الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1983 سنة 7 ق – جلسة 22 /11 /1937 

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) – صـ 101

جلسة 22 نوفمبر سنة 1937

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد كامل الرشيدي بك وأحمد مختار بك المستشارين.


القضية رقم 1983 سنة 7 القضائية

( أ ) أحكام الغيبة في المواد الجنائية. نصوصها في قانون تحقيق الجنايات. تطبيق أحكام قانون المرافعات عليها. لا يجوز. متى يرجع في المواد الجنائية إلى قانون المرافعات باعتباره القانون العام؟
(ب) دعوى مدنية تابعة لدعوى جنائية. إجراءات المرافعة والحكم والطعن فيها. إجراءات الدعوى الجنائية. حكم محكمة الجنح الاستئنافية بإبطال المرافعة في دعوى مدنية.لا يجوز. جواز الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
(جـ) دعوى مدنية. حكم محكمة مدنية بإبطال المرافعة في الاستئناف. أثره. محكمة جنح استئنافية. إصدارها خطأ حكما بإبطال المرافعة في الدعوى المدنية المنظورة أمامها. صيرورته انتهائياً. أثره في الإجراءات. لا يتناول تقرير الاستئناف. تجديد المستأنف دعواه على أساس تقرير الاستئناف. جوازه. وجوب اعتبار هذا الاستئناف قائماً.
(المواد 303 مرافعات و132 و133 و154 و160 و161 و162 و178 و184 تحقيق)
1 – ليس للمحاكم الجنائية أن ترجع إلى أحكام قانون المرافعات المدنية على اعتبار أنه القانون العام إلا عند خلو قانون تحقيق الجنايات من نص صريح، فليس لها أن ترجع إلى قانون المرافعات في أحكام الغيبة، لأن حالات الحكم في الغيبة عند تخلف أحد أطراف الخصومة عن الحضور أمام المحاكم الجنائية بدرجاتها المختلفة وردت بنصوص صريحة في قانون تحقيق الجنايات (المواد 132 و133 و160 و161 و162). وهذه النصوص توجب الحكم في الموضوع غيابياً إذا تخلف أحد الخصوم عن الحضور، سواء أكان المتخلف هو المتهم أم المدعي بالحق المدني.
2 – الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية تأخذ حكم الدعوى الجنائية في سير المحاكمة والأحكام والطعن فيها من حيث الإجراءات والمواعيد، ولا تخضع في شيء من ذلك لأحكام قانون المرافعات المدنية حتى لو انحصرت الخصومة – بسبب عدم استئناف النيابة لحكم البراءة – في الدعوى المدنية وحدها بين المتهم والمدعي بالحق المدني. وإذاً فلا يسوغ لمحكمة الجنح الاستئنافية أن تقضي، عند غياب أحد طرفي الخصوم، بإبطال المرافعة في الدعوى المدنية المنظورة وحدها أمامها، بل الواجب أن تحكم في موضوعها غيابياً كما لو كانت الدعوى الجنائية قائمة معها، فإذا هي حكمت بإبطال المرافعة كان حكمها مخالفاً للقانون وجائزاً الطعن فيه بطريق النقض.
3 – الحكم بإبطال المرافعة في الاستئناف يترتب عليه، طبقاً لقواعد المرافعات المدنية، إزالة أثر ورقة الاستئناف المعلنة وما تلاها من إجراءات المرافعة. فإذا أصدرت محكمة الجنح الاستئنافية خطأً حكماً بإبطال المرافعة في الدعوى المدنية المرفوعة أمامها، ولم يطعن في هذا الحكم بطريق النقض وصار بذلك واجب الاحترام، فإن هذا الحكم لا يتناول إلا أوراق الإجراءات الحاصلة لدى المحكمة الاستئنافية، ولا يتناول تقرير الاستئناف بل يبقى هذا التقرير قائماً رغم زوال أثر إجراءات المحاكمة الاستئنافية. ذلك لأن هذا التقرير يكتب في قلم كتاب محكمة الدرجة الأولى، فهو إذاً مستقل عن أوراق الإجراءات الحاصلة أمام المحكمة الاستئنافية ومنفصل عنها كل الانفصال، وهو كذلك مغاير كل المغايرة لعريضة الاستئناف المدنية التي يحررها المستأنف، ثم إنه لا يعلن إلى أحد من الخصوم لأنهم لا يعلنون إلا بتاريخ الجلسة التي تحدّد لنظر الاستئناف. وإذاً فللمستأنف الذي صدر ضده حكم بإبطال المرافعة، على خلاف القانون، أن يجدّد دعواه بناءً على تقرير الاستئناف الحاصل منه، وعلى المحكمة الاستئنافية أن تعتبر هذا الاستئناف قائماً وتنظر فيه. ولا يمنعه من ذلك عدم طعنه بطريق النقض في حكم إبطال المرافعة، لأن هذا الحكم وإن كان قابلاً بذاته للطعن بطريق النقض إلا أنه لا لزوم لاتخاذ سبيل هذا الطعن ما دام أثر حكم إبطال المرافعة لا يتناول – كما سلف – تقرير الاستئناف.


المحكمة

وحيث إن الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه القاضي بعدم قيام الاستئناف قد أخطأ في تطبيق القانون لأنه بني على سبق الحكم بإبطال المرافعة في الاستئناف وأن هذا الحكم يلغي جميع المرافعات والإجراءات التي تمت فيه ومنها تقرير الاستئناف مع أن إبطال المرافعة غير معروف في الإجراءات الجنائية. وإذا فرض جدلاً أنه يصح إبطال المرافعة أمام المحاكم الجنائية فقد أخطأ الحكم في اعتبار إبطال المرافعة ملغياً للتقرير الصادر من الطاعن بالاستئناف أمام المحكمة الجزئية.
وحيث إن وقائع هذه الدعوى تتحصل في أن الطاعن رفع الدعوى الحالية مباشرة على المطعون ضدّه أمام محكمة كفر صقر الجزئية فقضت في 11 يونيه سنة 1936 ببراءة المتهم (المطعون ضده) ورفض الدعوى المدنية، فاستأنف الطاعن هذا الحكم، ولتخلفه عن حضور جلسة المرافعة لدى المحكمة الاستئنافية طلب محامي المتهم الحكم بإبطال المرافعة، فقضت محكمة الزقازيق في 28 نوفمبر سنة 1936 بإبطال المرافعة، ثم كان من الطاعن أن حرك دعواه من جديد فقضت المحكمة الاستئنافية في 29 مايو سنة 1937 بعدم قيام الاستئناف، وهذا الحكم هو المطعون فيه الآن.
وحيث إنه للفصل في هذا الطعن يجب البحث فيما إذا كان للمحاكم الجنائية أن تقضي بإبطال المرافعة في الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية في حالة ما إذا تخلف أحد أطراف الخصومة عن الحضور في إحدى الجلسات، وفي قيمة هذا الحكم في حالة صدوره ومدى تأثيره في إجراءات المرافعة.
وحيث إن مبدأ جواز رجوع المحاكم الجنائية إلى أحكام قانون المرافعات المدنية على أساس اعتباره القانون العام لا يسوغ إلا عند خلو قانون تحقيق الجنايات عن نص صريح بشأن المسألة المعروضة. أما إذا كان الأمر على خلاف ذلك وجب تطبيق نصوص قانون تحقيق الجنايات دون غيرها.
وحيث إن حالات الحكم في الغيبة عند تخلف أحد أطراف الخصومة عن الحضور لدى المحاكم الجنائية بدرجاتها المختلفة وردت بشأنها نصوص صريحة في قانون تحقيق الجنايات (المواد 132 و133 و160 و161 و162 تحقيق الجنايات)، وهي تدل على وجوب الحكم في الموضوع غيابياً إذا تخلف أحد الخصوم عن الحضور سواء أكان المتهم أم المدعي بالحق المدني، فلا محل بعد ذلك للرجوع في شيء منها إلى قانون المرافعات.
وحيث إن الدعوى المدنية تابعة للدعوى الجنائية تأخذ حكمها في إجراءات المرافعة وفي الأحكام والطعون الجائزة فيها من حيث الإجراءات والمواعيد، فلا يتسنى في شيء من هذا اقتباس أي نص من نصوص المرافعات المدنية. ولا يغير من هذه الحالة انحصار الخصومة بسبب عدم استئناف النيابة في الدعوى المدنية، إذ هذه التبعية من طبيعتها ومن شأنها أن تجعل الدعوى المدنية خاضعة لأحكام قانون تحقيق الجنايات في جميع الأحوال.
وحيث إنه لذلك ما كان يسوغ لمحكمة الجنح الاستئنافية أن تقضي بإبطال المرافعة، بل كان السبيل الوحيد لديها هو نظر الدعوى المدنية موضوعاً والقضاء فيها بحكم غيابي كما لو كانت الدعوى الجنائية قائمة. وإذاً يكون الحكم الصادر بإبطال المرافعة قد جاء خاطئاً ومخالفاً لنصوص قانون تحقيق الجنايات.
وحيث إنه يجب البحث بعد ذلك فيما إذا كان لهذا الحكم، وقد صدر، قيمة قانونية وتأثير في مجرى الدعوى الاستئنافية.
وحيث إن هذا الحكم نهائي لم يطعن فيه بطريق النقض فاحترامه أمر لا مناص منه.
وحيث إن الحكم بإبطال المرافعة في الاستئناف بحسب قواعد المرافعات المدنية هو إزالة أثر ورقة الاستئناف المعلنة وما تلاها من إجراءات المرافعة أمام المحكمة الاستئنافية.
وحيث إن استئناف الأحكام الجنائية إنما يكون بتقرير في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم (المادتان 154 و178 جنايات). فهو إذاً مستقل عن الإجراءات الحاصلة أمام المحكمة الاستئنافية ومغاير كل المغايرة لعريضة الاستئناف المدنية التي يحررها المستأنف في الدعاوى المدنية، فضلاً عن أن هذا التقرير لا يعلن إلى أحد من الخصوم إذ هم يعلنون فقط بتاريخ الجلسة التي تحدّد لنظر الاستئناف (مادة 184 جنايات). وإذ كان حكم إبطال المرافعة لا يتناول إلا أوراق الإجراءات الحاصلة لدى المحكمة الاستئنافية فالتقرير بالاستئناف المنفصل عنها كل الانفصال في المواد الجنائية هو بمنجاة عن متناول حكم إبطال المرافعة، وإذاًً يبقى هذا التقرير قائماً رغم زوال أثر إجراءات المحاكمة الاستئنافية بسبب ما يجب أن يكون لحكم إبطال المرافعة الخاطئ من الاحترام. ومن ثم يكون الطاعن على حق في تجديد دعواه لدى المحكمة الاستئنافية بناءً على هذا التقرير.
وحيث إن ما عرض له الحكم المطعون فيه من أن الطاعن ما كان له تجديد دعواه بناءً على تقرير الاستئناف، بل كان عليه أن يطعن في حكم إبطال المرافعة بطريق النقض – ما عرض له الحكم من هذا مردود، لأنه وإن كان صحيحاً أن حكم إبطال المرافعة قابل للطعن بطريق النقض متى كان صادراً مخالفاً للقانون إلا أنه يجب أن يلاحظ أن الطاعن ما كانت له مصلحة في اتخاذ هذا السبيل لعدم تناول أثر حكم إبطال المرافعة تقرير الاستئناف.
وحيث إنه لما ذكر يتعين نقض الحكم المطعون فيه واعتبار الاستئناف قائماً.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات