الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 294 لسنة 35 ق – جلسة 27 /05 /1969 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثاني – السنة 20 – صـ 811

جلسة 27 من مايو سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم الديواني.


الطعن رقم 294 لسنة 35 القضائية

( أ ) خطابات بالضمان. "التزام البنك خلال مدة الضمان". بنوك. سريان خطاب الضمان خلال مدة معينة. مؤداه التزام البنك بوفاء قيمته خلال هذه المدة. التاريخ الوارد في العملية يعتبر حداً أقصى لنفاذه.
(ب) خطابات الضمان "علاقة البنك بالمستفيد". بنوك.
علاقة البنك بالمستفيد من خطاب ضمان علاقة منفصلة عن علاقة البنك بالعميل. التزام البنك بالوفاء للمستفيد بمقتضى خطاب الضمان بمجرد إصداره ووصوله إليه. للمدين اللجوء للقضاء إذا قدر أنه غير مدين للمستفيد بما حصل عليه الأخير من البنك.
1 – مؤدى سريان خطاب الضمان خلال مدة معينة هو التزام البنك بالوفاء قيمته خلال هذه المدة بحيث لا يعتبر التاريخ الوارد فيه هو بداية استحقاق التزام البنك بل يلتزم البنك بالدفع طوال مدة الضمان حتى التاريخ المذكور في خطاب الضمان باعتباره حداً أقصى لنفاذه.
2 – إن خطاب الضمان وإن صدر تنفيذاً للعقد المبرم بين البنك والمدين المتعامل معه إلا أن علاقة البنك بالمستفيد الذي صدر خطاب الضمان لصالحه هي علاقة منفصلة عن علاقته بالعميل إذ يلتزم البنك بمقتضى خطاب الضمان وبمجرد إصداره ووصوله إلى المستفيد بوفاء المبلغ الذي يطالب به هذا الأخير باعتباره حقاً له يحكمه خطاب الضمان ما دام هو في حدود التزام البنك المبين به ويكون على المدين عميل البنك أن يبدأ هو بالشكوى إلى القضاء إذا قدر أنه غير مدين للمستفيد أو أن مديونيته لا تبرر ما حصل عليه المستفيد من البنك.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية – المطعون عليه الأول بصفته – أقام الدعوى رقم 1924 سنة 1963 تجاري كلي القاهرة بصحيفة معلنة في 13/ 11/ 1963 ضد بنك الجمهورية الذي حل محله فيما بعد بنك بور سعيد – الطاعن – وضد شركة عزمي – المطعون عليها الثانية – وطلب الحكم بإلزام البنك الطاعن في مواجهة الشركة المطعون عليها الثانية بدفع مبلغ 178238 ج و962 م والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية. وقال بياناً لدعواه إنه بتاريخ 30 إبريل سنة 1959 تم إبرام عقد قرض بينه وبين المطعون عليها الثانية فتح بمقتضاه اعتماد لصالح المطعون عليها الثانية بمبلغ 300000 ج لدى بنك الجمهورية وأودع في هذا التاريخ مبلغ 200000 ج لدى البنك لحساب هذا القرض ونص في عقد القرض على أن تسري الفوائد بواقع 1% على جميع المبلغ وقدره 300000 ج وأنه إذا ما سحبت المطعون عليها الثانية أي مبلغ ممن الاعتماد تسري الفوائد على المبلغ المسحوب بواقع 6% من تاريخ السحب حتى السداد وتعهدت المطعون عليها الثانية بدفع الفوائد في نهاية كل سنة وفي حالة تراخيها عن دفع الفوائد في موعدها تسري فوائد التأخير بواقع 7% وقد حرر بنك الجمهورية – الذي حل محله البنك الطاعن – خطاب ضمان رقم 4054 بتاريخ 21/ 3/ 1959 لصالح المطعون عليه الأول وبموجبه ضمن البنك الشركة المطعون عليها الثانية لغاية مبلغ 200000 ج ونص في خطاب الضمان على سريان مفعوله لغاية 21/ 3/ 1964 وتعهد البنك بمقتضاه بدفع مبلغ الضمان أو أي مبلغ يقل عنه للمطعون عليه الأول دون التفات لأي اعتراض من المطعون عليها الثانية كما التزام البنك بمقتضى خطاب الضمان اللاحق المؤرخ 14/ 4/ 1959 والمحرر بذات الرقم المحرر به خطاب الضمان الأول وعن ذات المبلغ بضمان فائدة القرض بواقع 6% على رصيد المبلغ الذي لا يسدد سواء أكان ذلك من جانبه أو من جانب المطعون عليها الثانية وذلك من قيمة خطاب الضمان السالف البيان على أن تسدد الفائدة سنوياً من تاريخ إيداع قيمة القرض، واستطرد المطعون عليه الأول يقول أنه وقد بلغت جملة المبالغ التي قامت الشركة المطعون عليها الثانية بسحبها من الاعتماد المفتوح لصالحها لدى البنك الطاعن والفوائد محسوبة على النحو المتقدم بيانه مبلغ 178238 ج و962 م، وكانت قيمة خطاب الضمان تستحق بمجرد طلبها، ولم يقم البنك بسداد المبلغ المشار إليه رغم مطالبته به في 16/ 6/ 1963، فقد أقام دعواه بالطلبات سالفة البيان. وبتاريخ 20/ 5/ 1964 قضت المحكمة بإلزام الطاعن – الذي كان قد حل محل بنك الجمهورية – بأن يدفع للمطعون عليه الأول مبلغ 178238 ج و962 م والفوائد بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 13/ 11/ 1963 حتى السداد وذلك في مواجهة الشركة المطعون عليها الثانية. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 438 سنة 81 ق، وبتاريخ 2 مارس سنة 1965 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. قرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت  النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وبالجلسة المحددة لنظره التزمت رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجهين الأول والثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه دفع أمام محكمة الموضوع بعدم قبول الدعوى استناداً إلى أن خطاب الضمان الصادر منه لصالح المطعون عليه الأول يختلف عن خطابات الضمان العادية التي تصدرها البنوك إذ ورد فيه أن تعهد البنك بدفع قيمته يكون بتاريخ 20/ 3/ 1964 وقد أقام المطعون عليه الأول دعواه بتاريخ 13/ 11/ 1963 قبل ميعاد الاستحقاق المشار إليه، إلا أن الحكم المطعون فيه خرج عن عبارة هذا المحرر وقضى بجواز المطالبة بقيمة خطاب الضمان منذ صدوره ورتب على ذلك القضاء برفض الدفع والحكم للمطعون عليه الأول بالفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية مع أن الفوائد لا تستحق إلا من تاريخ استحقاق قيمة خطاب الضمان في 20 مارس سنة 1964 مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى استناداً إلى أن خطاب الضمان الصادر من بنك الجمهورية لصالح المطعون عليه الأول في حدود مبلغ 200000 ج يسري مفعوله لغاية 20/ 3/ 1964 وأضاف الحكم قوله "إن خطاب الضمان هو ضمان من البنك بناء على طلب عميليه إلى دائن لهذا العميل يضمن فيه تنفيذ العميل لالتزاماته وهو يحل محل النقود تماماً، ومقتضاه التزام البنك بالدفع فوراً للمستفيد إذا طولب خلال المدة المعينة في الخطاب بالوفاء ولا يعتبر التاريخ المذكور في الخطاب بداية لاستحقاق التزام البنك بل إن هذا الالتزام ينشأ مستحقاً في أي وقت إلى هذا التاريخ ويعتبر الموعد المذكور حداً أقصى لنفاذ التزام البنك بحيث يسقط حتماً بحلوله وبلا حاجة إلى إخطار منه للمستفيد ومن ثم فإن ما يدعيه البنك من أن ميعاد استحقاق الضمان محدد في 20/ 3/ 1964 لا يتفق والتعريف السليم لخطابات الضمان إذ أن الأجل هو نهاية الضمان وليس بدايته". وأضاف الحكم المطعون فيه قوله "إن الدفع من المستأنف (الطاعن) بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان مردود بما هو مقرر من أن خطابات الضمان هي أوراق مصرفية ذات طابع خاص تصرف قيمتها لمن حررت لمصلحته عند أول طلب وليس بمستفاد من عبارة خطاب الضمان موضوع هذه الدعوى ما يخرجه عن نطاق القاعدة السالفة الذكر بل هي تفيد أن ذلك الخطاب مستحق الدفع بمجرد صدوره من بنك الجمهورية بتاريخ 21 مارس سنة 1959 لغاية نهاية الأجل المحدد له، أي أن التزام البنك بالوفاء قد نشأ منذ تحريره إلى تاريخ انتهاء أجله". وإذ ورد في خطاب الضمان أساس الدعوى المؤرخ 21 مارس سنة 1959 الصادر من بنك الجمهورية – الذي حل الطاعن محل فيما بعد – أنه يسري مفعوله لغاية 20 مارس سنة 1964، وكان مؤدى سريان خطاب الضمان خلال مدة معينة هو التزام البنك بوفاء قيمته خلال هذه المدة بحيث لا يعتبر التاريخ الوارد فيه بداية استحقاق التزام البنك بل يلتزم البنك بالدفع طوال مدة الضمان حتى ها التاريخ المذكور في خطاب الضمان باعتباره حداً أقصى لنفاذه، لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع سلطة تفسير صيغ العقود والشروط المختلف عليها بما تراه أوفى بمقصود المتعاقدين وفي استخلاص ما يمكن استخلاصه منها ما دامت تلك الصيغ والشروط تحتمل المعنى الذي حصلته، وإذ فسر الحكم المطعون فيه خطاب الضمان أساس الدعوى بأن ضمان البنك بموجبه يبدأ من تاريخ صدوره أخذاً بما ورد في عبارته من سريان مفعوله حتى 20/ 3/ 1964 وبما تنم عنه طبيعة خطابات الضمان وقواعد التعامل فيها على النحو السالف بيانه، وكان الحكم قد رتب على ذلك قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبإلزام الطاعن بالفوائد من تاريخ المطالبة القضائية، فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الرابع من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن المطعون عليه الأول يستحق قبله فوائد قدرها 1% على المبالغ التي لا تقوم الشركة المطعون عليها الثانية بسحبها من الحساب الجاري الذي قام المطعون عليه الأول بفتح الاعتماد لصالحها وتقدر هذه الفوائد بمبلغ 12820 ج و716 م واستند في ذلك إلى أن خطابي الضمان وردا عن رصيد القرض وفوائد المبالغ المحسوبة من المطعون عليها الثانية بواقع 6% وأن اتفاق المطعون عليه الأول مع المطعون عليها الثانية على استحقاق فوائد على المبالغ التي لا تسحب من اعتماد الحساب الجاري لا يلتزم به البنك ولا يؤثر على خطاب الضمان، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى على الطاعن بهذه الفوائد ضمن المبلغ الذي حكم به ضده مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن خطاب الضمان وإن صدر تنفيذاً للعقد المبرم بين البنك والمدين المتعامل معه إلا أن علاقة البنك بالمستفيد الذي صدر خطاب الضمان لصالحه هي علاقة منفصلة عن علاقته بالعميل إذ يلتزم البنك بمقتضى خطاب الضمان وبمجرد إصداره ووصوله إلى المستفيد بوفاء المبلغ الذي يطالب به هذا الأخير باعتباره حقاً له يحكمه خطاب الضمان ما دام هو في حدود التزام البنك المبين به ويكون على المدين عميل البنك أن يبدأ هو بالشكوى إلى القضاء إذا قدر أنه غير مدين للمستفيد أو أن مديونيته لا تبرر ما حصل عليه المستفيد من البنك. وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المبلغ الوارد في خطاب الضمان هو 200000 ج باعتبار أنه يمثل ما يضمنه البنك من قيمة القرض الممنوح من المطعون عليه الأول للشركة المطعون عليها الثانية، وكان المطعون عليه الأول قد طالب الطاعن في حدود هذا المبلغ ولم يتجاوز حقه الذي يحكمه خطاب الضمان، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى على الطاعن في حدود المبلغ الوارد في خطاب الضمان لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن ضمن باقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون عليه الأول بصفته حدد قيمة دينه قبل البنك بمبلغ 119865 ج و549 م وذلك طبقاً للخطاب المرسل منه للطاعن في 16/ 3/ 1964 والذي قدمه الطاعن إلى محكمة الاستئناف. كما تمسك أيضاً في صحيفة الاستئناف بأنه أوفى المطعون عليه الأول بعد صدور الحكم الابتدائي مبلغ 107044 ج و833 م وأن الحاضر على هذا الأخير أقر أمام محكمة الاستئناف بأن المبلغ الباقي له هو 12820 ج و716 م إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع وقضى بتأييد الحكم الابتدائي مما يعيبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه يبين من الأوراق أن الطاعن قدم إلى محكمة الاستئناف الخطاب المؤرخ 16/ 3/ 1964 الصادر إليه من المطعون عليه الأول والمتضمن أن الدين المستحق له بمقتضى خطاب الضمان هو مبلغ 119865 ج و549 م وتمسك الطاعن بما ورد في هذا الخطاب كما تمسك في صحيفة الاستئناف وعند نظره بأنه أوفى المطعون عليه الأول مبلغ 107044 ج و833 م بعد صدور الحكم الابتدائي وقرر الحاضر عن المطعون عليه الأول بمحضر جلسة 26 أكتوبر سنة 1964 أن الدين المستحق له هو مبلغ 12820 ج و716 م، وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه إلى هذا الدفاع ولا إلى الإقرار السالف البيان مع ما لكل منهما من أثر في الدعوى وقضى بتأييد الحكم الابتدائي الذي ألزم الطاعن بمبلغ 178238 ج و296 م فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات