المحكمة
ومن حيث إن الوجهين الأوّل والثاني من أوجه الطعن يتلخصان في أن
التفتيش الذي قيل إن ضبط المادة المخدّرة كان نتيجة له قد وقع باطلاً لاعتبارين: الأوّل
أنه حصل بعد مضي ثمانية أيام على تاريخ صدور الإذن به من النيابة، والثاني أنه حصل
في دكان غير مملوك للطاعن. وفضلاً عن ذلك فإن المحكمة لم تعن بالرد على هذا الدفع.
وحيث إنه مما تجب ملاحظته أن الطاعن لم يتمسك بهذا الدفع أمام محكمة الموضوع فليس له
أن يعيب على الحكم عدم الرد على دفاع لم يقدّم إليها إلا أن الدفع ببطلان التفتيش هو
في الحقيقة دفع قانوني لتعلقه بصحة الأخذ بدليل هو النتيجة التي أسفر عنها التفتيش
فيجوز التمسك به لأوّل مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه عن مضي ثمانية أيام على تاريخ صدور إذن النيابة بالتفتيش قبل حصوله فإن الطاعن
لم يدع أن النيابة حدّدت أجلاً معيناً لإجراء التفتيش فيه أو أنها عدلت عنه أو أن الظروف
التي اقتضته قد تغيرت. فلذلك يكون هذا الإذن قائماً ويكون التفتيش الذي حصل بمقتضاه
صحيحاً قانوناً.
وحيث إنه عن حصول التفتيش بمحل غير مملوك للطاعن ووجوب الحصول على إذن القاضي بإجراء
التفتيش فيه فإنه على فرض صحة هذا القول وأن المحل الذي حصل تفتيشه ليس ملكاً للطاعن
فلا يجوز له في هذه الحالة أن يتمسك ببطلان التفتيش، بل المالك هو صاحب الشأن في ذلك.
على أن الذي أثبته الحكم المطعون فيه هو أن المحل الذي حصل فيه التفتيش ملك للطاعن
وتحت إدارته، ولذا يكون هذا الوجه في غير محله.
وحيث إن الوجه الثالث من أوجه الطعن يتحصل في أن الطاعن دفع أمام محكمة الموضوع بوجود
خصومات بينه وبين رجال الضبطية القضائية، وهذه الخصومات تستوجب تلفيق التهمة ضدّه،
واستدل على هذه الخصومة ولكن المحكمة أغفلت الرد على هذا الدفاع.
وحيث إن مؤدّى هذا الوجه هو تجريح لشهادة شهود الإثبات. وقد أخذت المحكمة بشهادتهم
وهي على بينة من دفاع الطاعن بشأنها، وفي ذلك ما يفيد أنها لم تأخذ بدفاعه واطمأنت
إلى شهادة الشهود.
وحيث إن الوجه الرابع من أوجه الطعن يتحصل في أن الطاعن ينكر ملكيته للمحل الذي حصل
تفتيشه، بل ويقول إنه لم يكن حائزاً ولا مديراً له، وإنه استند في ذلك إلى جملة مستندات
قدّمها، واستشهد بشهود نفي صادقوه، وتعزز ذلك بوجود أحمد محمد مجاهد (الذي عينته أخت
الطاعن لإدارة الدكان) في هذا الدكان وقت إجراء التفتيش، ولكن مع ذلك اعتمدت المحكمة
على ما قرّره رجال البوليس قائلة "إنه يستوي بعد ذلك أن يكون البيع صورياً أو أن الطاعن
يدير المحل لحساب أخته ما دامت هذه الأخت لا علاقة لها بالدكان ولا تديره إطلاقاً باعترافها".
ومسألة اعتراف الأخت هي مسألة انتزعها الحكم من الخيال لأنها قرّرت ما يفيد صراحة أنها
هي التي تتعامل باعتبارها صاحبة الدكان.
وحيث إن إدارة الدكان الذي حصل تفتيشه هي من الوقائع المادية، فإذا ما استنتجتها المحكمة
من شهادة الشهود وقرائن الدعوى فإن ذلك من حقها متى اطمأنت إلى ذلك. وقد أثبت الحكم
أن الطاعن هو المدير للمحل، واستنتج ذلك من شهادة الشهود وقرائن الدعوى، فلا يجوز بعد
ذلك إثارة الجدل بشأن ذلك أمام محكمة النقض. أما ما ينعاه الطاعن على الحكم بسبب ما
أسنده لأخت الطاعن من الأقوال فإنه في غير محله لأن هذه الأقوال كما جاءت بمحضر الجلسة
تؤدّي إلى ما استنتجته منها المحكمة.
وحيث إن الطاعن يتمسك في الوجه الخامس بأنه ثبت وقت التفتيش وجود الطاعن وابنه والمدعو
أحمد مجاهد الذي صدر حكم قضائي بأنه هو المدير للمحل من قبل صاحبته. ويرى الطاعن أنه
كان يجب على المحكمة إزاء هذا أن تبين الأسباب التي أقنعتها بحيازة الطاعن دون هؤلاء،
خصوصاً وأن الإحراز يقتضي بيان الرابطة بين المحرز والمضبوطات.
وحيث إن هذا الوجه غير صحيح لأن الحكم بيّن الأسباب التي أخذ بها في إثبات أن الطاعن
هو المدير للمحل وحده، وهي شهادة الشهود وأقوال الطاعن وأخته، وضبطه بالمحل وقت التفتيش.
وحيث إن الوجه السادس من أوجه الطعن يتحصل في أن الحكم الابتدائي عامل الطاعن بالمادة
35 من القانون رقم 21 لسنة 1928، وهذه المادة تشمل سبع حالات لم يعين الحكم أيها هي
المنطبقة، ولم يشر الحكم الاستئنافي إلى أية مادة من المواد السابق تطبيقها في الحكم
الأوّل بل اكتفى بقوله إن النيابة طلبت عقابه أي الطاعن بمواد القانون رقم 21 لسنة
1928، وعند النطق بالحكم، قالت المحكمة "وبعد رؤية المادة المذكورة"، ومعنى هذا أن
الحكم الاستئنافي طبق القانون بجميع مواده على تنافرها وتعارضها، ولا يصحح هذا الخطأ
قوله إن الحكم في محله لأسبابه.
وحيث إن إشارة الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه إلى المادة 35 بعد بيان التهمة المسندة
للطاعن كافية لتعيين الحالة التي أرادها الحكم، ولا يبطله عدم ذكر الفقرة المنطبقة
على الواقعة. أما عدم نص الحكم الاستئنافي صراحة على ذكر المادة المشار إليها فإنه
لا يعيبه لأنه أخذ بأسباب الحكم المستأنف وهي مشتملة على المادة المذكورة.
وحيث إن مبنى الوجه الأخير من أوجه الطعن أن الحكم الابتدائي قال إن اعتراف المتهم
أمام البوليس اعتراف صحيح. ومع أن هذا الاعتراف أخذ بطريق الغش فإن مؤاخذة الطاعن به
تقتضي تطبيق المادة 36 الخاصة بالتعاطي، ولم تبين المحكمة السبب الذي جعلها تعدل عنها
إلى المادة 35.
وحيث إن ما يدّعيه الطاعن من أن الاعتراف أخذ بطريق الغش فإنه نزاع في تقدير قيمة الاعتراف،
وهو من شأن محكمة الموضوع ولا يجوز له إثارته أمام محكمة النقض. أما ما يزعمه الطاعن
من أن المحكمة لم تأخذ بهذا الرأي كاملاً وتعتبر الطاعن متعاطياً لا محرزاً فإنه من
حق محكمة الموضوع أن تجزئ الاعتراف في المسائل الجنائية وتأخذ منه ما تطمئن إليه وتطّرح
ما لا ترتاح له، على أن المحكمة أخذت في إثبات التهمة ضدّ الطاعن بأدلة أخرى علاوة
على ما عوّلت عليه من الاعتراف.
