الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 315 سنة 23 ق – جلسة 16 /05 /1957 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثاني – السنة 8 – صـ 491

جلسة 16 من مايو سنة 1957

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: اسحق عبد السيد، وأحمد قوشه، ومحمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.


القضية رقم 315 سنة 23 القضائية

ضرائب. اتفاق. عقد. قوة الأمر المقضي. نظام عام. قيام مأمورية الضرائب بتقدير أرباح أحد النساجين على أساس عام عاملت به غيره من النساجين واستصدارها قراراً بذلك من لجنة التقدير. عدم قيام الممول بالطعن على هذا القرار بمقولة إنه اتفق مع المصلحة على إعادة محاسبته إذا غيرت القاعدة التي وضعتها لمحاسبة النساجين. صدور كتاب دوري من المصلحة بتغيير تقدير نسب الأرباح. عدم مخالفة مثل هذا الاتفاق الذي حصل بينه وبين المصلحة للنظام العام ولا للقانون.
إذا كانت مصلحة الضرائب قد قدرت أرباح أحد النساجين على أساس عام عاملت به غيره من النساجين يتحصل في تقدير ربح معين للرزمة واستصدرت بذلك قراراً من لجنة التقدير يقول الممول إنه لم يطعن فيه لأنه كان قد اتفق مع المصلحة على إعادة محاسبته على الأرباح إذا ما غيرت القاعدة العامة التي وضعتها في محاسبة النساجين على مقدار الربح للرزمة ثم صدر كتاب دوري من المصلحة تناول بالتغيير نسب الأرباح وادعى الممول أن المصلحة حاسبته من جديد على أساس هذا الكتاب فإن مثل الاتفاق الذي حصل بينه وبين مصلحة الضرائب على إعادة محاسبته لا يعتبر مخالفاً للنظام العام ولا للقانون ذلك أن من القواعد الدستورية المساواة في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية والواجبات والتكليف (المادة 3 من دستور سنة 1923 والمادة 31 من الدستور الحالي) ولما كانت الضرائب من التكاليف العامة فوجب أن يتساوى الجميع في تحمل أعبائها فإذا وضع نظام لتقدير نسب الأرباح التي ترتبط عليها الضريبة فإن الاتفاق على تمتع أي ممول به لا يكون مخالفاً للنظام العام.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتلخص كما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 412 سنة 1947 أمام محكمة شبين الكوم الابتدائية على المطعون عليها بطلب الحكم بوقف إجراءات تحصيل الضريبة حتى يفصل في النزاع وفي الموضوع ببراءة ذمته من مبلغ 4240 ج و413 م قيمة الضريبة التي تطالبه بها المطعون عليها عن أرباحه لغاية سنة 1943 مع إلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقد أسس دعواه على أنه يزاول مهنة صناعة النسيج على الأنوال اليدوية وأن مأمورية الضرائب قدرت أرباحه بمبلغ 55060 ج و5520 ج و8040 ج و1080 ج و4330 ج في السنوات من 1939 لغاية 1943 على التوالي على أساس أن ربح الرزمة الإجمالي هو 300 م و395 م و1 جنيه و160 م و1 جنيه و460 م و2 ج في السنوات المذكورة حسب ترتيبها وأنها طلبت إليه الموافقة على هذه التقديرات بعد أن أفهمته أن لجان التقدير في جميع الجهات قدرت ربح الرزمة طبقاً لها فقبل وحرر على نفسه إقراراً مؤرخاً في 24 من مارس سنة 1945 وفي الوقت نفسه حرر كتاباً للمأمورية في تاريخ تحرير الإقرار ضمنه بأنه وإن كان قبل تقدير أرباحه بالمبالغ المتقدمة إلا أنه علم بأن بعض النساجين رفعوا دعاوى ضد المصلحة بالطعن في الأسس التي اتبعتها اللجنة في التقدير وأنه لذلك يحفظ لنفسه الحق في الرجوع على مصلحة الضرائب فيما لو خفضت المحكمة أو اللجنة أو مصلحة الضرائب أو أي جهة أخرى نسب الربح أو حصل اتفاق ودي بينها وبين النساجين وأن تجرى المحاسبة من جديد ولما أحيل الأمر على لجنة التقدير استدعته وناقشته فيما تضمنه إقراره فأجاب بموافقته على تقدير المأمورية مع حفظ حقه في التخفيض في الأحوال المتقدمة وأن المأمورية أعلنته بتاريخ 22 من سبتمبر سنة 1945 بقرار اللجنة وهو يقضي باحتساب أرباحه طبقاً للأرقام التي قدرتها المأمورية ولما أراد الطعن فيها أمام المحكمة أسوة بزملائه النساجين الذين رفعوا أموهم للقضاء عادت المأمورية وطمأنته أن لا محل للطعن ما دام أنه قد احتفظ لنفسه بالحق في محاسبة المصلحة على أساس التخفيض الذي تجريه المصلحة أو المحكمة مع غيره من النساجين ولذلك لم يرفع طعنه وظل يترقب ما يجري بشأن زملائه النساجين وأخيراً أصدرت المصلحة كتاباً دورياً رقم 164 ذكرت فيه الأساس السليم الذي يجب محاسبة النساجين عليه وهو يتناول تقدير الربح الإجمالي للرزمة بواقع 300 مليم و395 مليماً و450 مليماً و550 مليماً و750 مليماً على التوالي في السنوات من 1939 لغاية 1943 ثم تصالحت في القضايا التي كانت مرفوعة ضدها من بعض الممولين على أساس ما ورد بالكتاب الدوري سالف الذكر وعندئذ طلب إلى المأمورية محاسبته من جديد على أساس ما تضمنه هذا الكتاب الدوري وبعد عرض الأمر على مصلحة الضرائب أصدرت أمرها بمحاسبته طبقاً لما جاء بالكتاب الدوري المشار إليه وقام بسداد الضريبة المستحقة عليه لغاية سنة 1943 بمقتضى القسيمة المؤرخة في 17 من أغسطس سنة 1946 والثابت فيها أنه سدد مبلغ 87 جنيهاً و222 مليماً وهي باقي ضريبة الأرباح الاستثنائية حتى آخر سنة 1943 إلا أن مصلحة الضرائب رغم ذلك تجاهلت هذا الاتفاق وهذا التخالص وأصرت على ضرورة إلزامه بسداد مبلغ 4240 جنيهاً و413 مليماً قيمة الضريبة على أرباحه من سنة 1939 حتى سنة 1943 طبقاً لتقديرات اللجنة مستندة إلى أنه لم يطعن على قرارها في الميعاد المحدد فلا يحق له التمتع بما تضمنه الكتاب الدوري 164 من تخفيض أسس التقدير وأوقعت الحجز الإداري على منقولاته فعرض الأمر على القضاء المستعجل الذي حكم استئنافياً بعدم الاختصاص فلجأ إلى القضاء العادي بدعواه المذكورة، فدفعت مصلحة الضرائب بعدم قبول الدعوى شكلاً بمقولة إن موضوعها إن هو في الواقع إلا طعن في قرار لجنة التقدير الذي أعلن به في 22 من سبتمبر سنة 1945 ووافق عليه ولم يطعن فيه إلا بعد فوات الميعاد. وبتاريخ 26 من ديسمبر سنة 1949 حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى وألزمته بمصروفاتها ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة وأشارت في أسباب حكمها أن الدفع في غير محله. استأنف طرفا الخصومة هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا وقيد استئناف الطاعن برقم 186 سنة 1 ق تجاري واستئناف المطعون عليها برقم 187 سنة 1 ق تجاري. وبتاريخ 23 من أكتوبر سنة 1952 حكمت محكمة الاستئناف بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وألزمت كل مستأنف بمصروفات استئنافه مع المقاصة في أتعاب المحاماة. فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بالنقض، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 27 من فبراير سنة 1957 فقررت إحالته على هذه الدائرة وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وقد بني الطاعن طعنه على أربعة أسباب.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى ببطلان الاتفاق الذي حصل بينه وبين مصلحة الضرائب على إجراء محاسبته طبقاً لما تجري محاسبة غيره عليه سواء أكان ذلك بحكم أو اتفاق أو منشور أو خلافة وقد كانت مأمورية الضرائب أجرت التقدير عليه طبقاً لأسس معينة فقبل هذا التقدير منها مشروطاً بأنه إذا أجرت محاسبة غيره على أساس أصلح فله أن يطلب محاسبته على الأساس الجديد وأن المصلحة أصدرت الكتاب رقم 164 ويقوم على أسس جديدة أصلح له وحاسبت غيره بمقتضاه ثم أجرت محاسبته من واقعه وقام بسداد الضريبة بمقتضى قسيمة ذكر فيها أنها باقي الضريبة على الأرباح الاستثنائية ثم عادت فنقضت اتفاقها معه وحجزت عليه بمقتضى التقدير الأول وأن محكمة أول درجة وأيدتها محكمة الاستئناف قد اعتبرتا أن هذا الاتفاق باطل لمخالفته للنظام العام وأنه ما كان يصلح إبرامه بينما يرى هو أنه لا مخالفة للنظام العام في هذا الاتفاق.
ومن حيث إنه يبين من الحكم الاستئنافي أنه أيد الحكم الصادر من محكمة أول درجة لأسبابه وأن حكم محكمة أول درجة قد بني على "أن الاتفاق الذي تم بين مصلحة الضرائب على ربط الضريبة المستحقة عليه في المدة من سنة 1939 لغاية آخر سنة 1943 على أساس أن أرباحه أقل من المبالغ التي قدرتها المأمورية ولجنة التقدير والتي قبلها من بادئ الأمر – هذا الاتفاق باطل سيما إذا لوحظ أن قرار لجنة التقدير بعد صيرورته نهائياً وواجب التنفيذ لا تملك مصلحة الضرائب التنازل عن التمسك به أو الاتفاق على ما يخالفه ومن ثم فالإجراء الذي يتخذ مخالفاً كما حدث من مصلحة الضرائب بإصدارها الكتاب الدوري رقم 164 المتضمن خفض أسس تقدير نسب الأرباح التي اعتمدتها لجنة التقدير ومحاسبتها للمدعي على أرباحه بمقتضى الأسس المخفضة المذكورة إجراء باطل خاطئ ومخالف للنظام العام".
وحيث إنه متى كانت المحكمة قد حصلت أن اتفاقاً حصل بين المصلحة والممول على إعادة محاسبته على الأرباح على أساس كتابها الدوري الأخير رقم 164 فإن هذا الاتفاق لا يعتبر مخالفاً للنظام العام ولا للقانون ذلك أن من القواعد الدستورية المساواة في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية والواجبات والتكاليف (المادة الثالثة من دستور سنة 1923 والمادة الحادية والثلاثين من الدستور الحالي). ولما كانت الضرائب من التكاليف العامة فوجب أن يتساوى الجميع في تحمل أعبائها فإذا وضع نظام لتقدير نسب الأرباح التي تربط عليها الضريبة فإن الاتفاق على تمتع أي ممول به لا يكون مخالفاً للنظام العام وعلى ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بغير ذلك قد خالف القانون ويتعين نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات