الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 786 سنة 4 ق – جلسة 19 /03 /1934 

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الثالث (عن المدة بين 7 نوفمبر سنة 1932 وبين 26 أكتوبر سنة 1936) – صـ 303

جلسة 19 مارس سنة 1934

برياسة سعادة عبد الرحمن إبراهيم سيد أحمد باشا وكيل المحكمة وحضور حضرات مصطفى محمد بك وزكي برزي بك وأحمد أمين بك وعبد الفتاح السيد بك المستشارين.


القضية رقم 786 سنة 4 القضائية

( أ ) حكم. عدم استيفاء الشروط التي تقوم عليها الجريمة. قصور مبطل. جريمة النصب القائمة على التصرف في مال ثابت ليس ملكاً للمتصرف. متى تتحقق؟
(ب) نصب. تنبيه نزع الملكية. تسجيل هذا التنبيه. تصرف المدين في العقار المراد نزع ملكيته. تدليس مدني. لا نصب. لا عقاب.
(المادة 293 عقوبات)
1 – إن عدم النص في وصف التهمة على استيفاء الشروط التي تقوم عليها الجريمة كاف بذاته لهدم تلك الجريمة. فجريمة النصب بطريق الاحتيال القائمة على التصرف في مال ثابت ليس ملكاً للمتصرف ولا له حق التصرف فيه لا تتحقق إلا باجتماع شرطين: (الأوّل) أن يكون العقار المتصرف فيه غير مملوك للمتصرف، (والثاني) ألا يكون للمتصرف حق التصرف في ذلك العقار. وإذاً فالاقتصار في وصف التهمة على القول بأن زيداً ارتكب نصباً بأن تصرف في عقار ليس له حق التصرف فيه لا يجعل من التهمة جريمة معاقباً عليها قانوناً.
2 – إن قانون المرافعات الأهلي لم ينص (كما نص قانون المرافعات المختلط في المادة 608 منه) على أن تسجيل تنبيه نزع الملكية يمنع المدين من التصرف في العقار المراد نزع ملكيته. فحرّية المدين في التصرف في العقار المنزوع ملكيته باقية له حتى بعد تسجيل تنبيه نزع الملكية. وعلى ذلك فمن باع لآخر أطياناً محجوزاً عليها وتحت إجراءات نزع الملكية لا يمكن أن يؤاخذ على ذلك جنائياً. وكل ما يمكن أن ينسب إليه هو أنه ارتكب تدليساً مدنياً، لا يعاقب عليه إلا إذا أمكن أن تتوفر في فعله أركان جريمة أخرى من الجرائم التي يعاقب عليها قانون العقوبات.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قدّم وبينت أسبابه في الميعاد فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن محصل الوجه الثاني من أوجه الطعن أن الواقعة غير معاقب عليها لأن الذي نسب إلى الطاعن هو أنه باع أرضاً ليس من حقه التصرف فيها، ولكنه دفع التهمة بأن التصرف لم يكن بيعاً وإنما كان عقد مبادلة وقد حكم أخيراً بفسخه. وقدّم الطاعن لمحكمة الموضوع ما يثبت ذلك غير أنها لم تشر إليه في الحكم.
ومن حيث إنه بالاطلاع على الحكم المطعون فيه يرى أن التهمة التي أسندت إلى الطاعن هي أنه في يوم 28 يونيه سنة 1927 توصل بطريق الاحتيال إلى الاستيلاء على مبلغ 650 جنيهاً من مرسي علي إسماعيل وذلك بأن باع له 13 فداناً ليس من حقه التصرف فيها بأي نوع من التصرفات لأنها كانت محجوزاً عليها وتحت إجراءات نزع الملكية من 15 مايو سنة 1927 وقد تم هذا التصرف إضراراً بالمشتري.
ومن حيث إن هذه الصيغة تشف عن أن التهمة المسندة إلى الطاعن هي النصب بطريق الاحتيال القائم على التصرف في مال ثابت ليس ملكاً للمتصرف ولا له حق التصرف فيه. وبحسب ما نصت عليه المادة 293 من قانون العقوبات لا تتحقق جريمة النصب بهذا الوصف إلا باجتماع شرطين: (الأوّل) أن يكون العقار المتصرف فيه غير مملوك للمتصرف. (والثاني) ألا يكون للمتصرف حق التصرف في ذلك العقار. وبالرجوع إلى وصف التهمة المسطور بديباجة الحكم المطعون فيه يرى أنه لم يرد فيه ذكر للشرط الأوّل مطلقاً، بل اكتفى بالقول بأن الطاعن لم يكن من حقه التصرف في العقار بأي نوع من التصرفات.
ومن حيث إن عدم النص في وصف التهمة على استيفاء الشروط التي تقوم عليها الجريمة كافٍ بذاته لهدم تلك الجريمة. كما أن إغفال الحكم القاضي بالإدانة النص على ثبوت استكمال هذه الشروط يعد نقصاً في بيان الواقعة يعيب الحكم ويوجب بطلانه. غير أن هذه المحكمة ترى مع ذلك أن تبحث فيما إذا كان الشرط الثاني متوفراً أو غير متوفر.
ومن حيث إن الحم المطعون فيه آخذ الطاعن بأنه تصرف في العقار وهو يعلم أنه قد شرع في نزع ملكيته لمديونية مالكه الأصلي طلخان حميدة، وقال إنه لم يكن له حق التصرف في تلك الظروف. وهذا القول لا يستند إلى نص في القانون، ولا صحة له في الواقع. ذلك بأن قانون المرافعات الأهلي لم ينص – كما نص قانون المرافعات المختلط في المادة 608 منه – على أن تسجيل تنبيه نزع الملكية يمنع المدين من التصرف في العقار المراد نزع ملكيته، فحرّية المدين في التصرف في العقار المنزوع ملكيته باقية له حتى بعد تسجيل تنبيه نزع الملكية. على أن البطلان المترتب على منع التصرف في القانون المختلط بطلان نسبي ولا يستفيد منه إلا الأشخاص الذين ذكرهم القانون في المادة 608 من قانون المرافعات. وهذا البطلان يزول إذا قام من اشترى من المدين بإيداع مبلغ يكفي لوفاء الدين وملحقاته قبل اليوم المعين للبيع.
ومن حيث إنه مما تقدّم يبين أنه لا يمكن أن ينسب إلى الطاعن أنه تصرف في عقار ليس له حق التصرف فيه، وذلك حتى بفرض أنه هو الذي اتخذت ضدّه شخصياً إجراءات نزع الملكية مع أن عبارة الحكم المطعون فيه تفيد غير ذلك. وكل ما يمكن أن ينسب إليه هو أنه ارتكب تدليساً مدنياً لا يتناوله قانون العقوبات بعقاب إلا إذا أمكن أن ينسب إليه من طريق آخر أنه ارتكب نصباً، لا بطريق التصرف في عقار غير مملوك له ولا له حق التصرف فيه، بل باستعمال طرق احتيالية. ولكن هذا الوصف لم ترفع به الدعوى الحالية فليس من شأن هذه المحكمة التعرّض له.
ومن حيث إنه مما تقدّم يرى أن الجريمة المرفوع بها الدعوى الحالية مهدومة الأساس من كل وجه، وأنه لذلك يتعين نقض الحكم وبراءة الطاعن مما أسند إليه مع حفظ حق المدعي المدني في مقاضاة الطاعن مدنياً بشأن ما عساه يكون قد ارتكبه ضدّه من التدليس المدني.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات