الطعن رقم 305 سنة 20 قضائية – جلسة 29 /01 /1953
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثاني – السنة 4 – صـ 404
جلسة 29 من يناير سنة 1953
القضية رقم 305 سنة 20 قضائية
برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وبحضور حضرات الأساتذة
سليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان ومحمد زكي شرف المستشارين.
( أ ) استئناف. أثر الاستئناف. نقل القضية إلى محكمة ثاني درجة بأدلتها ودفوعها في
حدود طلبات المستأنف. مثال. دفع من الطاعن لدى محكمة أول درجة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى.
رفض هذا الدفع وعدم استئنافه من الطاعن. صدور الحكم في موضوع الدعوى في ظل قانون المرافعات
القديم. استئناف المطعون عليهما الحكم بالنسبة للموضوع دون الاختصاص. عدم تمسك الطاعن
أمام محكمة ثاني درجة بالدفع بعدم الاختصاص وطلبه تأييد الحكم الصادر في الموضوع. عدم
تعرض محكمة ثاني درجة للدفع بعدم الاختصاص. لا خطأ.
(ب) تسجيل. بيع. تسجيل المشتري الأول صحيفة دعواه بصحة ونفاذ عقده في ظل قانون التسجيل
رقم 18 لسنة 1923 قبل أن يسجل المشتري الثاني الحكم الصادر بصحة عقده. تسجيل حكم المشتري
الثاني لا يحول دون الحكم بصحة ونفاذ عقد المشتري الأول الذي متى أشر به يكون حجة على
المشتري الثاني. حكم. تسبيبه. انتهاؤه إلى هذه النتيجة. لا يعيبه ورود تقريرات خاطئة
بأسبابه.
(ج) حكم. تسبيبه. استخلاصه من التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة أن عقد المشتري الأول
هو عقد جدي. النعي عليه بالقصور لعدم بحثه الدفع بصورية عقد المشتري الأول. في غير
محله.
1 – إن الاستئناف إنما ينقل القضية إلى محكمة ثاني درجة بأدلتها ودفوعها في حدود طلبات
المستأنف. وإذن فمتى كان الاستئناف الذي رفعه المطعون عليهما مقصوراً على ما قضت به
محكمة أول درجة في الموضوع دون الاختصاص وكان الطاعن لم يتمسك لدى المحكمة الاستئنافية
بالدفع بعدم الاختصاص بعد أن صدر حكم برفضه لم يستأنفه بل طلب لدى محكمة الدرجة الثانية
تأييد الحكم الابتدائي الصادر في ظل قانون المرافعات القديم والفاصل في موضوع النزاع،
فإن محكمة ثاني درجة إذ لم تتعرض للدفع بعدم الاختصاص لا تكون قد أخطأت في تطبيق القانون.
2 – إذا كان يبين من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليهما الأولين سجلا عريضة دعواهما
بصحة عقد البيع الصادر لهما من المطعون عليه الثالث في 28/ 12/ 1946 قبل أن يسجل الطاعن
في 15/ 6/ 1947 الحكم الصادر له بصحة عقد البدل الذي تم بينه وبين المطعون عليه الثالث
فإن هذا التصرف الحاصل للطاعن من نفس البائع للمطعون عليهما الأولين لا يحاج به الأخيران
عملاً بالمادة 12 من قانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923 وبالتالي لا يحول تسجيل الطاعن
الحكم بصحة عقد بدله بعد تسجيل عريضة دعوى المطعون عليهما الأولين دون أن يقضى لهما
بصحة عقدهما حتى إذا أشر بهذا الحكم وفق القانون يكون حجة على الطاعن، ويكون الحكم
المطعون فيه إذ قضى للمطعون عليهما الأولين بصحة ونفاذ عقدهما قد انتهى إلى نتيجة سليمة
ولا يبطله ما ينعاه عليه الطاعن من تقريرات خاطئة وردت بأسبابه.
3 – متى كان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة استخلصت من التحقيق الذي أجرته محكمة
أول درجة أن عقد البيع الصادر للمطعون عليهما الأولين هو عقد جدي فيكون ما ينعاه الطاعن
على هذا الحكم من أن المحكمة لم تبحث دفعه بصورية عقد المطعون عليهما الأولين هو نعي
في غير محله.
الوقائع
في يوم 27 من سبتمبر سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة طنطا
الكلية الصادر بهيئة استئنافية في 9 من مارس سنة 1950 في القضية رقم 442 سنة 1949 س
– وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون
فيه بكامل أجزائه والحكم أصلياً بتأييد الحكم المستأنف واحتياطياً بإحالة الدعوى على
دائرة أخرى للفصل فيها مجدداً.
وفي 30 من سبتمبر سنة 1950 أودع المطعون عليهم بتقرير الطعن – وفي 17 من أكتوبر سنة
1950 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم
المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته – وفي 5 من نوفمبر سنة 1950
أودع المطعون عليهما الأولان مذكرة بدفاعهما مشفوعة بمستنداتهما طلبا فيها رفض الطعن
وإلزام الطاعن بالمصروفات وأتعاب المحاماة – ولم يقدم المطعون عليه الثالث دفاعاً.
وفي 11 من يونيه سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً
ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وبجلسة 15 من يناير سنة 1953 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا
الطاعن والمطعون عليهما الأولين والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم – والمحكمة أرجأت
إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة
المحامين عن الطاعن والمطعون عليهما الأولين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن
المطعون عليه الثالث باع إلى المطعون عليهما الأولين ووالدتهما أم علي بنت علي محمد
ترابينه المنزل المبين بالعقد الابتدائي المحرر في 19/ 11/ 1946 بثمن مقداره 250 جنيهاً
وفي 1/ 12/ 1946 أقام المشترون على البائع لهم الدعوى المدنية رقم 98 لسنة 1947 محكمة
سمنود الجزئية بصحة ونفاذ العقد المذكور. وفي 28/ 12/ 1946 سجلوا صحيفة هذه الدعوى
وبجلسة 22/ 1/ 1947 طعن المطعون عليه الثالث بالتزوير في عقد البيع وأوقفت الدعوى حتى
يفصل في هذا الطعن. وفي 30/ 12/ 1947 قضي ابتدائياً برفض دعوى التزوير لاعتراف البائع
بصحة العقد وبتغريمه 20 جنيهاً للخزانة. وفي 30/ 10/ 1948 قضي استئنافياً بإلغاء الغرامة
وعجلت الدعوى الموضوعية لجلسة 8/ 12/ 1948 وتدخل فيها الطاعن خصماً ثالثاً وطلب رفض
الدعوى استناداً إلى أنه تملك المنزل بموجب عقد بدل صادر إليه من نفس البائع في 15/
7/ 1946 وقدر فيه ثمن البدل بمبلغ 350 جنيه واتفق فيه على اختصاص محكمة طلخا الجزئية.
وأنه رفع لديها في 1/ 12/ 1946 الدعوى رقم 172 لسنة 1947 فقضي له فيها حضورياً في 22/
12/ 1946 على المطعون عليه الثالث بصحة ونفاذ العقد المذكور فسجل هذا الحكم وصحيفة
دعوى صحة التعاقد في 15/ 6/ 1947 بعد تسجيل صحيفة دعوى المطعون عليهما الأولين وقضت
المحكمة بقبول الطاعن خصماً ثالثاً ثم دفع بعدم اختصاصها لأن قيمة العقار تزيد على
نصاب القاضي الجزئي وفي 19/ 1/ 1949. قضت المحكمة بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات
ونفي صورية عقد البدل. وفي 27/ 4/ 1949 قضت برفض الدفع بعدم الاختصاص وبرفض الدعوى
استناداً إلى أن الطاعن بدخوله خصماً ثالثاً في دعوى المطعون عليهما الأولين أمام محكمة
سمنود يكون قد قبل اختصاصها وإلى أنه فيما يتعلق بموضوع الدعوى قد انتقلت الملكية إلى
الطاعن بتسجيل حكم صحة عقد البدل ولا يقبل من المطعون عليهما الأولين احتجاجهما بسبق
تسجيل صحيفة دعواهما اعتماداً على أن الحكم الذي سيصدر فيها سيرجع أثره إلى تاريخ تسجيل
هذه الصحيفة لأن قاعدة الأثر الرجعي للتسجيل مقيدة بعدم ترتب حق عيني للغير على العقار
في الفترة ما بين رفع الدعوى وتسجيل الحكم الصادر فيها وإلى ما ثبت من التحقيق من أن
عقد الطاعن هو عقدي جدي. استأنف المطعون عليهما الأولان. وفي 9/ 3/ 1950 قضت محكمة
طنطا الابتدائية في الاستئناف رقم 442 سنة 1949 بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ
عقد المطعون عليهما الأولين استناداً إلى أنه وإن كانت ملكية المنزل قد انتقلت إلى
الطاعن بتسجيل عقد البدل الذي سجل قبل أن يصدر حكم في دعوى صحة البيع التي رفعها المطعون
عليهما الأولان على الرغم من سبق تسجيل عريضة دعواهما قبل تسجيل حكم صحة عقد البدل
إلا أنه يبين من التحقيق الذي أجرته محكمة الدرجة الأولى أن عقد البدل المشار إليه
قد حرر بقصد عرقلة البيع الصادر إلى المطعون عليهما الأولين وأن الطاعن كان يعلم بهذا
البيع ودفع البائع إلى التصرف بزيادة الثمن، وإلى أن المادة 17 من قانون الشهر العقاري
رقم 114 لسنة 1946 نصت على أنه يترتب على تسجيل صحف الدعاوى المبينة بالمادة 15 أن
حق المدعي إذا تقرر بالحكم المؤشر به طبقاً للقانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق
عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعاوى وأن هذا الحق لا يكون حجة على الغير الذي كسب
حقه بحسن نية قبل التسجيل المشار إليه وتبين من شهادة الشهود أن الطاعن كان متواطئاً
مع المطعون عليه الثالث وذلك لأنه أغراه على عقد البدل إضراراً بالمطعون عليهما الأولين
وظل البائع لهما يماطلهما أمام محكمة أول درجة فتارة يطلب التأجيل للاطلاع وأخرى يطعن
بالتزوير في عقد البيع الصادر منه ثم يعود بعد ذلك ويعترف بصحة هذا العقد وبمجرد أن
اطمأن الطاعن أو المطعون عليه الثالث إلى تمام إجراءات تسجيل عقد البدل والحكم الصادر
بصحته من محكمة طلخا ظهر الطاعن كخصم ثالث في دعوى صحة التعاقد التي رفعها المطعون
عليهما الأولان ليهدر حقوقهما، وأنه لما كان يخلص مما تقدم أنه لا يجوز للطاعن أن يحتج
على المطعون عليهما الأولين بعقد البدل لما يغشاه من تواطؤ وسوء نية وكان المطعون عليه
الثالث قد أقر بصحة عقد البيع للمطعون عليهما الأولين فتكون دعواهما صحيحة. فقرر الطاعن
الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون
ذلك أن محكمة أول درجة قضت برفض الدفع بعدم الاختصاص وبرفض الدعوى فلم يجد الطاعن مصلحة
له في استئناف هذا الحكم ولما كان المطعون عليهما الأولان قد استأنفاه تكون الدعوى
قد نقلت برمتها إلى محكمة الدرجة الثانية وعلى الرغم من قيام الدفع بعدم الاختصاص وهو
متعلق بالنظام العام لأن الاختصاص نوعي فإنها خرجت عن ولايتها وبحثت عقد البدل مع أن
قيمته 350 جنيهاً وتزيد على نصاب اختصاص القاضي الجزئي النهائي.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الاستئناف إنما ينقل القضية إلى محكمة ثاني درجة بأدلتها
ودفوعها في حدود طلبات المستأنف؛ ولما كان الاستئناف مقصوراً على ما قضت به محكمة أول
درجة في الموضوع دون الاختصاص وكان الطاعن لم يتمسك لدى المحكمة الاستئنافية بالدفع
بعدم الاختصاص بعد أن صدر حكم برفضه لم يستأنفه بل طلب لدى محكمة الدرجة الثانية تأييد
الحكم الابتدائي الصادر في 27/ 4/ 1949 في ظل قانون المرافعات القديم الفاصل في موضوع
النزاع لما كان ذلك لا تكون محكمة ثاني درجة قد أخطأت في تطبيق القانون إذ لم تتعرض
للدفع بعدم الاختصاص.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم خالف القانون وذلك بأن المحكمة قالت إن
الملكية قد انتقلت إلى الطاعن من تاريخ تسجيل عقد البدل ولو أن المطعون عليهما الأولين
سجلا صحيفة دعوى صحة عقد البيع الصادر لهما قبل تسجيل حكم صحة عقد البدل ثم قررت أنه
لا يجوز للطاعن أن يتمسك بأسبقية تسجيل عقده إلا إذا كان حسن النية غير متواطئ مع البائع
وذلك اعتماداً على نص المادة 17 من قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 مع أن هذا
القانون لا ينطبق على حالة الدعوى إذ لم يعمل به إلا ابتداء من أول يناير سنة 1947
ومع أن المادة 17 لا تتناول حالة الدعوى إنما تتناول أثر تسجيل صحف الدعاوى على التسجيلات
السابقة عليها.
ومن حيث إنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليهما الأولين سجلا عريضة
دعواهما بصحة عقد البيع الصادر لهما من المطعون عليه الثالث في 28/ 12/ 1946 قبل أن
يسجل الطاعن في 15/ 6/ 1947 الحكم الصادر له بصحة عقد البدل الذي تم بينه وبين المطعون
عليه الثالث فإن هذا التصرف الحاصل للطاعن من نفس البائع للمطعون عليهما الأولين لا
يحاج به الأخيران عملاً بالمادة 12 من القانون رقم 18 لسنة 1923 وبالتالي لا يحول تسجيل
الطاعن الحكم بصحة عقد بدله بعد تسجيل عريضة دعوى المطعون عليهما الأولين دون أن يقضى
لهما بصحة عقدهما حتى إذا أشر بهذا الحكم وفق القانون يكون حجة على الطاعن؛ ولما كانت
النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه في قضائه للمطعون عليهما الأولين بصحة
ونفاذ عقدهما هي نتيجة سليمة فلا يبطله ما ينعاه عليه الطاعن من تقريرات خاطئة وردت
بأسبابه.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم شابه القصور ذلك بأن الطاعن دفع في جميع
مراحل الدعوى بصورية عقد المطعون عليهما الأولين غير أن محكمة الدرجة الثانية لم تلق
بالاً إلى هذا الوجه من الدفاع مع أنه جوهري ويتأثر به الفصل في الدعوى.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما قرره الحكم من أن المحكمة "تطمئن إلى صحة شهادة شهود
المستأنفين (المطعون عليهما الأولين) من أن المستأنف عليه الثاني "الطاعن" كان يعلم
حين تبادل مع المستأنف عليه الأول "المطعون عليه الثالث" بسابقة بيع المنزل موضوع النزاع
للمستأنفين بل أنه أغراه على عقد هذا البدل إضراراً بالمستأنفين برفع قيمة البدل موضوع
النزاع" – وهذا الذي قرره الحكم يفيد أن المحكمة استخلصت من التحقيق الذي أجرته محكمة
أول درجة أن عقد المطعون عليهما الأولين هو عقد جدي دفع المقابل المسمى فيه بدليل قولها
إن الطاعن أغرى البائع "المطعون عليه الثالث" على التصرف له بالبدل بزيادة الثمن ومن
ثم يكون ما ينعاه الطاعن على الحكم من أن المحكمة لم تبحث دفعه بصورية عقد المطعون
عليهما الأولين هو نعي في غير محله.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.
