الطعن رقم 357 سنة 21 ق – جلسة 26 /02 /1953
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثاني – السنة 4 – صـ 561
جلسة 26 من فبراير سنة 1953
القضية رقم 357 سنة 21 القضائية
برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وبحضور حضرات الأساتذة
سليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان ومحمد زكي شرف المستشارين.
شفعة. حكم. تسبيبه. تقريره أن التصرف الصادر إلى المشتري لا تجوز فيه الشفعة لأنه بيع
ذو طابع خاص روعي فيه إيثار المتصرف إليه بالأولوية في الشراء لاعتبارات منها ما يتعلق
بشخصه لقيامه بإصلاح الأرض المتصرف له فيها ومنها ما يتعلق بمصالح اجتماعية واقتصادية
ترمي إلى رفع مستوي صغار الزراع. لا مخالفة فيما قرره هذا الحكم للقانون.
متى كان الحكم إذ قضى برفض دعوى الشفعة أقام قضاءه على أن التصرف الصادر من المطعون
عليها الأولى إلى المطعون عليه الثاني ليس بيعاً تجوز فيه الشفعة وإنما هو تصرف ذو
طابع خاص روعي فيه إيثار المتصرف إليه بالأولوية في شراء الأطيان المبيعة موضوع طلب
الشفعة لاعتبارات منها ما يتعلق بشخص المتصرف إليه لقيامه بإصلاح الأرض المتصرف له
فيها ومنها ما يتعلق بمصالح اجتماعية واقتصادية ترمي إلى رفع مستوى صغار المزارعين
وتوفير أسباب العيش لهم والتشجيع على إصلاح الأراضي البور – فضلاً عن أن الثمن المسمى
بالعقد لا يمثل حقيقة قيمة العين المبيعة وقت البيع، فإن هذا الحكم لا يكون قد خالف
القانون، ذلك بأن القضاء بالشفعة في مثل هذه الحالة يتنافى مع طبيعة العقد وفيه تفويت
للأغراض المنشودة منه.
الوقائع
في يوم 26 أغسطس سنة 1951 طعن بطريق النقض في حكم محكمة المنصورة
الابتدائية بهيئة استئنافية الصادر في 26 من مايو سنة 1951 في الاستئناف رقم 76 سنة
1951 جدول خاص وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع
بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً بطلبات الطاعنين في دعوى الشفعة – واحتياطياً
إحالة القضية على محكمة المنصورة الابتدائية بهيئة استئنافية للفصل فيها مجدداً من
دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 28 من أغسطس و2 من سبتمبر سنة 1951 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن، وفي 26 من
سبتمبر سنة 1951 أودع الطاعنون أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورة مطابقة
للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهم. وفي 30 منه
أودع المطعون عليه الثاني مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام
الطاعنين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 4 من أكتوبر سنة 1951 أودعت المطعون
عليها الأولى مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنين
بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 14 من يوليه سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً
ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين بالمصروفات.
وفي 12 من فبراير سنة 1953 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامو
الطرفين والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة
اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة
المحامين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل
في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 1282 سنة 1948 أمام محكمة طلخا الجزئية يطلبون الحكم
فيها بأحقيتهم في أن يأخذوا بطريق الشفعة الأطيان المبيعة من مصلحة الأملاك الأميرية
(المطعون عليها الأولى) إلى المطعون عليه الثاني في مقابل الثمن وفي 19 من ديسمبر سنة
1950 قضت المحكمة برفض الدعوى. فاستأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة المنصورة الابتدائية.
بهيئة استئنافية وقيد بجدولها تحت رقم 76 سنة 1951 استئناف. وفي 26 من مايو سنة 1951
أبدته المحكمة تأسيساً على أن عقد البيع الصادر من المطعون عليها الأولى إلى المطعون
عليه الثاني ليس بيعاً عادياً ولكنه بيع ذو طابع خاص هو أقرب إلى الهبة منه إلى البيع
روعيت فيه وفي تقدير الثمن اعتبارات تتعلق من جهة بشخصية المشتري ومن جهة أخرى بأغراض
ومصالح عليا اجتماعية وسياسية. فقرر الطاعنون بالطعن فيه بطريق النقض.
… ومن حيث إن الطعن بني على سببين حاصل أولهما أن الحكم المطعون فيه إذ كيف التصرف
الصادر من المطعون عليها الأولى إلى المطعون عليه الثاني بأنه عقد ذو طابع خاص هو أقرب
إلى الهبة منه إلى البيع وإذ رتب على ذلك قضاءه بأن هذا التصرف لا تجوز فيه الشفعة
مع أنه تصرف لا يخرج في حقيقته عن كونه بيعاً مستوفياً لكافة أركانه القانونية – أخطأ
في القانون – ذلك أنه بفرض أن الحكومة نزلت عن جزء من الثمن فإن هذا النزول لا ينصب
إلا على هذا الجزء ولا يغير من طبيعة العقد بوصفه بيعاً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى الشفعة استناداً إلى أن التصرف الصادر
من المطعون عليها الأولى إلى المطعون عليه الثاني ليس بيعاً تجوز فيه الشفعة وإنما
هو تصرف ذو طابع خاص روعي فيه إيثار المتصرف إليه بالأولوية في شراء الأطيان المبيعة
موضوع طلب الشفعة لاعتبارات منها ما يتعلق بشخص المتصرف إليه لقيامه بإصلاح الأرض المتصرف
له فيها ومنها ما يتعلق بمصالح اجتماعية واقتصادية ترمي إلى رفع مستوى صغار المزارعين
وتوفير أسباب العيش لهم والتشجيع على إصلاح الأراضي البور – فضلاً عن أن الثمن المسمى
بالعقد لا يمثل حقيقة قيمة العين المبيعة وقت البيع – إذ أسس الحكم قضاءه على ذلك لا
يكون قد خالف القانون. ذلك بأن القضاء بالشفعة في مثل هذه الحالة يتنافى مع طبيعة العقد
وفيه تفويت للأغراض المنشودة منه ومن ثم يكون هذا السبب مردوداً.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن المحكمة إذ قررت في أسباب حكمها أن المطعون عليه
الثاني قام بإصلاح الأرض المبيعة وأجرى فيها من التحسينات ما يخوله حق الأولوية في
شرائها عملاً بقرار مجلس الوزارة الصادر في 5 من مايو سنة 1946، دون أن تبين قيمة هذه
الإصلاحات والتحسينات التي روعيت في تقدير الثمن أو المصدر الذي استقت منه هذا التقرير
الذي رتبت عليه قضاءها بعدم جواز الشفعة، مع أن الأرض المبيعة هي طرح بحر ولم تكن في
حاجة إلى أي إصلاح. إذ قرر الحكم ذلك شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما يبين من الصورة الرسمية لمذكرة المطعون عليها الأولى
المقدمة إلى محكمة الاستئناف – والتي تمسكت فيها بعدم جواز الشفعة في العين المتصرف
فيها وفقاً لقرار مجلس الوزراء السابق الإشارة إليه لقيام المطعون عليه الثاني بإصلاحها
ولسبق استئجاره إياها – ولما كان الطاعن لم يقدم دليلاً رسمياً على أنه كان ينازع في
ثبوت ذلك. فلا على المحكمة إن هي اعتبرت أن أمر الإصلاح لم يكن محل نزاع وقالت في أسباب
حكمها "إن العين المبيعة هي من أراضي الحكومة وكانت من قبل مؤجرة للمستأنف عليها الثاني
(المطعون عليه الثاني) الذي قام بإصلاحها وإعدادها للزراعة وتكلف في هذا السبيل نفقات
وجهوداً كان لها أثرها واعتبارها في تقدير الثمن عندما تقدم للشراء كما كان لها أثرها
في تفضيل المستأنف عليه على غيره من راغبي الشراء" – ولم تكن في حاجة بعد هذا التقرير
الذي أثبتت فيه أن العقد ليس بيعاً صرفاً وإنما هو تصرف من نوع خاص – لم تكن في حاجة
إلى تقدير قيمة ما قام به المطعون عليه الثاني من إصلاح – أما ما يعيبه الطاعن على
الحكم في قوله إن الأطيان المبيعة هي طرح بحر لا ينطبق عليها قرار مجلس الوزراء فهو
وجه دفاع جديد لم يثره الطاعن لدى محكمة الموضوع ومن ثم يكون غير مقبول منه إثارته
لأول مرة أمام هذه المحكمة.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
