الرائيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 101 سنة 14 ق – جلسة 26 /04 /1945 

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد المدنية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع – صـ 641

جلسة 26 إبريل سنة 1945

برياسة سعادة محمد زكي علي باشا وكيل المحكمة وحضور حضرات: محمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك المستشارين.


القضية رقم 101 سنة 14 القضائية

قوة الشيء المحكوم فيه. حكم باعتبار الأرض المتنازع عليها تركة بناءً على أن عقد التصرف فيها هو وصية لم يجزها الورثة. عقد آخر كان محل بحث المحكمة في حكمها هذا واستندت إليه في اعتبار ذلك التصرف وصية. حكم آخر باعتبار الأرض المذكورة مملوكة لبعض الورثة دون الباقين طبقاً للعقد الآخر. هذا الحكم مخالف للحكم السابق. متعين نقضه.
إذا صدر – بناءً على طلب بعض الورثة في مواجهة الباقين – حكم نهائي باعتبار الفدان المتنازع في شأنه تركة يتقاسمونها جميعاً، وذلك بناءً على اعتبار العقد الصادر به من الوالدة لأحدهم وصية لوارث لم يجزها باقي الورثة، وكان مما بحثته المحكمة في حكمها هذا، واستندت إليه في اعتبار ذلك التصرف وصية، عقد محرر أثناء حياة الوالدة بين الابن الذي صدر له التصرف وبين إخوته الذكور الثلاثة نص فيه، فيما نص عليه به، على أن هذا الفدان يكون بعد حياة الوالدة لهؤلاء الأربعة، ثم رفع بعد ذلك اثنان من الأربعة دعواهما على الاثنين الآخرين (ومنهما الصادر له التصرف) بطلب تثبيت ملكيتهما إلى النصف في هذا الفدان الذي هو موضوع التصرف، وحكم في هذه الدعوى باعتبار الفدان المذكور مملوكاً لهؤلاء الإخوة الأربعة دون باقي الورثة، وذلك طبقاً للعقد المحرر بينهم السالف ذكره، فهذا الحكم في صورته هذه يكون قد جاء على خلاف الحكم السابق الصادر بين الخصوم أنفسهم والحائز لقوة الشيء المحكوم به، ويكون متعيناً نقضه.


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن في أن المرحومة السيدة صفية سعد والدة الطاعن والمطعون ضدهم كتبت في 10 من مارس سنة 1908 إلى الطاعن – وكان حينذاك قاصراً – عقداً نص فيه على أنها باعت له قطعة أرض مساحتها 3 س و19 ط بثمن قدره أربعون جنيهاً أقرت بقبضه كما أقرت بتسليم المبيع إلى ولدها وبأنه أصبح ملكاً له وفي حيازته يتصرف فيه بجميع التصرفات الشرعية تصرف الملاك في ملكهم، وقد سجل العقد المذكور في 14 من مارس سنة 1908، وفي 15 من نوفمبر سنة 1908 حرر بين الإخوة الذكور وهم الطاعن والمطعون ضدهم الأول والثاني والثالث عقد اتفاق نص فيه على أنهم يعيشون جميعاً في عيشة واحدة وأن الأطيان المكلفة باسم كل منهم هي لهم جميعاً بأنصبة متساوية وأن الأرض التي كانت لوالدتهم وخصصت لمعاشها وهي التي صار تكليفها باسم الطاعن تكون بعد حياتها للإخوة الأربعة كذلك. وأثبت تاريخ هذا العقد بصفة رسمية في 23 من ديسمبر سنة 1912. وقد استمرت الوالدة منتفعة بالأرض التي تصرفت فيها بالبيع لولدها الطاعن إلى أن توفيت في 24 من مارس سنة 1938 عن أولادها الذكور الأربعة وهم الطاعن والمطعون ضدهم الأول إلى الثالث وبناتها الأربع وهن باقي المطعون ضدهم والسيدة ضية التي لم تختصم في هذا الطعن.
وفي سنة 1938 رفعت السيدات حسنى وشهية وربح أبو زيد عاشور المطعون ضدهن الدعوى رقم 2266 سنة 1938 أمام محكمة سنورس الجزئية على باقي ورثة والدتهن وهم الطاعن والمطعون ضدهم الأول إلى الثالث والسيدة ضية وطلبن الحكم بثبوت ملكيتهن إلى نصيبهن بالميراث وهو ستة قراريط في فدان كان مملوكاً لوالداتهن، وهذا الفدان هو في الواقع عبارة عن قطعة الأرض التي تصرفت فيها الوالدة بالبيع إلى الطاعن وذكر في العقد أن مساحتها 19 ط و3 س، وقد دفع الطاعن دعوى أخواته المدعيات بأنه يملك الأرض المتنازع عليها بمقتضى عقد البيع الصادر إليه من والدته وبوضع يده عليها نفاذاً للعقد المذكور، واستندت المدعيات إلى العقد المحرر بين الإخوة الذكور في 5 من نوفمبر سنة 1908 في الاستدلال على أن الطاعن لم يمتلك الأرض بالعقد الصادر إليه من والدته. وفي أول يناير سنة 1941 قضت محكمة سنورس برفض دعوى المدعيات. فاستأنف الحكم أمام محكمة بني سويف الابتدائية في وجه جميع المدعى عليهم في الدعوى. وقد قضت محكمة بني سويف بصفة استئنافية في 13 من مايو سنة 1943 بإلغاء الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المستأنفات إلى ستة قراريط على المشاع في الفدان المرفوعة به الدعوى، وبنت المحكمة حكمها على أن العقد الصادر من الوالدة لولدها الطاعن في مارس سنة 1908 هو عقد وصية لم يجزها باقي الورثة وهن البنات الأربع، واستندت فيما استندت إليه إلى عقد الاتفاق المحرر بين الإخوة الذكور الأربعة في نوفمبر سنة 1908 لتأييد وجهة نظرها.
وفي 18 من فبراير سنة 1941 رفع المطعون ضدهما الأول والثاني الدعوى رقم 156 سنة 1941 كلي بني سويف على الطاعن والمطعون ضده الثالث طلبا فيها الحكم بثبوت ملكيتهما إلى نصف الفدان المتروك عن والدتهم تنفيذاً لما اتفقوا عليه في العقد المحرر بينهم في 5 من نوفمبر سنة 1908. وفي 2 من ديسمبر سنة 1942 قضت محكمة بني سويف للمدعيين بطلباتهما. فاستأنف الطاعن ذلك الحكم أمام محكمة استئناف مصر طالباً إلغاءه ورفض دعوى أخويه المطعون ضدهما المذكورين مع إلزامهما بالمصاريف إلخ إلخ. وفي 30 من مايو سنة 1944 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف إلخ إلخ.
وقد أعلن حكم محكمة الاستئناف إلى الطاعن في 20 من يونيه سنة 1944 فطعن فيه بطريق النقض في 16 من يوليه سنة 1944 كما طعن في الحكم الصادر من محكمة بني سويف الابتدائية بصفة استئنافية في 13 من مايو سنة 1943 وهو الحكم القاضي بثبوت ملكية المطعون ضدهن الرابعة إلى السادسة إلى ستة قراريط شائعة في الفدان المتروك عن والدتهن إلخ إلخ.
وبجلسة 19 من إبريل سنة 1945 المعينة لنظر هذا الطعن قرر الحاضر عن الطاعن تنازله عن الطعن في الحكم الاستئنافي الصادر من محكمة بني سويف في 13 من مايو سنة 1943 في القضية رقم 134 سنة 1941 مكتفياً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة استئناف مصر في 30 من مايو سنة 1944 إلخ إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه جاء على خلاف الحكم النهائي الصادر من محكمة بني سويف بهيئة استئنافية في الاستئناف رقم 134 سنة 1941، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه قد اعتبر الفدان المتروك عن والدة الطاعن والمطعون ضدهم مملوكاً لأبنائها الذكور الأربعة وهم الطاعن والمطعون ضدهم الأول إلى الثالث طبقاً لعقد الاتفاق المحرر بينهم في 5 من نوفمبر سنة 1908، في حين أن الحكم النهائي الصادر من محكمة بني سويف سالف الذكر في القضية التي كانت مرفوعة من المطعون ضدهن الرابعة إلى السادسة على باقي الورثة ومن بينهم المطعون ضدهما الأول والثاني قضى باعتبار الفدان المذكور تركة عن الوالدة يتقاسمه جميع ورثتها. وذلك بناءً على اعتبار التصرف الصادر من الوالدة إلى الطاعن بعقد 10 مارس سنة 1908 وصية لوارث لم يجزها باقي الورثة، فلا يمكن والحالة هذه التوفيق بين هذين الحكمين المتناقضين ولا يمكن تنفيذهما معاً.
وحيث إنه بالرجوع إلى الحكمين الابتدائي والاستئنافي الصادرين في الدعوى التي كانت مرفوعة من المطعون ضدهن الرابعة إلى السادسة على الباقين من ورثة السيدة صفية ومن بينهم الطاعن والمطعون ضدهما الأول والثاني يبين أنه فصل نهائياً باعتبار الفدان المتنازع في شأنه تركة عن والدة الطرفين يتقاسمه جميع الورثة بناءً على اعتبار التصرف الصادر منها إلى ولدها الطاعن وصية لوارث لم يجزها باقي الورثة، وقد كان عقد 5 من نوفمبر سنة 1908 المحرر بين الأولاد الذكور الأربعة محل بحث وتقدير من المحكمة الاستئنافية واستندت إليه في اعتبار تصرف الوالدة وصية وهذا العقد هو بذاته الذي قضى الحكم المطعون فيه باحترامه ونفاذه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد اعتبر الفدان المتنازع في شأنه مملوكاً للإخوة الأربعة الذكور دون أخواتهم البنات طبقاً للعقد المحرر بينهم السالف ذكره بناءً على أن الفدان المذكور مكلف باسم الطاعن ومن حق إخوته الثلاثة الاشتراك معه في ملكيته بحق الربع لكل منهم. وهذا الحكم في صورته هذه يكون قد جاء على خلاف الحكم السابق الصادر بين الخصوم أنفسهم والحائز قوة الشيء المحكوم به، ويتعين والحالة هذه نقضه بدون حاجة إلى التعرض لما يثيره الطاعن من أسباب أخرى.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات