الرائيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 176 سنة 23 ق – جلسة 27 /06 /1957 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثاني – السنة 8 – صـ 638

جلسة 27 من يونيه سنة 1957

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: عبد العزيز سليمان وكيل المحكمة، واسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد علي، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.


القضية رقم 176 سنة 23 القضائية

( أ ) نزع الملكية. العبرة في تقدير ثمن العقار المنزوع ملكيته للمنفعة العامة.
(ب) نقض "أسباب قانونية يخالطها واقع". محكمة الموضوع. نزع الملكية. التمسك بما طرأ على الأرض المنزوع ملكيتها من زيادة في القيمة نتيجة الاستيلاء على بعضها. عدم جواز عرضه لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 – جرى قضاء هذه المحكمة بأن العبرة في تقدير ثمن العقار المنزوع ملكيته للمنفعة العامة هي بوقت نزع الملكية لا وقت الاستيلاء، ذلك لأن معنى الفقرة الأخيرة من المادة 5 من قانون نزع الملكية (رقم 5 لسنة 1907 والمعدل بالمرسوم بقانون رقم 94 لسنة 1931) أن نشر مرسوم نزع الملكية يساوي عقد بيع مسجلاً والأصل أن ثمن المبيع يقدر وقت البيع – ولأن باقي المواد من 6 – 12 و16 و17 تنص على الاتفاق على الثمن أو تقديره بمعرفة خبير وإيداعه خزانة المحكمة على ذمة المنزوع ملكيته في وقت قصير عقب نزع الملكية مباشرة (لا قبلها) – وعلى ذلك فإنه لا يترتب على معارضة نازع الملكية الخروج على حكم القانون وتقدير الثمن في وقت آخر.
2 – متى كانت الحكومة لم تثر في دفاعها أمام محكمة الموضوع عدم مراعاة الخبير والمحكمة من بعده ما طرأ على الأرض المنزوع ملكيتها من زيادة في القيمة بسبب نزع الملكية فإنه مهما كان هذا الدفاع متعلقاً بقاعدة قانونية إلا أنه نظراً لأن تحقيقها يخالطه واقع هو تحقيق ما عاد على الأرض من منفعة نتيجة الاستيلاء على بعضها – مما تستقل به محكمة الموضوع – فإنه يعتبر دفاعاً جديداً يمتنع عرضه لأول مرة على محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع – حسبما يبين من الأوراق – تتحصل في أنه بتاريخ 13 من يناير سنة 1949 أقام المطعون عليهما الدعوى 223 سنة 1949 كلي طنطا على الطاعنين. وقالا في صحيفتها إن وزارة الأشغال استولت في 15/ 5/ 1943، 5/ 6/ 1943، 5/ 11/ 1945 على أرض زراعية بزمام المحلة الكبرى مساحتها 19 قيراطاً و21 سهماً مما تملكه المطعون عليها الأولى بعقد مسجل في 9/ 3/ 1942 وعلى 8 قراريط و14 سهماً مما يملكه المطعون عليهما بالسوية بالعقد المسجل في 6/ 10/ 1947 وبذلك صار مجموع الأرض المستولى عليها فداناً و4 قراريط و11 سهماً لإقامة مستشفيين للأمراض الصدرية وللحميات عليها – ثم صدر مرسوم بنزع ملكية تلك العقارات في 10/ 5/ 1948 ورغم ذلك فإن الطاعنين لم يتخذوا أي إجراء للاتفاق على الثمن أو لتقديره وفقاً لإجراءات قانون نزع الملكية فهما لذلك يطلبان الحكم على الطاعنين بمبلغ 1185 جنيهاً و776 مليماً قيمة الثمن مع المصروفات والأتعاب بحكم مشمول بالنفاذ مع حفظ كافة الحقوق في الريع وفي التعويض.
نازع الطاعنون في مقدار المساحة المنزوع ملكيتها – وفي تقدير الثمن المطالب به – ولذلك أصدرت المحكمة حكماً تمهيدياً في 15/ 11/ 1949 بندب مكتب الخبراء للانتقال إلى الأعيان المتنازع عليها لإجراء مقاسها ولتقدير ثمنها عند الاستيلاء عليها وعند نزع ملكيتها – وبعد أن باشر مأموريته أودع تقريراً انتهى فيه إلى أن حقيقة المساحة فداناً و4 قراريط و9 أسهم وأن ثمنها وقت الاستيلاء 569 جنيهاً و795 مليماً ومبلغ 945 ج و840 م وقت نزع ملكيتها – وبجلسة 29/ 5/ 1951 قضت المحكمة بإلزام ن ثمنها وقت الاستيلاء 56956555556656الطاعنين بدفع مبلغ 945 جنيهاً و840 مليماً والمصروفات المناسبة ومبلغ 4 جنيهات أتعاباً للمحاماة وشملت الحكم بالنفاذ بالنسبة لمبلغ 150 جنيهاً و276 مليماً ومصروفاته المناسبة (عبارة عن المبلغ الذي اعترف به الطاعنون وقدروه ثمناً للأرض).
استأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا وقيد برقم 21 سنة 1 ق وطلبوا تعديل الحكم إلى المبلغ الذي يعترفون به، وبجلسة 14/ 4/ 1953 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وبتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين بالمصروفات والأتعاب (5 ج). فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض.
عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 17/ 4/ 1957 وفيها طلب الطاعنون إحالة الطعن على الدائرة المدنية. وطلبت النيابة الإحالة كذلك بالنسبة للسبب الأول. وعدم قبول الطعن بالنسبة للسبب الثاني. فقررت المحكمة إحالة الطعن على الدائرة المدنية لنظره بجلسة 13/ 6/ 1957 وفيها أصر الطاعنون والمطعون عليهما والنيابة على ما جاء بمذكراتهم.
ومن حيث إن الطعن بني على سبب واحد هو مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله من وجهين: الوجه الأول – أخطأ الحكم المطعون فيه حيث يقرر أن العبرة في تقدير ثمن العين المنزوع ملكيتها هو بوقت نزع ملكيتها – في حين أو وقت الاستيلاء هو ما يجب اعتباره مناط تقدير الثمن لأن واقعة الاستيلاء التي يخرج بها العقار من ذمة مالكه، ويدخل بها في ملك الدولة – بغض النظر عن مرسوم نزع الملكية الذي قد لا تدعو الحاجة إليه على ما جرى به قضاء هذه المحكمة في حكمها الصادر بجلسة 15/ 4/ 1943. الوجه الثاني – أخطأ الحكم كذلك بمخالفة المادة 13 من قانون نزع الملكية التي تقضي بتقدير ثمن العقار في حالة نزع ملكيته بدون مراعاة زيادة القيمة الناشئة أو التي يمكن أن تنشأ عن نزع الملكية – فأجرى الحكم مع الخبير تقدير القيمة في سنة 1948 دون أن يدخل في حسابه ما عاد على الأرض من فائدة نتيجة ضمها للمنافع وإقامة المستشفى عليها وقربها من العمران وارتفاع قيمتها تبعاً لذلك كله.
ومن حيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول بما جرى به قضاء هذه المحكمة في هذا الخصوص من أن العبرة في تقدير الثمن هي بوقت نزع الملكية – ذلك لأن المادة من قانون نزع الملكية (رقم 5 لسنة 1907 والمعدل بالمرسوم بقانون رقم 94 لسنة 1931) تقول في الفقرة الأخيرة منها "ونشر هذا الأمر العالي (مرسوم نزع الملكية) في الجريدتين الرسميتين يترتب عليه في صالح طالب نزع الملكية نفس النتائج التي تترتب على تسجيل عقد انتقال الملكية" ومعنى هذا أن نشر مرسوم نزع الملكية يساوي عقد بيع مسجل، والأصل أن ثمن المبيع يقدر وقت البيع. وأن باقي المواد من 6 – 12، 16، 17 تنص على الاتفاق على الثمن أو تقديره بمعرفة خبير وإيداعه خزانة المحكمة على ذمة المنزوع ملكيته في وقت قصير عقب نزع الملكية مباشرة (لا قبلها) – وأنه متى تقرر ذلك فإنه لا يترتب على معارضة نازع الملكية الخروج على حكم القانون هذا وتقدير الثمن في وقت آخر (الطعن 9 سنة 15 ق) – يؤكد أن قانون نزع الملكية لم يجعل لوقت الاستيلاء أي اعتبار في تقدير الثمن إلا في حالة واحدة وبصريح النص في المادة 25 منه حيث تقول "العقار الذي يحصل الاستيلاء عليه مؤقتاً يعاد بنفس الحالة التي كان عليها وقت أخذه – وكل تلف فيه يجعل لصاحبه حقاً في التعويض عنه – وإذا أصبح العقار غير صالح للاستعمال الذي كان مخصصاً له – فتلتزم الحكومة بمشتراه ودفع القيمة التي كان يساويها وقت الاستيلاء عليه" – ومفاد هذا النص أنه لا يسري في حالة الاستيلاء الغير المؤقت – أما حكم هذه المحكمة الذي يشير إليه الطاعنون في سبب النعي فإنه لا يمت إلى النزاع الحالي بأية صلة لأنه خاص بحالتي إضافة العقار إلى ملكية الحكومة للمنفعة العامة إما بالاتفاق الودي مع صاحبه أو باعتماد خط التنظيم بمرسوم يتداخل فيه ذلك العقار – وفي كلتا هاتين الحالتين قد لا يدعو الحال إلى استصدار مرسوم بنزع الملكية – لأن مرسوم اعتماد خط التنظيم يقوم مقامه ولأن الاتفاق مع مالك العقار – على حد تعبير المادة 6 في فقرتها الأخيرة (من قانون نزع الملكية) تكون له قيمة سند واجب التنفيذ ويعتبر بمثابة عقد رسمي – فلا يتصور أن يقوم معه نزاع على الثمن ومع ذلك فإن هذا الحكم يقرر أنه إذا لم تر الدولة داعياً لاستصدار مرسوم بنزع الملكية – واكتفت بالاتفاق ودياً مع المالك – فلا يمكن أن يكون هذا الاتفاق سبباً في عدم تطبيق أحكام قانون نزع الملكية وإسقاط حقوق المستأجرين وأصحاب المنفعة التي رعاها القانون المذكور ونظمها قبل هذا المالك – فإذا سارع المالك في هذه الحالة إلى الاتفاق على الثمن دون أن يدعو المستأجرين للجلسة المعينة لذلك ليطالبوا بحقهم في التعويض عن الضرر الذي لحق بهم مباشرة من نزع الملكية – فإن المستأجر يكون له أن يرجع على المالك المؤجر بالتعويض عما لحقه من الضرر بسبب نزع الملكية وبديهي أن الاتفاق المشار إليه في هذا الحكم لا يمت إلى الاستيلاء الذي يقول به الطاعنون بأية صلة ويكون استنادهم إليه على غير أساس من الصحة ولا من الواقع.
ومن حيث إن الوجه الثاني من سبب النعي مردود كذلك بأن دفاع الطاعنين أمام محكمة الموضوع اقتصر على أن الأرض المنزوع ملكيتها هي أرض زراعية وليست من أراضي البناء وأنها بعيدة عن مدينة المحلة الكبرى ولا تدخل في كردون السكن فلا يمكن أن تبلغ قيمتها إلى ما قدره لها الخبير بل إنها لا تزيد على القيمة التي عرضوها على المطعون عليهما وهو 151 جنيهاً و267 مليماً – ولم تثر الحكومة في دفاعها عدم مراعاة الخبير والمحكمة من بعده ما طرأ على الأرض المنزوع ملكيتها من زيادة في القيمة بسبب نزع الملكية – وأنه متى كان الأمر كذلك فإنه مهما كان هذا الدفاع متعلقاً بقاعدة قانونية إلا أنه نظراً لأن تحقيقها يخالطه واقع هو تحقيق ما عاد على باقي أرض المطعون عليهما من منفعة نتيجة الاستيلاء على بعضها وهو ما تستقل به محكمة الموضوع فإنه يعتبر دفاعاً جديداً يمتنع عرضه لأول مرة على محكمة النقض ومن ثم يكون هذا الوجه غير مقبول.
ومن حيث إنه لذلك كله يتعين رفض الطعن.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات