الطعن رقم 305 و307 سنة 23 ق – جلسة 14 /11 /1957
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثالث – السنة 8 – صـ 814
جلسة 14 من نوفمبر سنة 1957
برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي المستشارين.
الطعن رقم 305 و307 سنة 23 ق
( أ ) حكم "تسبيب معيب". حساب. إغفال الحكم الرد على مستندات مقدمة
في دعوى حساب والرد على التمسك بمدلول هذه المستندات. قصور.
(ب) حساب. حكم "تسبيب معيب". الحكم للمدعي في دعوى حساب بمجموع مبلغين على أنهما رصيد
حسابه في ذمة المدعى عليه مع أنهما لا يمثلان إلا رقمين من أرقام الحساب المتعددة.
خطأ.
1 – متى تبين أن الدعوى رفعت بطلب حساب عن عملية توريد أخشاب، وأغفل الحكم الرد على
المستندات التي قدمها المدعي ومنها كشف حساب مرسل إليه من المدعى عليه وصورة فواتير
صادرة من الجهة التي حصل لها التوريد عما قام المدعي بتوريده وصور خطابات مرسلة إليه
بعدم قبول بعض الأخشاب الموردة ومنها كذلك مستند قدمه المدعى عليه اعترف فيه بما قام
المدعي بتوريده من الأخشاب – كما أغفل الحكم الرد على ما تمسك به المدعى من مدلول كشف
الحساب المذكور ومما حواه المستند المودع من المدعى عليه فإن الحكم يكون قد شابه قصور
يبطله.
2 – إذا كان الحكم قد قضى لأحد الطرفين في دعوى حساب بمجموع مبلغين على أنهما رصيد
حسابه في ذمة الطرف الآخر، مع أن هذين المبلغين لا يمثلان إلا رقمين من أرقام الحساب
المتعددة – فإن الحكم يكون قد أخطأ فيما انتهى إليه من اعتبار الرقمين اللذين أوردهما
الرصيد النهائي للمحكوم له إذ كان على المحكمة أن تحل هذين الرقمين محل الرقمين المقابلين
لهما في الحساب لتنتهي إلى النتيجة الصحيحة لأن الحساب في هذه الصورة يكون كلاً لا
يقبل التجزئة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن أحمد
علي منصور كان قد رسا عليه عدة عطاءات لتوريد 22000 عمود تلغراف بسعر 585 مليماً للعامود
و82000 مسمار عازل بسعر 40 مليماً للمسمار و50000 ذراع عمود تلغراف بسعر 255 مليماً
للذراع و24000 عمود للخطوط بسعر 250 مليماً للعامود للجيش البريطاني. وفي 2 من إبريل
سنة 1942 عقد اتفاق بين أحمد علي منصور وبين فؤاد حبيب بصفته على تكوين شركة محاصة
لتنفيذ العطاءات ثم استعاض الطرفان عن هذا العقد بآخر في 15 من مايو سنة 1942 حددت
فيه التزامات الطرفين وحقوقهما فنص في البند الثاني من العقد على أن أحمد علي منصور
قد وكل فؤاد حبيب بصفته في التوقيع باسمه وعن الشركة وليعطي عنهما المخالصات وليحول
ويقبض الشيكات ويوقع على جميع الالتزامات الناشئة عن عقد الشركة، ونص في البند الثالث
على أن يتحمل فؤاد حبيب بصفته تمويل عملية توريد العطاءات كاملة وبلا فوائد وعلى أن
يمسك الحسابات والسجلات اللازمة…. وحدد البند الرابع حقوق فؤاد حبيب بصفته بأن تكون
المشتريات باسمه وبحضور مندوب عنه ودفع ثمنها… وأورد البند الخامس التزامات أحمد
علي منصور وحدد في هذا البند ثمن توريد عمود التلغراف بسعر 450 مليماً على أن يكون
الفرق بين هذا السعر وبين سعر التوريد للجيش وهو 585 مليماً هو الربح الذي يقتسمه الطرفان.
كما نص في ذلك البند على أن الأخشاب التي تسلم لهما من الجيش البريطاني تقسم بينهما
مناصفة.. ونص في البند السابع على حق أحمد علي منصور في طلب بيانات عن مفردات الحساب
واتفق الطرفان في البند الثامن على اقتسام ما ينتج من ربح مناصفة بينهما – وفي 26 من
فبراير سنة 1945 أقام أحمد علي منصور الدعوى رقم 181 سنة 1945 تجاري كلي مصر على فؤاد
حبيب بصفته طلب فيها الحكم بإلزامه بأن يقدم حساباً عن العمليات التي قامت بها الشركة
والحكم له بما يظهر من نتيجة الحساب، وجاء بصحيفة الدعوى أن كشف الحساب الذي قدمه فؤاد
حبيب قد أغفل حساب العطاء رقم 3/ 493 الخاص بتوريد 32000 عمود تلغراف مع أن ما يخص
رافع الدعوى من ربح نتيجة تنفيذ هذا العطاء مبلغ 639 جنيهاً و495 مليماً وأن كشف الحساب
ورد به أن الأخشاب التي سلمت للشركة من الجيش 34375 قدماً مع أن حقيقة ما قدمه الجيش
47007 أقدام – قدم فؤاد حبيب كشف حساب موقعاً عليه من أحمد علي منصور طعن فيه الأخير
بأنه لا يمثل الحقيقة بدليل المستندات التي حصل عليها من الجيش – وفي 19 من مايو سنة
1948، ندبت محكمة أول درجة خبيراً لتصفية الحساب بين الطرفين وقدم الخبير تقريراً انتهى
فيه إلى أحقية أحمد علي منصور لمبلغ 2638 جنيهاً و571 مليماً وقدم أحمد علي منصور للمحكمة
مستندات أخرى بعد انتهاء عمل الخبير وانتهت منها المحكمة إلى الحكم بإلزام فؤاد حبيب
بصفته بأن يدفع لأحمد علي منصور مبلغ 3085 جنيهاً و421 مليماً…. بالحكم الصادر في
9 من ديسمبر سنة 1950 فاستأنف فؤاد حبيب هذا الحكم وقيد الاستئناف برقم 212 سنة 68
ق تجاري مستأنف مصر وفي 31 من يناير سنة 1952 ندبت المحكمة خبيراً آخر في الدعوى، وبعد
أن قدم تقريره قررت مناقشته هو والخبير الذي ندبته محكمة في أول درجة. وفي 24 من يونيو
سنة 1953 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام فؤاد حبيب بصفته بأن يدفع لأحمد
علي منصور مبلغ 1200 جنيه و95 م إلخ. فطعن أحمد علي منصور في هذا الحكم بطريق النقض
وقيد طعنه برقم 305 سنة 23 ق، كما طعن فيه فؤاد حبيب بصفته بطريق النقض وقيد طعنه برقم
307 سنة 23 ق. وعرض الطعنان على دائرة فحص الطعون وأبدت النيابة رأياً في الطعنين بقبولهما
ونقض الحكم المطعون فيه. وبجلسة 29 من مايو سنة 1957 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعنين
على الدائرة المدنية والتجارية لجلسة 31 من أكتوبر سنة 1957 وصممت النيابة في تلك الجلسة
على ما جاء بمذكرتيها في الطعنين. وقررت المحكمة ضم الطعن 307 سنة 23 ق إلى الطعن رقم
305 سنة 23 ق.
(عن الطعن رقم 305 سنة 23 ق):
وحيث إن هذا الطعن يقوم على سببين يتحصل أولهما في النعي على الحكم المطعون فيه ببطلان
الإسناد ومسخ صحيفة الدعوى، ذلك أن الحكم أقام قضاءه في خصوص أعمدة التلغراف التي وردتها
الشركة إلى الجيش البريطاني على أن الطاعن تردد في تحديد عدد الأعمدة التي قام هو بتوريدها.
ودلل الحكم على هذا التردد بأن الطاعن حدد في صحيفة الدعوى طلباته المتصلة بهذه العملية
بمبلغ 639 جنيهاً و495 مليماً وهو ما يقارب ثمن 1155 عموداً التي أقر المطعون عليه
بأن الطاعن قام بتوريدها. وأضاف الحكم أن الطاعن ذكر أمام الخبير الذي ندبته محكمة
أول درجة أنه قام بتوريد 4225 عموداً ثم عاد فأضاف إلى هذا الرقم 993 عموداً أمام محكمة
أول درجة. ثم أضاف أمام محكمة الاستئناف عدداً آخر وصل به إلى مجموع قدره 7300 عمود.
وخلص الحكم من ذلك إلى أن ما جاء بصحيفة الدعوى عما يستحقه الطاعن في هذا العطاء يقارب
قيمة الأعمدة التي أقر المطعون عليه بأن الطاعن وردها وأن ما جاء بصحيفة الدعوى حجة
على الطاعن الذي رفع الدعوى بعد فترة كبيرة من انتهاء التوريد ووجود المستندات تحت
يده. مع أن المبلغ الذي أورده الطاعن في صحيفة الدعوى في خصوص هذه العملية لا يمثل
ثمن أي عدد من الأعمدة قل أو كثر إنما ذكره الطاعن في الصحيفة على أنه مقدار حصته في
الربح الناتج من تلك العملية وأنه أفصح عن ذلك الصحيفة، ولما كان المسلم به بين طرفي
الخصومة وما قرره الحكم المطعون فيه أن ما ورد للجيش البريطاني من أعمدة التلغراف تنفيذاً
للعطاء الخاص بها بلغ 9474 عموداً تنتج ربحاً قدره 1278 جنيهاً و990 مليماً هو الفرق
بين الثمن الذي حدد بعقد 15 من مايو سنة 1942 وهو 450 مليماً للعامود على أنه سعر التوريد
وبين السعر المحدد للعطاء وهو 585 مليماً للعامود يستحق الطاعن نصفه أي مبلغ 495 مليماً
و639 جنيهاً وأن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى اعتبار هذا المبلغ الأخير ثمناً لعدد
الأعمدة التي وردها الطاعن يكون قد انطوى على بطلان في الإسناد ومسخ لصحيفة الدعوى.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه يبين من الاطلاع على صورة صحيفة الدعوى المودعة بحافظة
الطاعن أن الأخير ذكر بها أن المطعون عليه أغفل بكشف الحساب نتيجة العطاء 3/ 493 وأنه
يخص الطاعن أرباح مما نفذ من هذا العطاء 495 مليماً و639 جنيهاً ولما كان الثابت مما
أورده الحكم المطعون فيه أن مقدار الأعمدة التي وردت إلى الجيش البريطاني تنفيذاً لهذا
العطاء 9474 ويكون الربح الناتج من هذه العملية 990 مليماً و1278 جنيهاً وهو ما يمثل
الفرق بين سعر التوريد المتفق عليه بين الطرفين في عقد 15 من مايو سنة 1942 وبين السعر
المبين بالعطاء مضروباً في عدد الأعمدة الموردة وتكون حصة الطاعن في هذا الربح 495
مليماً و639 جنيهاً وهو ما ذكر الطاعن صراحة في صحيفة الدعوى أنه يمثل قيمة ما استحق
من ربح في هذه العملية – إلا أن الحكم المطعون فيه قد أورد (أن الطاعن تردد في بيان
عدد الأعمدة التي قام بتوريدها إذ بدأ دعواه بعريضته المعلنة في 26 من فبراير سنة 1945
وأشار فيها إلى العطاء 3/ 493 وقال إن المطعون عليه لم يحاسبه عليه وإنه يخصه منه 495
مليماً و639 جنيهاً ثم زاد بعد ذلك في طلباته أمام خبير محكمة أول درجة إلى 4225 عموداً
ثم ارتقى بهذا الرقم أمام محكمة أول درجة فأضاف إليه 993 عموداً ولم يقف عند هذا الحد،
بل رفع الرقم إلى 7300 أمام محكمة الاستئناف… وأن المطعون عليه قد اعترف في جميع
أدوار الدعوى بأن الطاعن ورد 1155 عموداً وأن قيمة هذا القدر تكاد تستوي مع المبلغ
الذي عينه الطاعن في عريضة الدعوى….. وأنه لا يجوز للطاعن أن يتحلل من هذا الاعتراف.
وخلص الحكم من ذلك إلى أن مبلغ 495 مليماً و639 جنيهاً يمثل ثمن العمدة التي قام الطاعن
بتوريدها. وهذا الذي أورده الحكم وأقام عليه قضاءه في خصوص عدد أعمدة التلغراف التي
وردها الطاعن ينطوي على بطلان في الإسناد ومسخ لصحيفة الدعوى التي ورد بها هذا الرقم
على أنه يمثل حصة الطاعن في الأرباح الناتجة من تنفيذ العطاء الخاص بتوريد أعمدة التلغراف
لا على أنه ثمن ما قام الطاعن بتوريده من الأعمدة تنفيذاً لهذا العطاء على ما انتهى
إليه الحكم المطعون فيه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني من أسباب هذا الطعن أن الحكم المطعون فيه مشوب بالقصور،
ذلك أن النزاع كان يدور بين الطرفين حول كمية الأعمدة التي وردها كل منهما للجيش وقد
قدم الطاعن المستندات الصادرة من الجيش البريطاني الدالة على حقيقة الكمية التي قام
بتوريدها ولم يقدم المطعون عليه أي دليل على ما ادعاه في هذا الخصوص – أن محكمة الاستئناف
قد سلمت بذلك في حكمها الصادر في 31 يناير سنة 1952 الذي قضى بندب خبير آخر في الدعوى
إذ استبعدت من ذلك الحكم المخالصة التي كان يتمسك بها المطعون عليه – كما أن الطاعن
قد تمسك بمستندين قاطعين في الدعوى هما كشف الحساب المؤرخ أول يوليه سنة 1943 والذي
اعترف فيه المطعون عليه بأن الطاعن قام بتوريد 5000 عمود والمستند رقم 76 الذي كان
مودعاً بحافظة مستندات المطعون عليه المقدمة للخبير أمام محكمة الاستئناف وهذا المستند
يحوي إقراراً من المطعون عليه بأن الطاعن ورد 5019 عموداً ولكن الحكم المطعون فيه أغفل
الحديث عن مستندات الطاعن وعن المستندين المقدمين من المطعون عليه واللذين تمسك الطاعن
بدلالتهما اكتفاء بما أسنده خطأ إلى صحيفة الدعوى في خصوص تحديد عدد الأعمدة التي وردها
الطاعن – على ما سبق بيانه في السبب الأول – وأن إغفال الرد على دلالة هذه المستندات
من شأنه أن يعيب الحكم بالقصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه يبين من مستندات الطاعن المودعة بملف الطعن والتي
كانت تحت نظر محكمة الاستئناف أن بينها كشف حساب محرراً في أول يوليه سنة 1943 مرسلاً
من المطعون عليه إلى الطاعن ورد به أن الطاعن ورد 5000 عمود كما حوت صورة فاتورة صادرة
من الجيش البريطاني عن توريد 3000 عمود في 24 من أكتوبر سنة 1942 وأخرى عن توريد 2000
عمود في 16 من نوفمبر سنة 1942 وصورة خطاب في 7 من ديسمبر سنة 1942 بعدم قبول 775 عموداً
من الكمية المذكورة وصورة فاتورة عن توريد 1000 عمود في 25 من نوفمبر سنة 1942 وصورة
خطاب بعدم قبول سبعة أعمدة من هذه الكمية الأخيرة. كما كان يبين من صورة محضر جلسة
28 من مايو سنة 1953 أمام محكمة الاستئناف أن الطاعن ذكر ما يأتي "وقد عثرت على ورقتين
من كشف الحساب وورقة ثابت منها أني وردت خمسة آلاف عمود. مسألة التوريدات ثابتة بالكشف
أني وردت خمسة آلاف عمود والخبير انكونا ذكر في صحيفة 24 أن أحمد علي منصور ورد خمسة
