الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 278 لسنة 40 ق – جلسة 04 /05 /1975 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
السنة 26 – صـ 919

جلسة 4 من مايو سنة 1975

برياسة السيد المستشار أمين فتح الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: علي عبد الرحمن، وصلاح الدين حبيب، ومحمود المصري، ومحمد كمال عباس.


الطعن رقم 278 لسنة 40 القضائية

إفلاس. نظام عام.
قواعد الإفلاس. تعلقها بالنظام العام. حق طلب إشهار الإفلاس لكل من الدائن والمدين وللمحكمة من تلقاء نفسها. جواز إقرار حالة الإفلاس الفعلي ولو لم يصدر به حكم. تنازل الدائن عن حكم إشهار الإفلاس الصادر بناء على طلبه. غير مؤثر على قيام ذلك الحكم وإعمال آثاره.
إفلاس. محكمة الموضوع.
القواعد المكونة لحالة التوقف عن الدفع. استقلال محكمة الموضوع بتقديرها قيام المدين بأداء الدين محل طلب إشهار الإفلاس. لا يمنع من اعتباره متوقفاً عن الدفع. جواز باستناد حكم الإفلاس إلى ديون لم تتخذ بشأنها إجراءات البروتستو.
إفلاس. تزوير "الادعاء بالتزوير". قوة الأمر المقضي.
محكمة الإفلاس. ما تقرره بشأن عدم جدية الادعاء بتزوير الأوراق. لا يجوز حجية أمام المحكمة التي تفصل فيه. عدم التزامها بتأجيل الدعوى بعد إبداء رأيها في هذا الادعاء.
1 – إذ كانت أحكام قواعد الإفلاس تعتبر من النظام العام لتعلقها بتنشيط الائتمان فقد وضع المشرع نظاماً قائماً بذاته لوحظ فيه حماية حقوق الدائنين مع رعاية المدين حسن النية وأن يكون ذلك تحت إشراف السلطة القضائية ومن أجل ذلك لم يجعل المشرع للدائن وحده حق طلب إشهار إفلاس المدين بل حول ذلك أيضاً للمدين ذاته، وللمحكمة من تلقاء نفسها كما أجاز بالمادة 215 من قانون التجارة للمحاكم ولو لم يصدر حكم من المحكمة المختصة يشهر الإفلاس أن تستند إلى حالة الوقوف عن الدفع لترتب بعض الآثار عليها كتوقيع عقوبات الإفلاس بالتقصير وبالتدليس والطعن في تصرفات المدين وهو ما يعتبر بمثابة إقرار حالة إفلاس فعلي، ويترتب على ذلك أن تنازل الدائن عن حكم إشهار الإفلاس الذي يصدر بناء على طلبه غير مؤثر على قيام ذلك الحكم وإعمال آثاره لأنه في حقيقة الأمر لم يصدر لمصلحته فحسب وإنما لمصلحة جميع الدائنين ولو لم يكونوا طرفاً في الإجراءات أو كانوا دائنين غير ظاهرين.
2 – إذ كان الحكم المطعون فيه بعد أن ذكر أن وكيل الدائنين المعين في حكم الإفلاس تقدم بتقرير يفيد أنه عند مباشرته مهمته بتحقيق الديون تقدم إليه دائنون آخرون بسندات بلغت قيمتها…… عول في إثبات أن توقف الطاعنين عن أداء الدين الصادر به الحكم رقم……. – الذي أقيمت دعوى الإفلاس ابتداء على أساسه – نشأ عن مركز مالي مضطرب يتزعزع معه ائتمانهما على ما أورده وهو استخلاص موضوعي سائغ تستقل به محكمة الموضوع في خصوص الوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع دون أن يغير من الأمر قيام الطاعنين بأداء الدين الذي كان محلاً لطلب إشهار الإفلاس طالما أن محكمة الموضوع وجدت في ظروف الدعوى الأخرى ومن وجود دائنين آخرين أن التوقف عن دفع الدين المحكوم به كان بسبب المركز المالي المضطرب الذي يعرض حقوق الدائنين للخطر، كما أنه لا يجدي الطاعنين النعي بأن السندات الإذنية التي تقدم بها الدائنون الجدد إلى السنديك لم تكن محل مطالبة ولم يتخذ بشأنها إجراء احتجاج عدم الدفع ذلك أن استناد الحكم إلى وجود هذه الديون لتبيان حقيقة المركز المالي لا يقتضي أن يكون الدائنون بها اتخذوا إجراءات بشأنها.
3 – محكمة الإفلاس ليست محكمة الموضوع بالنسبة للطعن بتزوير الأوراق التي تطرح عليها، وبالتالي فهي لا تحسم الخصومة بشأن صحة هذه الأوراق أو تزويرها ولا يحوز ما قررته بشأن عدم جدية الطعن بالتزوير أية حجية أمام محكمة الموضوع التي تفصل في الادعاء بالتزوير، كما لا يكون واجباً على محكمة الإفلاس كذلك إتباع القواعد والإجراءات الخاصة بمحكمة الموضوع في هذا الشأن سواء بالنسبة لإثبات حالة المحرر المطعون بتزويره أو لوجوب تأجيل الدعوى بعد إبداء رأيها في الادعاء بالتزوير.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 53 لسنة 1968 القاهرة الابتدائية طلب فيها الحكم بإشهار إفلاس شركة…… و……. للتجارة الميكانيكية والشريكين المتضامنين فيها وهما الطاعنان وقال بياناً للدعوى إنه حصل على الحكم ورقم 1817 سنة 1964 تجاري جزئي القاهرة الذي قضى بإلزام الطاعن الأول بوصفه مديراً للشركة بأن يدفع له مبلغ 328 ج و983 م وقام بإجراءات تنفيذه فاستشكل الطاعن الأول في التنفيذ وقضى برفض هذا الإشكال إلا أنه سخر من أقام دعوى باسترداد المحجوزات بزعم أنه المالك لها وأنه لما كان ذلك يعتبر توقفاً عن أداء دين تجاري غشاً وتدليساً فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان وبتاريخ 19 فبراير سنة 1969 حكمت المحكمة بإشهار إفلاس الشركة والشريكين المتضامنين فيها (الطاعنين) استأنف الطاعنان هذا الحكم باسميهما وباسم الشركة لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد هذا الاستئناف برقم 194 سنة 86 ق وقدم السنديك المعين في حكم الإفلاس تقريراً يتضمن أن دائنين آخرين تقدموا إليه بسندات مديونية تحمل توقيع الطاعن الثاني وتبلغ مجموعها 7736 ج و884 م وذلك أثناء تحقيق الديون الذي باشره، طعن الطاعنان بتزوير هذه السندات بتقرير في قلم كتاب محكمة الاستئناف كما قاما بعرض دين المطعون عليه الأول الذي كان قد أقام الدعوى ابتداء على أساسه فتسلمه وكيله وبتاريخ 10 فبراير سنة 1970 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف – طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وبالجلسة أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بتوافر قيام حالة التوقف عن الدفع على دعامتين الأولى أن المستأنفين – الطاعنين – لم ينازعا في الدين الذي حكم بإشهار الإفلاس من أجله ولم يطعنا عليه بأي مطعن بل أخذا في عرقلة التنفيذ ولم يحاولا أداء الدين حتى صدر الحكم بإشهار إفلاسهما في 19/ 2/ 1969 فقاما بعرض الدين بتاريخ 30/ 7/ 1969 والدعامة الثانية أن تقرير وكيل الدائنين أثبت وجود دائنين آخرين، هذا في حين أن هاتين الدعامتين ساقطتان ذلك أن الدين الذي صدر به الحكم رقم 1817 سنة 1964 والذي أقيمت دعوى الإفلاس لعدم الوفاء به كان مثار نزاع في أساسه الأمر الذي دفع محكمة الموضوع إلى ندب مكتب الخبراء لإجراء المحاسبة كما أن الديون التي أثبتها السنديك في تقريره – والتي لا تصلح وحدها لإثبات التوقف عن الدفع – لم يقدمها الدائنون بها للمطالبة في موطن المدين ولم يتخذوا بشأنها إجراء "بروتستو عدم الدفع" وهو شرط لازم لإثبات الامتناع عن الوفاء تشدد المشرع في وجوب القيام به حتى لو كان المدين مشهراً إفلاسه ويترتب على سقوط هاتين الدعامتين اللتين قام عليهما الحكم أو إحداهما بطلان الحكم هذا إلى أنه لما كانت حالة الإفلاس التي تغل يد المفلس لا تتقرر إلا بحكم نهائي صادر بإشهار الإفلاس فإنه يكون للمحكوم بإشهار إفلاسه ابتدائياً أن يزيل حالة التوقف إلى ما قبل صدور الحكم النهائي في الاستئناف وهو ما فعله الطاعنان ولكن الحكم لم يعمل أثره.
