الطعن رقم 7 لسنة 35 ق – جلسة 20 /03 /1969
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الأول – السنة 20 – صـ 444
جلسة 20 من مارس سنة 1969
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وعثمان زكريا، وسليم راشد أبو زيد، وعلي عبد الرحمن.
الطعن رقم 7 لسنة 35 القضائية
( أ ) تركة. "تصفية التركة". وارث. "حق الدائن في التركة".
يمتنع على الدائنين العاديين من وقت قيد الأمر الصادر بتعيين المصفي اتخاذ أي إجراءات
فردية على أعيان التركة حتى تتم التصفية.
(ب) تركة. "تصفية التركة". "المنازعة في صحة الجرد".
وجوب رفع المنازعة في صحة الجرد في ميعاد ثلاثين يوماً من تاريخ إخطار المنازع بإيداع
القائمة. شرطه. قيام المصفي بإخطار المنازع بإيداع القائمة محل المنازعة. عدم الإخطار.
أثره. عدم التقيد بهذا الميعاد وله أن يرفع منازعته في أي وقت إلى ما قبل تمام التصفية.
المادة 897 مدني.
1 – استحدث المشرع في القانون المدني القائم نظاماً لتصفية التركة يكفل حماية مصلحة
الورثة ومن يتعامل معهم كما يكفل مصلحة دائني التركة، فإذا ما تقررت التصفية فإنها
تكون جماعية فترتفع بذلك يد الدائنين والورثة عن التركة ويمتنع على الدائنين العاديين
من وقت قيد الأمر الصادر بتعيين المصفي اتخاذ أي إجراءات فردية على أعيان التركة حتى
تتم التصفية، وبهذا تتحقق المساواة الفعلية بينهم كما هو الحال في الإفلاس التجاري
وتنتقل أموال التركة إلى الورثة خالية من الديون فيتحقق المبدأ القاضي بألا تركة إلا
بعد سداد الديون على وجه عملي.
2 – إنه وإن كان القانون قد أوجب رفع المنازعة في صحة الجرد في ميعاد ثلاثين يوماً،
إلا أنه جعل انفتاح هذا الميعاد رهناً بقيام المصفي بإخطار المنازع بإيداع القائمة
محل المنازعة، أما ذوو الشأن الذين لم يخطروا بإيداع القائمة فلا يتقيدون بداهة بهذا
الميعاد لتوقف الالتزام به على حصول الإخطار بإيداع القائمة، ومن ثم فإن لهؤلاء أن
يرفعوا منازعتهم في صحة المجرد إلى المحكمة في أي وقت إلى ما قبل تمام التصفية، ونص
المادة 897 من القانون المدني من العموم بحيث يشمل جميع الدائنين العاديين الذين لم
ينازعوا في قائمة الجرد قبل تمام التصفية ولا يدع مجالاً لاستثناء من لم يخطر منهم
بإيداع تلك القائمة، هذا إلى أن استثناء هؤلاء يترتب عليه إهدار الصفة الجماعية للتصفية
وتفويت ما هدفه المشرع منها من تحقيق المساواة بين الدائنين العاديين وتأمين الغير
الذي يتعامل مع الورثة في أموال التركة بعد تمام التصفية من ظهور دائن للتركة ينازعه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المرحوم
متواضع يعقوب كان يستأجر مساحات واسعة من أراضي الأمير السابق يوسف كمال الزراعية ولما
تم الاستيلاء عليها تنفيذاً للقانون القاضي بمصادرة أموال الأسرة المالكة السابقة تقدم
في سنة 1954 – قبل وفاته – إلى اللجنة القانونية للأموال المستردة بخمسة طلبات ضد إدارة
التصفية والسيد/ يوسف كمال وأقامت إدارة التصفية ضده طلباً فرعياً بإلزامه بأداء مبلغ
7089 ج و911 م قيمة باقي أجرة الأطيان المستحقة عليه، وبعد أن أصدرت هذه اللجنة قراراتها
في 14 سبتمبر سنة 1955، أيدت اللجنة العليا للأموال المستردة في 5 فبراير سنة 1956
قرار اللجنة فيما يختص بالطلب الفرعي وحده دون باقي الطلبات وفي 12 من سبتمبر و3 من
أكتوبر سنة 1962 أعلنت إدارة الأموال المستردة ورثة مدينها – بعد وفاته – بتنبيه بدفع
المبلغ سالف الذكر، ثم أوقعت في 5 و6 من نوفمبر سنة 1962 حجزين إداريين على الأطيان
المخلفة عنه وفاء لهذا المبلغ، فأقام الطاعن بصفته مصفياً لتركة والده الدعوى 202 سنة
1963 مدني كلي قنا على المطعون ضدهم بطلب إلغاء هذين الحجزين الإداريين الموقعين على
أطيان التركة قائلاً أنه وقد عين من محكمة قنا الابتدائية في 13 مايو سنة 1954 مصفياً
للتركة فإنه لا يجوز لدائنيها اتخاذ الإجراءات تنفيذ انفرادية عليها. وفي 28 من يناير
سنة 1964 قضت محكمة قنا الابتدائية بإلغاء الحجزين العقاريين الإداريين الموقعين في
5 و6 من نوفمبر سنة 1962 فاستأنف المطعون ضدهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف
رقم 29 سنة 39 قضائية. وقضت محكمة الاستئناف في 24 من ديسمبر سنة 1964 بإلغاء الحكم
المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن بطريق النقض في هذا الحكم وقدمت النيابة مذكرة أبدت
فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على هذا
الرأي.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله،
وفي بيان ذلك يقول إن هذا الحكم أقام قضاءه برفض دعواه على أن للدائنين الذين لم تدرج
ديونهم في قائمة الجرد ولم يخطروا بها في الميعاد المحدد في المادة 887 من القانون
المدني اتخاذ إجراءات التنفيذ على أموال التركة وأنه إذ كان المصفي الطاعن قد أغفل
إدراج دين إدارة الأموال المستردة التي يمثلها المطعون ضدهم وإخطار ممثليها في الميعاد
الذي حدده القانون بإيداع القائمة ليتمكن من المنازعة في صحة الجرد، فإن ما اتخذته
تلك الإدارة من إجراءات لتكفل المحافظة على دينها في مواجهة المصفي بعد أن انتهت مرحلة
تحقيق المنازعات في قائمة الجرد التي لم تخطر بإيداعها، يكون صحيحاً لأنه لا تركة إلا
بعد سداد الديون، ويرى الطاعن أن هذا النظر الذي أقيم عليه الحكم المطعون فيه خطأ في
القانون، ذلك أن المادة 890 من القانون المدني نصت صراحة على حق كل دائن أغفل إدراج
دينه في قائمة الجرد في أن يلجأ إلى المحكمة في خلال الثلاثين يوماً التالية للإخطار
بإيداع هذه القائمة، ونظمت هذه المادة طريق التظلم في الأمر الذي تصدره المحكمة كما
نصت على أنه إذا لم يكن النزاع سبق رفعه إلى القضاء عينت المحكمة أجلاً يرفع فيه ذو
الشأن دعواه أمام المحكمة المختصة، والأحكام التي تضمنتها هذه المادة واجبة الاتباع
في جميع الأحوال التي يكون فيها ثمت نزاع في صحة الجرد وبخاصة إذا كان متعلقاً بإغفال
حقوق للتركة أو عليها وتصدير المادة بعبارة "كل منازعة في صحة الجرد" لا يدع مجالاً
للاستثناء في حالة ما إذا كانت بعض الديون قد أغفل إدراجها في قائمة الجرد أو أغفل
إخطار لدائن بإيداع هذه القائمة سواء لعدم علم المصفي بالدين أو لعدم ثبوته قبل إيداع
القائمة أو لأي سبب آخر. إذ أن العبارة المذكورة من الشمول والعموم بحيث تشمل كل منازعة
في صحة الجرد وبخاصة حالة إغفال دين على التركة كما هو الحال في الدعوى الحالية، ولا
مقنع فيما قرره الحكم من أنه ما دام المصفي لم يخطر إدارة الأموال المستردة بإيداع
قائمة الجرد فإن من حقها أن تتخذ أية إجراءات تراها كفيلة بالمحافظة على حقوقها، ذلك
أن سبب عدم إدراج هذا الدين هو أن المصفي لم يعلم به حتى وقت إيداع القائمة ولهذا لم
يخطر الدائن بهذا الإيداع ولا يسوغ أن يكون عدم الإخطار في مثل هذه الحالة سبباً في
إهدار الصفة الجماعية للتصفية وإباحة اتخاذ إجراءات فردية بدين غير ممتاز واستئثار
صاحب هذا الدين بكل أو معظم التركة المستغرقة في الديون وإهدار حقوق باقي الدائنين
وهو ما هدف المشرع إلى تلافيه بإجراءات التصفية التي رسمها، وقد افترض المشرع أن المصفي
قد لا يعلم بالديون كلها أو بعضها وبذلك أوجب عليه في المادة 886 أن يوجه تكليفاً علنياً
لدائني التركة ومدينيها يدعوهم فيه لتقديم بيان بما لهم وما عليهم من ديون كما أن المشرع
وإن كان قد حدد في المادة 890 من القانون المدني لرفع المنازعة في قائمة الجرد ميعاد
ثلاثين يوماً إلا أنه جعل بداية هذا الميعاد من تاريخ الإخطار بإيداع القائمة وبذلك
ترك الباب مفتوح أمام الدائن الذي لم يخطر بهذا الإيداع لرفع منازعته للمحكمة دون التقيد
بالميعاد المذكور، لأنه لا يسري بداهة إلا في حق من أخطر بإيداع القائمة كما عالج المشرع
حالة الدائن الذي لم يدرج دينه في قائمة الجرد ولم يتمكن من المنازعة فيها لعدم علمه
بها فأجاز له في المادة 897 الرجوع على الورثة بسبب إثرائهم. وإذ كان ذلك وكان السبب
في عدم إدراج دين الأموال المصادرة في قائمة الجرد هي أن الدين لم ينشأ إلا بقرار اللجنة
القانونية للأموال المستردة الصادر في 14 سبتمبر سنة 1954 بعد أن كانت قائمة الجرد
قد أودعت في 27 سبتمبر سنة 1954، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بأحقية هذا الدائنة
في اتخاذ إجراءات تنفيذ فردية على أعيان التركة وعلى هذا الأساس رفض الدعوى الطاعن
بطلب إلغاء الحجزين الموقعين فيها على تلك الأعيان، يكون مخالفاً للقانون ومخطئاً في
تطبيقه وتأويله.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن المشرع استحدث في القانون المدني القائم نظاماً لتصفية
التركة يكفل حماية مصلحة الورثة ومن يتعامل معهم، كما يكفل مصلحة دائني التركة فإذا
ما تقررت التصفية فإنها تكون جماعية فترتفع بذلك يد الدائنين والورثة عن التركة ويمتنع
على الدائنين العاديين ومن وقت قيد الأمر الصادر بتعيين المصفي اتخاذ أي إجراءات فردية
على أعيان التركة حتى تتم التصفية، وبهذا تتحقق المساواة الفعلية بينهم كما هو الحال
في الإفلاس التجاري وتنتقل أموال التركة إلى الورثة خالية من الديون فيتحقق المبدأ
القاضي بألا تركة إلا بعد سداد الديون على وجه عملي، وفي سبيل حماية حقوق دائني التركة
أوجب المشرع في المادة 886 على المصفي أن يوجه إليهم وإلى مديني التركة تكليفاً علنياً
يدعوهم فيه إلى تقديم بيان بما لهم من حقوق وما عليهم من ديون وذلك خلال ثلاثة أشهر
من التاريخ الذي ينشر فيه التكليف آخر مرة وأوجب لصق هذا التكليف في مقار الجهات الإدارية
التي عينها – وهي التي يقع في دائرتها أعيان التركة وآخر موطن للمورث – ونشر التكليف
في صحيفة من الصحف اليومية الواسعة الانتشار، ثم ألزم المصفي في المادة 887 بأن يودع
بعد ذلك قلم كتاب المحكمة، خلال أربعة أشهر من يوم تعيينه، قائمة تبين ما للتركة وما
عليها وأن يثبت فيها ما تكشف عنه أوراق المورث وما هو ثابت في السجلات العامة من حقوق
وديون وما يصل إلى علمه عنها من أي طريق كان وأوجب على المصفي أن يخطر كل ذي شأن بإيداع
القائمة ونص في المادة 890 على أن كل منازعة في صحة الجرد، وبخاصة ما كان متعلقاً بإغفال
أعيان أو حقوق للتركة أو عليها أو بإثباتها، ترفع بعريضة للمحكمة بناء على طلب كل ذي
شأن خلال الثلاثين يوماً التالية للإخطار بإيداع قائمة الجرد، وتحقق المحكمة ما يرفع
إليها من منازعات وتصدر أمراً بقبول ما تراه جدياً منها، وأجاز المشرع التظلم من هذا
الأمر وفقاً لقانون المرافعات، وإن كان النزاع لم يسبق رفعه إلى القضاء عينت المحكمة
أجلاً يرفع فيه ذو الشأن دعواه أمام المحكمة المختصة. ومن هذا يبين أن القانون وإن
أوجب رفع المنازعة في صحة الجرد في ميعاد ثلاثين يوماً، إلا أنه جعل انفتاح هذا الميعاد
رهناً بقيام المصفي بإخطار المنازع بإيداع القائمة محل المنازعة، أما ذوو الشأن الذين
لم يخطروا بإيداع القائمة فلا يتقيدون بداهة بهذا الميعاد لتوقف الالتزام به على حصول
الإخطار بإيداع القائمة، فإذا لم يتم هذا الإخطار انتفى تبعاً الالتزام بالميعاد، ومن
ثم فإن لهؤلاء أن يرفعوا منازعتهم في صحة الجرد إلى المحكمة في أي وقت إلى ما قبل تمام
التصفية أما إذا تمت تسوية الديون على النحو الذي نظمه القانون فإن الدائنين الذين
لم تسو حقوقهم لعدم ظهورها في قائمة الجرد ولم تكن لهم تأمينات على أموال التركة، لا
يكون لهم إلا الرجوع على الورثة بسبب إثرائهم ولا يجوز لهم أن يرجعوا على من كسب بحسن
نية حقاً عينياً على تلك الأموال، وهو ما نصت عليه المادة 897 من القانون المدني ونص
هذه المادة من العموم بحيث يشمل جميع الدائنين العاديين الذين لم ينازعوا في قائمة
الجرد قبل تمام التصفية، ولا يدع مجالاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من استثناء
من لم يخطر منهم بإيداع تلك القائمة، هذا إلى أن استثناء هؤلاء يترتب عليه إهدار الصفة
الجماعية للتصفية وتفويت ما هدفه المشرع منها من تحقيق المساواة بين الدائنين العاديين
وتأمين الغير الذي يتعامل مع الورثة في أموال التركة بعد تمام التصفية، ومن ظهور دائن
للتركة ينازعه، لما كان ذلك وكان الثابت أن الطاعن عين مصفياً في 13 مايو سنة 1954
بالقرار رقم 1 لسنة 1954 تركات الصادر من محكمة قنا الابتدائية، وكان المطعون ضدهم
وهم من الدائنين العاديين قد نبهوا على ورثة المتوفى في 12 سبتمبر، 3 من أكتوبر سنة
1962 بالوفاء بدينهم ثم أوقعوا لصالحهم وحدهم في مواجهة الورثة حجزتن إداريين في 5،
6 من نوفمبر سنة 1962 على أطيان للمورث فإن هذين الحجزين يكونان باطلين لمخالفتهما
للقانون، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون مخطئاً في القانون بما يستوجب
نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه.
وحيث إنه لما سلف بيانه يكون الحكم الابتدائي الذي قضى بإلغاء ذينك الحجزين مصيباً
ويتعين لذلك تأييده.