آلاف عمود وقد اعترفت الشركة المطعون عليها بأنها وردت خمسة آلاف عمود، وقد اعترف فؤاد
حبيب نفسه بخط يده أن المستأنف ضده قدم للجيش خمسة آلاف عمود – بموجب مستند رقم 76
حافظة المستأنف المطعون عليه – ثم قال "إني متمسك بالمستند رقم 76…" ولما كان الحكم
المطعون فيه قد أغفل الرد على المستندات التي قدمها الطاعن والتي كانت تحت نظر المحكمة
– كما أغفل الرد على ما تمسك به الطاعن من مدلول كشف الحساب المرسل إليه من المطعون
عليه وما حواه المستند 76 المودع من المطعون عليه فإن الحكم يكون قد عاره قصور يبطله
– لذلك ولما سبق بيانه في التحدث عن السبب الأول يكون الحكم المطعون فيه متعين النقض.
(عن الطعن 307 سنة 23 ق):
وحيث إن هذا الطعن أقيم على سببين أولهما في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفته
القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله فيما انتهى إليه من الحكم بمبلغي 600 و560 ج و639.495
ج ومجموعهما 1200.095 ج وأن وجه الخطأ هو أن الحكم اعتبر خطأ أن مجموع هذين المبلغين
هو رصيد الحساب النهائي بين الطرفين مع أن الثابت من وقائع الدعوى أن هذين المبلغين
لا يمثلان إلا رقمين من أرقام الحساب الذي تنازعه الطرفان وأنه كان على المحكمة أن
تحل هذين الرقمين محل الرقمين المقابلين لهما واللذين أوردهما الحكم الابتدائي ثم تجري
الحساب بعد ذلك لتخلص إلى النتيجة الصحيحة في تصفية النزاع.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي أنه استعرض ما أورده الخبير
المنتدب في الدعوى عن أقلام الحساب المختلف عليها بين الطرفين سواء ما تعلق منها بكمية
الخشب الذي سلم إلى الشركة من الجيش البريطاني أو كمية الأعمدة الخشبية التي وردها
كل من الطرفين للجيش وكذلك باقي ما تنازعه الطرفان وناقش الحكم الاعتراضات التي وجهت
إلى تقرير الخبير ورأى أن يضيف إلى حساب المطعون عليه ثمن 993 عموداً من أعمدة التلغراف
قرر الحكم أن المطعون عليه قدم الدليل على أنه قام بتوريدها بعد أن انتهى الخبير من
القيام بمأموريته ثم انتهى إلى الحكم للمطعون عليه بمبلغ 3085.421 ج إلا أن الحكم المطعون
فيه انتهى إلى تصفية نصيب المطعون عليه في الخشب الذي سلم للشركة من الجيش بمبلغ 560.600
وإلى تصفية نصيب المطعون عليه في أعمدة التلغراف التي وردت للجيش البريطاني بمبلغ 639.495
ج وقضى للمطعون عليه بمجموع هذين المبلغين علما أنهما رصيد حسابه في ذمة الطاعن، مع
أن هذين المبلغين لا يمثلان إلا رقمين من أرقام الحساب المتعددة التي تناولها الحكم
الابتدائي كما تناولها الخبيران المنتدبان في الدعوى وكان على المحكمة أن تحل هذين
الرقمين محل الرقمين المقابلين لهما في الحساب لتنتهي إلى النتيجة الصحيحة لأن الحساب
في هذه الصورة يكون كلاً لا يقبل التجزئة ومن ثم يكون الحكم قد أخطأ فيما انتهى إليه
من اعتبار الرقمين اللذين أوردهما الرصيد النهائي للمطعون عليه في ذمة الطاعن.
وحيث إن السبب الثاني من أسباب هذا الطعن تتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور
وفي بيان ذلك يقول الطعن إنه دفع في مذكرته المقدمة لجلسة 28 من مايو سنة 1953 أمام
محكمة الاستئناف بأن المطعون عليه استلم ثمن حصته في كمية الخشب التي استلمتها الشركة
من الجيش البريطاني واستدل على ذلك بمستندات مودعة بملف الدعوى حددها بالمذكرة ولكن
الحكم المطعون فيه لم يرد على ذلك الدفاع ولم يناقش دلالة تلك المستندات اكتفاء بما
أورده من أن ملاحظات الطاعن قد شملها تقرير الخبير بالفحص دون أن يبين الحكم ماهية
تلك الملاحظات وما أورده تقرير الخبير في خصوصها هذا فضلاً عن أن تقرير الخبير الذي
أحال عليه الحكم يناقض ما انتهى إليه الحكم في هذا الخصوص ذلك أن الخبير المنتدب من
محكمة الاستئناف ذكر في تقريره التكميلي ما يلي: "كنت في تقريري المودع قد استبعدت
من حساب الخشب المسلم للمستأنف عليه (المطعون عليه) مبلغ 1048.400 ج بدلاً من 478.600
ج فيكون الفرق إذن 560.600 ج ويتعين إضافته إلى الحساب الدائن للمستأنف عليه حسبما
انتهيت إليه في تقريري".
وهذا الذي جاء بتقرير الخبير صريح في أن الخبير لم يعتبر أن مبلغ الـ 560.600 ج هو
صافي ما يستحقه المطعون عليه في ذمة الطاعن من حساب أرباح الأخشاب المسلمة من الجيش
البريطاني للشركة بل ذكر الخبير صراحة أنه يرى إضافة هذا المبلغ إلى الحساب الدائن
للمطعون عليه في حين أن الحكم المطعون فيه اعتبر هذا المبلغ هو الرصيد الدائن للمطعون
عليه في ذمة الطاعن من أرباح تلك الأخشاب وبذلك يكون الحكم قد وقع في نفس الخطأ الذي
وقع فيه كما هو وارد بالسبب الأول من أسباب هذا الطعن.
وحيث إن هذا النعي صحيح، لأنه يبين من صورة مذكرة الطاعن المقدمة لجلسة 28 من مايو
سنة 1953 أمام محكمة الاستئناف والمودعة تحت رقم 27 بحافظة الطاعن أن الطاعن دفع في
تلك المذكرة بأن المطعون عليه استلم حصته في ثمن الخشب المسلم للشركة من الجيش البريطاني
واستدل على ذلك بخطاب مؤرخ 23 من مارس سنة 1944 صادر من المطعون عليه يعترف فيه باستلام
7998 قدماً وبكشف الحساب المقدم من الطاعن لغاية أول يوليه سنة 1943 الثابت به أن المطعون
عليه باع للطاعن 23 متراً مكعباً بثمن قدره 460 جنيهاً أدمجت في كشف الحساب تحت بيان
المطلوب للمطعون عليه وكان رصيد هذا الكشف أن المطعون عليه يداين الطاعن في مبلغ 251
ج و308 م وبأن المطعون عليه باع للطاعن في 5 من أغسطس سنة 1943 – 2.40 متراً مكعباً
بثمن قدره 48 جنيهاً وإذا كان المطعون عليه يداين الطاعن في مبلغ 75 جنيهاً أخرى فقد
حرر الطاعن للمطعون عليه فاتورة بقيمة المبلغين أي مبلغ 123 جنيهاً في 5 من أغسطس سنة
1943 وأنه في 7 من أكتوبر سنة 1943 سدد الطاعن هذا المبلغ مع رصيد الحساب لغاية أول
يوليه سنة 1943 ضمن شيك بمبلغ 449 ج و308 م كما يبين من حافظة مستندات الطاعن أن المستندات
التي أشار إليها في تلك المذكرة كانت تحت نظر المحكمة إلا أن الحكم المطعون فيه أورد
في الرد على هذا الدفاع ما يأتي: – "وحيث إن الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة قد أضاف
لحساب المستأنف عليه "المطعون عليه" مبلغ 1048 ج و400 م قيمة النصف الذي يخصه اعتماداً
على أن الشركة المستأنفة لم تقدم دليلاً على أنها سلمته حصته – وحيث إنه أمام الدرجة
الاستئنافية قدمت المستأنفة خطاباً مؤرخاً 23 من مارس سنة 1944 أرسله إليها المستأنف
عليه وفيه يعترف باستلامه 7998 قدماً من الخشب وهذا الخطاب الذي بدأ المستأنف عليه
في التردد بين إنكاره والطعن عليه انتهى إلى ما يستفاد منه عدم إنكاره ما جاء به وأضاف
أنه مع خصم ثمن هذه الكمية فيكون المتبقى له في ذمة الشركة 560 ج و600 م. وحيث إن الخبير
أنكونا استناداً إلى ما جاء بهذا الخطاب بدأ بأن أسقط من تقرير الخبير الأول مبلغ 1048
ج و400 م على اعتبار أنه لا يحق للمستأنف عليه أن يطالب به في حالة أنه معترف باستلام
الأخشاب ولما ناقشته المحكمة فيما اعترض عليه المستأنف عليه من أن الكمية التي استلمها
وفقاً للخطاب المشار إليه لا توازي كل نصيبه عاد فقرر أنه أخطأ في تقريره الأول ووافق
المستأنف عليه في أن صحة المبلغ الواجب خصمه هو 487 ج و800 م وبذا يكون المتبقى من
نصيبه من ثمن الأخشاب هو مبلغ 560 ج و600 م. وحيث إن الملاحظات التي أبداها المستأنف
على هذا التعديل فقد شملها الخبير بالفحص في تقريره وبالرجوع إلى المستندات المقدمة
في الدعوى وما حوسب عليه المستأنف عليه من مبالغ استلهما وما أضيف على حسابه وانتهى
فيها إلى الرقم الذي أظهره واعترف به المستأنف عليه" – وهذا الذي أقام الحكم عليه قضاءه
يشوبه القصور ذلك أن الحكم وإن كان قد تحدث عن خطاب 23 من مارس سنة 1944 الذي اعترف
فيه المطعون عليه باستلام كمية من الخشب إلا أنه أغفل الرد على باقي المستندات التي
تقدم بها الطاعن والتي تمسك بمدلولها في مذكرته المقدمة لجلسة 28 من مايو سنة 1953
ومن ثم يكون الحكم قد عاره قصور. كما أن ما انتهى إليه الحكم من أن صافي ربح المطعون
عليه من الأخشاب التي سلمت من الجيش البريطاني للشركة هو مبلغ 560 ج و600 م ينطوي على
مخالفة القانون لأن الحساب كل لا يقبل التجزئة وكان على المحكمة أن تحل هذا الرقم المقابل
له بتقرير الخبير المنتهى إلى تصفية الحساب بين الطرفين على ما سبق بيانه في التحدث
عن السبب الأول من أسباب هذا الطعن.
وحيث إنه لذلك يتعين نقض الحكم.