وحيث إنه لما كانت أحكام قواعد الإفلاس تعتبر من النظام العام لتعلقها بتنشيط الائتمان فقد وضع المشرع نظاماً قائماً بذاته لوحظ فيه حماية حقوق الدائنين مع رعاية المدين حسن النية وأن يكون ذلك تحت إشراف السلطة القضائية ومن أجل ذلك لم يجعل المشرع للدائن وحده حق طلب إشهار إفلاس المدين بل خول ذلك أيضاً للمدين ذاته والمحكمة من تلقاء نفسها كما أجاز بالمادة 215 من قانون التجارة للمحاكم ولو لم يصدر حكم من المحكمة المختصة بشهر الإفلاس أن تستند إلى حالة الوقوف عن الدفع لترتب بعض الآثار عليها كتوقيع عقوبات الإفلاس بالتقصير وبالتدليس والطعن في تصرفات المدين وهو ما يعتبر بمثابة إقرار حالة إفلاس فعلي ويترتب على ذلك أن تنازل الدائن عن حكم إشهار الإفلاس الذي يصدر بناء على طلبه غير مؤثر على قيام ذلك الحكم وإعمال آثاره لأنه في حقيقة الأمر لم يصدر لمصلحته فحسب وإنما لمصلحة جميع الدائنين ولو لم يكونوا طرفاً في الإجراءات أو كانوا دائنين غير ظاهرين لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه بعد أن ذكر أن وكيل الدائنين – المطعون عليه الثاني – تقدم بتقرير يفيد أنه عند مباشرة مهمته بتحقيق الديون تقدم إليه دائنون آخرون بسندات بلغت قيمتها 7736 ج و884 م عول في إثبات أن توقف الطاعنين عن أداء الدين الصادر به الحكم رقم 1817 سنة 1964 تجاري جزئي القاهرة نشأ عن مركز مالي مضطرب يتزعزع معه ائتمانهما على قوله "إن البادي مما تقدم أن المستأنفين الطاعنين – لم ينازعا في الدين الذي حكم بإشهار الإفلاس من أجله ولم يطعنا عليه بأي مطعن فلما صدر الحكم ضدهما بهذا الدين لم يمتثلا لهذا الحكم بل أخذا يسلكان كل السبل لعرقلة أدائه إلى صاحبه فاستشكلا في تنفيذ الحكم فلما قضى برفض الإشكال تقدم من يدعي ملكية الأشياء المحجوزة وأقام دعوى بأحقيته لهذه المحجوزات ورغم كل ذلك لم يحاول المستأنفان أداء الدين فلما صدر ضدهما حكم الإفلاس بتاريخ 19 فبراير سنة 1969 قاما بعرض الدين بتاريخ 30 مارس سنة 1969 وأن هذا التصرف من جانب المستأنفين ينبئ عن اضطراب مركزهما المالي وتعرض حقوق دائنيهما إلى خطر محقق فهما رغم عدم منازعتهما في الدين وصدور الحكم به وتوقيع الحجز لاقتضاء هذا الدين ما لم يقوما بوفائه إلا بعد صدور حكم إشهار الإفلاس هذا بالإضافة إلى ما ثبت من تقرير وكيل الدائنين على نحو ما سلف بيانه أن هناك دائنين آخرين" وهو استخلاص موضوعي سائغ تستقل به محكمة الموضوع في خصوص الوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع دون أن يغير من الأمر قيام الطاعنين بأداء الدين الذي كان محلاً لطلب إشهار الإفلاس طالما أن محكمة الموضوع وجدت في ظروف الدعوى الأخرى ومن وجود دائنين آخرين أن التوقف عن دفع الدين المحكوم به كان بسبب المركز المالي المضطرب الذي يعرض حقوق الدائنين للخطر كما أنه لا يجدي الطاعنين النعي بأن السندات الإذنية التي تقدم بها الدائنون الجدد إلى السنديك لم تكن محل مطالبة ولم يتخذ بشأنها إجراء احتجاج عدم الدفع ذلك أن استناد الحكم إلى وجود هذه الديون لتبيان حقيقة المركز المالي لا يقتضي أن يكون الدائنون بها قد اتخذوا إجراءات بشأنها.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه البطلان من وجهين وفي بيان الوجه الأول يقول الطاعنان إنهما طعنا بتزوير سندات المديونية التي قدمها وكيل الدائنين إلى محكمة الاستئناف وذلك بتقرير في قلم كتاب تلك المحكمة كما أقاما دعوى أصلية بتزويرها أمام محكمة القاهرة الابتدائية وكان يتعين لذلك على محكمة الاستئناف أن تتخذ الإجراءات التي نصت عليها المادة 21 من قانون الإثبات بشأنها كما كان عليها أن تقضي في الخصومة في التزوير ولكن الحكم المطعون فيه لم يثبت حالة هذه السندات وأوصافها كما لم يحسم الخصومة بشأن تزويرها واكتفى بما قرره من الاطلاع على المظروف الذي يحوي السندات ورفض الدفاع القائم على تزويرها مع أن هذا الرفض يحوز حجيته في هذا الشأن ويغلق أمام باقي المحاكم التصدي لهذه السندات كما أخطأ الحكم إذ قضى برفض هذا الدفاع مع القضاء في الموضوع بحكم واحد وكان على المحكمة أن تؤجل الدعوى ليبدي الخصم الذي تمسك بتزوير تلك الأوراق ما عسى أن يكون لديه من أدلة قانونية أخرى وفي بيان الوجه الثاني يقول الطاعنان إن الحكم المطعون فيه اكتفى في خصوص الطعن بتزوير السندات التي تقدم بها السنديك إلى أن المحكمة ترى أنه طعن غير جدي قصد به عرقلة التنفيذ وهو ما لا يكفي لحمل القضاء برفض هذا الدفاع بل كان لزاماً أن تكشف عن الأسس والعناصر والقرائن والدلائل التي استقت منها تلك العقيدة من أصل ثابت بأوراق الخصومة وإذ لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً أيضاً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول بأن محكمة الإفلاس ليست محكمة الموضوع بالنسبة للطعن بتزوير الأوراق التي تطرح عليها وبالتالي فهي لا تحسم الخصومة بشأن صحة هذه الأوراق أو تزويرها ولا يحوز ما قررته بشأن عدم جدية الطعن بالتزوير أية حجية أمام محكمة الموضوع التي تفصل في الادعاء بالتزوير كما لا يكون واجباً على محكمة الإفلاس كذلك اتباع القواعد والإجراءات الخاصة بمحكمة الموضوع في هذا الشأن سواء بالنسبة لإثبات حالة المحرر المطعون بتزويره أو لوجوب تأجيل الدعوى بعد إبداء رأيها في الادعاء بالتزوير والنعي في الشق الثاني منه مردود أيضاً بأن الحكم المطعون فيه عول في القضاء بقيام ما ينبئ عن اضطراب مركز الطاعنين المالي وتعرض حقوق دائنيهما إلى خطر محقق وعلى ما يبين من الرد على السبب الأول على دعامتين متماسكتين ثم عرج إلى الادعاء بالتزوير بقوله إن المحكمة ترى من بسط وقائع النزاع على النحو السالف أن هذا الادعاء غير جدي وأنه قصد به عرقلة الفصل في دعوى الإفلاس ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عن هذا الادعاء وهو ما يفيد أن الحكم اعتمد في رفض الادعاء بالتزوير على الوقائع الأخرى التي ساقها الحكم من قبل وليس على مجرد القول بأن الادعاء غير جدي وهو ما يكفي لحمل قضائه في هذا الخصوص مما يصبح معه النعي برمته على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات