الرئيسية الاقسام القوائم البحث

طعن رقم 186 سنة 23 ق – جلسة 31 /10 /1957 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثالث – السنة 8 – صـ 754

جلسة 31 من أكتوبر سنة 1957

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمود عياد، ومحمد متولي عتلم؛ ومحمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت المستشارين.


طعن رقم 186 سنة 23 ق

نزع الملكية. تقدير التعويض. وجوب مراعاة قيمة الزيادة أو النقص في الجزء الذي لم تنزع ملكيته عند تقدير قيمة الجزء المنزوعة ملكيته.
يجب عند تقدير قيمة الأرض التي نزعت الحكومة ملكيتها للمنفعة العامة مراعاة قيمة الفائدة التي عادت على باقي الأرض بسبب نزع الملكية وذلك طبقاً للمادتين 13 و14 من قانون نزع الملكية رقم 5 لسنة 1907 المعدل بالمرسوم بقانون رقم 94 لسنة 1931. ويستوي في ذلك – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن تكون الحكومة قد اتبعت الإجراءات القانونية في نزع الملكية أم لم تتبعها لأن نص المادة 14 من القانون المذكور الذي يوجب عند تقدير التعويض مراعاة قيمة الزيادة والنقص في قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته إنما يقرر حكماً عاماً في التعويض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع الدعوى، على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، تتلخص في أن المطعون عليهم رفعوا ضد مأمور مركز جرجا بصفته رئيساً لمجلس محلي جرجا الدعوى رقم 115 سنة 1946 مدني كلي سوهاج بعريضة ذكروا فيها أنهم يمتلكون قطعة أرض استولى المجلس المحلى على 150 متراً منها لضمها إلى الطريق العام دون أن يصدر بشأنها مرسوم بنزع ملكيتها أو قرار بالاستيلاء عليها، ولما كان هذا غضباً لملكهم فقد طلبوا أصلياً الحكم بتثبيت ملكيتهم إلى هذه المساحة واحتياطياً الحكم بإلزام المجلس المحلي بأن يدفع لهم مبلغ 300 جنيه ثمنها وفوائد هذا المبلغ بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية للسداد، ندبت المحكمة خبيراً هندسياً لمعاينة قطعة الأرض موضوع النزاع وتطبيق المستندات عليها وبيان ما إذا كان المجلس المحلي قد أضاف شيئاً من ملك المطعون عليهم إلى الطريق العام ومقداره وبيان ما يساويه هذا المقدار من الثمن، فقام الخبير بمباشرة مأموريته وقدم تقريراً أورد فيه أن المجلس المحلي أضاف إلى الشارع من ملك المطعون عليهم ووضع يدهم على 149.34 متراً وأنه نظراً إلى التحسين الذي أدخل على واجهة قطعة الأرض، والمباني الخاصة بالمطعون عليهم من زيادة عرض الشارع إلى 12 متراً فإنه يقدر ثمن المتر من هذه المساحة بمبلغ 120 قرشاً وبذا يكون جملة ثمنها على هذا الأساس مبلغ 179 جنيهاً و208 مليمات وفي جلسة لاحقة أعادت المحكمة المأمورية للخبير لتقدير قيمة الأرض التي استولى عليها المجلس المحلي حسب ما تساويه قبل التصقيع، فقدم ملحقاً لتقريره قدر ثمن المتر من الأرض فيه قبل التصقيع بمبلغ 150 قرشاً فيصبح ثمن المساحة سالفة الذكر على هذا الأساس مبلغ 224 جنيهاً. وبجلسة 16 من فبراير سنة 1948 قضت المحكمة غيابياً – أخذاً بملحق التقرير – بإلزام الطاعن بصفته بأن يدفع للمطعون عليهم مبلغ 224 جنيهاً والمصاريف المناسبة والفوائد بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية للسداد واعتماداً على عدم الطعن من أي من الطرفين على تقرير الخبير وملحقه – عارض الطاعن في هذا الحكم، فقضت بتاريخ 29/ 12/ 1949 برفض المعارضة وتأييد الحكم المعارض فيه فاستأنف الطاعن الحكم المذكور بصحيفة طلب فيها إلغاءه فيما زاد على مبلغ 132 جنيهاً و373 مليماً باعتبار ثمن المتر مبلغ 950 مليماً استناداً إلى سبق الحكم بتقديرها الثمن للمتر في قطعة أرض أخرى في نفس الشارع وإلى تناقض التقدير الذي أخذ به الحكم المستأنف للمنطق لزيادة ثمن المتر في هذا التقدير قبل التصقيع عن ثمنه بعد التصقيع وبتاريخ 9/ 5/ 1953 قضت المحكمة الاستئنافية بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف لأن التقدير الذي انتهى إليه الخبير في ملحق تقريره هو التقدير الصحيح. فطعن الطاعن في هذا الحكم بالنقض بتاريخ 4 من يوليه سنة 1953 وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية لمحكمة استئناف أسيوط للحكم فيها مجدداً من دائرة أخرى. وبتاريخ 12/ 6/ 1957 عرض الطاعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية لنظره بجلسة 17/ 10/ 1957 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب محصله مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله مع قصور في التسبيب، ذلك أن الخبير قدر ثمن الأرض المستولى عليها بمبلغ 179 جنيهاً و208 مليمات بواقع المتر 120 قرشاً. وذكر في تقريره أنه أدخل في حسابه عند التقدير التحسين الذي أدخل على واجهة قطعة الأرض والمباني الخاصة بالمدعين من زيادة عرض الشارع إلى اثني عشر متراً. ثم أعادت المحكمة المأمورية إليه لتقدير قيمة الأرض قبل التصقيع فقدر ثمنها بمبلغ 224 جنيهاً دون مراعاة ما زاد في قيمتها بسبب الاستيلاء وتوسيع الشارع. وفي ضوء هذا التقدير الأخير قضت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليهم مبلغ 224 جنيها ثمناً للأرض دون أن تلقي بالا إلى ما بينه الخبير بوضوح في تقريريه ودون أن تراعى ما عاد على العقار من زيادة في القيمة بسبب إعمال المنفعة العامة وانساق الحكم المطعون فيه وراء الحكم الابتدائي دون أن يتنبه إلى ما وقع فيه الحكم الأول من خطأ ينطوي على مخالفة حكم المادة 13 من قانون نزع الملكية للمنفعة العامة التي توجب خضم ما عاد على العقار من تحسينات أو زيادة في القيمة أو ما يمكن أن يعود عليه من ذلك بسبب أعمال المنفعة العامة الناشئة عن نزع الملكية أو الاستيلاء على ثمن الجزء المستولى عليه والقضاء بثمن هذا الجزء باعتبار قيمته قبل التصقيع دون خصم قيمة التحسينات رغم وضوح حكم القانون في ذلك وما بينه الخبير في تقريره مما أشار إليه الحكم المطعون فيه في أسبابه ودون أن يوضح ذلك الحكم دعامة هذا القضاء مما يعتبر قصوراً بعيبه ويبطله.
وحيث إنه ورد في الحكم المطعون فيه رداً على دفاع الطاعن من أن تقدير الخبير للثمن يتعارض مع المنطق إذ قدر قيمة الأرض قبل التوسيع بثمن يزيد على قيمتها بعد التصقيع بأن هذا الدفاع "مردود بأنه عند التقدير الأول راعى الخبير ما حصل للأرض من تحسين من جراء توسيع الشارع فخفض ثمن القدر المنزوع ملكيته بنسبة ما استفاده المالك، من تصقيع باقي أرضه ولذلك أعيدت له المأمورية ليقدر القيمة الحقيقية للأرض وقت نزع الملكية أي قبل التوسيع وبدون مراعاة لتصيقع الأرض بسبب هذا الاستيلاء وترى المحكمة أن هذا التقدير الأخير هو الصحيح الذي يتعين الأخذ به".
وحيث إن هذا الذي أخذ به الحكم المطعون فيه من اعتبار قيمة الجزء المستولى عليه قبل نزع الملكية دون مراعاة ما عاد على باقي الأرض من المنفعة بسبب نزع الملكية مخالف للقانون ذلك أن القانون رقم 5 الصادر بتاريخ 24/ 4/ 1907 بشأن نزع ملكية العقارات للمنافع العمومية والمعدل بالمرسوم بقانون رقم 94 بتاريخ 18/ 4/ 1931 نص في المادة 13 منه على أنه "يقدر ثمن العقار في حالة نزع ملكيته بدون مراعاة زيادة القيمة الناشئة أو التي يمكن أن تنشأ من نزع الملكية. أما إذا كان نزع الملكية قاصراً على جزء منه فيكون تقدير ثمن هذا الجزء باعتبار الفرق بين قيمة العقار جميعه وبين قيمة الجزء الباقي منه للمالك" ونصت المادة 14 على أنه "إذا زادت أو نقصت قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته بسبب أعمال المنفعة العمومية فيجب مراعاة هذه الزيادة أو هذا النقصان، ولكن المبلغ الواجب إسقاطه أو إضافته لا يجوز أن يزيد في أي حال عن نصف القيمة التي يستحقها المالك حسب أحكام المادة السابقة".
وحيث إنه يستفاد مما ورد في تقرير الخبير – على ما سبق بيانه – أن قطعة الأرض المختلف على تقدير ثمنها هي جزء مما يملكه المطعون عليهم في نقطة النزاع فعلى هذا النحو يخضع تقدير ثمن هذا الجزء المستولى عليه لنص الفقرة الثانية من المادة 13 من قانون نزع الملكية باعتباره جزءاً من العقار المملوك للمطعون عليهم ويتعين تقدير هذا الثمن باعتبار الفرق بين ثمن العقار جميعه وبين قيمة الجزء الباقي منه للمالك مع وجوب مراعاة ما يكون قد طرأ على قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته بسبب أعمال المنفعة العمومية من زيادة أو نقص طبقاً لنص المادة 14 من ذلك القانون بخصمه أو إضافته إلى ثمن الجزء المستولى عليه حسب الأحوال، يستوي في ذلك على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن تكون الحكومة قد اتبعت الإجراءات القانونية في نزع الملكية أم لم تتبعها لأن نص المادة 14 من قانون نزع الملكية للمنافع العامة الذي يوجب عند تقدير التعويض مراعاة قيمة الزيادة – والنقص في قيمة الجزء الذي لم ينزع ملكيته إنما يقرر حكماً عاماً في التعويض.
وحيث إنه على الرغم من أن الخبير قد أورد في تقريره أن الجزء الباقي من ملك المطعون عليهم قد استفاد من التحسين الذي أدخل على واجهة قطعة الأرض، والمباني الخاصة بهم بسبب اتساع عرض الشارع وزيادته إلى 12 متراً الأمر الذي ردده الحكم المطعون فيه في أسبابه على ما سبق الإشارة إليه فإن ذلك الحكم لم يقم وزناً لهذه الفائدة عند تقدير ثمن الجزء المستولى عليه بل أجرى تقدير هذا الثمن تأييداً للحكم الابتدائي – على أساس قيمة الأرض دون مراعاة ما عاد على باقي الأرض من المنفعة بسبب نزع الملكية فجاء بذلك مخالفاً لقانون نزع الملكية وما ورد في مادتيه 13 و14 سالفتي الذكر عن هذا التقدير – ويكون سبب الطعن المبنى على هذه المخالفة في محله ويتعين لذلك نقض الحكم.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات