الطعن رقم 168 لسنة 34 ق – جلسة 20 /03 /1969
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الأول – السنة 20 – صـ 438
جلسة 20 من مارس سنة 1969
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حافظ هريدي، وعثمان زكريا، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.
الطعن رقم 168 لسنة 34 القضائية
( أ ) حراسة. "حراسة إدارية". "تصرف الخاضع للحراسة بعد فرضها".
بطلان. بيع.
تصرف الخاضع للحراسة في أمواله المفروضة عليها بالبيع بعد فرض الحراسة محظور قانوناً
على البائع والمشتري كليهما. عدم جواز استرداد المشتري للثمن من أموال البائع المفروضة
عليها الحراسة بعد الحكم ببطلان عقد البيع. الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1956.
(ب) حراسة." حراسة إدارية". "حق الدائن في الرجوع على الخاضع للحراسة".
للمشتري الرجوع على الخاضع للحراسة بثمن ما باعه له في غير أمواله التي كانت مفروضة
عليها الحراسة وآلت إلى الدولة بعد رفعها.
1 – مقتضى أحكام الأمر رقم 138 لسنة 1961 الذي أحال إلى الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1956
أن التصرف بالبيع الذي يبرمه الخاضعون للحراسة في أموالهم بتاريخ لاحق على فرض الحراسة
هو أمر محظور قانوناً سواء على البائع أو المشتري، بل إنه يعتبر جريمة من كليهما، وإذا
كان وفاء المشتري بالثمن قد تم تنفيذاً العقد البيع فإن هذا الوفاء يكون قد تم بالمخالفة
للقانون ولا يجوز له استرداد الثمن من أموال البائعين المفروضة عليها الحراسة بعد تقرير
الحارس العام عدم الاعتداد بالعقد بالتطبيق لأحكام الأمر المشار إليه وبعد الحكم ببطلان
ذلك العقد، ذلك لأن القضاء بإلزام الحارس برد الثمن من أموال البائعين المفروضة عليها
الحراسة يعتبر تنفيذاً لالتزام على البائع نشأ في تاريخ لاحق لفرض الحراسة وهو ما تنهي
عنه صراحة المادة السادسة من الأمر رقم 4 لسنة 1956 وتحرمه المادة 23، كما أنه يؤدي
إلى إهدار الأساس الذي تقوم عليه فكرة الحراسة وتفويت الغرض منها. ولا محل للاستناد
إلى المادة 142 من القانون المدني في إلزام الحارس برد الثمن من أموال البائع المفروضة
عليها الحراسة لوجود نصوص خاصة في الأمر رقم 4 لسنة 1956 تمنع من رد الثمن من تلك الأموال
وهي نصوص آمرة ومتعلقة بالنظام العام.
2 – رفع الحراسة الإدارية لا يؤثر في خطأ الحكم بإلزام الحارس بأداء الثمن للمشتري
من أموال البائعين التي تحت يد الحارس والتي فرضت عليها الحارسة لأن هذه الأموال قد
آلت إلى الدولة بمقتضى القانون رقم 150 لسنة 1964 ولم تؤل إلى البائعين وإنما قرر لهم
هذا القانون الحق في الحصول على تعويض يؤدى لهم بسندات على الدولة على ألا تزيد قيمة
ما يصرف لهم من سندات على ثلاثين ألف جنيه، وغني عن البيان أن هذا لا يمنع المشتري
من الرجوع بعد ذلك على البائعين بالثمن الذي دفعه لهم في غير أموالهم التي كانت في
الحراسة وآلت إلى الدولة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون
ضده أقام على الطاعن بصفته الحارس العام على أموال الخاضعين للأمر رقم 138 لسنة 1961
والممثل القانوني لمحمد رضوان المرسي السودة وأولاده رضوان، وآمال، وعلوية الدعوى رقم
6500 لسنة 1962 مدني كلي القاهرة وانتهى فيها إلى طلب الحكم أصلياً بصحة ونفاذ عقد
البيع المؤرخ 31/ 10/ 1961 بالنسبة لمساحة قدرها 2 ف و22 ط و12 س المبينة بصحيفة الدعوى
واحتياطياً بفسخ هذا العقد وإلزام الحارس العام (الطاعن) بأن يدفع له من أموال البائعين
الموضوعة تحت الحراسة ما قبضوه من ثمن قدره 1265 ج و110 م ومبلغ 100 ج على سبيل التعويض،
وقال شرحاً للدعوى إنه بموجب العقد الابتدائي المشار إليه اشترى من محمد رضوان السودة
وأولاده أرضاً زراعية مساحتها 3 ف و7 ط الموضحة بالعقد نظير ثمن مقبوض قدره 1265 ج
و110 م وبعد أن تسلم الأرض ووضع يده عليها علم بفرض الحراسة على أموال البائعين بما
فيها القد المبيع، وإذ رفض الحارس العام الاعتداد بهذا العقد فقد اضطر إلى رفع هذه
الدعوى بالطلبات سالفة البيان. دفع الطاعن بصفته بطلان البيع لصدوره بعد فرض الحراسة
على البائعين بمقتضى الأمر رقم 140 لسنة 1961 اعتباراً من 25/ 10/ 1961 تاريخ العمل
بهذا الأمر وطلب لذلك رفض الدعوى. وفي 16 مايو سنة 1963 حكمت المحكمة ببطلان العقد
وبإلزام الطاعن بصفته بأن يدفع للمدعي (المطعون ضده) من مال المدعى عليهم البائعين
الذي تحت يده مبلغ 1265 ج و110 م، مستندة في ذلك إلى المادة 142/ 1 من القانون المدني
التي تنص على أنه في حالتي إبطال العقد وبطلانه يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا
عليها قبل العقد. فاستأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم 1552 سنة 80 ق القاهرة
طالباً إلغاءه والقضاء بعدم سماع الدعوى أو رفضها. كما استأنفه المطعون ضده بالاستئناف
رقم 1559 سنة 80 ق القاهرة طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع. وفي 19 يناير سنة 1964
حكمت محكمة استئناف القاهرة برفض الاستئنافين وبتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في
هذا الحكم بطريق النقض بتقرير تاريخه 14 مارس سنة 1963، وقدمت النيابة العامة مذكرة
رأت فيها نقض الحكم وبالجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون،
ذلك لأنه مع تسليمه بأن البيع تم بعد فرض الحراسة على البائعين فقد ألزم الحارس الطاعن
برد الثمن للمشتري من أموالهم الموضوعة تحت الحراسة، استناداً إلى ما قاله من أن الأمر
العسكري رقم 4 لسنة 1956 قرر بطلان التصرف دون أن يتعرض لآثار هذا البطلان تاركاً أمر
ذلك للقانون العام، وأنه لذلك يتعين تطبيق المادة 142 من القانون المدني التي تقضي
بأنه في حالتي إبطال العقد وبطلانه يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل
العقد، ومن ثم فقد وجب رد الثمن المدفوع، وأن نص المادة 6 من الأمر العسكري سالف الذكر
لا ينظم هذه الحالة ولا يمنع من رد الثمن المدفوع، وهذا من الحكم المطعون فيه خطأ في
القانون ذلك أن الجزاء الذي رتبه الشارع على مخالفة نواهيه الواردة في الأمر العسكري
رقم 4 لسنة 1956 الذي أحال إليه الأمر 140 لسنة 1961 في شأن الخاضعين له ليس مقصوراً
على بطلان التصرف المخالف، وإنما نص المشرع كذلك على عدم نفاذ التصرف المخالف في حق
الحراسة وهو ما يستفاد من نص المادتين 5، 6 من الأمر رقم 4 لسنة 1956، ومؤدى ذلك أنه
لا يجوز للمشتري الذي أدى الثمن للبائع بعد فرض الحراسة عليه أن يطالب الحارس برد هذا
الثمن لأن وفاء المشتري بالثمن هو بذاته أمر مخالف للقانون، فلا يجوز له أن يسترده
من أموال البائع التي فرضت عليها الحراسة بل إنه يتحمل وزر هذه المخالفة، كما أن قيام
الحارس برد الثمن من تلك الأموال يعتبر تنفيذاً لالتزام مالي قام سببه بعد فرض الحراسة
وهذا التنفيذ محظور بنص المادة 6 من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1956، والأخذ بوجهة نظر
الحكم المطعون فيه يؤدي إلى انهيار الأساس الذي تقوم عليه فكرة الحراسة إذ يستطيع أي
خاضع للحراسة الإفلات من أحكامها بأن يبيع ماله المحظور عليه التصرف فيه ويستوفي ثمنه
في غفلة من الحارس فإذا حالت الحراسة دون نفاذ هذا التصرف رجع عليها المشتري بالثمن.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه مع تسليمه بأن البيع ثم بعد فرض
الحراسة على البائعين بمقتضى الأمر رقم 140 لسنة 1961 فقد قضى بإلزام الحارس العام
على أموال الخاضعين لهذا الأمر (الطاعن) برد الثمن للمشتري (المطعون ضده) من أموال
البائعين الموضوعة تحت الحراسة تأسيساً على قوله (إن المشرع قرر البطلان فقط في الأمر
العسكري رقم 4 لسنة 1956 ولم يتعرض لآثار هذا البطلان تاركاً أمر ذلك للقانون العام
وتقضي المادة 142 من القانون المدني بأنه "في حالتي إبطال العقد وبطلانه يعاد المتعاقدان
إلى الحالة التي كان عليها قبل العقد" ومن ثم وجب رد الثمن المدفوع إذ أنه عند سكوت
القانون الخاص عن تنظيم آثار هذا البطلان يتعين الرجوع إلى القانون العام ونص المادة
6 من الأمر العسكري سالف الذكر لا تنظم هذه الحالة ولا تفيد عدم رد الثمن المدفوع وكذلك
نص المادة 20 منه) وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضاءه في هذا الخصوص
خطأ في القانون، ذلك بأن الأمر رقم 140 لسنة 1960 الذي فرض الحراسة على أموال وممتلكات
البائعين الذي عمل به من 25 أكتوبر سنة 1961، نص على أن تسري في شأن الخاضعين له أحكام
الأمر رقم 138 لسنة 1961، وهذا الأمر الأخير أحال بدوره إلى الأمر العسكري رقم 4 لسنة
1956 وقد حظرت المادة الخامسة من هذا الأمر إبرام عقود أو تصرفات أو عمليات تجارية
أو مالية من أي نوع مع أحد الأشخاص الخاضعين لأحكامه، كما حظرت المادة السادسة تنفيذ
أي التزام مالي أو غير مالي ناشئ عن عقد أو تصرف أو عملية تتم لمصلحة أحد هؤلاء الأشخاص
في تاريخ سابق أو لاحق لفرض الحراسة، ونصت المادة الثامنة على أن يعتبر باطلاً بحكم
القانون كل عقد أو تصرف أو عملية تم أو جاء مخالفاً لأحكام هذا الأمر ما لم يرخص فيه
وزير المالية والاقتصاد أو المدير العام، ونصت المادة 20 على أن تسري أحكام هذا الأمر
على كل شخص ليس من الأشخاص الخاضعين له وإنما يباشر معاملات مع أحدهم وفي خصوص هذه
المعاملات، ثم نصت المادة 23 على عقاب كل من خالف أو شرع في مخالفة أحكام الأمر المذكور.
ومقتضى ذلك أن إبرام عقد البيع موضوع الدعوى – والذي يحمل تاريخاً لاحقاً لتاريخ فرض
الحراسة – مع البائعين هو أمر محظور قانوناً سواء على البائعين أو المشتري (المطعون
ضده) بل إنه يعتبر جريمة من كليهما، وإذ كان وفاء المشتري بالثمن قد تم تنفيذاً لهذا
العقد فإن هذا الوفاء يكون قد تم بالمخالفة للقانون ولا يجوز له استرداد الثمن من أموال
البائعين المفروض عليها الحراسة بعد تقرير الحارس العام عدم الاعتداد بالعقد بالتطبيق
لأحكام الأمر المشار إليه وبعد الحكم ببطلان ذلك العقد ذلك لأن القضاء بإلزام الحارس
برد الثمن من أموال البائعين المفروض عليها الحراسة يعتبر تنفيذاً لالتزام على البائع
ناشئ عن عقد تم في تاريخ لاحق لفرض الحراسة وهو ما تنهي عنه صراحة المادة السادسة من
الأمر رقم 4 لسنة 1956 وتحرمه المادة 23، والأخذ بوجهة نظر الحكم المطعون فيه يؤدي
إلى إهدار الأساس الذي تقوم عليه فكرة الحراسة وتفويت الغرض منها إذ يستطيع الخاضع
للحراسة أن يحصل على ما شاء من أمواله المفروض عليها الحراسة عن طريق التواطؤ مع آخرين
على أن يبيع لهم أملاكه ما دام هؤلاء المشترون لن يغرموا شيئاً لأنهم يستطيعون أن يرجعوا
على الحارس بما دفعوه للبائع الخاضع للحراسة. ولا محل لاستناد الحكم المطعون فيه إلى
المادة 142 من القانون المدني في إلزام الحارس برد الثمن من أموال البائع المفروض عليها
الحراسة لوجود نصوص خاصة في الأمر رقم 4 لسنة 1956 تمنع من رد الثمن من تلك الأموال
– على ما سلف بيانه – وهي نصوص آمرة ومتعلقة بالنظام العام. لما كان ما تقدم فإن الحكم
المطعون فيه إذ قضى بإلزام الحارس (الطاعن) برد الثمن للمطعون ضده مما لديه من أموال
البائعين المفروض عليها الحراسة يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه ولا يغير من
ذلك ما قرره أمام هذه المحكمة الحاضر عن الممثل للأموال التي آلت إلى الدولة بموجب
القانون رقم 150 لسنة 1964 – الذي حل في الطعن محل الحارس العام بعد صدور هذا القانون
– ما قرره من رفع الحراسة على البائعين تنفيذاً لهذا القانون ذلك بأن رفع الحراسة عنهم
لا يؤثر في خطأ الحكم المطعون فيه لأنه قضى بإلزام الحارس بأداء الثمن للمشتري المطعون
ضده من أموال البائعين التي تحت يد الحارس والتي فرضت عليها الحراسة وهذه الأموال قد
آلت إلى الدولة بمقتضى القانون رقم 150 لسنة 1964 ولم تؤل إلى البائعين، وإنما قرر
لهم هذا القانون الحق في الحصول على تعويض يؤدى لهم بسندات على الدولة على ألا تزيد
قيمة ما يصرف لهم من سندات على ثلاثين ألف جنيه. وغني عن البيان أن القضاء بنقض الحكم
المطعون فيه لا يمنع المطعون ضده من الرجوع بعد ذلك على البائعين بالثمن الذي دفعه
لهم في غير أموالهم التي كانت في الحراسة وآلت إلى الدولة.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه، ولما تقدم بيانه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء
برفض الدعوى بالنسبة لطلب إلزام الحارس برد الثمن وقدره 1265 ج و110 م.
