الطعن رقم 344 لسنة 31 ق – جلسة 22 /05 /1961
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثانى – السنة 12 – صـ 611
جلسة 22 من مايو سنة 1961
برياسة السيد مصطفى كامل المستشار، وبحضور السادة: السيد أحمد عفيفى، وتوفيق أحمد الخشن، وعبد الحليم البيطاش، ومحمود اسماعيل المستشارين.
الطعن رقم 344 لسنة 31 القضائية
(أ) خطف.
القصد الجنائى فى جريمة خطف الأطفال. ماهيته؟
(ب) وصف التهمة. خطف.
ما لا يستلزم لفت نظر الدفاع. تصحيح بيان كيفية ارتكاب الجريمة. مثال فى خطف. استبعاد
ظرف التحيل من وصف التهمة وإدانة المتهم بالمادة 289/ 1 بدلا من المادة 288 عقوبات.
1 – القصد الجنائى فى جريمة خطف الأطفال إنما يتحقق بتعمد الجانى انتزاع المخطوف من
أيدى ذويه الذين لهم حق رعايته وقطع صلته بهم مهما كان غرضه من ذلك.
2 – إذا كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تعديل وصف التهمة المسندة إلى الطاعن باستبعاد
ظرف التحيل من جريمة الخطف المسندة إليه ودانه بمقتضى المادة 289/ 1 من قانون العقوبات
بدلا من المادة 288 التى طلبت النيابة تطبيقها، وكان التعديل على هذه الصورة لا يخرج
عن الواقعة ذاتها التى تضمنها أمر الإحالة وهى التى كانت مطروحة على بساط البحث بالجلسة
ودارت عليها المرافعة، وهو وصف غير جديد فى الدعوى ولا مغايرة فيه للعناصر التى كانت
مطروحة على المحكمة ولا يعد ذلك فى حكم القانون تغييرا لوصف التهمة المحال بها الطاعن،
بل هو مجرد تصحيح لبيان كيفية ارتكاب الجريمة مما يصح إجراؤه فى الحكم دون تنبيه الدفاع
إليه فى الجلسة ليترافع على أساسه، فإن النعى على الحكم لإخلاله بحق الدفاع يكون غير
سديد.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من الطاعن وآخر بأنهما المتهم الأول: خطف بطريق التحايل المجنى عليه والذى لم يبلغ سنه ست عشرة سنة كاملة بأن أوهمه أنه سيصحبه إلى والدته واستدرجه فى إحدى عربات الأمنيبوس إلى حيث سلمه للمتهم الثانى. والمتهم الثانى: اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول على ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن اتفق معه على خطف المجنى عليه وساعده فى ذلك بأن أخفاه بمنزله ومنزل السيدة السيد عيسى بعد خطفه فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وطلبت من غرفة الإتهام إحالتهما على محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقا لنص المواد 40/ 2 – 3 و 41 و 288 من قانون العقوبات. فصدر قرارها بذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بالمادتين 289/ 1 و 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنة. فطعن المحكوم عليه الأول فى هذا الحكم بطريق النقض… الخ.
المحكمة
… وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو الفساد فى الاستدلال،
ذلك أن الحكم المطعون فيه استند فى التدليل على وقوع الحادث على الصورة التى أوردها
إلى شهادة رؤوفة عبد الحليم والمجنى عليه حمدى عبد الستار فى الجلسة وفى التحقيقات
مع أن شهادتهما فى الجلسة وكذلك أقوال الشاهدة فى التحقيقات لا تتفق وما أثبته الحكم
فى هذا الشأن – هذا وقد شهدت رؤوفة فى الجلسة بأن زوجها الطاعن أخذ ابنها المجنى عليها
إلى محلة منوف بعلمها وباختيار المجنى عليه على أن يعيده إليها آخر النهار ولما لم
يعده فى الميعاد تخوفت وأبلغت البوليس، كما شهد المجنى عليه بمحضر الجلسة أنه ذهب مع
الطاعن وهو زوج والدته بعلم والدته ورضائها وقبوله وفى محلة منوف تفقد الطاعن حافظة
نقوده فلم يجدها فتركه مع المتهم الثانى ليوصله لوالدته – ولم تشهد رؤوفة فى التحقيقات
بما حصله الحكم من وقائع من أن الطاعن أخذ الغلام بحجة شراء طعام ولم يعد.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى فى قوله "إن المتهم الأول (الطاعن) تزوج
من رؤوفة أحمد عبد الحليم ودب بينهما النزاع ثم الطلاق وتداولت قضاياهما وحدث فى يوم
9/ 9/ 1958 والذى كان محددا لنظر دعوى حبس الزوج لعدم سداده النفقة أن خرجت الزوجة
من المحكمة فقابلها المتهم وطلب منها الصلح فرفضت ومكثا يتعاتبان وانتهى بهما المطاف
إلى الجلوس فى إحدى الحدائق العامة، وكان برفقة الزوجة ابنها حمدى عبد الستار عبد الوهاب
من زوج سابق توفى والذى لم يبلغ الست عشرة سنة، واستمر حديثهما وعتابهما إلى أن انتصف
النهار حيث ظهر للزوجة اطمئنانها إلى مطلقها الذى غادر مكان جلوسهما وبصحبته إبن زوجته
بحجة إحضار طعام لتناول الغذاء ولكنه ولم يعد واستقل وابن الزوجة سيارة الأتوبيس إلى
محلة منوف حيث سلمه إلى عبد الونيس حسن المنشاوى المتهم الثانى وعاد المتهم الأول إلى
بلدته – وكان قصد المتهم الأول من فعلته الضغط على مطلقته لتتصالح معه، ولما لم يحضر
المجنى عليه حتى عصر ذلك اليوم أبلغت والدته ضد المتهم بخطفه…" ولما كان يبين من
مطالعة المفردات التى أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لهذا الوجه من الطعن أن ما أورده الحكم
المطعون فيه عن شهادة رؤوفة أحمد عبد الحليم يتفق وما شهدت به فى تحقيق النيابة من
أنها عندما تغيب ابنها ولم يعد إلى المنزل أبلغت ضد الطاعن متهمة إياه بخطفه، وكان
ما حصله الحكم للواقعة التى استظهرها من ظروف الدعوى هو بيان لما استقر فى عقيدة المحكمة
بشأنها واستخلاص له من جماع الأدلة المطروحة عليها، وكان للمحكمة فى سبيل تكوين عقيدتها
أن تأخذ بأقوال الشهود فى التحقيق وإن خالفت أقوالهم فى الجلسة سيما وقد عللت المحكمة
سبب التفاتها عن أقوال الشاهدة بالجلسة بسبب الصلح الذى تم بينها وبين الطاعن، وهو
تعليل سائغ وسليم، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه من النعى يكون غير سديد.
وحيث إن محصل الوجهين الثانى والثالث هو القصور فى التسبيب، ذلك أن الحكم لم يورد مؤدى
شهادة رؤوفة عبد الحليم والمجنى عليه حمدى عبد الستار فى الجلسة مع أنه استند إلى أقوال
هذين الشاهدين فى التدليل على ثبوت الواقعة، كما أغفل التعرض لأقوال المجنى عليه فى
الجلسة ولم يرد عليها مع أنها صريحة فى أنه صاحب الطاعن برضائه وعلم والدته ورضائها.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد ستند فى إدانة الطاعن إلى أقوال المجنى عليه
ووالدته رؤوفة أحمد عبد الحليم من التحقيقات، وكان مفاد هذا الاستناد أنه اطرح أقوالهما
بالجلسة وعلل سبب اطراحه لأقوال الشاهدة رؤوفة عبد الحليم بالجلسة بالصلح بينها وبين
الطاعن، وكان من حق المحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد فى أية مرحلة من مراحل التحقيق وإن
خالفت أقواله فى مرحلة أخرى أو فى الجلسة دون أن تكون ملزمة ببيان العلة فى استنادها
إلى هذه الأقوال دون الأخرى إذ المرجع فى ذلك إلى اطمئنانها، وكان لا يعيب الحكم عدم
إيراده تفاصيل أقوال الشهود المختلفة فى مراحل التحقيق المتعددة طالما أنه أورد الأقوال
التى صدقها واعتمد عليها فى تكوين عقيدته وخلص منها إلى الحكم الذى ارتآه، فإن ما يثيره
الطاعن فى هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن محصل الوجه الرابع من الطعن هو القصور فى البيان، إذ أغفل الحكم بيان توافر
القصد الجنائى فى جريمة الخطف مع أن مؤدى الوصف الذى انتهى إليه الحكم انتفاء نية الخطف،
فضلا عن أن الطاعن قد دفع بانعدام القصد الجنائى.
وحيث إنه لما كان القصد الجنائى فى جريمة خطف الأطفال إنما يتحقق بتعمد الجانى انتزاع
المخطوف من أيدى ذويه الذين لهم حق رعايته، وقطع صلته بهم مهما كان غرضه من ذلك، وكان
الحكم المطعون فيه قد أورد الواقعة فى بيان تتحقق فيه الأركان والعناصر القانونية لجريمة
الخطف التى دان الطاعن بها وبين نية الطاعن فى اختطاف المجنى عليه وإبعاده عن والدته
مما يعتبر ردا على ما أثاره من دفع بانعدام القصد الجنائى – لما كان ما تقدم، فإن ما
يثيره الطاعن فى هذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الخامس هو الإخلال بحق الدفاع ذلك أن المحكمة عدلت وصف التهمة المسندة
إلى الطاعن ودانته بمقتضى نص المادة 289/ 1 من قانون العقوبات وكانت النيابة قد طلبت
معاقبته بالمادة 288 من ذلك القانون دون أن تنبهه إلى هذا التعديل.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تعديل وصف التهمة المسندة إلى الطاعن
باستبعاد ظرف التحيل من جريمة الخطف المسندة إليه ودانه بمقتضى المادة 289/ 1 من قانون
العقوبات بدلا من المادة 288 التى طلبت النيابة تطبيقها، وكان التعديل على هذه الصورة
لا يخرج عن الواقعة ذاتها التى تضمنها أمر الإحالة وهى التى كانت مطروحة على بساط البحث
بالجلسة ودارت عليها المرافعة، وهو وصف غير جديد فى الدعوى ولا مغايرة فيه للعناصر
التى كانت مطروحة على المحكمة ولا يعد ذلك فى حكم القانون تغييرا لوصف التهمة المحال
بها الطاعن، بل هو مجرد تصحيح لبيان كيفية ارتكاب الجريمة مما يصح إجراؤه فى الحكم
دون تنبيه الدفاع إليه فى الجلسة ليترافع على أساسه. لما كان ذلك، فإن النعى على الحكم
لإخلاله بحق الدفاع يكون غير سديد.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
