الطعن رقم 1549 لسنة 30 ق – جلسة 09 /01 /1961
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الأول – السنة 12 – صـ 51
جلسة 9 من يناير سنة 1961
برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد عطيه اسماعيل، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدى، وحسن خالد المستشارين.
الطعن رقم 1549 لسنة 30 القضائية
(أ) نيابة عامة. تحقيق.
صحة تكليف رئيس النيابة لأحد وكلاء النيابة بأى عمل من أعمال التحقيق.
تفتيش. المختص بإصدار الإذن به.
سلطة رئيس النيابة فى إحالة طلب التفتيش إلى وكيل النيابة الكلية دون إلتزام عليه ببيان
مبرر الإحالة.
(ب) تحقيق.
تنفيذ إذن التفتيش: المراد بمعاونى مأمور الضبط القضائى الذى شملتهم عبارة الندب.
لا محل لقصر هؤلاء على المرءوسين وحدهم.
1 – إشارة رئيس النيابة بإحالة طلب التفتيش إلى وكيل النيابة الكلية بدلا من إصدار
الإذن بنفسه إنما هى إحالة صحيحة مادام لرئيس النيابة أن يكلف وكيلا من وكلاء النيابة
الكلية الذين يعملون معه بأى عمل من أعمال التحقيق، كما له هو أن يقوم به، وهو لا يلتزم
فى ذلك ببيان المبرر الذى اقتضى إحالة طلب التفتيش إلى من أحاله إليه مادام ذلك يدخل
فى سلطته.
2 – إذا كانت عبارة الإذن غير قاصرة على انتداب الضابط وحده – وإنما جاءت شاملة لمن
يعاونه من رجال الضبط القضائى، فإنه لا محل لحمل هؤلاء الأعوان على المرءوسين وحدهم.
الوقائع
إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز حشيشا وأفيونا فى غير الأحوال المصرح بها قانونا وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و 2 و 33جـ و 35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبندين 1 و 12 من الجدول المرفق. فقررت بذلك وأمام محكمة الجنايات دفع الحاضر عن المتهم ببطلان إذن التفتيش وما ترتب عليه من إجراءات. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه وبمصادرة المواد المخدرة المضبوطة. وقد ذكرت فى أسباب حكمها أن الدفع فى غير محله. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض… الخ.
المحكمة
… حيث إن مبنى الأوجه الثلاثة الأول هو مخالفة القانون، ذلك أن
الطاعن دفع لدى محكمة الموضوع ببطلان التفتيش على أساس أن طلب الإذن به قدم لرئيس النيابة
فتخلى عنه وندب دون مبرر أحد وكلاء النيابة الكلية مع وجود وكيل نيابة مختص بالمركز
الذى حصل فيه التفتيش – وأن التحريات التى أثبتها الضابط بمحضره والتى بنى عليها إذن
التفتيش جاءت قاصرة إذ لم يوضح الضابط الظروف والملابسات التى جعلته يعتقد أن الطاعن
يتجر فى المخدرات – وقد فات من أصدر الإذن بتفتيش منزل الطاعن ما نصت عليه المادة 91
من قانون الاجراءات الجنائية من وجوب أن يكون ذلك فى تحقيق مفتوح – هذا فضلا عن أن
النيابة ندبت للتفتيش اليوزباشى عبد العظيم خضر مساعد رئيس فرع بنها لمكافحة المخدرات
ومن يعاونه من رجال الضبط القضائى ولكن الذى قام بإجراء التفتيش هو رئيس الفرع وهو
خلاف من ندب أصلا للتفتيش. وقد رد الحكم على هذا الشق الأخير من الدفع بقوله "إن عبارة
الندب الصادرة لمساعد المكتب تنسحب على غيره ممن يعاونونه من رجال الضبط القضائى ومن
بينهم ولا شك رئيس الفرع" – ويقول الطاعن إن ما ذهب إليه الحكم يجافى الأوضاع الصحيحة،
ذلك لأن الإذن بالتفتيش إذا كان صادرا لشخص معين فلا يجوز لغيره تنفيذه ولو كان ذلك
بطريق الندب ممن صدر له الإذن، كما أنه لا يستساغ القول بأن رئيس الفرع هو من أعمال
مرؤوسيه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله "إنه وصل إلى علم مكتب مكافحة المخدرات
بمديرية القليوبية من مصادر سرية وثيقة أن عبد الفتاح محمد أحمد الكردى (الطاعن) من
بلدة دير سبع مركز طوخ يتجر فى المواد المخدرة فتقدم مساعد رئيس المكتب اليوزباشى…
… … فى 13/ 9/ 1958 يطلب الإذن من رئيس النيابة بتفتيشه وتفتيش منزله لضبط ما يوجد
لديه من مواد مخدرة فانتدب رئيس النيابة أحد وكلاء النيابة لاتخاذ اللازم وفى نفس التاريخ
أذن له وكيل النيابة المنتدب ولمن يعاونه من رجال الضبطية القضائية فى تفتيش شخص المتهم
ومسكنه بناحية الدير للغرض المبين بالطلب… … … وفى اليوم التالى لصدور الإذن
انتقل رئيس الفرع الصاغ… … … فى حوالى الساعة الرابعة مساء إلى بلدة الدير ويرافقه
معاون المكتب اليوزباشى… … … والكونستابل الممتاز عبد السميع عزب والمخبر حجازى
أحمد مصطفى وقوة من فرق الأمن بالمديرية للمحافظة على النظام وتوجهوا إلى منزل المتهم
حيث وجدوه فى حجرة على يمين الداخل جالسا وما أن رآهم حتى هم واقفا يريد الهرب فأسرع
رئيس المكتب بالقبض عليه هو والكونستابل بينما قام اليوزباشى عبد العظيم خضر بتفتيشه
فوجد بالجيب الأيسر من صديريه الذى يرتديه كيسا من قماش النايلون بداخله 1/4، 1/8 طربة
حشيش وقطعتين عاريتين من الحشيش ولفافة من السلوفان الأبيض بها قطعة صغيرة من الأفيون…
… …، وقد عثر رئيس المكتب فى المكان الذى كان يجلس فيه المتهم على كيس من القماش
الدمور وجد بداخله ميزان معدنى بكفتين وثمانى صنج مختلفة الأوزان وثلاثة أكياس من الدمور
الأبيض بأحدها كمية من ورق السلوفان الأبيض والأصفر تنبعث منها رائحة نفاذه تشبه رائحة
الأفيون كما أن بأحدها كيسا من المشمع ومطواة تنبعث منها رائحة مماثلة وتبين من تقرير
المعمل الكيماوى أن المواد المشتبه فيها المضبوطة من مادتى الأفيون والحشيش ووجود آثار
الأفيون فى كفتى الميزان المعدنى المضبوط، كما وجدت تلك الآثار أيضا ببعض الصنج وبسلاح
المطواة وبعض أوراق السلوفان واللصق وبالكيس النايلون كما عثر على فئات من مادة الحشيش
بأحد الأكياس الدمور المضبوطة" وقد عرض الحكم – بعد أن أورد واقعة الدعوى فيما تقدم
– لما يثيره الطاعن فى وجه الطاعن بقوله "أما عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لأن رئيس
النيابة لم يصدره بنفسه إنما انتدب وكيل النيابة لإصداره فهو دفع غير سليم لأن الثابت
أن رئيس النيابة انتدب وكيل النيابة الكلية لإجراء اللازم ومعنى ذلك أنه ندبه لاتخاذ
ما يراه من اجراءات التحقيق أو القيام بنفسه بعملية التفتيش أو رفض الإذن إذ رأى أن
التحريات غير جدية ولا شك أن فى سلطة رئيس النيابة أن يندب غيره لإجراء تحقيق أى حادث
جنائى أو أى إجراء من إجراءاته كما أن له أن يقوم بذلك بنفسه إذا أراد ومن يملك الكل
لا شك أنه يملك الجزء. ولا شك أن وكيل النيابة الكلية له اختصاص شامل فى جهة اختصاص
النيابة الكلية التى يعمل بها ومن بينها مركز طوخ. أما القول بأن رئيس المكتب هو الذى
تبنى واقعة الضبط وحرر المحضر على عكس ما أمر به إذن التفتيش فهو أيضا فى غير محله
ذلك لأن الإذن عين الضابط عبد العظيم خضر لإجراء التفتيش ومن يعاونه من رجال الضبطية
القضائية والثابت أن جميع الشهود قرروا أن الذى قام باجراء التفتيش إنما هو الضابط
المنتدب اليوزباشى… … … وأن رئيس المكتب كانت مهمته أن يساعده فى القبض على المتهم
ومنع مقاومته ولم يشترك فى عملية تفتيش المتهم – على أن الإذن لم يكن قاصرا على انتداب
اليوزباشى… … … وحده وإنما جاء فيه بالنص "نندب السيد اليوزباشى… … … مساعد
رئيس فرع مكافحة المخدرات ومن يعاونه من رجال الضبطية القضائية فى تفتيش شخص ومسكن
عبده الكردى" فعبارة الانتداب تنسحب على غيره ممن يعاونه من رجال الضبطية القضائية
ومن بينهم ولا شك رئيس الفرع".
وحيث إنه لما كان يبين مما تقدم أن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من رفض الدفوع
القانونية المقدمة من الطاعن صحيح فى القانون، ذلك لأن إشارة رئيس النيابة بإحالة طلب
التفتيش إلى وكيل النيابة الكلية بدلا من إصدار الإذن بنفسه إنما هى إحالة صحيحة مادام
لرئيس النيابة أن يكلف وكيلا من وكلاء النيابة الكلية الذين يعملون معه بأى عمل من
أعمال التحقيق كما له هو أن يقوم به وهو لا يلتزم فى ذلك ببيان المبرر الذى اقتضى إحالة
طلب التفتيش إلى من أحاله إليه مادام ذلك يدخل فى سلطته، لما كان ذلك، وكان من المقرر
أن وكلاء النيابة الكلية الذين يعملون مع رئيس النيابة مختصون بأعمال التحقيق فى جميع
الحوادث التى تقع بدائرة المحكمة الكلية التى هم تابعون لها وذلك بناء على تفويض من
رئيس النيابة أو من يقوم مقامه تفويضا أصبح على النحو الذى استقر عليه العمل فى حكم
المفروض ولا يستطاع نفيه إلا إذا كان هناك نهى صريح، فإن وكيل النيابة الكلية إذ أصدر
إذنه بالتفتيش يكون قد باشر إجراء من اختصاصه. لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة محضر
الجلسة أن الطاعن أو الحاضر معه لم يدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات وهو
دفع موضوعى لا يجوز له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، وفضلا عن ذلك – فالظاهر من
الحكم أن المحكمة اطمأنت إلى التحريات التى باشرها الضابط… … … … لما كان ذلك،
وكان لا يشترط لتفتيش مسكن المتهم إعمالا لنص المادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية
أن يكون ثمة تحقيق مفتوح سابق على صدور إذن التفتيش فيجوز للنيابة أن تصدره بعد اطلاعها
على محضر الاستدلالات متى رأت كفايته لإصدار الإذن الذى يعد بذاته فتحا للتحقيق. لما
كان ما تقدم، وكان الثابت من الحكم أن الذى قام بالتفتيش هو الضابط الذى صدر له إذن
النيابة وأن رئيس المكتب كانت مهمته أن يساعده فى القبض على المتهم ومنع مقاومته وأن
عبارة الإذن لم تكن قاصرة على انتداب الضابط المشار إليه وحده وإنما جاءت شاملة لمن
يعاونه من رجال الضبط القضائى ولا محل لحمل هؤلاء الأعوان على المرءوسين وحدهم – كما
ذهب إلى ذلك الطاعن – فإن ما يثيره الطاعن فى هذه الأوجه من طعنه يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع هو القصور والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الطاعن أبدى فى دفاعه
أنه لم يكن بمنزله وقت التفتيش وقد أيده فى ذلك شهوده الذين سمعتهم المحكمة – إلا أنها
اطرحت شهادتهم بمقولة إن من بينهم من يمت بصلة القربى للطاعن وهو رد قاصر إذ من بينهم
أيضا من لا يمت للطاعن بصلة، ومع ذلك فلم يبين الحكم علة عدم الأخذ بأقوالهم – هذا
فضلا عما أبداه الطاعن من أن رجال مكتب المخدرات أحدثوا به إصابات وادعوا بضبط المخدر
بجيبه مع أنه قد تبين من التحليل أنه ليس بأظافر الطاعن ولا بجيب صديريه أى أثر لمادة
مخدرة، ومع ذلك فلم تقم المحكمة بتحقيق هذا الدفاع، كما أنها لم تعرض فى حكمها لشئ
منه مما يجعله مشوبا بالقصور والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إنه لما كان الحكم قد عرض لما يثيره الطاعن بشأن اطراحه لأقوال شهود النفى بقوله
"إن إنكار المتهم وادعائه بأنه لم يكن فى المنزل وقت التفتيش واعتماده على شهادة شهود
نفيه فتلاحظ المحكمة أنه لم يذكر هؤلاء الشهود عند سؤاله وإنما قدم محاميه طلبا بسماع
أقوالهم بعد واقعة الضبط بيومين وبعد انتهاء التحقيق مع المتهم وقد أعلن هؤلاء الشهود
وسمعت المحكمة أقوال من رأى المتهم سماعه منهم غير أنها لا ترتاح إلى أقوالهم لأنها
جاءت متأخرة ومن بينهم من يمت إليه بصلة القرابة وينفيها ما شهد به شهود الإثبات الذين
تثق المحكمة فى أقوالهم وترتاح إلى الأخذ بها". وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة
أصلا بأن تشير فى حكمها إلى شهادة شهود النفى والرد عليه ردا صريحا، ذلك لأن قضاءها
بالإدانة اعتمادا على عناصر الإثبات التى بينتها يفيد دلالة أنها أطرحت تلك الشهادة
ولم تروجها للأخذ بها، ومع ذلك فإنها قد تناولت شهادة هؤلاء الشهود وأوضحت فى ردها
أنها لا تأخذ بشهادتهم لعدم ارتياحها إلها – لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض كذلك لما
يثيره الطاعن بشأن إصابته وعدم وجود أثر للمخدر فى أظافره أوفى جيب الصديرى بقوله "أما
عن الإصابات التى وجدت بالمتهم فثابت من أقوال شهود الإثبات أنه كان يقاومهم مقاومة
عنيفة وأنهم تمكنوا بعد جهد من التغلب على هذه المقاومة ولا شك فى أن إصابته فى هذه
الأثناء سواء كانت من رجال المكتب أو من سقوطه هو لا يقدم ولا يؤخر فى واقعة ضبط المخدرات
معه وإنكار رجال البوليس تعديهم عليه أمر طبيعى تمليه غريزة الدفاع عن النفس، أما عن
عدم وجود آثار للمادة المخدرة فى أظافر المتهم أو فى جيب الصديرى الذى كانت به المخدرات
فلا قيمة له لأن الثابت أن المخدرات كانت موضوعة فى كيس ولم تكن متصلة مباشرة بقماش
الجيب ومن الطبيعى فى هذه الحالة أنه لا يوجد فى الجيب أى أثر من المادة المخدرة، أما
بالنسبة لأظافر المتهم وعدم وجو آثار بها فيدل على أن المتهم لم يكن قد اتصل بالمواد
المخدرة بواسطة يديه قبل التفتيش وليس من الضرورى أن يكون الأثر فى يديه دائما لأن
الإنسان يغسل يديه فى أوقات كثيرة من النهار فى مناسبات تنازل الطعام أو الوضوء أو
الاستحمام ولم يقل أحد إن المتهم لمس بيده المواد المخدرة أثناء التفتيش أو قبله مباشرة"
وكان فيما أورده الحكم فيما تقدم الرد الكافى على دفاع الطاعن مما يفنده، وواضح فى
هذا الرد أن العنف الذى استعمل مع الطاعن لم يكن إلا بالقدر اللازم لاستخلاص المواد
المخدرة منه. لما كان ذلك، فإن ما يرمى به الحكم من القصور والإخلال بحق الدفاع يكون
على غير أساس.
وحيث إنه لما كانت الواقعة وظروف ضبط المواد المخدرة مع الطاعن حسبما هو ثابت بالحكم
المطعون فيه تفيد أن المتهم كان يحرز تلك المواد بقصد الاتجار، وكانت المادة 35 من
القانون رقم 57 لسنة 1959 تخوّل محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة الطاعن من تلقاء
نفسها إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسرى على واقعة الدعوى، وكان القانون رقم
182 لسنة 1960 هو القانون الأصلح للمتهم مما جاء فى نصوصه من عقوبات أخف وهو الواجب
التطبيق عملا بالمادة الخامسة من قانون العقوبات. لما كان ذلك، فإنه يتعين نقض الحكم
نقضا جزئيا وتطبيق المادة 34 من القانون الجديد فى خصوص العقوبة المقيدة للحرية وتقدير
ما يستحقه المتهم منها بعشر سنوات أشغال شاقة وذلك بالإضافة إلى العقوبات الأخرى المقضى
بها.
