الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 39 لسنة 29 ق – جلسة 09 /01 /1964 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الأول – السنة 15 – صـ 43

جلسة 9 من يناير سنة 1964

برياسة السيد/ الحسيني العوضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات، وبطرس زغلول.


الطعن رقم 39 لسنة 29 القضائية

( أ ) وارث. "التحيل على أحكام الإرث". "الطعن في تصرفات المورث". إثبات. "طرق الإثبات". "البينة". غير.
اعتبار الوارث في حكم الغير بالنسبة للتصرفات الصادرة من المورث الماسة بحقه في التركة عن طريق الغش والتحايل على مخالفة أحكام الإرث. له الطعن عليها وإثبات طعنه بكافة الطرق.
(ب) وارث. "التحيل على أحكام الإرث". "الطعن في تصرفات المورث". عقد. تسجيل. بيع. بطلان.
انتهاء الحكم إلى عدم تنجيز التصرف وإخفائه لوصية. لا أثر لتسجيل العقد حال حياة البائع في تصحيح التصرف أو نقل الملكية. التسجيل لا يصحح عقداً باطلاً. ولا يحول دون الطعن في العقد بأنه يخفي وصية.
(جـ) وارث. " أحكام الإرث". " التحيل عليها". " تصرفات المورث". " إجازتها". بطلان. تقادم. وصية. نظام عام.
أحكام الإرث وتعيين أنصبة الورثة في التركة من النظام العام. التحيل عليها باطل بطلاناً مطلقاً. خروج هذا البطلان عن نطاق التقادم المنصوص عليه في المادة 140 مدني. إطلاق البطلان لا يتنافى مع إمكان إجازة الورثة للتصرف. الإجازة إنما تلحق التصرف بوصفة وصية لا بيع. خضوعه في هذه الحالة لأحكام الوصية.
(د) محكمة الموضوع. " تقديرها للدليل". إثبات. " طرق الإثبات". "البينة".
تقدير أقوال الشهوة مرهون بما يطمئن إليه وجدان قاضي الموضوع. لا سلطان عليه في ذلك إلا أن يخرج بها عما يؤدى إليه مدلولها.
(هـ) وارث. "تصرفات المورث". "إجازتها". محكمة الموضوع. "سلطتها في ذلك". نقض. "أسباب الطعن". "أسباب واقعية".
استخلاص الإجازة الضمنية وعدمها من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع.
1- لا يعتبر الوارث قائماً مقام المورث في التصرفات الماسة بحقه في التركة عن طريق الغش والتحايل على مخالفة أحكام الإرث بل يعتبر في هذه الحالة في حكم الغير ويباح له الطعن على التصرف وإثبات صحة طعنه بكافة الطرق، ولا تقف صراحة نصوص العقد الدالة على تنجيز التصرف حائلاً دون هذا الطعن [(1)].
2 – متى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن التصرف لم يكن منجزاً وأنه يخفي وصية فلا يكون لتسجيل العقد حال حياة البائع أي أثر في تصحيح التصرف أو نقل الملكية لأن التسجيل لا يصحح عقداً باطلاً كما أنه لا يحول دون الطعن في العقد بأنه يخفي وصية.
3 – أحكام الإرث وتعيين نصيب كل وارث في التركة من النظام العام وكل تحايل على مخالفة هذه الأحكام باطل بطلاناً مطلقاً ومن ثم فلا يسري على هذا البطلان التقادم المنصوص عليه في المادة 140 من القانون المدني. ولا يقدح في ذلك القول بأن اعتبار البطلان مطلقاً يتنافى مع إمكان إجازة التصرف من الورثة ذلك أنه ليس للورثة أن يجيزوا التصرف باعتباره بيعاً وإنما لهم أن يجيزوه على الاعتبار الصحيح بوصفه وصية وفي هذه الحالة تجرى عليه أحكام الوصية التي يجيزها الورثة.
4 – تقدير أقوال الشهود مرهون بما يطمئن إليه وجدان قاضي الموضوع ولا سلطان عليه في ذلك إلا أن يخرج بها عما يؤدى إليه مدلولها [(2)].
5 – استخلاص الإجازة الضمنية وعدمها من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليهم والمرحوم حسن عبد العال موسى الذي توفى وحل محله ورثته وهو المطعون عليها الأخيرة وأولاده القصر المشمولين بوصاية المطعون عليه الثاني رفعوا الدعوى رقم 239 سنة 1954 مدني كلي الزقازيق بتاريخ 17 من فبراير سنة 1954 ضد الطاعنة طلبوا فيها الحكم ببطلان عقد البيع الصادر إليها في 10 من نوفمبر سنة 1942 من المرحوم محمد عبد العال موسى مورث الطرفين ببيعه لها بصفتها الشخصية وبصفتها مشترية لولدها القاصر محمد الهادي 13 فداناً و7 قراريط مبينة الحدود والمعالم بعريضة الدعوى ومحو التسجيلات والتأشيرات التي ترتبت عليها وبتثبيت ملكيتهم إلى نصيبهم الشرعي في الأطيان المذكورة والبالغ 10 أفدنة و4 قراريط وقالوا في بيان دعواهم أن المورث المذكور حرر للطاعنة بتاريخ 10 من نوفمبر سنة 1942 عقداً ببيع 13 فداناً و7 قراريط بزمام العرين مركز فاقوس شرقية من هذا القدر 7 أفدنة و7 قراريط لها و6 أفدنة لابنه منها محمد الهادي محمد عبد العال موسى وقد سجل هذا العقد بتاريخ 21 من نوفمبر سنة 1942 وأنه لما كان هذا التصرف قد صدر بغير مقابل ولم يقصد به البيع المنجز إذ ظلت الأطيان المبيعة تحت يد المورث حتى توفى فإنه يكون باطلاً – وبتاريخ 21 من يناير سنة 1957 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعون بكافة وسائل الإثبات أن العقد الرقيم 9 من نوفمبر سنة 1942 والمسجل في 21 من نوفمبر سنة 1942 والصادر من مورث طرفي الخصومة للطاعنة بصفتيها لم يقصد به البيع المنجز وإنما أريد به التمليك المضاف إلى ما بعد الموت وأن العقد المذكور لم ينفذ بوضع يد الطاعنة بصفتيها على الأطيان موضوع ذلك العقد وأن تلك الأطيان ظلت في وضع يد المورث حتى وفاته وأجازت للطاعنة بصفتيها نفي ذلك بذات الطرق وإثبات أن العقد المذكور إنما هو عقد بيع بات منجز وأنه اقترن بوضع يدها بصفتيها من تاريخ تحريره وبعد أن سمعت المحكمة شهود طرفي الخصومة حكمت بتاريخ 10 من مايو سنة 1957 ببطلان العقد وبتثبيت ملكية المطعون عليهم إلى 10 أفدنة و4 قراريط الموضحة بصحيفة افتتاح الدعوى تأسيساً على أن العقد يخفي وصية فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد استئنافها برقم 165 سنة 9 ق وبتاريخ 9 من ديسمبر سنة 1958 حكمت تلك المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة انتهت فيها إلى رفض الطعن وبجلسة 17 من إبريل سنة 1962 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة 21 من نوفمبر سنة 1963 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب بأن بنى قضاءه على عبارات مجهلة لا تسمح لمحكمة النقض بمراقبة صحة ما ساقه للتدليل على ما ادعى ثبوته وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن أسباب الحكم التي قصد بها التدليل على عدم تنجيز التصرف جاءت مرسلة ولم تشر إلى أي دليل أو قرينة تنفي ما ورد في العقد من نصوص صريحة قاطعة في تنجيزه وهي نصوص تعتبر حجة على المطعون عليهم باعتبارهم خلفاً خاصاً للبائع وقد جهل الحكم المصدر الذي استمد منه ما انتهى إليه من اعتبار التصرف مضافاً إلى ما بعد الموت واكتفى في إهدار نصوص العقد الصريحة بالقول بأنه "ثبت للمحكمة أن التصرف لم يكن منجزاً كما تدعى المستأنفة (الطاعنة) دون أن تقيم الدليل على صحة هذا القول كما أنه اعتمد على أقوال الشهود مع أن شهادتهم جاءت قاصرة على وضع يد المورث على العين المبيعة لحين وفاته وهذا الأمر بفرض ثبوته ليس من شأنه أن يؤدى إلى اعتبار التصرف مضافاً إلى ما بعد الموت، كذلك فإن الحكم قد قصر أيضاً عندما تحدث عن الأوراق المقدمة من الطاعنة للتدليل على وضع يدها من تاريخ التعاقد وهي أوراد المال الصادرة باسمها وإيصالات سدادها دين البنك العقاري الذي كانت العين المبيعة محملة به والشهادة الإدارية المتضمنة أنها هي الواضعة اليد ذلك أنه أغفل بيان هذه الأوراق والكشف عن ماهية مدلولها واكتفى في إطراحها بالقول بأن هذه الأوراق قد دحضتها شهادة الشهود على النحو الثابت في التحقيق مع أنه ليس في أقوال هؤلاء الشهود ما ينهض لدحض دلالة تلك الأوراق.
وحيث إن ما تنعاه الطاعنة في هذا السبب مردود بأن الحكم المطعون فيه قد أحال في أسبابه إلى أسباب الحكم الابتدائي التي ورد بها بعد أن استعرض الحكم أقوال الشهود وبعد أن رجح أقوال شاهدي المطعون عليهم على أقوال شاهدي الطاعنة للاعتبارات التي ذكرها ما يلي "وحيث إنه متى كان الثابت من أقوال شاهدي الإثبات (شاهدي المطعون عليهم) آنفي الذكر أن العقد الصادر من المورث للمدعى عليها (الطاعنة) عن نفسها وبصفتها لم ينفذ بوضع يد المدعى عليها على الأطيان موضوع العقد بل ظلت هذه الأطيان في وضع يد المورث حتى وفاته وأنه لم يدفع أي ثمن من المدعى عليها للمورث وأنها أي المدعى عليها لم يكن لها أملاك خاصة تسمح لها بدفع مثل هذا المبلغ المثبت بالعقد وقد تأيد هذا الأمر الأخير بعدم تقديم المدعى عليها لأي مستند في الدعوى يدل على أنها كانت في حالة تسمح لها بدفع مثل ذلك المبلغ فلما كان ذلك فإنه يتضح بجلاء من الأمور والقرائن سالفة الذكر أن العقد موضوع الدعوى هو في حقيقته وصية". كما ورد في أسباب الحكم المطعون فيه "أن محكمة أول درجة قضت باعتبار العقد موضوع التداعي وصية على ما بان لها من الظروف التي لابست تحرير العقد وحالة البائع وظروف المستأنفة (الطاعنة) ومركزها بالنسبة للبائع وبقاء العين تحت يد صاحبها حتى الوفاة ولا يغني عن الأمر شيئاً شكل العقد الذي اتخذ مثاراً لإخفاء الوصية وترى هذه المحكمة أن ما ذهبت إليه محكمة أول درجة في هذا الخصوص هو استخلاص سائغ تؤيده وقائع الدعوى وشهادة شاهي الإثبات على النحو الذي انتهت إليه تلك المحكمة". وقال الحكم المطعون فيه عن الأوراق التي قدمتها الطاعنة للتدليل على وضع يدها على العين المبيعة حال حياة البائع "أن هذه الأوراق قد دحضتها شهادة الشهود على النحو الثابت من محضر التحقيق كما أنها في ذاتها ليست دليلاً خالصاً على وضع يدها أثناء حياة المورث" ويبين من ذلك أن الأسباب التي استند إليها الحكم المطعون فيه للتدليل على عدم تنجيز التصرف ليس فيها تجهيل وأن الحكم – خلافاً لما تدعيه الطاعنة – قد أفصح عن المصدر الذي استمد منه النتيجة التي خلص إليها وأورد القرائن والأدلة التي اعتمد عليها وهي أدلة وقرائن سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه من اعتبار التصرف مخفياً وصية ومتى كان ذلك، وكان الوارث لا يعتبر قائماً مقام المورث في التصرفات الماسة بحقه في التركة عن طريق الغش والتحايل على مخالفة أحكام الإرث بل يعتبر في هذه الحالة في حكم الغير ويباح له الطعن على التصرف وإثبات صحة طعنه بكافة الطرق ولا تقف صراحة نصوص العقد الدالة على تنجيز التصرف حائلاً دون هذا الطعن. لما كان ذلك، وكانت المستندات التي تعيب الطاعنة على الحكم إطراحه لها هي مما لمحكمة الموضوع السلطة في تقديره بغير معقب عليها في ذلك من محكمة النقض فإن النعي بهذا السبب يكون في جميع ما تضمنه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن العقد سجل في حال حياة البائع المورث مما يترتب عليه انتقال الملكية إليها منجزة ولكن الحكم لم يرد على هذا الدفاع الجوهري ولم يبين كيف أن الملكية لم تنتقل للمشترية منجزة ولا يجدي في ذلك قوله بأنه يرى ما تراه محكمة أول درجة من أن المقصود بالتصرف هو الوصية لأن هذا القول يعوزه إثبات أن أثر التسجيل في نقل الملكية فوراً قد تعطل وعلق على وفاة المتصرف.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه متى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن التصرف لم يكن منجزاً وأنه يخفي وصية فلا يكون لتسجيل العقد حال حياة البائع أي أثر في تصحيح التصرف أو نقل الملكية لأن التسجيل لا يصحح عقداً باطلاً كما أن هذا التسجيل لا يحول دون الطعن في العقد بأنه يخفي وصية.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أغفل الرد على ما تمسكت به من أن الخصوم أقروا في صحيفة افتتاح دعواهم بوضع يدها من سنة 1943 أي قبل وفاة المورث الحاصلة في سنة 1945 مما لا يصح معه أن يعودوا فيصححوا تاريخ بداية وضع يدها بأنه حصل بعد الوفاة ولما كان تحديد بدء تاريخ وضع يد الطاعنة يعتبر من الوسائل الجوهرية في الدعوى فإن عدم الرد على ما تمسكت به الطاعنة في هذا الشأن يعتبر قصوراً يبطل الحكم.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه ليس صحيحاً أن المطعون عليهم أقروا في صحيفة الدعوى بوضع يد الطاعنة قبل وفاة المورث إذ أن العبارة الواردة في صحيفة افتتاح الدعوى والتي تدعي الطاعنة بأنها تحوي الإقرار قد جرى نصها بما يأتي…… "استمرت الأعيان المبيعة في يد المورث حتى وفاته في سنة 1943" وهذه العبارة واضحة الدلالة على أن المطعون عليهم يتمسكون بأن وضع يد المورث استمر حتى تاريخ وفاته وإذا كانوا قد حددوا هذا التاريخ بأنه في سنة 1943 بينما أن حقيقة تاريخ الوفاة في سنة 1945 فذلك مرجعه إلى مجرد خطأ مادي لا يجوز ترتيب أي أثر عليه كما لا يصح للطاعنة أن تجزئ العبارة الواحدة فتأخذ منها ما يفيدها وتطرح باقيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الرابع على الحكم المطعون فيه أنه خالف الثابت في الأوراق وفي بيان ذلك تقول إنه قرر أن شهادة شاهدي المطعون عليهم أثبتت أن التصرف كان مقصوداً به الإيصاء وأنه كان بغير عوض ولم يكن منجزاً بل مضافاً إلى ما بعد وفاة المورث مع أن شهادتهما كانت قاصرة على وضع يد المورث حتى وفاته وهي بذلك لا تؤدى إلى ما استخلصه الحكم منها من أن التصرف تم بغير عوض وأنه قصد به الإيصاء.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه وما أحال إليه من أسباب حكم محكمة الدرجة الأولى أنهما لم يخرجا فيما استخلصاه من أقوال شاهدي الإثبات عما يؤدى إليه مدلولها وأن الحكمين قد دللا على حصول التصرف بغير مقابل بعدم وجود مال للطاعنة يمكن أن تدفع منه الثمن الوارد في العقد ويعجزها عن الكشف عن المورد الذي دفعت منه هذا الثمن – ولما كان هذا التدليل سائغاً ومقبولاً فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم في هذا السبب لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير المحكمة لشهادة الشاهدين بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي أخذ بها الحكم ولما كان ذلك، وكان تقدير أقوال الشهود مرهوناً بما يطمئن إليه وجدان قاضي الموضوع ولا سلطان عليه في ذلك إلا أن يخرج بها عما يؤدى إليه مدلولها فإن ما تثيره الطاعنة في هذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت بسقوط حق المطعون عليهم في التمسك ببطلان العقد لإخفائه وصية واستندت في دفعها هذا إلى أن هذا الحق يسقط بمرور ثلاث سنوات طبقاً للمادة 140 من القانون المدني لأن البطلان في هذه الحال نسبي بدليل أن للورثة إجازة التصرف وقد مضى من تاريخ صدور القانون المدني الجديد في 15 من أكتوبر سنة 1949 إلى تاريخ رفع الدعوى في 17 من فبراير سنة 1954 ما يزيد على ثلاث سنوات كما دفعت الطاعنة بسقوط حق المطعون عليهم في التمسك بالبطلان لمضي خمسة عشر سنة من يوم صدور العقد في 9 من نوفمبر سنة 1942 حتى التاريخ الذي أبدى فيه الطعن في العقد بأنه يخفي وصية وهو 20 من يناير سنة 1957 ولكن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفع الأخير ورد على الدفع الأول رداً خاطئاً معتبراً أن البطلان في هذه الحالة بطلان مطلق لا تسقط الدعوى بطلبه إلا بمرور خمسة عشر عاماً عملاً بالمادة 141/ 2 من القانون المدني وتقول الطاعنة إن هذا الذي قرره الحكم فيه خلط بين البطلان النسبي الذي تلحقه الإجازة والبطلان الذي لا تصححه الإجازة.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأن أحكام الإرث وتعيين نصيب كل وارث في التركة من النظام العام وكل تحايل على مخالفة هذه الأحكام باطل بطلاناً مطلقاً ومن ثم فلا يسري على هذا البطلان التقادم المنصوص عليه في المادة 140 من القانون المدني وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون مخالفاً للقانون ولا يقدح في ذلك ما تقوله الطاعنة من أن اعتبار البطلان مطلقاً يتنافى مع إمكان إجازة التصرف من الورثة ذلك أنه ليس للورثة أن يجيزوا التصرف باعتباره بيعاً وإنما لهم أن يجيزوه على الاعتبار الصحيح بوصفه وصية وفي هذه الحالة تجرى عليه أحكام الوصية التي يجيزها الورثة. كما أن هذا النعي مردود في شقة الثاني بأنه لما كان الطعن على العقد قائماً من يوم رفع الدعوى في 17 من فبراير سنة 1954 ولم يكن قد مضت خمس عشرة سنة من تاريخ صدوره في 9 من نوفمبر سنة 1942 حتى يوم رفع هذه الدعوى فإن هذا الدفع يكون غير صحيح وبالتالي يكون النعي على الحكم لإغفاله الرد عليه غير منتج.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب السادس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت بأن المطعون عليهم أجازوا ضمناً التصرف الصادر من مورثهم وذلك بعدم اعتراضهم عليه بعد علمهم به وسكوتهم عن الطعن فيه من سنة 1942 حتى سنة 1954 وتركهم الأطيان المتصرف فيها في حيازة الطاعنة طوال هذه المدة بغير معارضة منهم أو منازعة كما تمسكت الطاعنة أيضاً باعتبار العقد بفرض أنه لم يدفع فيه ثمن هبة مستورة في صورة عقد بيع إذ أنه من المقرر أن التصرف المنجز حال حياة المتصرف ولو كان بغير عوض ومقصوداً به حرمان بعض الورثة هو تصرف صحيح متى كان مستوفياً شكله القانوني وقد رد الحكم المطعون فيه على ما تمسكت به من إجازة الورثة للتصرف بأنه ليس في الأوراق ما يدل على حصول هذه الإجازة وهو رد قاصر لم يواجه ما ساقته الطاعنة من أدلة على حصول هذه الإجازة كما جاء رده قاصراً أيضاً في خصوص ما طلبته من اعتبار التصرف هبة مستورة في صورة عقد بيع.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقة الأول بما أورده الحكم المطعون فيه بعد أن أبان أن التصرف وصية في قوله "أما القول بحصول موافقة المستأنف عليهم (المطعون عليهم) الضمنية على صحة العقد فلا يوجد في الأوراق ما يبرره" ومفاد ذلك أن الحكم لم ير في القرائن التي ساقتها الطاعنة على هذه الإجازة ما يفيد حصولها – ولما كان استخلاص الإجازة الضمنية وعدمها من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض – ومردود في شقه الثاني بما ذكره الحكم من أن التصرف المطعون فيه لا يعد هبة مستورة لأن الهبة تمليك العين الموهوبة في الحال في حين أن التصرف المطعون فيه لم يكن منجزاً بل مضافاً إلى ما بعد الموت مما يعتبر معه التصرف وصية.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يتعين رفض الطعن.


[(1)] راجع نقض 25/ 4/ 1963 الطعنان 459 و471 س 26 ق السنة 14 ص 579.
[(2)] راجع النقض 18/ 4/ 1963 الطعن 260 س 27 ق السنة 14 ص 543.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات