الرائيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 322 سنة 20 ق – جلسة 29 /01 /1953 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثاني – السنة 4 – صـ 411

جلسة 29 من يناير سنة 1953

القضية رقم 322 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وبحضور حضرات الأساتذة سليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان ومحمد زكي شرف المستشارين.
( أ ) إعلان. تحديد التاريخ الذي حصل فيه. هو يوم تسليم صورته إلى جهة الإدارة – لا عبرة بتاريخ وصول الخطاب الموصى عليه ولا بيوم تسلم المعلن إليه الصورة من جهة الإدارة. المادة 12 مرافعات.
(ب) نقض. طعن. شفعة. حكم صادر في دعوى شفعة في عقار بيع لشخصين مشاعاً بينهما موضوع غير قابل للتجزئة. الطعن فيه من أحد المشتريين بعد الميعاد القانوني. إفادته من الطعن المرفوع من المشتري الثاني في الميعاد متى كان منضماً إليه في طلباته. الدفع بعدم قبول طعنه شكلاً. في غير محله. المادة 11 من قانون الشفعة القديم والمادة 384 – مرافعات.
(ج) شفعة. التنازل عنها. التزام لا يرتبط به إلا من ارتضاه. مثال. تنازل صاحب العقار عن حق الشفعة في عقد شرائه لهذا العقار. عدم سريان هذا التنازل على من اشترى منه العقار.
(د) نقض. طعن. سبب جديد. النعي على الحكم القاضي بالشفعة بأن الشفيع تنازل ضمناً عن حق الشفعة أو أنه تواطأ مع البائع له على عدم النص في عقد شرائه على التنازل عن هذا الحق. عدم ثبوت إثارته لدى محكمة الموضوع. إثارته لأول مرة لدى محكمة النقض. لا تجوز.
(هـ) شفعة. الشفيع بالنسبة لعقد البيع يعتبر من طبقة الغير. عدم جواز الاحتجاج عليه إلا بالعقد الظاهر. حكم. تسبيبه. قضاؤه للشفيع بالشفعة مقابل الثمن الوارد بالعقد الظاهر. نفيه بأسباب مسوغة علم الشفيع بالثمن الحقيقي. لا خطأ.
1 – إنه وإن كان القانون يوجب في المادة 12 من قانون المرافعات على المحضر في ظرف أربع وعشرين ساعة أن يوجه إلى المعلن إليه في موطنه الأصلي أو المختار كتاباً موصى عليه يخبره فيه بأن الصورة سلمت إلى جهة الإدارة وكان الغرض من هذا الإجراء هو التأكد من علم الخصم بتسليم الصورة إلى جهة الإدارة حتى لا تتخذ الإجراءات في غيبته إذا لم يسلمها رجل الإدارة، إلا أن العبرة في تحديد تاريخ الإعلان هي بيوم تسليم ورقة الإعلان إلى جهة الإدارة لا بيوم وصول الخطاب الموصى عليه إلى المعلن إليه أو بيوم تسلمه الإعلان من جهة الإدارة.
2 – إذا كان الحكم المطعون فيه صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة وهو حق الشفعة في عقار بيع لشخصين مشاعاً بينهما بحيث لا تجوز الشفعة إلا فيه بتمامه كمقتضى المادة 11 من قانون الشفعة القديم الذي يحكم النزاع، فإن للطاعن الأول وهو أحد المحكوم عليهما والذي قرر طعنه بعد الميعاد القانوني أن يفيد من الطعن المرفوع من الطاعنة الثانية متى كان منضماً إليها في طلباتها كما هو الحال في الدعوى عملاً بنص المادة 384 من قانون المرافعات، ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول طعن الطاعن الأول شكلاً في غير محله.
3 – إن الشفعة رخصة والتنازل عنها التزام لا يرتبط به إلا من ارتضاه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه لم يخطئ إذ لم يعتد بتنازل البائع إلى المطعون عليها في عقد شرائه من الشركة البائعة له عن حق الشفعة لأن هذا التنازل لا يعتبر حقاً عينياً يتبع العقار في يد كائن من كان.
4 – إذا كان ما يعيبه الطاعنان على الحكم هو أن المطعون عليها الأولى تنازلت تنازلاً ضمنياً عن استعمال حق الشفعة للاعتبارات التي أوضحاها في طعنهما، أو أنها تواطأت مع البائع إليها على إغفال النص على شرط التنازل في عقد شرائها، وكان لم يثبت أن الطاعنين سبق لهما أن تمسكا بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع فإنه يكون وجهاً جديداً يخالطه واقع فلا يجوز لهما إثارته لأول مرة لدى هذه المحكمة.
5 – الشفيع – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة بحكم أنه صاحب حق في أخذ العقار بالشفعة يعتبر من طبقة الغير بالنسبة لطرفي عقد البيع سبب الشفعة ومن ثم لا يحتج عليه إلا بالعقد الظاهر. وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون عليها الأولى بالشفعة مقابل الثمن الوارد بالعقد المسجل الصادر من الشركة البائعة إلى الطاعنين قد نفى بأدلة مسوغة علم المطعون عليها الأولى بأن الثمن الحقيقي يختلف عن الثمن الوارد بالعقد، فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.


الوقائع

في يوم 31 من أكتوبر سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 6 من يونيه سنة 1950 في الاستئناف رقم 876 سنة 66 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنان الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى على دائرة أخرى للفصل فيها مجدداً مع إلزام المطعون عليها الأولى بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجات التقاضي جميعها.
وفي 4 من نوفمبر سنة 1950 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 19 منه أودع الطاعنان أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظتين بمستنداتهما. وفي 10 من ديسمبر سنة 1950 أودعت المطعون عليها الأولى مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها أولاً: عدم قبول الطعن شكلاً من الطاعن الأول لتقديمه بعد الميعاد ثانياً: رفض الطعن بجميع أجزائه مع إلزام الطاعنين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 20 منه أودع الطاعنان مذكرة بالرد وحافظة بمستنداتهما. وفي 9 من يناير سنة 1951 أودعت المطعون عليها الأولى مذكرة بملاحظاتها على الرد. ولم يقدم باقي المطعون عليهم دفاعاً.
وفي 29 من مايو سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين بالمصروفات.
وبجلسة 15 من يناير سنة 1953 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطاعنين والمطعون عليها الأولى والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحامين عن الطاعنين والمطعون عليها الأولى والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن واقعة الدعوى حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليها الأولى رفعت الدعوى رقم 3125 سنة 68 قضائية أمام محكمة مصر المختلطة تطلب الحكم فيها بأحقيتها في أن تأخذ بطريق الشفعة قطعتي أرض مساحتهما 1363 متراً مربعاً وهي المبيعة من شركة أراضي الدلتا إلى الطاعنين بموجب عقد رسمي في 28 من إبريل سنة 1943 مقابل الثمن وقدره 582 جنيهاًً و5 مليماً والملحقات القانونية فأدخل الطاعنان بعريضة أعلنت في 1 و2 و4 من مايو سنة 1944 جورجي منسي وجبريل بقطي وأحمد زكي في الدعوى وقالا فيها إن شركة أراضي الدلتا باعت الأرض المشفوع فيها أولاً إلى مستر أندراوس بموجب عقد مبرم في 14 من مايو سنة 1906 وأن هذا الأخير باع إلى جورج منسي بموجب عقد عرفي في 8 من مارس سنة 1943 ثم باعها الأخير في 5 من إبريل سنة 1943 إلى فكتور دانتي وأحمد زكي القرشي بسعر ثمانين قرشاً للمتر المربع وبموجب عقد في 19 من إبريل سنة 1943 باع الأخيران قطعتي الأرض إلى الطاعنين بسعر 57.5 قرشاً للمتر وأنه لما كانت هذه البيوع كلها قد تمت بعقود عرفية، فقد حرر عقد البيع النهائي من شركة أراضي الدلتا مباشرة في 28 من إبريل سنة 1943 تحت رقم 3225 وأثبت فيه أن الثمن مقداره 582 جنيه و5 مليم بواقع 35 قرشاً للمتر المربع وطلبا في ختام الإعلان المذكور سماع الخصوم المدخلين بأن يدفعوا إليهما فرق الثمن من 35 إلى 975 قرشاً للمتر المربع في حالة صدور الحكم للمطعون عليها الأولى (الشفيعة). وفي 24 من يونيو سنة 1948 حكمت المحكمة برفض دعوى المطعون عليها الأولى وألزمتها بالمصاريف وفي دعوى الضمان بعدم اختصاصها بنظرها فاستأنفت المطعون عليها الأولى هذا الحكم بعريضة أعلنت في 11 من يناير سنة 1949 لدى محكمة استئناف الإسكندرية المختلطة ثم أحيل هذا الاستئناف إلى محكمة استئناف القاهرة وقيد بجدولها تحت رقم 876 سنة 66 قضائية وفي 6 من يونيو سنة 1950 قضت حضورياً بقبوله الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وأحقية المستأنفة (المطعون عليها الأولى) في أخذ العين المبينة بصحيفة الدعوى بالشفعة مقابل الثمن الوارد بالعقد ومقداره 582 جنيه و5 مليم والملحقات القانونية مع إلزام الطاعنين بمصاريف الدرجتين فقر الطاعنان الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن المطعون عليها الأولى دفعت بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد بالنسبة للطاعن الأول – ذلك بأن الحكم المطعون فيه أعلن في 28 من سبتمبر سنة 1950 ولم يقرر وكيله الطعن فيه إلا في 31 من أكتوبر سنة 1950 فيكون قد مضى بين إعلان الحكم والتقرير بالطعن ثلاثة وثلاثون يوماً أي أكثر من المدة المقررة في المادة 428 من قانون المرافعات وأنه لا يؤثر على صحة الإعلان وبالتالي احتساب مواعيد الطعن أن زوجة الطاعن امتنعت عن تسلم صورة الحكم – على أنه إذا احتسبت المدة من تاريخ تسليم صورة إعلان الحكم إلى الضابط المندوب بقسم عابدين في ثلاثين من شهر سبتمبر سنة 1950 وتاريخ الطعن فإنه يكون قد مضى واحد وثلاثون يوماً أي أكثر من المدة المقررة قانوناً للطعن وأنه ليس للطاعن الأول أن يستفيد من الطعن المقدم من ورثة جاك سالتو لأن النزاع قابل للتجزئة وكل من الطاعنين ما هو إلا مشتر لعين مشفوع فيها فيجوز قبول الشفعة بالنسبة لأحدهما عن القطعة مشتراة سواء أكانت شائعة أم مفرزة وقد رد الطاعن الأول على هذا الدفع بأن المادة 12 من قانون المرافعات التي تنص على أنه "إذا لم يجد المحضر الشخصي المطلوب إعلانه في موطنه كان عليه أن يسلم الورقة إلى وكيله أو خادمه أو من يكون ساكناً معه من أقاربه أو أصهاره. فإذا لم يجد أحداً منهم أو امتنع من وجده عن تسلم الصورة وجب أن يسلمها على حسب الأحوال لمأمور القسم أو البندر أو العمدة أو شيخ البلد الذي يقع موطن الشخص في دائرته ويجب على المحضر في ظرف أربع وعشرين ساعة أن يوجه إلى المعلن إليه في موطنه الأصلي أو المختار كتاباً موصى عليه يخبره فيه بأن الصورة سلمت إلى جهة الإدارة وعلى المحضر أن يبين كل ذلك في حينه بالتفصيل في أصل الإعلان وصورته" وأنه لما كان يبين من النص المشار إليه أن إخطار المعلن إليه بتسليم الصورة إلى جهة الإدارة هو من الأركان الجوهرية اللازمة لصحة الإعلان أي أنه لا يتم إلا بتمام وصول هذا الكتاب للمراد إعلانه وكان الثابت أن المحضر حرر الإخطار في 30 من سبتمبر سنة 1950 مما لا يتصور معه أن يكون الكتاب الموصى عليه قد سلم إلى الطاعن الأول وقبل يوم أول أكتوبر سنة 1950 – لما كان ذلك وكان التقرير بالطعن قد حصل في يوم 31 أكتوبر سنة 1950 – فإنه يكون بذلك قد تم في الميعاد القانوني على أنه من ناحية أخرى فإنه لما كانت الطاعنة الثانية قررت بالطعن في الميعاد وكان الطاعنان قد اشتريا الأرض المشفوع فيها على الشيوع معاً فحق الشفعة فيها لا يتجزأ والحكم الصادر بشأنها ضد الأخوين لا يمكن تجزئته إذ لا يمكن إلا أن يكون الحكم فيها واحداً في حق المشترين وإذن يكون للطاعن الأول بفرض رفعه الطعن بعد الميعاد أن يستفيد من طعن الطاعنة الثانية الذي قرر في الميعاد.
ومن حيث إنه وإن كان القانون يوجب على المحضر في ظرف أربع وعشرين ساعة أن يوجه إلى المعلن إليه في موطنه الأصلي أو المختار كتاباً موصى عليه يخبره فيه بأن الصورة سلمت إلى جهة الإدارة وكان الغرض من اتخاذ هذا الإجراء التأكد من علم الخصم بتسليم الصورة إلى جهة الإدارة حتى لا تتخذ الإجراءات في غيبته إذا لم يسلمها إليه رجل الإدارة وكانت العبرة في تحديد تاريخ إعلان الحكم هي بيوم تسليم ورقة الإعلان إلى جهة الإدارة لا بيوم وصول الخطاب الموصى عليه إلى المعلن إليه أو بيوم تسلمه الإعلان من جهة الإدارة ومن ثم كان التقرير بالطعن في الحكم من الطاعن الأول قد حصل بعد انقضاء الميعاد المقرر قانوناً إذا احتسب بدء سريانه من تاريخ تسليم ورقة الإعلان إلى جهة الإدارة، إلا أنه لما كان طعن الطاعنة الثانية قد حصل في الميعاد وكان الحكم المطعون فيه صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة وهو حق الشفعة في عقار مبيع لشخصين مشاعاً بينهما فلا تجوز الشفعة إلا فيه بتمامه كمقتضى المادة 11 من قانون الشفعة القديم الذي يحكم النزاع. فإن للطاعن الأول وهو أحد المحكوم عليهما أن يفيد من الطعن المرفوع من الطاعنة الثانية متى كان منضماً إليها في طلباتها كما هو الحال في الدعوى عملاً بنص المادة 384 من قانون المرافعات ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً في غير محله.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه بني على ثلاثة أسباب حاصل أولها هو خطأ الحكم في تكييف مركز الشفيعة من الالتزام بعدم المطالبة بالشفعة فيما يتم من البيوع التي تتولاها شركة أراضي الدلتا بضاحية المعادي وفي مدى تقيد المطعون عليها الأولى بهذا الالتزام فقد ناقش الحكم طبيعة الالتزام المنصوص عليه بالبند العاشر من قائمة شروط بيع أراضي الشركة ثم ناقش طبيعة حق الشفعة أهو حق شخصي أم عيني وانتهى إلى أنه حق شخصي لا يتبع العقار ولا يلتزم به إلا من أخذ عليه الميثاق في عقده صراحة وأنه نظراً لخلو عقد المطعون عليها من هذا الشرط فلا التزام عليها بالتنازل عن الشفعة في حين أنه مع التسليم جدلاً بما قرره الحكم من أن حق الشفعة هو حق شخصي فإنه بهذا الوصف يمكن التنازل عنه صراحة أو ضمناً وقد تنازلت عنه الشفيعة ضمناً ولو لم يرد بعقد شرائها نص صريح على قبول شروطه قائمة بيوع الشركة ذلك بأن شرط التنازل قد فرضته الشركة على كل مشتر منها وعلى كل من يتلقى حق الملكية عن المشترين منها مباشرة وأصبح الشرط مشهوراً معروفاً بالتواتر للناس وخصوصاًً لكل من يتعامل بالشراء والبيع في أراضي الشركة التي وضعت هذه الشروط لحماية جميع المتعاملين في أراضيها فكما حمت المشترين من الاستشفاع فيما يشترونه منها كذلك فرضت عليهم التزاماً بعدم المطالبة بحق الشفعة من المشترين الآخرين ومن ثم لا يكون صحيحاً ما ذهب إليه الحكم من أن الالتزام كان خالصاً لمصلحة الشركة بل هو لمصلحة كل متعامل في أراضي المعادي التي قسمتها الشركة وطرحتها للبيع بهذه الشروط التي يعلم الجميع وجوب احترامها فالشخص الذي يقدم على شراء أرض من أراضي هذه المنطقة يعلم بطبيعة هذه الالتزامات وإغفال النص في عقد شراء المطعون عليها الأولى (الشفيعة) على هذا الالتزام ليس إلا إهمالاً في ذكر ما هو معلوم أو نوعاً من الغش تواطأ عليه طرفا العقد ولو خلصت النية لوجب الحصول مقدماً على موافقة من الشركة نفسها ثم النص صراحة في عقد المطعون عليها الأولى على عدم التقييد بهذه القيود التي تواترت بين الناس حتى أصبحت في الواقع شرطاً ضمنياً لا يكفي للتحليل منه مجرد إغفاله ومن ثم يكون الحكم إذ أغفل جزءاً هاماً من أركان تكييف مركز الشفيعة القانوني إزاء الالتزام بالتنازل عن حق الشفعة وقضي بعدم التزام المطعون عليها به استناداً إلى أسباب لا تؤدي إلى ذلك قانوناً شابه قصور يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون عليها الأولى بالشفعة قال "ومن حيث إنه وإن اختلف رجال القضاء والفقهاء فيما إذا كانت الشفعة حقاً عينياً أو شخصياً فإن هذه المحكمة ترى مع القانون الجديد مادة أن الشفعة رخصه تجيز في بيع العقار الحلول محل المشتري في الأحوال وبالشروط المنصوص عليها في المواد التالية وقد نصت المادة على "سقوط الحق في الشفعة إذا نزل الشفيع عن حقه في الأخذ بالشفعة ولو قبل البيع". ومن حيث إن المستأنفة تملكت العقار بعقد 2 فبراير سنة 1935 المسجل في 22 مارس سنة 1935 وقد ذكر في البند الرابع أصل الملكية لهذه القطعة أي العقد المحرر في 8 نوفمبر سنة 1929. المسجل في 10 نوفمبر سنة 1929. ومن حيث إن هذا العقد المسجل في 10 نوفمبر سنة 1929 وإن كان قد ورد به أن البيع قد تم وفقاً لما نصت عليه القائمة إلا أن هذا الشرط لم يرد بعقد 22 مارس سنة 1935 الذي تملكت المستأنفة بمقتضاه مباشرة مما يفيد أن البائعين للمستأنفة (المطعون عليها الأولى) لم يعيروا موضوع الشفعة أي اهتمام ولم يفرضوا على المستأنفة أي قيد في هذا الصدد ولم تتنازل المستأنفة عن حقها في الشفعة فلا محل لتمسك المستأنف عليهم (الطاعنين) بالأصل العام لعقود التملك وهي قائمة شروط شركة الدلتا.
ومن حيث إن القيد الذي فرضته الشركة على المشترين منها بأن يمتنعوا عن المطالبة بالشفعة في أي جزء من الأراضي التي تبيعها لغيرهم والذي تقول عنه محكمة أول درجة إنه حق عيني يتبع العقار في أيدي ملاكه المتعاقبين هذا القيد ليس حق ارتفاق وإنما هو منع للمشترين من استعمال حق إجازة القانون لهم وهو حق شخصي لا يلتزم به إلا من رضيه". وهذا الذي ذهب إليه الحكم صحيح في القانون ذلك بأن الشفعة رخصة والتنازل عنها التزام لا يرتبط به إلا من ارتضاه، ومن ثم لم يخطئ الحكم إذ لم يعتد بتنازل البائع إلى المطعون عليها في عقد شرائه من الشركة عن حق الشفعة لأن هذا التنازل لا يعتبر حقاً عينياً يتبع العقار في يد كائن من كان أما ما يعيبه الطاعنان على الحكم من أن المطعون عليها الأولى تنازلت تنازلاً ضمنياً عن استعمال حق الشفعة للاعتبارات التي أوضحاها في طعنهما أو أنها تواطأت مع البائع إليها على إغفال النص على شرط التنازل في عقد شرائها فهو وجه جديد يخالطه واقع لم يثبت أن الطاعنين سبق لهما أن تمسكا به أمام محكمة الموضوع فلا يجوز لهما إثارته لدى هذه المحكمة. ومن ثم يكون هذا النعي غير مقبول.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في خطأ الحكم في رفض الدفع بعدم قبول دعوى الشفعة وهو الدفع المؤسس على أن عرض الثمن لم يتم وفقاً لنص المادة 14 من قانون الشفعة إذ قصرت المطعون عليها الأولى طلبها على عرض مبلغ 582 جنيه و5 مليمات وهو الثمن الوارد بالعقد المبرم بين الشركة وبين الطاعنين بحجة أنه الثمن الحقيقي مع أن المطعون عليها تدرك من ظروف الدعوى ما يقطع في علمها أن تقدير ثمن المتر بمبلغ 35 قرشاً إنما هو تقدير سنة 1906 الذي بيعت به الأرض من الشركة للمستتر أندروس أول مشتر لها وأن الثمن قد ارتفع إلى أضعاف ذلك من سنة 1906 إلى سنة 1943 ومن ثم كان عرضها ناقصاً غير مستوف لشرائطه القانونية كما أن المطعون عليها لم تبدأ استعدادها لدفع الثمن الحقيقي وهذا يسقط حقها في الشفعة.
ومن حيث إن الحكم قال في خصوص ذلك "لا محل للدفع بعدم قبول الدعوى بناء على المادة 14 من قانون الشفعة لأن العقد الرسمي المحرر في 28 من إبريل سنة 1942 بين شركة أراضي الدلتا والمستأنف عليهما (الطاعنين) قد ذكر فيه أن الثمن 582 جنيهاً و5 مليمات بواقع المتر 35 قرشاً فتم العرض على أساس هذا الثمن الوارد في العقد الرسمي فيكون إعلان الرغبة في الشفعة صحيحاً إذ لم يثبت أن المستأنفة (المطعون عليها الأولى) كانت تعلم أن الثمن الحقيقي للأرض يختلف عما ورد في العقد الرسمي بحيث إذا تبين أن الثمن الحقيقي يزيد عما ورد في العقد قضت المحكمة بالشفعة على أساس الثمن الذي يتبين لها أنه الثمن الحقيقي.
ومن حيث فيما يتعلق بالثمن الواجب دفعه على الشفيعة فإنه ظاهر من الأوراق أن المستأنفة حينما علمت بالبيع أرسلت وكيلها إلى المستأنف عليهما يستفسر عن حقيقة هذا البيع ويسأل عن شروطه وأركانه فأرسل إليه وكيل المستأنف عليهما بتاريخ 27 مايو سنة 1943 عقد البيع الرسمي المحرر في 28 إبريل سنة 1943 بين شركة أراضي الدلتا والمستأنف عليهما وقد ورد به أن الثمن 582 جنيهاً و5 مليمات بواقع المتر 35 قرشاً ثم قام وكيل المستأنفة بعرض هذا الثمن وجميع ملحقاته القانونية كما هو ظاهر من إنذار الشفعة المحرر في 10 مايو سنة 1943 ومن الاطلاع على الخطاب المؤرخ في 27 مايو سنة 1943 الذي أرسله محامي المستأنف ضدهما إلى وكيل المستأنفة وأرسل معه العقد الرسمي تبين أنه لم يذكر في هذا الخطاب أن الثمن يختلف عما ورد في العقد المذكور ولم يشر إلى أي عقود أخرى خلاف هذا العقد فضلاً عن أن العقود الأخرى التي أشار إليها المستأنف عليهما وزعما أنها تمت بين أشخاص متعددين لم تقدم في ملف الدعوى كما لم يتقدم أي دليل يثبت أن المستأنف ضدهما دفعا أكثر من الثمن المسمى في العقد ولذلك تكون الشفيعة قد أعلنت البائع الحقيقي وهو الشركة وعرضت الثمن الحقيقي وهو الوارد في العقد" وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون إذ المطعون عليها الأولى – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة بحكم أنها صاحبة حق في أخذ العقار بالشفعة تعتبر من طبقة الغير بالنسبة لطرفي عقد البيع سبب الشفعة ومن ثم لا يحتج عليها إلا بالعقد الظاهر وهو العقد المسجل الصادر من الشركة إلى الطاعنين والمثبت به أن الثمن هو 582 جنيهاً و5 مليمات وقد نفى الحكم بأدلة مسوغة علم المطعون عليها الأولى بأن الثمن الحقيقي يختلف عن الثمن الوارد بالعقد وتقرير الحكم في نفي هذا العلم هو تقرير موضوعي لا يجوز الجدل فيه أمام هذه المحكمة ومن ثم يتعين رفض هذا السبب.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم شابه بطلان جوهري لقصور أسبابه كما أخطأ في تحصيل فهم الواقع في الدعوى ذلك أن الحكم إذ تحدث عن حقيقة الثمن استند إلى قصور خطاب محامي المشترين لمحامي الشفيعةسبابه أسبابه عن ذكر مغايرة الثمن الحقيقي لما جاء بالعقد المبرم بين الشركة والطاعنين وأخذ على الخطاب المذكور عدم إشارته إلى وجود عقود أخرى واستخلص من ذلك أن العقود التي ذكرها الطاعنان وقالا إنها تمت بين أشخاص متعددين تداولت أيديهم ملكية الأرض المشفوع فيها إنما هي عقود مزعومة ثم قرر أنه لم يثبت له أن الطاعنين دفعا أكثر من الثمن المسمى بالعقد وانتهى إلى أن المطعون عليها الأولى قد أعلنت البائع الحقيقي وهي الشركة وعرضت عليها الثمن الحقيقي وهو الوارد في العقد. مع أن الثابت من ملف الدعوى أن الطاعنين أدخلا أمام محكمة أول درجة البائعين السابقين مطالبين إياهم بفرق الثمن إلا أن المحكمة قضت بعدم اختصاصها بالفصل في تلك الطلبات مما كان يتعين معه على المحكمة أن لا تتجاهل هذه البيوع المتعاقبة والتي لا تترك مجالاً للشك في تداول الأرض المشفوع فيها بينهم وفي بيعها بثمن غير المذكور بالعقد كما أن الحكم بنى قضاءه على أن العقود السابقة هي عقود مزعومة، مع أن ملف الدعوى حافل بمذكرات هؤلاء المتبايعين وكلها تدل على جدية هذه البيوع مما كان ينبغي معه على المحكمة أن تشير إليها – لا أن تقيم قضاءها على هذا الفهم الخاطئ.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه ليس إلا مجادلة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع من فهم الواقع في الدعوى ووزن الدليل إذ أن ما أورده الحكم من أسباب سبق بيانها يكفي لحمله.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات