الطعن رقم 456 لسنة 35 ق – جلسة 08 /01 /1970
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الأول – السنة 21 – صـ 35
جلسة 8 من يناير سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وأحمد ضياء الدين مصطفى.
الطعن رقم 456 لسنة 35 القضائية
( أ ) إثبات. "الإثبات بالبينة". "المانع الأدبي". محكمة الموضوع.
تقدير قيام المانع من الحصول على دليل كتابي يستقل به قاضي الموضوع. وجوب قيام هذا
التقدير على أسباب سائغة.
(ب) إثبات. "الإثبات بالبينة". "المانع الأدبي". حكم. "قصور". "ما يعد كذلك".
صلة القرابة لا تعتبر في ذاتها مانعاً أدبياً. اقتصار الحكم على اعتبار البنوة مانعاً
أدبياً من الحصول على الكتابة دون بيان الظروف المبررة لذلك. قصور.
1 – تقدير المانع من الحصول على سند كتابي وإن كان من الأمور الواقعية التي يستقل بها
قاضي الموضوع إلا أنه يتعين عليه أن يؤسس قضاءه في ذلك على أسباب سائغة تكفي لحمله.
2 – صلة القرابة مهما كانت درجتها لا تعتبر في ذاتها مانعاً أدبياً يحول دون الحصول
على كتابة، ومن ثم فإن اقتصار الحكم المطعون فيه على قوله إن البنوة تقوم مانعاً أدبياً
من حصول الابن على عقد كتابي من أبيه دون أن يبين ظروف الحال التي تبرر ذلك يجعله مشوباً
بالقصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن عبد الله
أحمد عبد الله أقام الدعوى رقم 120 سنة 1963 مدني كلي الإسماعيلية ضد والده أحمد محمد
عبد الله طلب فيها إلزامه بأن يقدم إليه كشف حساب عن إيرادات ومصروفات وأرباح عملية
مقاولة صيانة وتحسينات مباني هيئة قناة السويس بالإسماعيلية من أول يوليه سنة 1961
حتى 30 إبريل سنة 1963 مؤيداً بالمستندات وعلى أن يحكم له بعد تقديم هذا الكشف بثلث
ما أسفرت عنه هذه العملية من أرباح. وقال شرحاً لدعواه إنه كان موظفاً لدى هيئة قناة
السويس وإذ رست على المدعى عليه عملية صيانة وتحسينات مباني هيئة قناة السويس بالإسماعيلية
فقد عرض عليه أن يترك وظيفته ليقوم بإدارة هذه العملية مقابل ثلث أرباحها فاستجاب لرغبته
ولكن المدعى عليه بعد انتهاء العملية أنكر على المدعي حقه في الربح لعلمه بأنه لا يحمل
دليلاً كتابياً على قيام الشركة بينهما إذ أن علاقة الأبوة قد حالت دون حصوله على عقد
مكتوب. ودفع المدعى عليه بأن علاقته بالمدعي أساسها عقد العمل لا عقد الشركة الذي لا
يجوز إثباته إلا بدليل كتابي وخلو الدعوى من هذا الدليل يجعلها غير مقبولة. وبتاريخ
11 من إبريل سنة 1964 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى. واستأنف المدعي هذا الحكم لدى
محكمة استئناف المنصورة (مأمورية بور سعيد) طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد استئنافه
برقم 38 سنة 5 ق. وبتاريخ 7 ديسمبر سنة 1964 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً، وقبل
الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنف بكافة طرق الإثبات القانونية
بما فيها شهادة الشهود أنه كان شريكاً للمستأنف عليه في عملية صيانة وتحسين مباني هيئة
قناة السويس بالإسماعيلية من 1/ 7/ 1961 حتى 30 إبريل سنة 1963 وبشرط أن يقوم هذا الأخير
بتمويل العملية، ويختص المستأنف بثلث الأرباح وللمستأنف نفي ذلك بالطرق ذاتها. وبعد
أن سمعت المحكمة شهود الطرفين عادت وبتاريخ 4 مايو سنة 1965 فحكمت بإلغاء الحكم المستأنف
وإلزام المستأنف عليه بأن يقدم للمستأنف كشف حساب عن إيرادات ومصروفات وأرباح عملية
صيانة وتحسينات مباني هيئة قناة السويس بالإسماعيلية من 1/ 7/ 1961 إلى 30/ 4/ 1963
مؤيداً بالمستندات. وطعن الطاعن في هذين الحكمين بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير
وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض
الطعن وصممت النيابة على رأيها الوارد في مذكرتها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكمين المطعون فيهما القصور في التسبيب، وفي
بيان ذلك يقول إنه أشار في مذكرته التي قدمها قبل صدور حكم الإحالة إلى التحقيق بأن
العلاقة بينه وبين المطعون عليه لا تعتبر مانعاً أدبياً يحول دون تحرير عقد يثبت قيام
الشركة لأن التعامل بينهما كان قد جرى من قبل في شئونهما المشتركة كتابة كما أن المانع
الأدبي بينهما قد انهار نتيجة سلوك المطعون عليه وعدم إقامته أي وزن أو اعتبار لعلاقة
الأبوة فتصبح الدعوى بعد خلوها من دليل كتابي على قيام الشركة غير مقبولة ولكن الحكم
الصادر في 7 ديسمبر سنة 1964 والذي أحال الدعوى إلى التحقيق لم يشر إلى هذا الدفاع
واكتفى بقوله إنه لا جدال في أن علاقة الأبوة من شأنها أن تقوم مانعاً أدبياً بينه
وبين مطالبته بتحرير عقد كتابي لإثبات الشركة بينهما في حين أن هذه العلاقة لا تقوم
بذاتها مانعاً أدبياً بل يجب الكشف عن حالة العلاقة بين طرفي النزاع المطروح واستظهار
ما إذا كانت تعتبر مانعاً أم لا تعتبر كذلك، وما أثاره الطاعن في هذا الشأن ينفي اعتبار
هذه العلاقة مانعاً أدبياً من الحصول على كتابة وأنه رغم إثارته هذا الدفاع من جديد
بعد سماع المحكمة لشهادة الشهود فإن الحكم الصادر في 4 مايو سنة 1965 لم يلتفت إليه
هو الآخر ولم يعن بالرد عليه لا صراحة ولا ضمناً.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه وإن كان تقدير المانع من الحصول على سند كتابي من الأمور
الواقعية التي يستقل بها قاضي الموضوع إلا أنه يتعين عليه أن يؤسس قضاءه في ذلك على
أسباب سائغة تكفي لحمله، وإذ كان يبين من الأوراق أن المطعون عليه أقام دعواه على أساس
قيام شركة بينه وبين والده – الطاعن – وجعل من علاقة البنوة سبباً يحول دون تقديمه
عقداً مكتوباً بهذه الشركة بينما نفى الطاعن قيام رابطة غير رابطة العمل بينه وبين
ابنه ودفع بعدم قبول الدعوى لعدم تقديم دليل كتابي على قيام الشركة المدعى بها وتمسك
في مذكرته أمام محكمة الاستئناف بأن حقيقة العلاقة بينه وبين المطعون عليه لا تعتبر
مانعاً أدبياً تحول دون حصوله على عقد مكتوب بالشركة إلا أن المحكمة قد أحالت الدعوى
على التحقيق بحكمها الصادر في 7 ديسمبر 1964 ليثبت المطعون عليه قيام الشركة بينه وبين
الطاعن بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة، وأجازت للطاعن النفي بذات الطرق مستندة
في ذلك إلى أن "علاقة الأبوة من شأنها أن تقوم مانعاً أدبياً بينه وبين مطالبته بتحرير
عقد كتابي لإثبات الشركة بينهما". لما كان هذا وكانت صلة القرابة مهما كانت درجتها
لا تعتبر في ذاتها مانعاً أدبياً يحول دون الحصول على كتابة، فإن اقتصار الحكم المطعون
فيه الصادر بتاريخ 7 ديسمبر سنة 1964 على قوله إن البنوة تقوم مانعاً أدبياً من حصول
الابن على عقد كتابي من أبيه دون أن يبين ظروف الحال التي تبرر ذلك يجعله مشوباً بالقصور،
وإذ كان الحكم الأخير الصادر في الموضوع قد اعتمد في قضائه علي التحقيق الذي تم نفاذاً
للحكم الأول فإن البطلان يمتد إليه كذلك، مما يتعين معه نقضهما معاً دون حاجة لبحث
باقي أوجه الطعن.
