الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 173 سنة 20 ق – جلسة 12 /03 /1953 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثاني – السنة 4 – صـ 629

جلسة 12 من مارس سنة 1953

القضية رقم 173 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وبحضور حضرات الأساتذة عبد العزيز محمد وكيل المحكمة ومصطفى فاضل وأحمد العروسي ومحمود عياد المستشارين.
حكم. وجوب التوقيع على مسودته المشتملة على أسبابه من جميع أعضاء الهيئة سواء صدر عقب المرافعة مباشرة أم في جلسة أخرى غير جلسة المرافعة. التوقيع على مسودة الحكم المشتملة على الأسباب من أحد أعضاء الهيئة دون باقي أعضاء. بطلان الحكم. لا يغير من ذلك توقيع جميع أعضاء الهيئة على منطوق الحكم متى كان هذا المنطوق قد أثبت في ورقة منفصلة عن الورقة المشتملة على الأسباب. المادة 346 مرافعات.
لما كانت المادة 346 من قانون المرافعات تنص على أنه إذا نطق بالحكم عقب المرافعة وجب أن تودع مسودته المشتملة على أسبابه موقعاً عليها من الرئيس والقضاة ومبيناً بها تاريخ إيداعها وذلك في ظرف ثلاثة أيام من يوم النطق بالحكم في القضايا المستعجلة وسبعة أيام في القضايا التي يحكم فيها على وجه السرعة وخمسة عشر يوماً في القضايا الأخرى وإلا كان الحكم باطلاً. فإن كان النطق بالحكم في جلسة أخرى غير جلسة المرافعة – كما هو الحال في الدعوى – وجب أن تودع مسودته عقب النطق به وإلا كان الحكم باطلاً. فإنه يبين من ذلك أن القانون يوجب أن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعاً عليها من جميع أعضاء الهيئة التي أصدرته سواء أصدر الحكم عقب المرافعة مباشرة أم في جلسة أخرى غير جلسة المرافعة، فإن كانت المسودة المشتملة على الأسباب غير موقع عليها إلا من عضو واحد من أعضاء الهيئة كان الحكم باطلاً – ولا يرد على ذلك القول بأنه إذا ما ثبت أن النطق بالحكم لم يحصل عقب الانتهاء من سماع المرافعة مباشرة وإنما أرجئ إلى جلسة أخرى مقبلة ثم نطق به بمعرفة نفس الهيئة وصار إيداع المسودة عقب ذلك مباشرة فقد تحققت في هذه الحالة الحكمة التي توخاها الشارع من شمول المداولة للأسباب والمنطوق معاً بصرف النظر عن ثبوتهما في ورقة واحدة أو ورقتين منفصلتين متى كان الثابت أن الإيداع قد حصل وفقاً للقانون – ذلك أن إيجاب تسبيب الأحكام مقصود به حمل القضاة على ألا يحكموا في الدعاوى على أساس فكرة مبهمة لم تستبن معالمها أو مجملة غابت أو خفيت تفاصيلها وأن يكون الحكم دائماً نتيجة أسباب معينة محصورة جرت على أساسها المداولة بين القضاة قبل النطق به – وذلك لا يدل عليه سوى توقيع أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم على مسودته المشتملة على أسبابه، فمن هذا التوقيع يبين أنهم طالعوا الأسباب وتناقشوا فيها وأقروها على الوضع الذي أثبتت به في المسودة، ولا يغني عن هذا الإجراء توقيعهم على الورقة المتضمنة منطوق الحكم وحده متى كانت منفصلة عن الورقة المشتملة على أسبابه وبدون ذلك لا تتحقق الحكمة التي توخاها الشارع من إيجاب توقيع أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم على مسودته المشتملة على أسبابه لأنه إذا كان تأجيل النطق بالحكم دليلاً على حصول المداولة فيه قبل صدوره، فإن توقيع أحد أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم على مسودته المشتملة على أسبابه دون باقي الأعضاء لا يقوم دليلاً على أن المداولة استقرت على اعتماد أسباب الحكم كما ثبتت في المسودة.


الوقائع

في يوم 11 من يونيه سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 2 من مارس سنة 1950 في الاستئناف رقم 2 سنة 66 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً بإلغاء الحكم بالنسبة لما قضى به من رفض الدعوى الموجهة إلى المطعون عليه الأول وتثبيت دينه والحكم أولاً باعتبار المطعون عليه الأول شريكاً مع المطعون عليه الثالث ومسئولاً مدنياً وجنائياً وبطريق التدليس عن دين الطاعن وتكليف وكيل الدائنين باتخاذ الإجراءات التحفظية ضده على أمواله. ثانياً باستبعاد دين المطعون عليه الأول من تفليسة المطعون عليه الثالث. واحتياطياً إحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها من جديد من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه الأول بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن جميع الدرجات.
وفي 12 من يونيه سنة 1950 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 27 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. ولم يقدم المطعون عليهم دفاعاً.
وفي 9 من أكتوبر سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وفي 26 من فبراير سنة 1953 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامي الطاعن والنيابة العامة على ما جاء بمذكرتيهما. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحامي عن الطاعن والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
… ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن تتحصل في أن علي البرير قدم عريضة إلى رئيس محكمة مصر ذكر فيها أنه يداين فهيم طلبه المطعون عليه الأخير بمبلغ 347 جنيهاً و250 مليماً بموجب سند محرر في 7 من سبتمبر سنة 1946 يستحق الوفاء في 25 من نوفمبر سنة 1946 ولم يقم بالدفع رغم إعلانه ببروتستو عدم الدفع وطلب وضع الأختام على محله وتحديد جلسة للحكم بإشهار إفلاسه. وصدر الأمر بوضع الأختام وتحديد جلسة 18 من يناير سنة 1947 وفي هذه الجلسة تدخل علي السيد حسن ومحمد محمد العفش ومدام فان خصوماً منضمين إلى طالب الإفلاس وحكمت المحكمة بقبولهم وإشهار إفلاس فهيم طلبه واعتبار يوم 30 من نوفمبر سنة 1946 تاريخاً مؤقتاً للتوقف عن الدفع وتعيين الأستاذ إبراهيم فؤاد حسني المطعون عليه الثاني وكيلاً للدائنين. وقام وكيل الدائنين بتحرير محضر جرد أثبت فيه أن المفلس أخبره بأن مفتاح محله التجاري ومفتاح الخزانة الحديدية الكائنة به موجودان لدى إبلي كوهين – المطعون عليه الأول – الذي أنكر. ثم نزل علي البرير طالب الإفلاس عن السير في إجراءات التفليسة لعدم وجود مال كاف بها، وأثار المفلس اعتراضات بشأن ديون الطاعن وإيلى كوهين وغيرهما من الدائنين. وقدم علي السيد الطاعن وآخرون معه عريضة طلبوا فيها الحكم باعتبار إيلى كوهين المطعون عليه الأول شريكاً مع المفلس وضامناً متضامناً معه في الوفاء بديون التفليسة ومسئولاً معه جنائياً. وفي 14 من ديسمبر سنة 1948 حكمت محكمة مصر في الدعوى المرفوعة من علي السيد – الطاعن – ومن معه بصفتهم من دائني التفليسة ومن الأستاذ إبراهيم فؤاد حسني بصفته وكيلاً للدائنين علي إيلى كوهين المطعون عليه الأول برفضها، كما حكمت في المنازعة في الديون لمصلحة الطاعن ومن معه. وأسست حكمها على أن الشبهات التي استند إليها الطاعن ومن معه في إثبات اشتراك إيلى كوهين مع المفلس لا تدل على وجود شركة بينهما وذكرت تلك الشبهات، وقالت إن سندات الدين خالية من توقيع إبلى كوهين وأنه لا تضامن بغير نص، وإن التضامن غير مفروض في المسائل التجارية. فاستأنف الطاعن ومن معه وقيد استئنافهم برقم 2 تجاري سنة 66 ق استئناف مصر. وفي 2 من مارس سنة 1950 حكمت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فقرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه حكم باطل إذ لم يوقع على مسودة الأسباب من الهيئة التي أصدرت الحكم سوى أحد أعضائها مع مخالفة ذلك للمادة 346 من قانون المرافعات التي توجب التوقيع على مسودة الحكم من رئيس الدائرة وعضويتها وإلا كان الحكم باطلاً.
ومن حيث إنه ثابت بالشهادة الرسمية المقدمة من الطاعن "أنه يبين من الاطلاع على ملف الاستئناف رقم 2 سنة 66 ق تجاري المرفوع من الحاج علي السيد (الطاعن) وآخرين على الخواجة إيلى كوهين (المطعون عليه الأول) وآخرين أنه قضي فيه قطعياً بجلسة 2 مارس سنة 1950 وقد أودعت مسودة الحكم موقعاً على أسبابه من حضرة الأستاذ عبد العزيز سليمان المستشار بتاريخ النطق بالحكم ووقع على منطوق الحكم المذكور في نفس التاريخ حضرات الأساتذة حسن الطوبي رئيس الدائرة وإسماعيل زهدي وعبد العزيز سليمان المستشاران – أعضاء الهيئة الذين سمعوا المرافعة وحضروا المداولة". ويدل الاطلاع على الصورة المطابقة للأصل للحكم المطعون فيه أنه بجلسة المرافعة الأخيرة حجزت المحكمة القضية للحكم فيها لجلسة 2 مارس سنة 1950 وهي التي صدر فيها الحكم. ولما كانت المادة 346 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا نطق بالحكم عقب المرافعة وجب أن تودع مسودته المشتملة على أسبابه موقعاً عليها من الرئيس والقضاة ومبيناً بها تاريخ إيداعها وذلك في ظرف ثلاثة أيام من يوم النطق بالحكم في القضايا المستعجلة وسبعة أيام في القضايا التي يحكم فيها على وجه السرعة وخمسة عشر يوماً في القضايا الأخرى. وإلا كان الحكم باطلاً". "فإن كان النطق بالحكم في جلسة أخرى غير جلسة المرافعة (كما هو الحال في هذه الدعوى) وجب أن تودع مسودته عقب النطق به وإلا كان الحكم باطلاً"، فإنه يبين من ذلك أن القانون يوجب أن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعاً عليها من جميع أعضاء الهيئة التي أصدرته سواء أصدر الحكم عقب المرافعة مباشرة أم في جلسة أخرى غير جلسة المرافعة فإن كانت المسودة المشتملة على الأسباب غير موقع عليها إلا من عضو واحد من أعضاء الهيئة كان الحكم باطلاً – ولا يرد على ذلك ما قالته النيابة العامة من أنه إذا ما ثبت أن النطق بالحكم لم يحصل عقب الانتهاء من سماع المرافعة مباشرة وإنما أرجئ إلى جلسة أخرى مقبلة ثم نطق به بمعرفة نفس الهيئة وصار إيداع المسودة عقب ذلك مباشرة فقد تحققت في هذه الحالة الحكمة التي توخاها الشارع من شمول المداولة للأسباب والمنطوق معاً بصرف النظر عن ثبوتهما في ورقة واحدة أو ورقتين منفصلتين متى كان الثابت أن الإيداع قد حصل وفقاً للقانون. ذلك بأن إيجاب تسبيب الأحكام مقصود به حمل القضاة على ألا يحكموا في الدعاوى على أساس فكرة مبهمة لم تستبن معالمها أو مجملة غابت أو خفيت تفاصيلها وأن يكون الحكم دائماً نتيجة أسباب معينة محصورة جرت على أساسها المداولة بين القضاة قبل النطق بالحكم – وذلك لا يدل عليه سوى توقيع أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم على مسودته المشتملة على أسبابه فمن هذا التوقيع يبين أنهم طالعوا الأسباب وتناقشوا فيها وأقروها على الوضع الذي أثبتت به في المسودة، ولا يغني عن هذا الإجراء توقيعهم على الورقة المتضمنة منطوق الحكم وحده متى كانت منفصلة عن الورقة المشتملة على الأسباب وبدون ذلك لا تتحقق الحكمة التي توخاها الشارع من إيجاب توقيع أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم على مسودته المشتملة على أسبابه لأنه إذا كان تأجيل النطق بالحكم دليلاً على حصول المداولة فيه قبل صدوره كما تقول النيابة، فإن توقيع أحد أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم على مسودته المشتملة على أسبابه دون باقي الأعضاء لا يقوم دليلاً على أن المداولة استقرت على اعتماد أسباب الحكم كما ثبتت في المسودة.
ومن حيث إنه لذلك يكون هذا النعي على أساس ويتعين قبوله ونقض الحكم دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات