الرائيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 248 لسنة 31 ق – جلسة 01 /05 /1961 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثانى – السنة 12 – صـ 523

جلسة أول مايو سنة 1961

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: السيد أحمد عفيفى، وتوفيق أحمد الخشن، وعبد الحليم البيطاش، ومحمود اسماعيل المستشارين.


الطعن رقم 248 لسنة 31 القضائية

(أ – ب) اختصاص. محكمة جنايات.
(أ) محكمة الجنايات. اختصاصها بالفصل فى الجنحة إذا لم يكتشف لها هذا الوصف إلا بعد التحقيق. المادة 382 أ. ج.
(ب) لا يجوز لمحكمة الجنايات إعادة القضية إلى محكمة الجنح بعد أن حكمت هذه بعدم اختصاصها باعتبار الواقعة جناية.
(جـ) دعوى مدنية. دفاع.
إثارة الدفاع مسألة الصلح بين الطرفين بطريقة مرسلة أثناء إبداء ملاحظاته على أدلة الدعوى ودون تحديد موضوعه. عدم التزام المحكمة بمناقشة هذا الصلح. قضاؤها بالتعويض. لا تثريب.
1 – إذا كانت محكمة الجنايات لم تتحقق من أن الواقعة التى دانت المتهمين من أجلها جنحة إلا بعد التحقيق الذى أجرته، فإنها إذا قضت فيها تكون قد أعملت حكم المادة على الوجه الصحيح.
2 – القول بوجوب إعادة محكمة الجنايات القضية إلى محكمة الجنح للفصل فيها بعد أن حكمت هذه بعدم اختصاصها باعتبار الواقعة جنايه، لا يتفق مع حكم القانون.
3 – إذا كان يبين من الاطلاع على محضر الجلسة أن الدفاع عن المتهمين وإن أشار إلى حصول صلح بين الفريقين، إلا أنه لم يبين موضوع هذا الصلح، بل ساق دفاعه بشأنه مرسلا فى أثناء إبداء ملاحظاته على أدلة الدعوى، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هى التفتت عما قاله فى هذا الشأن وقضت فى الدعوى المدنية بالتعويض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم ضربوا المجنى عليه عمدا ومع سبق الإصرار بأن انتووا ضربه وأصروا عليه وتوجهوا إلى زراعته وضربه أولهم بعصا على زراعه الأيمن وضربه الثانى على ذراعه الأيسر وضربه الثالث على كتفه الأيمن فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى نشأت عنها من جراء إصابتى الذراع الأيمن والذراع الأيسر عاهتان مستديمتان يستحيل برؤهما هما كسر أسفل عظمة زند الساعد لأيمن بحيث أن الساعد أصبح مثبتا فى وضع ما بين الكب والبطح مع إعاقة تامة فى هاتين الحركتين مما أضعف قوة الساعد الأيمن وقلل من كفاءته على العمل بحوالى 15% وكسر ملتحم فى وضع معيب متراكب أسفل كعبرة الساعد الأيسر مصحوب بإعاقة فى نهاية حركة بسط الساعد وكذا إعاقة فى نهاية الحركة الجانبية للرسغ نحو الوحشية مما يقلل من كفاءة الساعد الأيسر عن العمل بحوالى 3%. وطلبت إلى غرفة الإتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمادة 240/ 1 – 2 من قانون العقوبات. فقررت بذلك. وقد ادعى المجنى عليه بحق مدنى قبل المتهمين متضامنين بمبلغ مائة جنيه بصفة تعويض مؤقت. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين الثلاثة بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعى بالحق المدنى مبلغ مائة جنيه والمصاريف المدنية. فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض… الخ.


المحكمة

… وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو بطلان الحكم المطعون فيه لصدوره غير متوج باسم الأمة وعدم تلاوته علنا.
وحيث إنه لما كان يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه قد صدر باسم الأمة وتلى علنا فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون غير صحيح.
وحيث إن محصل الوجهين الثانى والثالث هو القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون، ذلك أن الحكم لم يشر إلى الأسباب التى من أجلها أحيلت الدعوى من محكمة الجنح إلى محكمة الجنايات، وعولت المحكمة فى القول بثبوت العاهة المستديمة التى هى مناط الاختصاص إلى التقرير الطبى الشرعى الذى أغفل بيان تاريخ الإصابات ولم تتحقق المحكمة من أن العاهات المستديمة نشأت من إصابات تتفق وتاريخ الحادث سيما وأن المجنى عليه يعمل فى ركوب الخيل وتدريبها مما يجعله عرضة للإصابة فى كل لحظة، فضلا عن أنه قرر أمام البوليس فور الحادث أن المتهم الثانى أحمد عبد الظاهر عبد الهادى ضربه على رأسه ولم ينسب إليه إصابة ذراعه إلا بعد أن قدم شهادة من طبيبه الخاص، على أن هذه الشهادة لا تتفق فى نتيجتها مع تقرير مفتش الصحة من وجود كدمين رضيين بالساعدين وهو ما لا يمكن عقلا أن يتخلف عنها كسر – هذا وقد أنزل الحكم بالطاعنين أقصى العقوبة المقررة لجنحة الضرب البسيط وما كان ينتهى إلى ذلك ما لم يدخل فى اعتباره العاهات المستديمة، بينما لو تثبتت المحكمة أن الواقعة لا تعد ضربا بسيطا لنزلت بالعقوبة إلى حدها المعقول بل لكان من المتعين عليها أن تحيل الدعوى إلى محكمة الجنح للفصل بذلك حتى لا يحرم المتهمون من الدرجة الاستئنافية لو قضى ابتدائيا فى غير صالحهم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى فى قوله "إنه لخلاف بين المتهمين والمجنى عليه حول ملكية بعض شجيرات "الأتل" فقد حضروا إليه فى حقله أثناء قيامه برى زراعته مساء يوم الحادث وانهالوا عليه ضربا بالعصى فأحدثوا به عدة إصابات تخلف لديه عن اثنتين منها عاهتان مستديمتان…" وانتهى الحكم إلى إدانة الطاعنين ومعاقبتهم بجنحة الضرب البسيط من غير سبق إصرار إعمالا لنص المادة 242/ 1 من قانون العقوبات على أساس القدر المتيقن فى حقهم من ثبوت فعل الضرب البسيط دون جناية إحداث العاهة التى رفعت الدعوى العمومية أصلا بها.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكانت الدعوى العمومية قد رفعت ابتداء على الطاعنين أمام محكمة الجنح التى قضت بعدم اختصاصها بنظرها بعد ثبوت تخلف عاهتين مستديمتين بالمجنى عليه، ثم أعيد تحقيق الواقعة بواسطة النيابة وقدمت إلى غرفة الإتهام التى أمرت بإحالتها إلى محكمة الجنايات لمحاكمة الطاعنين عن جناية العاهة تطبيقا لنص المادة 240/ 1 – 2 من قانون العقوبات. وكانت محكمة الجنايات بعد أن حققت الدعوى أمامها تبينت أن الفعل الثابت فى حق الطاعنين هو جنحة الضرب البسيط المنطبقة على المادة 242/ 1 من قانون العقوبات، وكانت المادة 382 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه إذا رأت محكمة الجنايات أن الواقعة كما هى مبينة فى أمر الإحالة وقبل تحقيقها بالجلسة تعد جنحة فلها أن تحكم فيها بعدم الاختصاص وتحيلها إلى المحكمة الجزئية أما إذا لم تر ذلك إلا بعد التحقيق تحكم فيها – لما كان ما تقدم، وكانت المحكمة لم تتحقق من أن الواقعة التى دانت الطاعنين من أجلها جنحة إلا بعد التحقيق الذى أجرته فإنها إذ قضت فيها تكون قد أعملت حكم القانون على الوجه الصحيح، هذا بالإضافة إلى أن القول بوجوب إعادة القضية إلى محكمة الجنح للفصل فيها بعد أن حكمت هذه بعدم اختصاصها باعتبار الواقعة جناية لما ثبت من أنه تخلف بالمجنى عليه عاهتان مستديمتان لا يتفق مع حكم القانون – هذا ولا جدوى مما يثيره الطاعنون عن قصور التقرير الطبى الشرعى بشأن نسبة العاهتين المستديمتين إلى الإصابات التى حدثت بالمجنى عليه مادام أن الحكم دان الطاعنين بجنحة الضرب البسيط باعتباره القدر المتيقن فى حق كل منهم، ولا محل للنعى على الحكم أنه أنزل بالطاعنين الحد الأقصى للعقوبة المقررة لجنحة الضرب البسيط، ذلك أن تقدير العقوبة فى الحدود المقررة فى القانون للجريمة وإعمال الظروف التى تراها المحكمة مشددة أو مخففة هو مما يدخل فى سلطتها وهى غير مكلفة ببيان الأسباب التى من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذى رأته. لما كان ما تقدم، فإن ما يثيره الطاعنون فى هذين الوجهين من النعى يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع من الطعن هو القصور فى التسبيب، ذلك أن المحكمة عولت فى إدانة الطاعنين على أقوال المجنى عليه المجردة عن كل دليل يساندها فضلا عن تناقضها وتضاربها فى مراحل التحقيق بحيث لا يمكن عقلا التيقن من صدقها.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد استند إلى أقوال المجنى عليه، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقواله التى دانت الطاعنين على أساسها، وكان من حقها أن تأخذ بأقوال الشاهد فى أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة وتطرح ماعداها فى مراحل التحقيق الأخرى، وكان الحكم قد أورد شهادة المجنى عليه بما لا تناقض فيه، فإن ما يثيره الطاعنون فى هذا الخصوص يكون غير سديد.
وحيث إن محصل الوجه الخامس من الطعن هو القصور فى التسبيب، ذلك أن المحكمة فصلت فى الدعوى المدنية وقضت بالتعويض الذى طلبه المدعى بالحقوق المدنية دون أن تعرض لمحضر الصلح المرفق بالأوراق والذى تم بين أطراف النزاع وتنازل كل منهم بموجبه عن حقوقه قبل الآخر.
وحيث إنه لما كان لا يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين قد دفع بانقضاء الدعوى المدنية بالصلح أو أثار ما يمكن أن يعدد دفعا من هذا القبيل، وكان كل دفاعه هو تمسكه باعتبار المدعى المدنى تاركا دعواه المدنية لعدم حضوره أمام غرفة الإتهام، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الدفاع ورد عليه بما تقضى به المادة 251 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه يجوز للمدعى بالحقوق المدنية أن يقيم دعواه المدنية أمام المحكمة الجنائية طالما أن باب المرافعة مازال مفتوحا، ولما كان يبين من الإطلاع على محضر الجلسة أن الدفاع عن الطاعنين وإن أشار إلى حصول صلح بين الفريقين إلا أنه لم يبين موضوع هذا الصلح وقد ساق دفاعه بشأنه مرسلا فى أثناء إبداء ملاحظاته على أدلة الدعوى، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إذا هى التفتت عما قاله فى هذا الشأن وقضت فى الدعوى المدنية بالتعويض، لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه من النعى يكون على غير أساس. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون غير سديد متعين الرفض مع إلزام رافعيه بالمصروفات المدنية.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات