الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 262 سنة 23 ق – جلسة 21 /02 /1957 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الأول – السنة 8 – صـ 165

جلسة 21 من فبراير سنة 1957

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: اسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد علي، ومحمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.


القضية رقم 262 سنة 23 القضائية

( أ ) ضرائب. ضريبة الأرباح الاستثنائية. حق الممول الذي لا يمسك حسابات منتظمة في اختيار رقم المقارنة. بقاء هذا الحق ما دام أن مصلحة الضرائب لم تتخذ قراراً بتحديد رأس المال المستثمر وإخطار الممول به بخطاب موصى عليه بعلم وصول ولو بني تحديد رأس المال على إقرار الممول نفسه.
(ب) ضرائب. تعويض. حكم "تسبيب معيب". طلب الممول الحكم له بتعويض عن خطأ مصلحة الضرائب في ربط ضريبة الأرباح الاستثنائية عليه وما تم بناء على ذلك من إجراءات الحجز والبيع وغلق محله وضياع رأس ماله واسمه وشهرته. عدم تحقيق الحكم عند القضاء بالتعويض مقدار ما بيع وما لحق الممول من خسائر من جراء هذا البيع وعدم بيانه أن الإغلاق كان نتيجة مباشرة لتوقيع الحجز. قصور.
1 – حق الممول الذي لا يمسك حسابات منتظمة في الاختيار المخول له في المادة 3 فقرة ثانية من القانون رقم 26 لسنة 1941 المعدل بالقانون رقم 87 لسنة 1943 بين رقم أرباحه المعتمدة أو المقدرة في سنة 1939 وبين 12% من رأس المال المستثمر في المنشأة – هذا الحق يظل قائماً ما دام لم تتخذ مصلحة الضرائب قرار بتحديد رأس المال وإخطار الممول به بخطاب موصى عليه بعلم الوصول وفقاً للمادة الخامسة من القرار الوزاري رقم 26 الصادر باللائحة التنفيذية للقانون رقم 60 لسنة 1941 – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ولا يشفع لمصلحة الضرائب القول بأنها اتخذت في تحديد رأس المال إقرار الممول نفسه.
2 – إذا كان الممول قد طلب الحكم له بالتعويض عن خطأ مصلحة الضرائب في ربط ضريبة الأرباح الاستثنائية عليه وفيما تم بناء على ذلك من إجراءات الحجز على بضاعته وبيعها وغلق محله وضياع رأس ماله واسمه وشهرته بسبب تلك الإجراءات وكان الحكم قد قدر التعويض تقديراً جزافياً واكتفى ببيان وصف ما بيع من البضاعة المحجوز عليها وبالقول بأن ما بيع هو جزء كبير مما حجز عليه دون أن يحقق مقدار ما بيع وما لحق الممول من خسائر من جراء هذا البيع كما قضى بعد ذلك للممول بتعويض عن غلق المحل مقداراً بقيمة الأرباح التي ضاعت عليه عن سنوات أزيد مما طلبه دون أن يثبت الحكم أن هذا الإغلاق كان نتيجة مباشرة لتوقيع الحجز فإن الحكم يكون قد جاء قاصر البيان ويتعين نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذا الطعن – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون عليه أقام في 4/ 2/ 1950 على الطاعنين الدعوى رقم 66 سنة 1950 كلي بني سويف وطلب الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا إليه بطريق التضامن والتكافل مبلغ 30000 جنيه على سبيل التعويض مع المصروفات والأتعاب بحكم مشمول بالنفاذ مع حفظ كافة حقوقه الأخرى وقال شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 1/ 1/ 1947 أعلنته مأمورية ضرائب بني سويف بدفع الضريبة الاستثنائية عن أرباحه في سنة 1943 والتي حددتها بمبلغ 492 جنيهاً و900 مليم ثم أوقعت في 15/ 1/ 1947 الحجز على منشأته التجارية ثم باشرت البيع من 3 إلى 17 من أغسطس سنة 1947 نفاذاً لهذا الحجز وحصلت من هذا البيع مبلغ 97 جنيهاً و685 مليماً بإضافته إلى ما قام بسداده مختاراً قبل البيع على دفعات مجموعها 137 جنيهاً و405 مليمات فيكون جميع المسدد منه مبلغ 235 جنيهاً و90 مليماً ثم قال إن الإجراءات التي اتبعت في ربط هذه الضريبة كانت باطلة إذا اعتمدت المصلحة في تقديرها على إقرار صدر من عامل بمحله ليس وكيلاً عنه ولم تكن له صفة التحدث نيابة عنه ورغم أنه أوضح لها ذلك في خطابه الرقيم 5/ 5/ 1946 فإنها بدلاً من أن تحيل الموضوع على لجنة التقدير لتفصل في أوجه الخلاف بينه وبينها اعتبرت التقدير نهائياً لا يقبل الطعن ثم أوقعت الحجز وشفعته بالبيع الذي شاب إجراءاته عيوب وأخطاء كثيرة منها أن البيع لم يقصر على ما حجز عليه بل تعداه إلى ما لم يحجز عليه وكانت المزايدة في البيع صورية نزلت بقيمة البضائع إلى ما لا يجاوز 10% من قيمتها الحقيقية، وكل ذلك في غيابه وفي غياب الحارس المعين في محضر الحجز – كما تم بيع كثير من البضاعة بدون قسائم فلم يورد ثمنها للخزانة لحسابه – فترتب على ذلك كله انتهاء حياته التجارية لأنه بمجرد شروع المصلحة في تلك الإجراءات التعسفية تزعزعت الثقة به وتزاحم عيه دائنوه وأقام أحدهم دعوى بإشهار إفلاسه انتهت صلحاً ولكنه لم تقم له بعد ذلك قائمة لأن محله صفى في مقابل مبلغ 97 جنيهاً و685 مليماً وبذلك ضاع عليه رأس ماله وأرباحه واسمه وشهرته ثم انتهى إلى تقدير التعويض بمبلغ 27497 جنيهاً و593 مليماً فصله على النحو الآتي وعدل طلباته إليه:
4478 جنيهاً و593 مليماً قيمة البضاعة التي كانت بمحله في 31/ 12/ 1946 بعد استنزال ما بيع وما سلم إليه ومع إضافة 25% أرباح.
8580 جنيهاً ما ضاع عليه من ربح في السنوات من 1947 إلى 1950.

مليم جنيه  
6439.000 شهرة المحل على اعتبار أنها توازي ربح ثلاث سنوات.
8000.000 عن الأضرار المادية والأدبية
27497.593  

وبجلسة 2/ 6/ 1950 قضت المحكمة قطعياً باعتبار أن تقدير المصلحة للضريبة الاستثنائية تم وفقاً للقانون وأبلغ به المطعون عليه فلم يطعن عليه أمام المحكمة الابتدائية كما قضت في نفس الحكم تمهيدياً بندب الخبير الحسابي المختص بمكتب الخبراء للاطلاع على أوراق ومحاضر البيع وحصر البضاعة التي بيعت بمقتضاها والأثمان التي دفعت فيها والاطلاع على دفاتر ومستندات المدعي لبيان البضاعة التي كانت بالمحل يوم توقيع الحجز في 15/ 1/ 1947 وأثمانها وكذلك الاطلاع على محاضر الجرد التي حررها مندوب مصلحة الضرائب عقب توقفه عن إجراء البيع وحصر البضاعة التي بقيت بدون بيع وتقدير ثمنها وكذلك حصر البضاعة التي هربها المدعي وثمنها وتحقيق ما قيل عن بيع ما لم يحجز عليه. وما إذا كانت أثمان البضاعة المبيعة تسددت جميعها لحساب المدعي… إلخ.
ولكن المدعي يدفع الأمانة المقدرة في الحكم وقرر في محضر جلسة 10/ 11/ 1951 أنه لن ينفذ الحكم وطلب من المحكمة الفصل في الدعوى غير متقيدة بالحكم التمهيدي. وبجلسة 8/ 12/ 1951 قضت برفض الدعوى. فاستأنف المطعون عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد أمامها برقم 90 سنة 69 ق. وبجلسة 4/ 6/ 1953 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف عليهم متضامنين بأن يدفعوا للمستأنف على سبيل التعويض مبلغ
4000 ج والمصروفات عن الدرجتين ومبلغ 50 ج أتعاباً للمحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون، وبعد أن استمعت إلى طلبات الطاعنين والنيابة العمومية قررت بجلسة 9/ 1/ 1957 إحالة الطعن على الدائرة المدنية.
ومن حيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالأول منها على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في فهم الواقع في الدعوى وخالف الثابت في أوراقها فخالف بذلك القانون وأخطأ في تطبيقه من ثلاثة أوجه: الوجه الأول: أن الحكم أقام قضاءه على أن المطعون عليه نازع المصلحة في تقديرها لرأس ماله وذلك بموجب الخطاب الرقيم 30 من إبريل سنة 1946 ثم اتخذ من هذا النزاع سبباً للقول بوجوب إحالة الموضوع على لجنة التقدير ومن بعدها إلى القضاء. وإذ هي لم تفعل واستبدت بالأمر من غير أن تعرضه على اللجنة تكون قد خالفت أحكام القانون – في حين أن الثابت من أوراق الدعوى أنه لم يكن من بينها خطاب يحمل ذلك التاريخ ولكن الموجود هو خطاب بتاريخ 30/ 4/ 1947 وفيه يشير إلى أوجه منازعته واعتراضاته على تقدير المأمورية لرأس ماله التي حرر بها خطابه الرقيم 5/ 5/ 1946 ولو أنه كان قد أرسل خطابات غير خطاب 5/ 5/ 1946 لأشار إليه في خطاب 30/ 4/ 1947 ويستحيل أن يكون هذا الخطاب هو الذي أشارت إليه المحكمة واعتبرت أن تاريخه 30/ 4/ 1946 لأنه يحتوي على إشارة ربط الضريبة وتحديد رقمها(492 ج) في حين أنه في الفترة بين 28 و30/ 4/ 1946 لم تكن المصلحة قد ربطت الضريبة بعد لأن هذا الربط لم يتم ولم يخطر به الممول إلا في 1/ 1/ 1947 – ومتى كان الثابت أن منازعة الممول لم تخلق إلا بعد مضي سنة كاملة من صدور القرار بتحديد رأس المال وبعد أن فوت الطاعن على نفسه مواعيد الطعن عليه وعلى القرار الصادر بربط الضريبة إذن لتغير وجه الحكم وانتفى القول بوجود مخالفة للقانون – والحكم إذا أقام قضاءه على هذا المستند المزعوم يكون قد أخطأ فهم الواقع في الدعوى وخالف الثابت في أوراقها – ففسد بذلك رأيه ومتى فسد رأيه فقد فسد حكمه.
الوجه الثاني: وثمة وجه آخر لخطأ الحكم في فهم الواقع في الدعوى ومخالفة الثابت في أوراقها ذلك أنه لم يتخذ من خطاب 30/ 4/ 1946 وحده دليلاً على منازعة الممول بل أتخذ منه ومن خطاب آخر تاريخه 5/ 5/ 1946 دليلاً على المنازعة وأوجب لقيامها إحالة الموضوع على لجنة التقدير ثم اتخذ من عدم الإحالة وجهاً للمخالفة وموجباً للمسئولية – هذا بينما كانت المأمورية ومنذ 28/ 4/ 1946 قد أصدرت قرارها بتحديد رأس المال تأسيساً على خطاب الممول نفسه الذي أرسل إليها في نفس اليوم وعولت على ما فيه من بيانات وفي ذلك ما يقطع في أنه قبل صدور القرار لم تحصل منازعة من الممول بخصوص تحديد رأس المال كان يمكن مع قيامها أن تتوقف في إصدار قرارها أو أن تحيله على لجنة التقدير على خلاف ما توهمه الحكم – وليس في أوراق الدعوى ما يفيد منازعة الممول قبل صدور القرار، أما المنازعة التي تحصل بعد التحديد فقد رسم القانون طريقها بما نص عليه من تخويل الممول حق الطعن في القرار بالطرق وفي المواعيد المحددة – وليس في الأوراق كذلك ما يفيد أن الممول قد تقدم بهذا الطعن.
الوجه الثالث: وقد ترتب على تلك الأخطاء أن الحكم أخطأ كذلك في فهم القانون لأن المادة 5 من اللائحة التنفيذية وقد أوجبت على المأمور إصدار قرار بتحديد رأس المال يعلن للممول بخطاب موصى عليه تكون قد أحلته محل اللجنة وما على الممول إلا أن يطعن في قراره في المواعيد والطرق المحددة في القانون مع ملاحظة أن الضريبة يؤخذ فيها على الدوام بإقرار الممول فهو حين يقر بشيء تأخذ به المصلحة وتعتمده فيكون هناك اتفاق ملزم لطرفيه له قوته وله حجيته ولا سبيل إلى الرجوع فيه ومانع لطرفيه من العودة إلى مناقشته لأنه ينبني على القول بغير ذلك اضطراب وعدم استقرار في المعاملات وفي تحديد وعاء الضريبة – كل ذلك فضلاً عن أن المحكمة أهملت تحقيق هذا النزاع على النحو الذي سيفصل في السبب الثالث، وبصرف النظر عما أوقعته المصلحة من جزاءات على موظفيها لأن العبرة هي بثبوت المخالفة لحكم القانون لا لتصرفات المصلحة مع موظفيها.
ومن حيث إن هذا السبب مردود في جميع وجوهه بأن حق الممول في اختيار رقم المقارنة يظل قائماً طالما لم تتخذ مصلحة الضرائب الإجراء الواجب قانوناً لتحديد رأس المال المستثمر في المنشأة وفقاً للمادة الخامسة من القرار الوزاري رقم 26 الصادر باللائحة التنفيذية للقانون رقم 60 لسنة 1941 بفرض ضريبة خاصة على الأرباح الاستثنائية فإن ميعاد اختيار رقم المقارنة بالنسبة للممول يبقى مفتوحاً – ذلك أنه لكي يتسنى للممول (من أمثال المطعون عليه) الذي لا يمسك حسابات منتظمة استعمال حق الاختيار المخول له في المادة 3 فقرة ثانية من القانون رقم 60 لسنة 1941 المعدل بالقانون رقم 87 لسنة 1943 بين رقم أرباحه المعتمدة أو المقدرة في سنة 1939 وبين 12% من رأس المال المستثمر في المنشأة يجب أن يكون على بينة من مقدار كلا الرقمين على وجه التحديد – وتحقيقاً لهذا العلم أوجبت المادة الخامسة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 60 لسنة 1941 أن يصدر بتحديد رأس المال المستثمر قرار من المأمورية يعلن للممول بخطاب موصى عليه بعلم الوصول ويجوز للممول الطعن في هذا التحديد بالطرق وفي المواعيد المنصوص عليها في المواد 45 وما بعدها من القانون رقم 14 لسنة 1939 فإذا لم تقم مصلحة الضرائب بما أوجبته عليها هذه المادة من تحديد رأس المال وإخطار الممول به – وهو إجراء لم يوجبه القانون عبثاً – فإن عدم مراعاته يكون من شأنه تجهيل أحد الرقمين اللذين يجري عليهما الاختيار مما يترتب عليه بقاء باب الاختيار مفتوحاً حتى يتحدد هذا الرقم وفقاً للقانون – وهذا هو ما جرى به قضاء هذه المحكمة (الطعن 150 سنة 21 ق جلسة 18/ 6/ 1953) ومتى كان الأمر كذلك فإنه لا جدوى من البحث وراء خطاب 30/ 4/ 1946 ولا محل للتحقيق في أمره – كما أنه لا يشفع للطاعنين قولهم إنهم اتخذوا في تحديد رأس مال المطعون عليه إقراره الثابت في خطاب 28/ 4/ 1946 حتى ولو كان صادراً من الممول نفسه طالما أن المصلحة لم تتخذ قراراً بتحديد رأس ماله ولم تعلنه بذلك القرار على النحو المبين في المادة الخامسة من اللائحة التنفيذية فوقعت إجراءاتها كلها في هذا الخصوص باطلة ومخالفة للقانون.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وقصوره في التسبيب لأنه وقد قضى للمطعون عليه بتعويض عن الأرباح التي ضاعت عليه خلال السنوات من 1947 حتى 1952 التي تعطل فيها عن العمل وعن شهرة المحل قد خالف أحكام القانون العامة في أحوال المسئولية وأخطأ في تطبيقها ذلك لانعدام رابطة السببية بين خطأ المصلحة في ربط الضريبة وبين تعطل المطعون عليه أو توقف منشأته عن العمل – لأن مثل هذه الأضرار تعتبر في الواقع من قبيل الضرر غير المباشر الذي لا يحكم بتعويض عنه ومثله في ذلك كمثل من يوقع حجزاً باطلاً ثم يتصادف تبديد المحجوزات فإن الحاجز قد يسأل عن الحجز الباطل ولكن لا يسأل عن التبديد – كما أخطأ الحكم في القضاء للمطعون عليه بتعويض عما أصابه من الضرر عن السنوات من 1947 حتى 1952 في حين أن طلباته اقتصرت على السنوات من 1947 حتى 1950 تاريخ رفع الدعوى فهو بذلك قد حكم للمطعون عليه بأكثر مما طلبه ثم إن الحكم في قضائه بالتعويض جاء مشوباً بالقصور الذي يعيبه ويبطله من ناحيتين: لم يحقق ما أثاره المطعون عليه من نزاع حول خطاب 28/ 4/ 1946 وبياناته ومحرره وصفته وكان لزاماً على الحكم وهو في صدد دعوى مسئولية أن يحقق هذا النزاع وأن يتحقق منه ومن جديته قبل أن ينتقل إلى القول بأن إجراءات المصلحة وقعت مشوبة ومخالفة للقانون – ولو فعل لظهر له أن محمد فهمي (محرر ذلك الخطاب) وكيل عن المطعون عليه ويباشر أعماله بهذه الصفة كدلالة المكاتبات المتبادلة بين المصلحة والمطعون عليه وإيصالات تسلم الخطابات الخاصة بالمطعون عليه والموقع عليها من محمد فهمي المذكور بهذه الصفة – ولو أن الحكم قام بهذا التحقيق وثبتت صحته لما كان هناك من محل لمساءلة المصلحة لأن الموظف لا يكون مسئولاً متى قام بعمله معتقداً بمشروعيته وكان اعتقاده مبنياً على أسباب معقولة. (ب) وأخيراً فإن الحكم لم يسبب قضاءه بالتعويض إلا تسبيباً متخاذلاً حين يقول "إن الواقع أنه يتعذر على المحكمة معرفة الأرقام الحقيقة من واقع المحاضر المقدمة في الدعوى – ولذا يصح أن يكون تقديرها جزافياً متمشياً مع المعقول بقدر الإمكان وعلى هذا الأساس يكون تقدير التعويض هو ما أصاب المستأنف من خسارة نتيجة بيع البضائع هو مبلغ حوالي 700 جنيه – وظاهر أنه وقد تعذر على المحكمة معرفة الأثمان الحقيقية للبضائع المبيعة من واقع المحاضر المقدمة فما كان لها أن تقدر التعويض تقديراً جزافياً خصوصاً وأن عملية البيع لم تتناول جميع ما حجز عليه وإنما تناولت جزءاً منها وقد حاولت محكمة أول درجة في حكمها التمهيدي الرقيم 2/ 6/ 1951 أن تبين ذلك على وجه التحديد لتعرف مقدار ما بيع مما حجز عليه وثمنه وهل تورد كله للخزانة وهل شمل شيئاً من غير المحجوز عليه وبيانه وأثمانه إن كان وحصر البضاعة التي هربها المطعون عليه وتحديد أثمانها – ولكن المطعون عليه امتنع عن تنفيذ هذا الحكم. كذلك شاب القصور الحكم في قضائه بالتعويض عن غلق المحل وعن شهرة المطعون عليه وعن أرباحه في السنوات من 1947 إلى 1952 أي لمدة أكثر مما طلبه المطعون عليه فلم يبحث الحكم في حقيقة ذلك كله وهل أغلق المحل حقيقة وهل كان الإغلاق بسبب الحجز والبيع الإداري ولم يحقق رابطة السببية بين عمل المصلحة وهذا كله.
ومن حيث إن هذا النعي في محله فيما خلا ما ورد به خاصاً بطلب التحقيق في خطاب 28/ 4/ 1946 المرسل من محمد فهمي العامل بمحل المطعون عليه إلى مأمورية ضرائب بني سويف والذي اتخذته هذه المأمورية أساساً لربط الضريبة الاستثنائية – لما ثبت في الرد على السبب الأول من وجوب صدور قرار من مأمورية الضرائب المختص بتحديد رأس مال الممول وإعلانه للممول بخطاب موصى عليه بعلم الوصول حتى لو بني التحديد على أقوال الممول نفسه فمتى كان الثابت أن القرار بتحديد رأس المال لم يعلن به الممول فيكون من الخطأ ربط الضريبة على المطعون عليه – ومن الخطأ الذي يسأل الطاعنون عن تعويض ما لحق المطعون عليه من أضرار مباشرة ما تم بناء على ذلك من إجراءات، ويبين من الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى للمطعون عليه بمبلغ 4000 جنيه على سبيل التعويض قال في صدد بيان أوجه الضرر "وحيث إن المحكمة وهي في سبيل تقدير التعويض تستند إلى ما هو ثابت من الأوراق أن البضاعة الموجودة بالمحل قدرت بمعرفة موظف المأمورية في أول عام 1947 بحوالي 3765 جنيهاً حجز على جزء منها في 15/ 1/ 1947 لوفاء الضريبة الاستثنائية المقدرة بمبلغ 492 جنيهاً وقدرت قيمة المحجوزات بمبلغ 886 جنيهاً – ونفذت المأمورية بالبيع بالمزاد العلني ابتداء من 3 حتى 7 أغسطس سنة 1947 على جزء كبير من المحجوزات وكانت نتيجة البيع لا تتجاوز المائة جنيه، ويقول المستأنف (المطعون عليه) إن الأقمشة المبيعة فعلياً يزد ثمنها على 10% من القيمة المقدرة لها في محضر الحجز – والواقع أنه يتعذر على المحكمة معرفة الأرقام الحقيقة من واقع المحاضر المقدمة في الدعوى ولذا يصح أن يكون تقديرها جزافياً متمشياً مع المعقول بقدر الإمكان – وعلى هذا الأساس يكون تقدير التعويض هو ما أصاب المستأنف من خسارة نتيجة بيع البضائع بالطريق الإداري هو حوالي 700 جنيه – ولا ترى المحكمة إذن مبرراً للبحث في قانونية الإجراءات التي اتخذتها المصلحة في تعيين الحارس أو عدم وجود المدين في مكان البيع وعدم إنذاره به قبل وقوعه بخمسة أيام لأن المستأنف حصل على فرق قيمة بضاعته – وأما عن تهريب باقي البضاعة بمعرفة المستأنف بعد ذلك أو حصول بيع بضاعة من غير المحجوز عليها بدون إيصالات فهذا ما لم يقم عليه دليل مقنع من الأوراق ولا ترى المحكمة إلا الأخذ فيه بأقوال الشهود الواردة في محضر البوليس المرفق بالملف – وحيث إنه ثابت من الأوراق أن المستأنف حقق أرباحاً صافية عن سنة 1943 قدرت نهائياً بمبلغ 1250 جنيهاً وعن السنوات التالية (من 1944 حتى 1947) مبالغ أكبر يستحق عليها ضرائب استثنائية حوالي 140 جنيهاً بخلاف ضريبة المهن التجارية والصناعية، وعلى ذلك تقدر المحكمة صافي أرباحه في السنة بمبلغ 400 جنيه والمستأنف لم يحقق هذه الأرباح نتيجة البيع الإداري الذي تنفذ نتيجة الإجراءات الخاطئة كما سلف ويستحق إذن تعويضاً عن السنوات التي توقفت فيها تجارته من 1947 إلى سنة 1952 أي ست سنوات بمبلغ 2400 جنيه – كما تقدر له المحكمة تعويضاً عن ضياع شهرة المحل والاسم التجاري وما تبع ذلك من أضرار معنوية وأدبية أخرى مبلغ 900 جنيه فيكون جملة التعويض 900 جنيه + 2400 جنيه + 700 جنيه = 4000 جنيه هو ما يجب القضاء به". وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه يشوبه قصور مبطل له – إذ أنه وهو يقرر في أسبابه أن البضاعة التي كانت بمحل المطعون عليه في أول عام 1947 قدرت بمبلغ 3765 جنيهاً وأن ما حجز عليه في 15/ 1/ 1947 إنما كان على جزء منها قدر بمبلغ 886 جنيهاً، وأن البيع بالمزاد العلني في الأيام من 3 إلى 7 من أغسطس سنة 1947 جرى على جزء كبير من المحجوزات ولم تتجاوز نتيجة البيع مبلغ 100 جنيه – إذاً بالحكم يقرر أنه يتعذر على المحكمة معرفة الأرقام الحقيقية من واقع المحاضر المقدمة في الدعوى وانتهى من ذلك إلى أنه يرى أن يكون التقدير جزافياً متمشياً مع المعقول وقدر للمطعون عليه تعويضاً عن البضاعة المحجوز عليها مبلغ 700 جنيه قيمة الفرق بين حاصل البيع وما حجز عليه فجاء الحكم في هذا الصدد قاصر البيان وكان عليه أن يحقق مقدار ما بيع وما لحق المطعون عليه من خسائر من جراء هذا البيع دون أن يكتفي ببيان وصفه وأن يقول إن ما بيع هو جزء كبير مما حجز عليه – ثم هو من بعد ذلك يقضي للمطعون عليه بتعويض عن غلق المحل مقدراً بقيمة الأرباح التي ضاعت عليه عن السنوات من 1947 حتى 1952 (أي بأزيد مما طلبه المطعون عليه) دون أن يعني ببيان الصلة المباشرة بين الحجز الإداري الذي توقع والبيع الذي جرى في جزء مما حجز عليه – وبين غلق المحل وما ضاع على المطعون عليه من الأرباح وما قضى على شهرة المحل والاسم التجاري – إذ يجب أن يثبت الحكم أن هذا الإغلاق كان نتيجة مباشرة لتوقيع الحجز ولا يكفي أن يكون نتيجة سوء حالة المطعون عليه المالية – ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه في خصوص ما قضى به من تعويض.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات