الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 46 لسنة 31 ق – جلسة 18 /04 /1961 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثانى – السنة 12 – صـ 485

جلسة 18 من أبريل سنة 1961

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة وبحضور السادة: محمد عطية اسماعيل، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدى، وحسن خالد المستشارين.


الطعن رقم 46 لسنة 31 القضائية

مناجم ومحاجر.
(أ) المحاجر. تعريفها. هى جميع الأراضى التى تحتوى على مادة أو أكثر من الخامات المنصوص عليها فى المادة الأولى من القانون رقم 86 لسنة 1956. لا موجب لصدور قرار من وزير التجارة عن كل أرض منها لاعتبارها كذلك.
(ب) استخراج خامات المحاجر بدون ترخيص أو الشروع فيها. جريمة من نوع خاص. القصد الجنائى فيها. مجرد علم الجانى بأنه لم يحصل على الترخيص.
1 – مفاد المادة الأولى من القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر أن جميع الأراضى التى تحتوى على مادة أو أكثر من الخامات التى نصت عليها يعتبر فى حكم هذا القانون محاجر، وقصد الشارع من هذا القانون أن يحقق إشراف الدولة على استخراج تلك الخامات واستغلالها، ولا موجب يقتضى – مع صراحة نص المادة الأولى المشار إليها – صدور قرار من وزير التجارة عن كل أرض تحتوى على شئ من هذه الخامات لاعتبارها محاجر.
2 – دل الشارع بما جاء فى نصوص القانون رقم 86 لسنة 1956 على أنه قصد من العقاب على جريمة استخراج خامات المحاجر بدون ترخيص أو الشروع فيها إلى أن يجعل منها جريمة من نوع خاص، قوامها العبث بتلك المحاجر واستغلالها خفية، ويتحقق القصد الجنائى فيها بمجرد علم الجانى بأنه لم يحصل على الترخيص وقت استخراج الرمال، كما أن القانون لم يفرق فى المادة 32 منه بالنسبة للحصول على الترخيص للاستغلال بين مالك الأرض وغيره.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه استخرج أتربة من المناجم والمحاجر بدون ترخيص وطلبت عقابه بالمواد 1 و 2 و 3 و 4 و 6 و 22 و 24 و 43 و 44 و 45 من القانون رقم 86 لسنة 1956. والمحكمة الجزئية قضت عملا بمواد الإتهام مع تطبيق المادتين 55 و 56 من قانون العقوبات حضوريا اعتباريا بحبس المتهم أسبوعا مع الشغل وأمرت بوقف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم الذى يصبح فيه هذا الحكم نهائيا بلا مصاريف جنائية. فاستأنفت النيابة هذا الحكم. والمحكمة الاستئنافية قضت غيابيا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فعارض المحكوم عليه غيابيا فى هذا الحكم الأخير وقضى فى معارضته بقبولها شكلا وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابى المعارض فيه بلا مصاريف جنائية. فطعن المحامى الوكيل عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض… الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى أوجه الطعن هو الخطأ فى تطبيق القانون وفى الإسناد، ذلك أن الحكم المطعون فيه دان الطاعن طبقا لنصوص القانون رقم 86 لسنة 1956 بتهمة استخراجه رمالا من أرض مملوكة لأحد الأفراد بدون تصريح من مصلحة المناجم والمحاجر مع أن ما أتاه الطاعن لا جريمة فيه ولا ينطبق عليه القانون المشار إليه، ذلك لأن الطاعن وهو "مقاول أشغال" تعاقد مع وزارة الأشغال على عملية تحويل "ترعة" خاصة إلى عامة. وهى تجرى فى أرض زراعية لا يمكن اعتبارها من مناطق المحاجر إلا إذا صدر قرار من وزير التجارة بتحديدها على الطبيعة، وواقعة الدعوى خالية من الإشارة إلى صدور مثل هذا القرار. هذا فضلا عن أن ما أتاه الطاعن هو تعديل وضع الأتربة التى فى قاع المسقى برفعها إلى مستوى جسر المسقى لتوسيع مجراها وتعلية جسرها وزيادة عرضه مما لا يمكن اعتباره استغلالا بالمعنى المقصود بالقانون رقم 86 لسنة 1956 إذا لا تعود على الطاعن منفعة مباشرة من هذه العملية. وقد أبدى الحاضر مع الطاعن هذا الدفع أمام المحكمة الأساسية فلم تأخذ به وقضت بالإدانة، ومن ثم فقد شاب حكمها الخطأ فى القانون، كما شابه كذلك خطأ الإسناد إذ نسب الحكم للطاعن قوله بمحضر ضبط الواقعة أنه استخرج رمالا مع أن الثابت به أنه أقر بنقله أتربة لا رمالا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله إنها "تتحصل فى أن… ملاحظ محاجر الدلنجات أبلغ بتاريخ 19/ 12/ 1958 أنه ضبط المتهم (الطاعن) يستخرج رمالا من أرض عبد المنعم عبده بدون تصريح من مصلحة المناجم والمحاجر وظهر من المعاينة أن عمال المتهم وهو يشتغل مقاولا قاموا برفع الرمال من عدة جهات قدرها الملاحظ بما مساحته 100 متر وعند سؤال المتهم اعترف بأخذ الرمال المبينة بأقوال الملاحظ وقرر أنه تقدم بطلب الترخيص له وتمت المعاينة من المصلحة بيد أن إجراءات الحصول على الترخيص تستغرق زمنا طويلا فاضطر إلى أخذ الرمال المذكورة لارتباطه مع تفتيش رى البحيرة بعملية تعديل ترعة على رضا وما يقتضيه ذلك من نقل الرمال. حتى يتمكن من ردم الجسور المتفق عليها فى عقد المقاولة…" ثم عرض الحكم بعد ذلك لنصوص القانون رقم 86 لسنة 1956 ومدى انطباقها على واقعة الدعوى بقوله إنه "يستفاد من مجموع هذه النصوص أن الرمال تعتبر من المواد التى تدخل فى خامات المحاجر وأن جميع الأراضى التى توجد بها الرمال تعتبر مناطق محاجر سواء منها ما هو مملوك للدولة أو ما هو مملوك للأفراد وينبغى على من يريد استخراج الرمال من المناطق الموجودة بها أن يحصل على ترخيص بذلك من مصلحة المناجم والمحاجر بعد دفع الإيجار والإتاوات المقررة بالمادتين 27 و 37 واستيفاء الإجراءات المقررة فى باقى المواد… فإذا عمد أحد إلى استخراج مادة من مواد المحاجر ومن بينها الرمال كما سلف بيانه دون ترخيص يعاقب بعقوبة السرقة أو الشروع فيها مع المصادرة". كما عرض الحكم لدفاع الطاعن الذى يثيره فى وجه الطعن بقوله "أما ما يقول به المتهم من أنه ليس ثمة قرار باعتبار محل الحادث من مناطق المحاجر فهو مردود بأن مواد القانون 86 لسنة 1956 أوضحت على ما سبق التنويه به المقصود بخامات المحاجر واعتبار الأمكنة التى توجد بها تلك الخامات – ومن بينها الرمال – من مناطق المحاجر ولو كانت فى أراضى مملوكة للأفراد بل أوجب على أولئك الأفراد المالكين لتلك الأراضى الحصول على ترخيص من مصلحة المناجم والمحاجر لاستخراج مواد البناء من أراضيهم أو استغلالها ثم أطلق النص 43 من القانون رقم 86 لسنة 1956 حدود التحريم إلى اعتبار كل من يستخرج مادة من مواد المحاجر سارقا… دون أن يتطلب فى أى نص من نصوصه وجوب صدور قرار باعتبار الأماكن التى توجد بها تلك المواد من مناطق المحاجر. لما كان ذلك، وكان الثابت من المعاينة أن محل الحادث عبارة عن منطقة صحراوية رملية ومن ثم يكون دفاع المتهم فى هذا الخصوص مجردا من سنده القانونى – أما بالنسبة لما أثاره المتهم من أنه لم يكن يستخرج الرمال وإنما كان يقوم بتسوية الأتربة وتعديل أوضاعها تنفيذا لاتفاقه منع تفتيش الرى فإن هذا القول مردود كذلك بأنه فضلا عما أقر به المتهم صراحة فى محضر ضبط الواقعة من أنه قام باستخراج الرمال التى أبلغ بها ملاحظ المناجم والمحاجر قبل الحصول على ترخيص بذلك ونقلها من مكانها فى محل الحادث إلى جسر ترعة (على رضا) لإنجاز عملية الردم طبقا للعقد المحرر بينه وبين تفتيش الرى وهو ما ينبئ بجلاء عن أن نقل الرمال من محل الحادث كان بقصد الانتفاع بها فى عملية الردم وهو أمر لا مجال للشك فى اعتباره نوعا من أنواع الاستغلال إذ أن العملية التى انعقدت بينه وبين تفتيش الرى سوف يتقاضى أجره عنها وعما يقوم بنقله من رمال لتنفيذها. فضلا عن كل ذلك فإن المادة 43 تنص على فعل الاستخراج فى ذاته ولو لم يتضمن ذلك استغلالا وقد فرقت المادة 32 بين فعل الاستخراج للاستعمال الشخصى وفعل الاستغلال وذلك فى حالة مالك الأرض. كل ذلك بالإضافة إلى أن اتفاقه مع تفتيش رى البحيرة على العملية سالفة الذكر ما كان يعفيه من واجب الحصول على ترخيص من مصلحة المناجم والمحاجر بعد أداء الرسوم ومستحقات الإيجار والإتاوة".
وحيث إنه لما كان الثابت مما أورده الحكم فيما تقدم أن الطاعن استخرج رمالا من منطقة صحراوية رملية ونقلها إلى ترعة عهد إليه بتعديلها وتعلية جسورها وذلك دون أن يحصل على ترخيص باستخراج الرمال من مصلحة المناجم والمحاجر وقد أقر الطاعن بأخذ الرمال وأنه تقدم بطلب الترخيص للمصلحة غير أن إجراءات الحصول عليه تستغرق زمنا طويلا مما اضطره إلى استخراج الرمال لتنفيذ عقد المقاولة الذى تم بينه وبين تفتيش رى البحيرة. ولما كان ذلك، وكان القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر قد نص فى مادته الأولى على أن تطلق عبارة "خامات المحاجر" على مود البناء وغيرها مما ورد ذكره فيها ومن بين هذه المواد الرمال، وتطلق كلمة "المحاجر" على الأمكنة التى تحتوى على مادة أو أكثر من خامات المحاجر، كما نص فى المادة 43 منه على أنه "يعاقب بعقوبة السرقة أو الشروع فيها كل من استخرج أو شرع فى استخراج مواد معدنية من المناجم أو أى مادة من مواد المحاجر بدون ترخيص ويحكم بمصادرة أدوات وآلات التشغيل" وكان مفاد المادة الأولى أن جميع الأراضى التى تحتوى على مادة أو أكثر من الخامات التى نصت عليها تعتبر فى حكم هذا القانون محاجر، وقصد الشارع من هذا القانون أن يحقق إشراف الدولة على استخراج تلك الخامات واستغلالها، ولا موجب يقتضى مع صراحة نص المادة الأولى المشار إليها صدور قرار من وزير التجارة عن كل أرض تحتوى على شئ من هذه الخامات لاعتبارها محاجر، وليس فى القانون رقم 86 سنة 1956 ولا فى اللائحة الصادرة تنفيذا له بتاريخ 28 من فبراير سنة 1959 ما يؤيد ما ذهب إليه الطاعن من وجوب صدور مثل هذا القرار. لما كان ذلك، وكان الشارع قد دل بما جاء فى نصوص القانون المشار إليه على أنه قصد من العقاب على جريمة استخراج خامات المحاجر بدون ترخيص أو الشروع فيها إلى أن يجعل منها جريمة من نوع خاص قوامها العبث بتلك المحاجر واستغلالها خفية، ويتحقق القصد الجنائى فيها بمجرد علم الجانى أنه لم يحصل على الترخيص وقت استخراج الرمال، كما أن القانون لم يفرق فى المادة 32 منه بالنسبة للحصول على الترخيص للاستغلال بين مالك الأرض وغيره. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم فى الإسناد حين نسب إليه قوله بمحضر ضبط الواقعة أنه استخرج رمالا بينما أن حقيقة ما قرره هو أنه استخرج أتربة فهو غير صحيح، ذلك لأن الثابت من محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن الطاعن أقر بأنه استخرج رمالا من الأرض محل الحادث كما شهد ملاحظ المناجم والمحاجر أمام تلك المحكمة وكذلك المحكمة الاستئنافية بما يؤيد ذلك – أما ما يقوله الطاعن من أنه لم يستخرج الرمال للانتفاع بها انتفاعا مباشرا لصالحه وإنما لاستخدامها فى تسوية أوضاع ترعة كان يقوم بردمها تنفيذا لاتفاقه مع تفتيش الرى فقد تناول الحكم المطعون فيه هذا الدفاع الذى أبداه الطاعن أمام محكمة الموضوع ورد عليه بقوله "إنه فضلا عما أقر به المتهم صراحة فى محضر ضبط الواقعة من أنه قام باستخراج الرمال التى أبلغ بها ملاحظ المناجم والمحاجر قبل الحصول على ترخيص بذلك ونقلها من مكانها فى محل الحادث إلى جسر ترعة على رضا لإنجاز عملية الردم طبقا للعقد المحرر بينه وبين تفتيش الرى… وهو ما ينبئ بجلاء عن أن نقل الرمال من محل الحادث كان بقصد الانتفاع بها فى عملية الرد وهو أمر لا مجال للشك فى اعتباره نوعا من أنواع الاستغلال إذ أن العملية التى انعقدت بينه وبين تفتيش الرى سوف يتقاضى أجره عنها وعما يقوم بنقله من رمال لتنفيذها، فضلا عن كل ذلك فإن المادة 43 تنص على فعل الإستخراج فى ذاته ولو لم يتضمن ذلك استغلالا، وقد فرقت المادة 32 بين فعل الإستخراج للاستعمال الشخصى وفعل الاستغلال وذلك فى حالة مالك الأرض كل ذلك بالإضافة إلى أن اتفاقه مع تفتيش رى البحيرة على العملية سالفة الذكر ما كان يعفيه من واجب الحصول على ترخيص من مصلحة المناجم والمحاجر بعد أداء الرسوم…" وما جاء فى هذا الرد سديد من ناحية التطبيق القانونى – لما كان ما تقدم جميعه فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإدانة الطاعن للأسباب التى أوردها يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، ومن ثم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات