الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 86 سنة 35 ق – جلسة 20 /02 /1969 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الأول – السنة 20 – صـ 363

جلسة 20 من فبراير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.


الطعن رقم 86 سنة 35 القضائية

نقل. "نقل بري". "شرط تحديد مسئولية الناقل". مسئولية.
تأمين المرسل على البضاعة المنقولة لدى إحدى شركات التأمين لا يمنع من سريان شرط تحديد المسئولية الوارد في عقد النقل.
يسري شرط تحديد المسئولية المنصوص عليه في عقد النقل – وهو شرط جائز قانوناً في غير أحوال الغش والخطأ الجسيم – سواء كانت البضاعة المنقولة مؤمناً عليها أو غير مؤمن عليها لدى إحدى شركات التأمين ومن ثم فإن هذا التأمين لا شأن لهيئة السكة الحديد – الناقل – به ولا يمكن أن يؤثر على مدى مسئوليتها الذي يحدده عقد النقل المبرم بينها وبين مرسل البضاعة. ولا تكون مسئولية الهيئة كاملة غير محددة بالحدود المشار إليها في تعريفة البضائع إلا إذا قام المرسل بالتأمين على بضاعته لديها مقابل قيامه بأداء مبلغ التأمين المنصوص عليها في الفقرة "ت" من البند 25 من تعريفة البضائع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن شركة مصر للتأمين المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 380 سنة 1961 تجاري كلي القاهرة طالبة الحكم بإلزام الهيئة الطاعنة – في مواجهة شركة السكر والتقطير المصرية (المطعون ضدها الثانية) – بأن تدفع لها مبلغ 1472 ج والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد. وقالت شرحاً للدعوى إن الشركة المطعون ضدها الثانية كانت قد أمنت لديها على رسالة خيش واردة لها من الهند ضد جميع الأخطار حتى وصولها إلى مصانعها بالحوامدية، وأن شركة السكر المؤمنة عهدت بهذه الرسالة إلى الهيئة الطاعنة لنقلها بسككها الحديدية إلى الحوامدية وأثناء تنفيذ عقد النقل حدث حريق أتى على 22 بالة من هذه الرسالة على ما هو ثابت من محضر إثبات حالة ومحضر الشرطة المحررين في يوم 11 أغسطس سنة 1960 – وهو تاريخ وصول الرسالة إلى الحوامدية – وأنها تنفيذاً لعقد التأمين دفعت لشركة السكر المؤمنة مبلغ 1472 ج قيمة بالات الخيش المحترقة وحولت لها الأخيرة حقوقها قبل الهيئة الطاعنة المسئولة عن الحادث ولهذا فقد رفعت الدعوى بطلباتها سالفة الذكر. دفعت الهيئة الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 99 من القانون التجاري. وفي 29 مايو سنة 1963 قضت المحكمة بقبول هذا الدفع وبعدم قبول الدعوى. فاستأنفت الشركة المطعون ضدها الأولى هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 549 سنة 80 ق طالبة إلغاءه والقضاء لها بطلباتها، وطلبت الهيئة الطاعنة تأييد الحكم المستأنف، كما تمسكت بأن الحريق حدث بقوة قاهرة ترفع مسئوليتها وأنه بفرض تحقق هذه المسئولية فإنها تكون محددة بالحدود المنصوص عليها في بوليصة الشحن. وفي 15 ديسمبر سنة 1964 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبإلزام الهيئة الطاعنة بأن تدفع للشركة المطعون ضدها الأولى مبلغ 1472 ج والفوائد بواقع 5% سنوياً من تاريخ الحكم. وفي 13 فبراير سنة 1965 طعنت الهيئة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وبالجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنازلت الهيئة الطاعنة بمحضر جلسة 6 فبراير سنة 1969 عن أولهما، ويتحصل السبب الثاني في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه كما خالف الثابت في الأوراق وشابه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول الهيئة الطاعنة إنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن مسئوليتها عن البضاعة التالفة محددة طبقاً للبند الخامس من بوليصة الشحن بمبلغ 25 مليماً عن كل كيلو جرام من هذه البضاعة، وقد رفض الحكم المطعون فيه الأخذ بهذا الدفاع وقضى بمسئوليتها كاملة عن القيمة الحقيقية للبضاعة التالفة تأسيساً على أن الشرط الوارد في البند المذكور خاص بالبضاعة الغير مؤمن عليها وأنه إذ كانت البضاعة المطالب بقيمتها مؤمناً عليها لدى شركة مصر للتأمين المطعون ضدها الأولى فإن هذا الشرط لا يسري عليها، وهذا من الحكم خطأ إذ أن الهيئة الطاعنة لم تقصد من وضع هذا الشرط في البوليصة تقرير مسئوليتها الكاملة في حالة التأمين على البضائع المنقولة لدى إحدى شركات التأمين وأن تكون مسئوليتها محددة بالحدود الواردة فيه في حالة عدم التأمين على البضاعة لدى إحدى هذه الشركات، بل إن المقصود بالتأمين على البضاعة المنصوص عليه في هذا البند هو التأمين عليها لدى الهيئة الطاعنة وفقاً لما تقضي به المادة 25 من تعريفة البضائع فإذا كانت البضاعة قد دفع عنها الأجرة المقررة للبضائع المؤمن عليها حسبما ورد في هذه المادة فإن الهيئة تكون مسئولة عن القيمة الحقيقية للبضاعة، أما إذا كانت البضاعة قد دفع عنها الأجرة المخفضة التي لا يدخل فيها رسم التأمين فإن مسئولية الهيئة تكون محددة بالحدود المنصوص عليها في البند الخامس من بوليصة الشحن وهذه الحدود لا تتجاوز في النزاع المعروض 25 م عن كل كيلو جرام من البضاعة التي كانت منقولة بالدرجة 13. والقول بغير ذلك أمر يأباه المنطق، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بمسئولية الهيئة الطاعنة عن القيمة الحقيقية للبضاعة التالفة، فإنه يكون قد خالف القانون بمخالفته نصوص العقد ومسخه لنصوصه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على بوليصة الشحن أن البند الخامس منها يجري نصه على الوجه الآتي "في حالة فقد أو تلف (كلياً أو جزئياً) بضائع غير مؤمن عليها ومنقولة طبقاً لأحكام تعريفة البضائع وتحت مسئولية الهيئة ومهما كان سبب هذا الفقد أو التلف فالهيئة لا تسأل إلا عن قيمة البضاعة الحقيقية بشرط أن التعويض الذي يدفع لا يتجاوز في أي حال من الأحوال الحدود القصوى المبينة بعد وهي المقررة على أساس وزن البضائع والدرجة التي قدرت عليها الأجرة (حتى لو كانت هذه الدرجة أقل من درجة الصنف المقررة له التعريفة) وتضمن هذا البند بعد ذلك الحدود القصوى للتعويض مقدرة بالمليمات عن كل كيلو جرام من وزن البضاعة الحقيقي، ويبين منها أن الحد الأقصى للتعويض عن كل كيلو جرام من البضاعة المنقولة بالدرجة 13 هو 25 مليماً، كما نص في البند السادس على أنه "يستثنى من القاعدة أعلاه البضائع التي لها أسعار رسمية في بورصة مينا البصل بالإسكندرية فالتعويض المستحق عن هذه البضائع لا يتجاوز متوسط سعر النصف المماثل لرتبة ذات البضاعة ويؤخذ هذا المتوسط عن مدة الأسبوع الذي يحصل فيه النقل". وهذان النصان منقولان عن نص الفقرتين 1، 2 من البند 26 من تعريفة البضائع. ولما كان البند 25 من هذه التعريفة ينص على أنه "بما أن أجور النقل المقررة في هذه التعريفة إنما وضعت على أساس أن مسئولية الهيئة محددة أي أن هذه الأجور خفضت لهذا السبب فالمرسل الذي يريد – في حالة فقد أو تلف بضاعته – أن تدفع إليه الهيئة قيمة البضاعة الحقيقية (أي ثمنها الأصلي المحرر من كل ربح) عليه أن يؤمن على هذه البضاعة قبل الهيئة وقت عقد شروط النقل" كما نصت الفقرة "ت" من هذا البند على رسم التأمين الواجب تحصيله من مرسل البضاعة ونصت الفقرة "ث" على أنه "إذا حدث تلف أو فقد في البضاعة المؤمن عليها فالهيئة تدفع قيمة الفاقد أو التالف على أساس الثمن الذي قرره المرسل عند التأمين"، فإن مفاد ذلك أن الأصل هو أن تقوم الهيئة بنقل البضائع بأجور مخفضة وهي المبينة في تعريفة البضائع على أن تكون مسئوليتها في حالة فقد البضائع المنقولة أو تلفها محددة بقيمة البضاعة الحقيقة أو بالمبلغ المحدد في عقد النقل عن كل كيلو جرام منها أيهما أقل مع استثناء البضائع التي لها أسعار رسمية بورصة مينا البصل أو أسعار جبرية فيكون التعويض عنها طبقاً للقواعد المبينة في البند المذكور ولا تكون مسئولية الهيئة كاملة غير محددة بالحدود المشار إليها فيما سبق إلا إذا قام المرسل بالتأمين عن بضاعته لديها مقابل قيامة بأداء مبلغ التأمين المنصوص عليه في الفقرة "ت" من البند 25 من تعريفة البضائع – ويستوي في ذلك أن تكون البضاعة مؤمناً عليها أو غير مؤمن عليها لدى إحدى شركات التأمين لأن هذا التأمين لا شأن للهيئة به ولا يمكن أن يؤثر على مدى مسئوليتها الذي يحدده عقد النقل المبرم بينها وبين مرسل البضاعة وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وذهب إلى عدم سريان شرط تحديد المسئولية المنصوص عليها في البند الخامس من عقد النقل – وهو شرط جائز قانوناً في غير أحوال الغش والخطأ الجسيم – وقضى بإلزامها بقيمة البضاعة تأسيساً على أن هذا الشرط لا يسري إذا كانت البضاعة المنقولة مؤمناً عليها لدى إحدى شركات التأمين، فإنه يكون قد خالف نصوص العقد ومسخها وبذلك خالف القانون بما يستوجب نقضه.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات