الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 56 لسنة 35 ق – جلسة 04 /02 /1969 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الأول – السنة 20 – صـ 247

جلسة 4 من فبراير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم علام، وإبراهيم الديواني.


الطعن رقم 56 لسنة 35 القضائية

( أ ) محكمة الموضوع. "سلطتها في التعرف على قصد العاقدين". نقض "سلطة محكمة النقض في التكييف".
لمحكمة الموضع سلطة التعرف على ما عناه المتعاقدان في العقد. لمحكمة النقض الرقابة على التكييف القانوني لقصد المتعاقدين.
(ب، ج) ملكية. "القيود التي ترد على الملكية". تموين.
(ب) تحديد سعر جبري للسلعة وفرض قيود على حرية المشتري لها في التصرف فيها. لا ينفي ملكية المشتري لها.
(ج) حق الملكية. تقيده بقيود اتفاقية أو قانونية لا يؤثر على بقائه وقيامه. علاقة وزارة التموين بأصحاب مطاحن الحبوب يحكمها عقد بيع ناقل لملكية الحبوب لأصحاب المطاحن.
1 – لئن كان التعرف على ما عناه المتعاقدان في العقد هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع إلا أنه متى استخلصت المحكمة ذلك فإن التكييف القانوني الصحيح لما قصده المتعاقدان وتطبيق نصوص القانون على العقد هو مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض.
2 – تحديد سعر جبري لسلعة معينة وفرض قيود على حرية مشتري هذه السلعة في التصرف فيها بقصد تحقيق العدالة في التوزيع على المستهلكين ومنع المضاربة فيها، لا ينفي ملكية مشتري السلعة لها.
3 – تقييد حق الملكية بقيود اتفاقية أو قانونية تنظمها تشريعات خاصة مراعاة للمصلحة العامة، أمر جائز لا يؤثر على بقاء حق الملكية وقيامه [(1)] مؤدى ذلك – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – هو تكييف العلاقة بين وزارة التموين وأصحاب مطاحن الحبوب على أساس أن يعتبر العقد الذي يربطهما عقد بيع ناقل لملكية الحبوب لأصحاب المطاحن الذين يقومون بطحنها لحسابهم وبيعها دقيقاً بالسعر الجبري. فإذا انتهت عمليتهم بربح أو خسارة فإنهم يتحملون نتيجتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 1527 لسنة 1950 تجاري كلي القاهرة ضد الطاعنة – وزارة التموين – وقالوا بياناً لها إن الطاعنة درجت منذ سنة 1942 على أن تبيع إليهم – باعتبارهم من أصحاب المطاحن – القمح وسائر الحبوب بأسعار معينة وعلى أن تكلفهم ببيع الدقيق الناتج منها بأسعار تحددها جبراً وفي 2/ 12/ 1945 عمدت الطاعنة إلى زيادة السعر الذي تبيع به الحبوب إليهم ولم ترفع سعر الدقيق بما يتناسب مع هذه الزيادة مما أدى إلى إصابتهم بخسارة نتيجة لدفعهم فروق الأسعار، وإذ تظلموا من ذلك لوزارة التموين واقتنعت الوزارة بمطالبهم وخفضت سعر الحبوب اعتباراً من 14/ 5/ 1946 إلى 306 قرش لأردب القمح بدلاً من 315 قرش وإلى 82.5 قرش لأردب الشعير بدلاً من 108.8 قرش وإلى 147.4 قرش الأردب الأذرة بدلاً من 175.6 قرش فقد أصبح مستحقاً لهم قبل الوزارة فروق الأسعار التي دفعوها في الفترة من 2/ 12/ 1945 إلى 14/ 5/ 1946 وانتهى المطعون ضدهم إلى طلب الحكم بإلزام وزارة التموين بتقديم حساب عن كافة المبالغ المستحقة لكل منهم في ذمتها على هذا الأساس وبدفع ما يسفر عنه هذا الحساب. وبجلسة 10/ 3/ 1952 قررت الدائرة التجارية إحالة الدعوى إلى الدائرة المدنية حيث قيدت برقم 1119 سنة 1952 مدني كلي القاهرة، وبجلسة أول مارس سنة 1954 عدل المطعون ضدهم طلباتهم إلى إلزام وزارة التموين بأن تدفع مبلغ 2084 ج و790 م للمطعون ضده الأول ومبلغ 1371 ج و18 م للمطعون ضده الثاني ومبلغ 3668 ج و859 م للمطعون ضده الثالث والرابع ومبلغ 1704 ج و178 م للمطعون ضده الخامس ومبلغ 1434 ج و404 م للمطعون ضده السادس. وطلبت وزارة التموين رفض الدعوى الأصلية وأقامت من جانبها دعوى فرعية انتهت فيها إلى طلب الحكم بإلزام المطعون ضده الأول بمبلغ 1903 ج و974 م والمطعون ضده الثاني بمبلغ 1319 ج و546 م والمطعون ضدهما الثالث والرابع متضامنين بمبلغ 2378 ج و356 م. وفي 17/ 1/ 1955 قضت المحكمة بندب خبير حسابي لحصر كميات القمح والأذرة والشعير التي حصل عليها المطعون ضدهم في فترة النزاع وبيان فروق الأسعار، وقدم الخبير تقريراً اعترض عليه بعض المطعون ضدهم، فحكمت المحكمة في 23/ 5/ 1960 بإعادة المأمورية للخبير لفحص هذه الاعتراضات وقدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى عدم جديتها. وفي 23/ 4/ 1962 حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية بإلزام وزارة التموين بأن تدفع إلى المطعون ضده الأول مبلغ 897 ج و91 م وإلى المطعون ضده الثاني مبلغ 904 ج و184 م وإلى المطعون ضدهما الثالث والرابع مبلغ 2653 ج و863 م وإلى المطعون ضده الخامس مبلغ 1223 ج و507 م وإلى المطعون ضده السادس مبلغ 947 ج و834 م وفي الدعوى الفرعية بإلزام المطعون ضده الثاني بأن يدفع لوزارة التموين – الطاعنة – مبلغ 1264 ج و436 م وبإلزام المطعون ضده الأول بأن يدفع لها مبلغ 1796 ج و964 م وبإلزام المطعون ضدهما الثالث والرابع بأن يدفعا للوزارة مبلغ 2346 ج و334 م. استأنفت وزارة التموين هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافها برقم 1328/ 79 ق كما استأنفه المطعون ضدهم الأربعة الأول بالاستئناف رقم 1869/ 79 ق وقررت المحكمة ضم الاستئنافين وقضت فيهما في 2/ 12/ 1964 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت وزارة التموين في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وبالجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن يقوم على سبب واحد حاصله مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم بنى قضاءه على ما انتهى إليه من تكييف العلاقة التي تربط الطاعنة بالمطعون ضدهم بأنها علاقة وكالة فيما يتعلق بشراء الحبوب وبيع الدقيق وعلاقة استصناع فيما تختص بعملية طحنها وأنه يحق للمطعون ضدهم على هذا الأساس مطالبة الطاعنة بما لحقهم من خسارة بوصفهم وكلاء عنها، هذا في حين أن تقييد وزارة التموين لأصحاب المطاحن في التصرف في الحبوب والدقيق طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 وقرار وزير التموين رقم 359 لسنة 1947 لا ينفي ملكيتهم لها لأن فرض قيود قانونية أو اتفاقية على حق الملكية لا يؤثر على بقاء هذا الحق وقيامه، مما مفاده أن تكون العلاقة بين وزارة التموين وبين المطعون ضدهم علاقة بائع بمشتر وينتفي بذلك كل حق للمطعون ضدهم في الرجوع على الوزارة بما يكون قد لحقهم من خسارة نتيجة لهذا التعامل، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ما يخالف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه وإن كان التعرف على ما عناه المتعاقدان في العقد هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع إلا أنه متى استخلصت المحكمة ذلك، فإن التكييف القانوني الصحيح لما قصده المتعاقدان وتطبيق نصوص القانون على العقد هو مسألة قانونية تخضع لرقابة هذه المحكمة. ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه إنه بعد أن حصل مضمون إرادة المتعاقدين التي انصرفت إلى استلام أصحاب المطاحن للقمح من الوزارة بالسعر المحدد جبراً وإلى أن يقوم هؤلاء بطحنه في مطاحنهم الخاصة ثم بيعه دقيقاً لأصحاب المخابز بالأسعار التي تحددها الوزارة – بعد أن حصل الحكم ذلك، كيف هذه العلاقة بأنها عقد وكالة عن وزارة التموين فيما يختص بشراء أصحاب المطاحن للحبوب وبيعهم للدقيق وعقد استصناع فيما يختص بصنع الدقيق مستنداً في هذا التكييف إلى أن أصحاب المطاحن لا يملكون حرية التصرف في الدقيق إلا لأصحاب المخابز وبالسعر الذي تحدده الوزارة جبراً، وكان هذا التكييف الذي انتهى إليه الحكم غير صحيح، ذلك أن تحديد سعر جبري لسلعة معينة وفرض قيود على حرية مشتري هذه السلعة في التصرف فيها بقصد تحقيق العدالة في التوزيع على المستهلكين ومنع المضاربة فيها لا ينفي ملكية مشتري السلعة لها، ويعد تقييد حقه بقيود اتفاقية أو قانونية تنظمها تشريعات خاصة مراعاة للمصلحة العامة أمراً جائزاً لا يؤثر على بقاء حق الملكية وقيامه فإن مؤدى ذلك – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو تكييف العلاقة بين الطرفين على أساس أن يعتبر العقد الذي يربطهما عقد بيع ناقل لملكية الحبوب للمطعون ضدهم الذين يقومون بطحنها لحسابهم وبيعها دقيقاً بالسعر الجبري فإذا ما انتهت عمليتهم بربح أو خسارة فإنهم يتحملون بنتيجتها. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر المطعون ضدهم وكلاء عن وزارة التموين في هذه العملية ورتب على ذلك إلزام الوزارة بما انتهت إليه من خسارة، فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى الأصلية وبرفض هذه الدعوى.


[(1)] نقض 21/ 12/ 1961 – الطعن 446 لسنة 25 ق مجموعة المكتب الفني السنة 12 القاعدة 137 ص 810.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات