الرائيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 261 سنة 20 ق – جلسة 08 /01 /1953 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثاني – السنة 4 – صـ 309

جلسة 8 من يناير سنة 1953

القضية رقم 261 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة المستشار الأستاذ عبد الحميد وشاحي وبحضور حضرات الأساتذة سليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان وأحمد العروسي المستشارين.
1 – نقض. طعن. حكم. مناط عدم جواز الطعن في الحكم على استقلال. أن يكون صادراً قبل الفصل في الموضوع. فصل الحكم في الموضوع أو في شق منه. جواز الطعن فيه. مثال. الدفع بسقوط حق الشفيع في الشفعة. هذا دفع وارد على ذات الحق المطالب به. الحكم الصادر بقبوله أو برفضه يجوز الطعن فيه استقلالاً. المادة 378 مرافعات.
2 – تسجيل. شفعة. حكم. تسبيبه. دفع المشتري بسقوط حق الشفيع في الشفعة لعدم إظهار رغبته في الأخذ بالشفعة قبل مضي ستة شهور على تسجيل صحيفة دعوى صحة البيع سبب الشفعة. رفض الحكم هذا الدفع. تأسيس قضائه على أن ميعاد سقوط حق الشفيع في الشفعة المنوه عنه في المادة 22 من قانون الشفعة القديم يبدأ من تاريخ تسجيل حكم صحة ونفاذ البيع لا من تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى. النعي عليه بمخالفة القانون. على غير أساس.
1 – إنه يبين من نص المادة 378 مرافعات أن مناط عدم جواز الطعن هو أن يكون الحكم محل الطعن صادراً قبل الفصل في الموضوع، ومن ثم إذا كان الحكم فاصلاً في موضوع الدعوى أو في شق منه فإنه بذلك يخرج عن نطاق التحريم، وفي هذه الحالة لا يكون هناك محل للبحث فيما إذا كانت الخصومة في الدعوى قد انتهت أو لم تنته ما دام هذا الحكم قد حسم النزاع في المسألة الموضوعية التي فصل فيها. وإذن فإن الدفع بسقوط الحق في الشفعة هو دفع موضوعي وارد على ذات الحق المطالب به ويجوز الطعن فيه على استقلال مهما كان وجه الحكم فيه قبولاً أو رفضاً، ولا يغير من هذا النظر أن تكون المحكمة قد قضت برفض الدفع بسقوط حق الشفيع في الشفعة وأن الخصومة لم تنته بهذا الحكم واحتمال أن يقض في آخر الأمر لمصلحة المشتري – إذ مناط منع الطعن في جميع حالاته ألا يكون الحكم صادراً في مسألة موضوعية.
2 – إن الأصل على ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو أن أثر التسجيل في نقل الملكية لا يترتب إلا على تسجيل العقد أو الحكم الذي من شأنه إنشاء حق الملكية أو أي حق عيني آخر أو نقله أو تغييره أو زواله أو تقرير هذه الحقوق وأن هذا الأثر لا ينسحب إلى الماضي ولا يحتج على ذلك بالمواد 7 و10 و12 من قانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923 أو المواد 15 و16 و17 من القانون رقم 114 لسنة 1946. لأن المواد المذكورة إذ أجازت تسجيل صحائف دعاوى بطلان العقود واجبة التسجيل أو فسخها أو إلغائها أو الرجوع فيها ودعاوى استحقاق الحقوق العينية العقارية ورتبت على التأشير بمنطوق الحكم الذي يصدر في هذه الدعاوى على هامش تسجيل صحائفها انسحاب أثر التأشير بالحكم إلى تاريخ تسجيل الصحيفة، فإنما أجازته على سبيل الاستثناء حماية لأصحاب تلك الدعاوى قبل من ترتبت لهم حقوق عينية على ذات العقار أو ديون عقارية عليه منذ تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى وهو استثناء لا يصح التوسع فيه أو القياس عليه بحيث يترتب على تسجيل عريضة دعوى صحة التعاقد نفس الآثار التي تترتب على تسجيل الحكم فيها ومنها سريان المدة المنصوص عليها في المادة 22 من قانون الشفعة (قديم).
وإذن فمتى كان المشتري قد دفع بسقوط حق الشفيع في الشفعة وفقاً للمادة 22 من قانون الشفعة وتأسيساً على أنه رفع الدعوى بصحة ونفاذ البيع الصادر إليه وسجل صحيفتها في 18 من نوفمبر سنة 1947 ثم سجل الحكم الصادر بالتصديق على الصلح الحاصل بينه وبين البائع على صحة ونفاذ ذلك العقد في 30 من إبريل سنة 1949 وأن بتسجيل هذا الحكم ينسحب أثره إلى تاريخ تسجيل الصحيفة في 18 من نوفمبر سنة 1947 وبذلك يكون قد مضى بين تسجيل الصحيفة وإظهار الرغبة في الشفعة في 19 من يناير سنة 1949 أكثر من ستة شهور، وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض هذا الدفع أقام قضاءه على أن ميعاد سقوط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة المنوه في المادة 22 من قانون الشفعة (القديم) يبدأ من يوم تسجيل الحكم بصحة عقد البيع لا من يوم تسجيل صحيفة الدعوى وأن الشفيع قد أظهر رغبته في الأخذ بالشفعة قبل أن يسجل المشتري الحكم الصادر له في دعوى صحة ونفاذ البيع، فإن ما قرره هذا الحكم لا مخالفة فيه القانون.


الوقائع

… في يوم 8 من أغسطس سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 25 من مايو سنة 1950 في الاستئناف رقم 28 سنة 67 ق – وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والحكم بالطلبات واحتياطياً بإحالة الدعوى على دائرة أخرى للفصل فيها مجدداً مع إلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 10 و14 و15 من أغسطس سنة 1950 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن وفي 27 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته ولم يقدم المطعون عليهم دفاعاً.
وفي 21 من يونيه سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة إلى المطعون عليهما الرابعة والخامسة وحدهما مع قبوله شكلاً بالنسبة إلى الباقين ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وبجلستي 18 و25 من ديسمبر سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامي الطاعن والنيابة العامة على ما جاء بمذكرتيهما – والمحكمة – أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحامي عن الطاعن والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن واقعة الدعوى، على ما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليهما الأولين أقاما على الطاعن وبقية المطعون عليهم الدعوى رقم 166 سنة 1949 محكمة شبين الكوم الابتدائية بطلب الحكم بأحقيتهما في أخذ أربعة وأربعين فداناً شائعة في 1711 فدان و21 قيراط و10 أسهم في مقابل دفع الثمن ومقداره 9325 جنيه أو الثمن الذي تثبت صحته وقالا شرحاً لدعواهما إن حسن باشا زايد كان يملك 1711 فدان و21 قيراط و10 أسهم بزمام جهات مختلفة بمديريات القليوبية والمنوفية والغربية وتوفى في سنة 1911 عن ورثة عديدين كانت من بينهم كريمته – والدتهما – التي توفيت عنهما وعن ورثة آخرين وأن ما آل إلى والدتهما من أطيان عن والدها ووالدتها وأخيها لأبيها لا يزال على الشيوع في تركة – حسن باشا زايد وأن دعوى قسمة مرفوعة بشأنها أمام محكمة الموسكي الجزئية ومقيدة برقم 3981 سنة 1932 وأنهما علما أن المطعون عليه الثالث باع إلى الطاعن 44 فداناً شائعة في تركة حسن باشا زايد وأنهما بصفتهما مالكين على الشيوع في نفس التركة أنذر البائع والمشتري في 19 من يناير سنة 1949 ثم أعلنا صحيفة الدعوى لها ولباقي الشركاء في الملك في 14 و17 من فبراير سنة 1949. ودفع الطاعن الدعوى بدفوع ثلاثة (الأول) سقوط حق المطعون عليهما الأولين في الشفعة وفقاً للمادة 22 من قانون الشفعة وتأسيساً على أنه رفع الدعوى رقم 390 سنة 1947 كلي شبين الكوم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليه من المطعون عليه الثالث وأنه سجل صحيفتها في 18 من نوفمبر سنة 1947 ثم سجل الحكم الصادر بالتصديق على الصلح الحاصل بينه وبين البائع على صحة ونفاذ ذلك العقد في 30 من إبريل سنة 1949 وأن تسجيل هذا الحكم ينسحب أثره إلى تاريخ تسجيل الصحيفة في 18 من نوفمبر سنة 1947 وبذلك يكون قد مضى بين تسجيل الصحيفة وإظهار الرغبة في الشفعة في 19 من يناير سنة 1949 أكثر من ستة شهور (والثاني) عدم أحقية المطعون عليهما الأولين في الشفعة لأن البيع تم في أطيان محددة ولأنهما لا يملكان أطياناً شائعة مع الأطيان موضوع الدعوى في تركة حسن باشا زايد (والثالث) سقوط حق المطعون عليهما الأولين في الشفعة استناداً إلى المادة 14 والفقرة الثانية من المادة 19 من قانون الشفعة (القديم) إذ أنهما أظهرا الرغبة بعد الميعاد القانوني أي بعد خمسة عشرة يوماً من تاريخ علمهما بالبيع وقت حصوله. وفي 8 من ديسمبر سنة 1949 قضت المحكمة برفض الدفعين الأول والثاني وتمهيدياً وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات واقعة العلم بالبيع وعدم إظهار الرغبة في الميعاد. واستأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 28/ 67 قضائية محكمة استئناف القاهرة وقصره على الطعن فيما قضى به الحكم المستأنف من رفض الدفع الأول. وفي 25 من مايو سنة 1950 قضت المحكمة "بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم القاضي برفض الدفع المقدم من المستأنف (الطاعن) المتضمن سقوط حق الأخذ بالشفعة لمضي أكثر من ستة شهور بين إعلان الرغبة فيها وتسجيل صحيفة دعوى صحة ونفاذ عقد البيع موضوع الدعوى وألزمت المستأنف بمصاريف استئنافه" فقرر الطاعن الطعن في الحكم المذكور بطريق النقض.
ومن حيث إن النيابة العامة دفعت بعدم جواز الطعن استناداً إلى المادة 378 مرافعات التي تنص على أن "الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع سواء أكانت تلك الأحكام قطعية أم متعلقة بالإثبات أو بسير الإجراءات"، ذلك بأن الحكم المطعون فيه على الصورة السابق بيانها هو حكم غير حاسم في دعوى الشفعة ولا تنتهي به الخصومة كلها أو بعضها، ومن ثم لا يجوز الطعن فيه فور صدوره إذ قد يغني عن هذا الطعن صدور حكم في الموضوع لمصلحة الطاعن.
ومن حيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك بأنه يبين من نص المادة 378 مرافعات أن مناط عدم جواز الطعن هو أن يكون الحكم محل الطعن صادراً قبل الفصل في الموضوع، ومن ثم إذا كان الحكم فاصلاً في موضوع الدعوى أو في شق منه فإنه بذلك يخرج عن نطاق التحريم، وفي هذه الحالة لا يكون هناك محل للبحث فيما إذا كانت الخصومة في الدعوى قد انتهت أو لم تنته ما دام هذا الحكم قد حسم النزاع في المسألة الموضوعية التي فصل فيها – ولما كان الدفع بسقوط الحق في الشفعة هو دفع موضوعي وارد على ذات الحق المطالب به فإنه يجوز الطعن فيه على استقلال مهما كان وجه الحكم فيه قبولاً أو رفضاً، ولا يغير من هذا النظر كون الخصومة في الشفعة لم تنته برفض هذا الدفع واحتمال أن يقضى في آخر الأمر لمصلحة الطاعن – إذ مناط منع الطعن في جميع حالاته ألا يكون الحكم صادراً في مسألة موضوعية كما هو الحال في الدعوى.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه بني على سببين يتحصلان في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون وشابه القصور في التسبب: أما الخطأ في القانون ففي قوله بأن التسجيل الذي يترتب عليه نقل الملكية إنما هو تسجيل حكم صحة نفاذ عقد البيع لا تسجيل صحيفة الدعوى ثم تقريره بناء على ذلك أن ميعاد سقوط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة المنوه عنه في المادة 22 من قانون الشفعة (القديم) يبدأ من يوم تسجيل الحكم بصحة عقد البيع لا من يوم تسجيل صحيفة الدعوى، وأن انسحاب أثر الحكم إلى يوم تسجيل الصحيفة لا يكون إلا في مجال المفاضلة بين تصرفين حاصلين لمشتريين مختلفين من بائع واحد – مع أن هذا الذي قرره الحكم وبنى عليه قضاءه برفض الدفع بسقوط حق المطعون عليهما الأولين في الأخذ بالشفعة مخالف لما استقر عليه قضاء محكمة النقض التي اطردت أحكامها على تقرير قاعدة انسحاب أثر الحكم الذي يصدر في دعوى صحة التعاقد إلى تاريخ تسجيل صحيفتها مما يترتب عليه ضرورة سقوط حق الشفيع في الشفعة بعد مضي ستة أشهر من يوم تسجيل صحيفة الدعوى عملاً بالمادة 22 من قانون الشفعة – لا من يوم تسجيل الحكم بصحة ونفاذ البيع – هذا فضلاً عن أن ما ذهب إليه الحكم مخالف للقانون رقم 18 لسنة 1923 ورقم 114 لسنة 1946، إذ لم يرد في نصوصهما ما يوجب تسجيل الحكم الصادر في دعاوى صحة التعاقد، بل كل ما أشار إليه هو تسجيل صحيفة الدعوى ثم الاكتفاء بوجوب التأشير على هامشها بالحكم الذي يصدر فيها وبذلك يكون ما قرره الحكم المطعون فيه من أن الحكم الصادر في دعوى صحة التعاقد يجب تسجيله هو قول لا يقره القانون: أما القصور ففي عدم رد الحكم على ما أثاره الطاعن من أوجه مخالفة الحكم الابتدائي لقواعد القانون الصحيحة على ما سبق بيانه في حين أن هذا الدفاع له تأثير جوهري على مصير الدفع المطروح للحكم فيه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه قال في هذا الخصوص "ومن حيث إنه يبين من استقراء قانون التسجيل القديم (18 لسنة 1923) والقانون رقم 114 لسنة 1946 وأحكام المحاكم الصادرة في صدد موضوع النزاع أن جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك يجب شهرها بطريق التسجيل ويترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة لغيرهم ولا يكون للتصرفات غير المسجلة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن (م 9 في القانون رقم 114 لسنة 1946) وكذلك جميع التصرفات والأحكام النهائية المقررة لحق عيني (مادة 10) وأن نقل الملكية يعلق في البيع حتى يتم تسجيل عقد البيع وأنه قد يرفض البائع التوقيع على العقد النهائي حسب الأوضاع القانونية المرسومة تمهيداً لتسجيل العقد، لذلك شرع للمشتري استصدار حكم ضد البائع بصحة ونفاذ البيع ليحل هذا الحكم محل العقد النهائي. ويستطيع إذن تسجيله وبذلك تنتقل الملكية له وقد يزيد البائع على الرفض بأن يتصرف بالبيع في ذات العقار لمشتر آخر ومن أجل ذلك شرع للمشتري أن يسارع إلى تسجيل عريضة الدعوى التي يرفعها بطلب صحة البيع ونفاذه (مادة 15) حتى إذا صدر الحكم له بذلك وأشر به طبقاً للقانون فإن الحكم ينسحب أثره إلى يوم تسجيل العريضة وبذلك يفسد على البائع والمشتري الثاني سيء النية عملهما إذا ما استطاع المشتري الثاني تسجيل عقده قبل أن يسجل هو حكم صحة ونفاذ عقده (م 17) وواضح أن التسجيل الذي يترتب عليه نقل الملكية إنما هو تسجيل حكم صحة ونفاذ عقد البيع الذي حل محل عقد البيع النهائي ولا يمكن القول بأن نقل الملكية يترتب على تسجيل عريضة الدعوى إذ فيه مخالفة صريحة لنصوص القانون ومن ذلك يتضح أن ميعاد السقوط في الأخذ بالشفعة المنوه عنه بالمادة 22 من قانون الشفعة يبدأ من يوم تسجيل الحكم بصحة عقد البيع لا من يوم تسجيل عريضة الدعوى. أما انسحاب أثر الحكم إلى يوم تسجيل الصحيفة فمحله المفاضلة بين تصرفين حاصلين لمشتريين مختلفين من بائع واحد وعلى هذا استقر قضاء المحاكم المتباينة" ثم قال "ومن الواضح أن الشفيعين ليسا في مركز المشتري الثاني حتى يجوز للمدعى عليه الأول (الطاعن) إثارة الكلام حول تسجيل عريضة الدعوى التي رفعها بصحة ونفاذ العقد موضوع الدعوى وفضلاً عن ذلك فإن ميعاد السقوط المشار إليه بالمادة 22 من قانون الشفعة "لا يجوز التوسع فيه وطالما أن المادة تنص على أن ميعاد السقوط يبدأ من تسجيل العقد فعلاً فلا يجوز القول بأنه يبدأ من تسجيل العريضة".
"ومن حيث إن تسجيل الحكم تم في 30/ 4/ 1949 وإعلان الرغبة حصل في 19/ 1/ 1949 أي أن التسجيل لاحق لإظهار الرغبة فتعين رفض هذا الدفع" وأضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك "وقد يكون من الملائم أن يضاف إليه أن الحكمة التي توخاها المشرع من تقرير مدة السقوط الحكمي لحق الأخذ بالشفعة وهي ألا تظل ملكية المشتري مهددة بدعوى الشفعة زمناً غير محدود ولا مشاحة في أنه لا يصح اعتباره مالكاً يستأهل هذه الرعاية بتسجيله صحيفة دعوى صحة التعاقد بل لا بد لانتقالها إليه من تسجيل الحكم الذي يصدر فيها لمصلحته فيكون بمثابة العقد الناقل للملكية قانوناً، ومن ثم فليس التأشير بمنطوق الحكم النهائي في ذيل التأشير بالدعوى أو في هامش تسجيلها مغنياً عن تسجيل الحكم كما يقول المستأنف (الطاعن) لأن المادة 16 من قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 إذ رتبت على تسجيل دعوى صحة التعاقد أن حق المدعي إذا تقرر يحكم مؤشر به طبق القانون يكون حجة على من ترتبت له حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعاوى أو التأشير بها لم ترفع عن صاحب الشأن عبء الالتزام الوارد في المادة التاسعة من ذلك القانون بخصوص تسجيل الأحكام النهائية المنشئة لحق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله كما لم ترفع الجزاء المترتب على عدم تسجيلها وهو أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة للغير". وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون، ذلك بأن الأصل على ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو أن أثر التسجيل في نقل الملكية لا يترتب إلا على تسجيل العقد أو الحكم الذي من شأنه إنشاء حق الملكية أو أي حق عيني آخر أو نقله أو تغييره أو زواله أو تقرير هذه الحقوق وأن هذا الأثر لا ينسحب إلى الماضي ولا يحتج على ذلك بالمواد 7 و10 و12 من قانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923 أو المواد 15 و16 و17 من القانون رقم 114 لسنة 1946 لأن المواد المذكورة إذ أجازت تسجيل صحائف دعاوى بطلان العقود واجبة التسجيل أو فسخها أو إلغائها أو الرجوع فيها ودعاوى استحقاق الحقوق العينية العقارية ورتبت على التأشير بمنطوق الحكم الذي يصدر في هذه الدعاوى على هامش تسجيل صحائفها انسحاب أثر التأشير بالحكم إلى تاريخ تسجيل الصحيفة فإنما أجازته على سبيل الاستثناء حماية لأصحاب تلك الدعاوى قبل من ترتبت لهم حقوق عينية على ذات العقار أو ديون عقارية عليه منذ تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى وهو استثناء لا يصح التوسع فيه أو القياس عليه بحيث يترتب على تسجيل عريضة دعوى صحة التعاقد نفس الآثار التي تترتب على تسجيل الحكم ومنها سريان المدة المنصوص عليها في المادة 22 من قانون الشفعة (القديم) أما ما يعيبه الطاعن على الحكم من أنه لم يرد على دفاعه السابق بيانه فهو مردود بأن الحكم قد أوفى على الغاية فيما أورده من أسباب صحيحة لا قصور فيها. ومن ثم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات