الرائيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1977 لسنة 30 ق – جلسة 06 /02 /1961 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الأول – السنة 12 – صـ 191

جلسة 6 من فبراير سنة 1961

برياسة السيد مصطفى كامل المستشار، وبحضور السادة: السيد أحمد عفيفى، وتوفيق أحمد الخشن، وعبد الحليم البيطاش، ومحمود اسماعيل المستشارين.


الطعن رقم 1977 لسنة 30 القضائية

اختلاس أموال أميرية. تسهيل الاستيلاء عليها.
مال الدولة موضوع الجريمة. قيمة الفرق بين ما ورد بالفعل وبين ما التزم المتهم بتوريده للدولة.
إذا كان الثابت أن المال المستولى عليه بغير حق هو قيمة الفرق بين ما ورده المتهم الثالث بالفعل وبين ما التزم بتوريده للدولة، فان ما يثيره المتهم الثانى بشان ملكية هذا المال للمتهم الثالث غير سديد، سيما وقد أثبت الحكم استيلاء المتهم الثالث على قيمة المبيع كاملا من مال الدولة 0 وهو لا يستحق سوى قيمة ما ورده بالفعل منه، ويكون الفرق مالا خالصا لها سهل المتهم الثانى للمتهم الثالث الاستيلاء عليه بغير حق بما تتوافر معه جريمة تسهيل الاستيلاء على مال الدولة، وهى مرادفة لجريمة الاستيلاء التى دين المتهم الثانى على أساسها فى التجريم والعقاب بنص المادة 113 من قانون العقوبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: المتهمان الأول والثانى – وهما موظفان عموميان استوليا بغير حق على مبلغ سبعة وستين جنيها للدولة. والمتهم الثالث – اشترك بطريقى الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثانى فى ارتكاب الجريمة سالفة الذكر مع علمه بها وأنه هو التاجر المكلف بتوريد مائة وعشرين أردبا من الشعير لمخازن مديرية الجيزة – اتفق معها على توريد مائة أردب فقط على أن يقتسم معهما فرق الثمن وساعدهما على ذلك بعدم توريد الكمية المكلف بتوريدها كاملة وبتسليمه المبلغ المستولى عليه إليهما وقد تمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 40/ 2 – 3 و 41 و 111 و 113 و 118 و 119 من قانون العقوبات. فقررت بذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المواد 17 و 55 و 56 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثانى بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنين وتغريم كل منهما خمسمائة جنيه مع عزلهما من وظيفتهما. وبمعاقبة المتهم الثالث بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمه خمسمائة جنيه وأمرت بوقف تنفيذ عقوبتى الحبس والغرامة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدور الحكم وبإلزام المتهمين الأول والثانى برد مبلغ سبعة وستين جنيها قيمة ما اختلساه. فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريقى النقض… الخ.


المحكمة

… من حيث إن الطاعن الأول… … … لم يقدم أسبابا لطعنه، فان طعنه يكون غير مقبولا شكلا.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعنين الثانى والثالث قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مبنى الوجه الأول من أوجه الطعن المقدمة من الطاعن الثانى عبد المنعم حسين ابراهيم هو الخطأ فى تطبيق القانون، ذلك أن المال المستولى عليه بغير حق ليس مالا للدولة وغير مملوك لها بل هو مال للمتهم الثالث، وأن حق الدولة قاصر على الحصول على عشرين أردبا من الشعير يلتزم المتهم الثالث بتوريدها لها، وأن مبلغ ال 67 جنيها الذى دفعه هذا المتهم للطاعن وزميله المتهم الأول والذى استوليا عليه تم قبل صرف قيمة الصفقة جميعها إلى المتهم الثالث ومنها ثمن العشرين أردبا، مما يفيد أن مبلغ ال 67 جنيها هو مال المتهم الثالث وليس مال الدولة وبذا تفقد الجريمة التى دين الطاعن من أجلها شرطا من الشروط اللازمة لتحققها وتكون الواقعة غير معاقب عليها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى فى قوله "إنه فى خلال الفترة من 10/ 8/ 1958 حتى 19/ 8/ 1958 إشترت مديرية الجيزة من سيد مصطفى مخيمر – تاجر الحبوب (المتهم الثالث) 120 أردبا من الشعير لتشوينه لخيول المديرية وذلك فى مناقصة عامة رست على المذكور بواقع 338 قرشا سعر الأردب الواحد فتوطأ كل من الجاويش سعيد بباوى جاب الله (الطاعن الأول) والأمباشى عبد المنعم حسين ابراهيم بلوكامين العلائق (الطاعن الثانى) تواطأ مع المتهم الثالث على أن يورد ما مقداره مائة أردب شعير فقد بدلا من 120 أردبا المتفق على توريدها واستوليا على ثمن العشرين أردبا الباقية ومقداره 67 جنيها" واستند الحكم فى إدانة الطاعنين إلى أقوال المتهم الثالث وشهادة الشهود الذين سمعوا منه أقواله فى سرد تفصيل الواقعة وشهادة أعضاء لجنة استلام الشعير بأن الطاعن الأول هو الذى قام باستلام الشعير وحرر محضر الاستلام دون أن يتحرى أحد حقيقة عدد الأجولة أو مقدار الشعير ووزنه، وما ثبت من تقارير اللجان الإدارية التى جردت مقدار الشعير بعد كشف الحادث وتبين أن المقدار الذى تم توريده هو مائة أردب فقط – وخلص الحكم المطعون فيه إلى أن الطاعنين الأول والثانى كلفا الطاعن الثالث بألا يورد إلا مائة أردب فقط وأن يدفع لهما ثمن المقدار الناقص وقدره 67 جنيها، وقد اتفق معهما وساعدهما على اقتراف الجريمة بإرسال مندوب عنه فى لجنة الاستلام للادعاء بتوريد 120 أردبا على خلاف الحقيقة ثم حصل ثمن هذا المقدار جميعه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت الجريمة التى دان الطاعن الثانى بها وبين أن المال المستولى عليه هو مال الدولة وأن الاستيلاء عليه كان بغير حق، وكان هذا المال هو قيمة الفرق بين ما ورد بالفعل وبين ما التزم المتهم بتوريده للدولة، فان ما يثيره الطاعن الثانى فى هذا الخصوص يكون على غير أساس، سيما وقد أثبت الحكم استيلاء المتهم الثالث (الطاعن الثالث) على قيمة الشعير كاملا من مال الدولة وهو لا يستحق سوى قيمة ما ورده بالفعل، ويكون الفرق مالا خالصا للدولة، ويكون الطاعن الثانى قد سهل للطاعن الثالث الاستيلاء عليه بغير حق بما تتوافر معه جريمة تسهيل الاستيلاء على مال الدولة وهى مرادفة لجريمة الاستيلاء التى دين الطاعن الثانى على أساسها فى التجريم وفى العقاب بنص المادة 113 من قانون العقوبات، أما ما يثيره الطاعن فى شأن اقتصار حق الدولة على الحصول على ما لم يورده الطاعن الثالث من الشعير فمردود بأن هذا لا ينفى ملكية الدولة للمال المستولى عليه، ولا يؤثر فى قيام الجريمة التى دين الطاعن بها التزام الطاعن الثالث برد ما لم يورده أو قيامه بالرد فعلا.
وحيث إن محصل الوجهين الثانى والثالث هو القصور فى التسبيب، ذلك أن الدفاع عن الطاعن الثانى تمسك بحجية المحاضر الرسمية للجنة الاستلام وقرارات لجنة الجرد ولكن الحكم لم يرد على هذا الدفاع، ولم يدلل على علم الطاعن بأن كمية الشعير التى يلزم توريدها هى 120 أردبا، كما طعن الدفاع على الشهود الذين استند الحكم إلى أقوالهم فى إدانة الطاعن ولم يعن الحكم بالرد على هذه المطاعن.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى تحصيلا وافيا وأقام قضاءه بالإدانة استنادا إلى أقوال المتهم الثالث واعترافاته وما شهد به الشهود نقلا عنه، وإلى ما شهد به أعضاء لجنة استلام الشعير بأن الطاعن الأول هو الذى قام بالاستلام وحرر محضرا بذلك دون أن يتحرى أحد حقيقة العدد والوزن، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى هذه الأدلة وهى أدلة كافية لتبرير اقتناعها بالإدانة، فان ما يثيره الطاعن فى شأن التفات المحكمة عن دفاعه وتجريحه للشهود هو من قبيل الجدل الموضوعى الذى لا تلتزم المحكمة بالرد عليه طالما أن هذا الرد مستفاد ضمنا من قضائها بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التى أخذت بها. لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن الثانى فى طعنه لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن المقدم من الطاعن الثالث سيد مصطفى مخيمر هو الفساد فى الاستدلال ذلك أن الحكم دانه فى الجريمة مع أنه هو الذى كشف أمرها، ولا يعقل أن يدين الطاعن نفسه باعترافه بأن شارك فى جريمة قارفها.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد من الأدلة ما يكفى لتبرير اقتناعه بالإدانة، وكانت المحكمة قد اطمأنت لهذه الأدلة وخذت بها ومنها اعتراف الطاعن الثالث الذى ردده أمام الشهود الذين اعتمدت المحكمة على شهاداتهم، وإرساله مندوبا عنه أمام لجنة تسليم الشعير للإدعاء بتسليمه 120 أردبا على خلاف الحقيقة والواقع، ثم صرفه قيمة المائة وعشرين أردبا جميعها مع أنه لم يورد إلا مائة أردب فقط، فان ما يثيره بعد ذلك فى شأن قيمة اعترافه وأخذ المحكمة به كدليل فى إدانته هو من قبيل الجدل الموضوعى الذى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ويكون هذا الوجه من النعى على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الثانى هو القصور فى التسبيب إذ لم يثبت الحكم واقعة علم الطاعن الثالث بأن نية المتهمين الأول والثانى كانت منصرفة إلى الاستيلاء على المال المسلم لهما.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى فيما تقدم بيانه، وبين أن الجريمة تمت باتفاق الطاعن مع المتهمين الأول والثانى ومساعدته لهما فى الاستيلاء على مال الدولة وأورد على ثبوت ذلك أدلة تكفى للإقتناع بهذا الوجه من النظر، فإن ما يثيره الطعن فيما تقدم يكون على غير أساس.
وحيث إن محصل الوجه الثالث هو الخطأ فى الإجراءات ذلك أن الحكم المطعون فيه أثبت أن القضية أحيلت من غرفة الاتهام بينما هى مقدمة من النيابة العامة بالطريق المباشر.
وحيث إن خطأ الحكم فى ذكر إجراءات الإحالة لا يقدح فى سلامته طالما أن الإجراءات قد تمت وفق أحكام القانون، بالإضافة إلى أن هذا الخطأ هو خطأ مادى غير مؤثر فى الدعوى. لما كان ذلك، فان هذا الوجه من النعى غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات