الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 252 لسنة 41 ق – جلسة 19 /04 /1976 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
السنة 27 – صـ 981

جلسة 19 من إبريل سنة 1976

برياسة السيد المستشار أحمد فتحي مرسي وعضوية السادة المستشارين محمد صالح أبو رأس، حافظ رفقي، عبد اللطيف المراغي، سعد العيسوي.


الطعن رقم 252 لسنة 41 القضائية

نقض. "الخصوم في الطعن".
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه.
التزام. عقد. "الاشتراط لمصلحة الغير". شركات. مسئولية "المسئولية العقدية". نقل بحري.
جواز إبرام العقود بين الدولة أو غيرها من الأشخاص الإدارية العامة وبين إحدى شركات القطاع العام. تعاقد وزارة السياحة مع إحدى شركات القطاع العام على أن تقوم بشحن متاع الطاعن إلى مصر، اشتراط لمصلحة الغير. دعوى الطاعن قبل الشركة بتعويض الضرر الناجم عن تأخرها في الشحن أساسها المسئولية العقدية.
التزام "الوفاء". معاهدات. نقل بحري.
امتناع الوفاء في مصر بغير العملة المصرية. اشتراط الوفاء بأجرة النقل بالعملة الوطنية عند وصول السفينة إلى المواني المصرية. صحيح م 9/ 3 من المعاهدة الخاصة بتوحيد بعض قواعد سندات الشحن.
1 – يشترط لقبول الخصومة أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها على الحق موضوع التقاضي حتى تعود على المدعي منفعة من اختصام المدعى عليه للحكم عليه بطلبه، ولا يخرج الطعن بالنقض على هذا الأصل فلا يكفي لقبوله مجرد أن يكون المطعون عليه طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، بل يجب أيضاً أن يكون قد نازع خصمه أمامها أو نازعه خصمه في طلباته، وإذ كان البين من وقائع الدعوى أنه لم تبد من المطعون ضدها الثانية والثالثة أية منازعة للطاعن أمام محكمة الموضوع كما أن محكمة أول درجة قضت بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضدها الثانية وإخراج المطعون ضدها الثالثة من الدعوى، ولم يوجه الطاعن طلبات ما لأي منهما أمام محكمة الاستئناف، فإنه لا تكون للطاعن مصلحة في اختصامهما أمام محكمة النقض مما يوجب الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة إليهما.
2 – ليس في القانون ما يمنع من أن تتعاقد الدولة أو غيرها من الأشخاص الإدارية العامة مع إحدى شركات القطاع العام طالما أن لكل منهما شخصيتها المعنوية وذمتها المالية المستقلة التي تؤهلها لكسب الحقوق وتحمل الالتزامات. وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن وزارة السياحة قد تعاقدت مع الشركة المطعون ضدها الأولى وهي إحدى شركات القطاع العام على أن تقوم بواسطة وكلائها في مدريد بشحن أمتعة وسيارة الطاعن من ميناء برشلونة إلى المواني المصرية على أن يكون سداد قيمة نفقات وأجور الشحن في ميناء الإسكندرية بالعملة المصرية، وكان التكييف الصحيح لهذا التعاقد أنه اشتراط لمصلحة الغير يخول الطاعن حقاً مباشراً قبل الشركة المطعون ضدها الأولى فإن دعواه قبلها بتعويض الضرر الناجم عن التأخير في تنفذ التزامها بالشحن تكون أساسها المسئولية العقدية. وإذ التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في الدعوى على أساس انتفاء الخطأ العقدي فإنه لا يكون قد خالف القانون.
3 – إذ كانت المادة 9/ 3 من المعاهدة الخاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بسندات الشحن تجيز للقوانين الوطنية الاحتفاظ للمدين بحق الوفاء بالنقود الوطنية، وكانت مصر قد انضمت لهذه المعاهدة وصدر مرسوم بالعمل بها ابتداء من 29 مايو سنة 1944، وإذ يمتنع طبقاً للقوانين المصرية الوفاء في مصر بغير العملة المصرية، فإن شرط الوفاء بأجرة النقل بالعملة الوطنية عند وصول السفينة إلى المواني المصرية لا يكون مخالفاً للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 811 سنة 1966 تجاري كلي القاهرة على المطعون ضدهم طالباً الحكم بإلزام المطعون ضدهما الأولى والثانية بأن يدفعا له متضامنين مبلغ 2785 ج و105 م مؤسساً دعواه على أنه كان يعمل مديراً لمكتب مصلحة السياحة بمدريد وفي 1/ 6/ 1965 صدر قرار بنقله إلى القاهرة أثر إلغاء مكاتب التمثيل الفنية بالخارج ونفاذاً لالتزام مصلحة السياحة بنقل أمتعته فقد عهدت بذلك إلى الشركة المطعون ضدها الأولى وتنفيذاً لذلك طالبته شركة شنيكر وكيلة المطعون ضدها الأولى بالعمل على نقل سيارته وأمتعته إلى ميناء برشلونة توطئة لشحنها على الباخرة ناجوس في 18/ 10/ 1965 ومع أنه نفذ ما طلب منه إلا أن شركة شنيكر تقاعست عن الاتفاق مع إحدى الشركات البحرية على نقل سيارته وأمتعته طوال المدة من 12/ 10/ 1965 حتى 29/ 12/ 1965 حيث تم نقلها على الباخرة يونيون وقد أدى هذا التراخي من جانب وكيلة المطعون ضدها الأولى الذي يعتبر خطأ جسيماً يرتب مسئوليتها التقصيرية إلى إصابة الطاعن بأضرار بالغة إذ زادت الرسوم الجمركية على السيارات من 70% إلى 285% كما زادت الرسوم الجمركية على الأمتعة بنسب متفاوتة فضلاً عما أصاب بطارية السيارة وطلاءها من تلف وما أصابها من نقص في القيمة وما تكبده من مصاريف نتيجة حرمانه من السيارة طوال تلك المدة الأمر الذي دعاه لإقامة هذه الدعوى بطلب التعويض المقدر بالمبلغ المطالب به وبتاريخ 25/ 4/ 1968 قضت محكمة القاهرة الابتدائية بعدم قبول الدعوى قبل مؤسسة النقل البحري المطعون ضدها الثانية بإخراج وزير السياحة المطعون ضده الثالث من الدعوى وبإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تدفع للطاعن مبلغ 78 ج. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 400 سنة 85 ق طالباً تعديل الحكم المستأنف وإلزام المطعون ضدها الأولى بطلباته. كما استأنفته المطعون ضدها الأولى بالاستئناف رقم 371 سنة 8 ق وقد ضمت محكمة استئناف القاهرة الاستئنافين وقضت بتاريخ 12/ 1/ 1971 برفض الاستئناف رقم 400 سنة 85 ق المرفوع من الطاعن وفي الاستئناف والآخر بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الثانية والثالثة ورفضه بالنسبة للمطعون ضدها الأولى وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه يشترط لقبول الخصومة أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها على الحق موضوع التقاضي حتى تعود على المدعي منفعة من اختصام المدعى عليه للحكم عليه بطلبه ولا يخرج الطعن بالنقض على هذا الأصل فلا يكفي لقبوله مجرد أن يكون المطعون عليه طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بل يجب أيضاً أن يكون قد نازع خصمه أمامها أو نازعه خصمه في طلباته، ولما كان البين من وقائع الدعوى أنه لم تبد من المطعون ضدهما الثانية والثالثة أية منازعة للطاعن أمام محكمة الموضوع كما أن محكمة أول درجة قضت بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضدها الثانية وإخراج المطعون ضدها الثالثة من الدعوى ولم يوجه الطاعن طلبات ما لأي منهما أمام محكمة الاستئناف فإنه لا تكون للطاعن مصلحة في اختصامهما أمام محكمة النقض مما يوجب الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة إليهما.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضدها الأولى.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من ثلاثة وجوه مؤدى أولها أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن مسئولية الشركة المطعون ضدها الأولى مسئولية تقصيرية وأن اتفاق وزارة السياحة مع الشركة المطعون ضدها الأولى لا يعتبر عقداً في ظل النظام الاشتراكي إذ أن كلا الجهتين مملوك للحكومة ولا يجوز أن يتعاقد الشخص مع نفسه فضلاً عن أن الطاعن لم يكن طرفاً في هذا الاتفاق وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أهدر هذا الدفاع وقضى في الدعوى على أساس المسئولية العقدية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، وحاصل الوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن اشتراط دفع أجر النقل بالعملة المصرية شرط صحيح في حين أن الشرط باطل لمخالفته للنظام العام لأن الدفع يتم عن طريق التحويل، ومبنى الوجه الثالث أن مؤدى الحكم المطعون فيه نقل مسئولية التأخير في الشحن إلى وزارة السياحة التي اشترطت دفع أجر النقل بالعملة المصرية وإذ كانت الأخيرة طرفاً في الخصومة فقد كان يتعين إلزامها بالتعويض وإذ أغفل الحكم ذلك فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول بأنه ليس في القانون ما يمنع من أن تتعاقد الدولة أو غيرها من الأشخاص الإدارية العامة مع إحدى شركات القطاع العام طالما أن لكل منهما شخصيتها المعنوية وذمتها المالية المستقلة التي تؤهلها لكسب الحقوق وتحمل الالتزامات وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن وزارة السياحة تعاقدت مع الشركة المطعون ضدها الأولى – وهي إحدى شركات القطاع العام – على أن تقوم بواسطة وكلائها في مدريد بشحن أمتعة وسيارة الطاعن من ميناء برشلونة إلى الموانئ المصرية على أن يكون سداد قيمة نفقات وأجور الشحن في ميناء الإسكندرية بالعملة المصرية وكان التكييف الصحيح لهذا التعاقد أنه اشتراط لمصلحة الغير يخول الطاعن حقاً مباشراً قبل الشركة المطعون ضدها الأولى فإن دعواه قبلها بتعويض الضرر الناجم عن التأخير في تنفيذ التزامها بالشحن تكون أساسها المسئولية العقدية وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في الدعوى على أساس انتفاء الخطأ العقدي فإنه لا يكون قد خالف القانون، والنعي مردود في وجهه الثاني بأنه لما كانت المادة 9/ 3 من المعاهدة الخاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بسندات الشحن تجيز للقوانين الوطنية الاحتفاظ للمدين بحق الوفاء بالنقود الوطنية وكانت مصر قد انضمت لهذه المعاهدة وصدر مرسوم بالعمل بها ابتداء من 29 مايو سنة 1944 وإذ يمتنع طبقاً للقوانين المصرية الوفاء في مصر بغير العملة المصرية، فإن شرط الوفاء بأجرة النقل بالعملة الوطنية عند وصول السفينة إلى الموانئ لا يكون مخالفاً للقانون، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد على غير أساس. كما أن النعي مردود في وجهه الثالث ذلك أن الطاعن وإن كان قد اختصم وزارة السياحة أمام محكمة الموضوع إلا أنه لم يوجه لها طلبات ومن ثم فما كان للحكم المطعون فيه أن يقضي شيء لم يطلبه الطاعن.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بباقي أسباب الطعن الخطأ في القانون وفساد الاستدلال والإخلال بالدفاع وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه استند في نفي الخطأ عن الشركة المطعون ضدها الأولى إلى أن تكليف مصلحة السياحة للشركة المطعون ضدها بنقل أمتعة الطاعن قد اشترط أن يكون سداد نفقات الشحن بالعملة المصرية في ميناء الوصول وأن هذا الشرط هو الذي أدى إلى التأخير بسبب عدم وجود بواخر تقبل تقاضي أجر النقل في ميناء الوصول بالعملة المصرية وهو من الحكم فساد في الاستخلاص وخطأ في القانون ذلك أن ما ورد بكتاب مصلحة السياحة إلى الشركة المطعون ضدها الأولى فيما يتصل بسداد أجر النقل بالعملة المصرية إنما قصد تنظيم المحاسبة بين الجهتين ولم يقصد تنظيم عملية النقل ووضع شرط يوجب على الباخرة الناقلة قبول الأجر في ميناء الوصول بالعملة المصرية، وإذ كان ذلك فإن الشركة المطعون ضدها الأولى تكون قد أخطأت وسايرها الحكم المطعون فيه إذ استند إلى شرط لا وجود له في الاتفاق كما أن ما استند إليه الحكم من عدم وجود بواخر تقبل النقل بهذا الشرط لم يقم عليه دليل وليس فيما ورد بخطاب ملاك الباخرة ينيون التي كانت تنقل أمتعة الطاعن ما يؤدي إلى ما استخلصه الحكم في هذا الشأن كما أنه لا يجوز الاستناد إلى خطابي شركة شينكر وهي وكيلة المطعون ضدها الأولى المسئولة عن الضرر كما أن المحكمة أهدرت دلالة الخطاب الذي تقدم به الطاعن والذي تضمن أن الباخرة ناجرس غادرت ميناء برشلونة إلى بور سعيد في 18/ 10/ 1965 وكانت صالحة لنقل أمتعة الطاعن بحجة أنه لم يتضمن إشارة إلى قبولها شرط الدفع بالعملة المصرية مع أن هذا الشرط غير صحيح.
وحيث إن هذا النعي بجميع أسبابه مردود ذلك أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير أدلة الدعوى وتفسير العقود والمستندات بما تحتمله عبارتها ويتسق مع الصحيح الثابت من وقائع الدعوى ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه برفض دعوى التعويض المقامة من الطاعن ضد الشركة المطعون ضدها الأولى عن التأخير في شحن أمتعته على ما انتهى إليه استناداً إلى خطاب مصلحة السياحة إلى الشركة المطعون ضدها الأولى في 18/ 1/ 1965 وبما تحتمله عبارات هذا الخطاب من أن التزام الشركة المطعون ضدها ينحصر في شحن أمتعة وسيارة الطاعن عن طريق وكلائها في الخارج من موانئ أسبانيا إلى الموانئ المصرية على أن يكون سداد قيمة نفقات وأجور الشحن حتى ميناء الإسكندرية بالعملة المصرية وأن شركة شينكر وكيلة الشركة المطعون ضدها الأولى بأسبانيا قد أخطرت الطاعن في 22/ 10/ 1965 بأنها تجد صعوبة في شحن سيارته وأمتعته من برشلونة إلى بور سعيد لأن أغلب البواخر المسافرة إلى مصر إما أنها لا تمر بالميناء المذكور أو تقبل تحصيل النولون في ميناء الوصول وأن وكيلة الشركة المطعون ضدها بأسبانيا استطاعت بعد ذلك الوصول إلى اتفاق مع الباخرة ينيون على قبول شرط الدفع بالعملة المصرية في ميناء الوصول فشحنت أمتعة الطاعن عليها في 29/ 12/ 1965 وأنه لم يثبت وجود بواخر في هذا التاريخ تقبل تقاضي أجر النقل في ميناء الوصول بالعملة المصرية وأن الخطاب المقدم من الطاعن بشأن مغادرة الباخرة ناجرس ميناء برشلونة إلى بور سعيد في 18/ 10/ 1965 لم يتضمن ما يشير إلى قبولها هذا الشرط وخلص الحكم المطعون فيه من ذلك جميعه إلى أن الشركة المطعون ضدها الأولى لم تخل بالتزامها حيث إن نقل أمتعة الطاعن كان مشروطاً بدفع أجر النقل في مصر بالعملة المصرية ولم يكن مشروطاً بمدة معينة وأن التأخير في الشحن يرجع إلى عدم وجود بواخر تقبل تقاضي أجر النقل في ميناء الوصول بالعملة المصرية. لما كان ذلك وكان هذا الذي خلص إليه الحكم في استدلال سديد يكفي لحمل قضائه في الدعوى، فإن ما ينعاه الطاعن بأسباب النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات