الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1811 لسنة 28 ق – جلسة 17 /03 /1959 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الأول – السنة 10 – صـ 324

جلسة 17 من مارس سنة 1959

برياسة السيد مصطفى فاضل رئيس المحكمة, وبحضور السادة: مصطفى كامل, وفهيم يسى جندي, ومحمد عطيه اسماعيل, وعادل يونس المستشارين.


الطعن رقم 1811 لسنة 28 القضائية

حكم. عيوب التدليل. قصور حكم البراءة في إيراد أدلة الثبوت. مثال في جريمة إقامة بناء بدون رخصة.
إثبات. إقناعية الدليل. قيود المبدأ. محكمة الموضوع.
سلطة قاضي الموضوع في تقرير البراءة عند ترجيحه أدله النفي مقيدة باحاطته بأدلة الثبوت عن بصر وبصيرة.
من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم, أو لعدم كفاية أدلة الثبوت عليه غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة, ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات – فإذا كان الحكم المطعون فيه لم يعرض لأدلة الثبوت – ومنها اعتراف المتهمة لمهندس التنظيم بارتكاب جريمة بناء بدون رخصة وعلى وجه مخالف للقانون – ولم تدل المحكمة برأيها في هذه الأدلة مما ينبئ بأنها أصدرت حكمها دون أن تحيط بها وتمحصها, فإن حكمها يكون معيبا مستوجبا للنقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدها بأنها: أولا – أقامت بناء بدون رخصة, وثانيا – أقامت بناء بغير منور قانوني وطلبت معاقبتها بالقانون رقم 656 لسنة 1954 والقرارين رقمي 767 و768 لسنة 1955 ومحكمة بني سويف الجزئية قضت حضوريا عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهمة بلا مصاريف فاستأنفت النيابة هذا الحكم ومحكمة بني سويف الابتدائية قضت حضوريا بتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض… الخ.


المحكمة

… وحيث إن النيابة العامة تبني طعنها على القصور ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك تقول أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه استند في براءة المتهمة إلى ما دفعت به من أنها تملكت المنزل موضوع الدعوى بالحالة التي هو عليها ميراثا عن زوجها الذي قام ببنائه حال حياته وتوفى في سنة 1946, كما استند إلى ما قرره شاهدا النفي المجاوران لها في السكني مطابقا لدفاعها, واستند الحكم كذلك إلى أن أحكام القانون رقم 656 لسنة 1954 الذي طلبت النيابة تطبيقه على واقعة الدعوى لم يعمل به إلا في ديسمبر سنة 1954 أي بعد إقامة البناء, استند الحكم إلى هذه الأسباب التي تخالف الثابت بالأوراق, إذ أثبت مهندس التنظيم حسن يحيى محمود في محضره المؤرخ في 4 فبراير سنة 1957 أن المتهمة تجري بناء الدور الأول العلوي بملكها المطل بواجهة شرقية بشارع أحمد خليفة دون حصولها على رخصة من البلدية وأنها بنت غرفة وبئر سلم بدون منور قانوني وطلب في ختام محضره الحكم عليها بالغرامة وتصحيح الأعمال المخالفة وإلزامها برسوم البلدية, كما قدم المهندس بتاريخ 15 من أبريل سنة 1957 مذكرة جاء فيها "أنه بمعاينة المنزل موضوع الدعوى وجد أن هناك حوائط جاري بناؤها وعلى وشك التشطيب, كما وجد مون في حالة تجهيز للبناء وقررت المتهمة وقتئذ أنها هى التي تقيم البناء" هذا إلى أن الحكم المطعون فيه لم يناقش ما أثبته مهندس التنظيم في محضره من أن مواد البناء وجدت مهيأة للاستعمال وأن البناء حديث لم تجف مواد بنائه بعد وأن عملية إقامة الجدران ما زالت جارية تحت إشراف المتهمة التي أقرت بملكيتها لهذا البناء, فضلا عن أن كلا المحكمتين أول وثاني درجة لم تعن باستدعاء مهنس التنظيم لمناقشته فيما أثبته في محضره وفي المذكرة المقدمة منه, ولم ترد على أدلة الثبوت المتقدمة مكتفية بما قرره شاهدا النفي السالف ذكرهما في محضر الاستدلالات, فجاء الحكم على هذه الصورة معيبا مستوجبا للنقض.
وحيث إنه يبين من مراجعة الأوراق والاطلاع على مفردات القضية التي أمرت هذه المحكمة بضمها تحقيقا لوجه الطعن أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على المتهمة المطعون ضدها بأنها في 4/ 2/ 1957 أولا – أقامت بناء بدون رخصة. ثانيا – أقامت بناء بغير منور قانوني, وقضت محكمة بني سويف الجزئية حضوريا ببراءة المتهمة واستأنفت النيابة هذا الحكم فقضى حضوريا بتأييده للأسباب التي بنى عليها واستند الحكم الابتدائي في قضائه بالبراءة إلى القول "بأنه بسؤال المتهمة أنكرت التهمة وقررت أنها تملكت هذا المنزل ميراثا عن زوجها الذي بناه حيال حياته وأنه توفى سنة 1946 وتلقت عنه المنزل بالحالة التي هو عليها وأشهدت على ذلك جيران المنزل, وحيث أنه بسؤال مسلم مصري عبد العاطي وأحمد علي أبو لعلا قررا أنهما يسكنان في المنزل المجاور لمنزل المتهمة وأن هذا المنزل قائم بحالته من وقت أن بناه زوجها الذي توفى في سنة 1946, وحيث أنه لذلك ولأن القانون رقم 656 لسنة 1954 المطبق لم يعلم به إلا في ديسمبر سنة 1954 وقد ثبت من أقوال الشهود أن المنزل قد تلقته المتهمة ميراثا عن زوجها بالحالة التي هو عليها ومن ثم فلا يكون في الأمر جريمة" ولما كان يبين من الاطلاع على المحضر المحرر بواسطة مهندس التنظيم والمذكرة المقدمة منه وأقواله المدونة بمحضر الاستدلال أنها تضمنت الوقائع المشار إليها بوجه الطعن ومنها أنه شاهد عند المعاينة حوائط جار بناؤها وأن بناءها على وشك أن يتم كما شاهد بعض مواد المونة في حالة إعداد لاستعمالها في إتمام البناء وأنه سألها عن صاحب المنزل وعمن يقيم البناء فاعترفت له بأنها صاحبته وأنها هى التي تقيم البناء, ولما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت عليه, غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات, ولما كان الحكم المطعون فيه لم يعرض لأدلة الثبوت المتقدمة – ومنها اعتراف المتهمة لمهندس التنظيم بارتكاب الجريمة – ولم تدل المحكمة برأيها في هذه الأدلة مما ينبئ بأنها أصدرت حكمها دون أن تحيط بها وتمحصها مما يجعل حكمها معيبا. مستوجبا للنقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات