الطعن رقم 35 لسنة 39 ق “أحول شخصية” – جلسة 30 /01 /1974
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
السنة 25 – صـ 250
جلسة 30 من يناير سنة 1974
برياسة السيد نائب رئيس المحكمة المستشار أحمد حسن هيكل وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود وجودة أحمد غيث وإبراهيم السعيد ذكرى وجلال عبد الرحيم عثمان.
الطعن رقم 35 لسنة 39 القضائية "أحول شخصية"
حكم "إعادة الدعوى للمرافعة". دعوى "نظر الدعوى".
طلب فتح باب المرافعة لتقديم مذكرات أو مستندات. إجابته. من إطلاقات محكمة الموضوع.
أحوال شخصية "إعلان الشرعي". إرث. حكم "حجية الحكم" دفوع.
حجية الإعلام الشرعي. دفعها بحكم من المحكمة المختصة في دعوى أصلية أو في صورة دفع.
اختصاص الهيئة التي فصلت في الدفع بالحكم فيه. وجوب التعويل على هذا القضاء. ولو خالف
ما ورد بالإعلام الشرعي.
أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية". دعوى "سماع الدعوى" وقف.
منع القضاة من سماع الدعوى بمضي 15 سنة مع تمكن المدعي من رفعها وعدم العذر الشرعي,
وإنكار الحق في تلك المدة. قاعدة وردت بالمادة/ 375 من اللائحة الشرعية الصادرة في
1931، ولائحة سنة 1897، والمادة 276 ق 31 لسنة 1910 المعدل للائحة الأخير والمادة 614
من قانون العدل والإنصاف.
1 – لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي لم تجب الطلب المقدم إليها بفتح باب المرافعة
لتقديم مذكرات أو مستندات، متى كان قد قدم إليها بعد انتهاء المرافعة في الدعوى، إذ
يصبح هذا الطلب من الإطلاقات التي لا يعيب المحكمة الالتفات عنها.
2 – حجية الإعلام الشرعي – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)]
تدفع وفقاً لنص المادة/ 361 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بحكم من المحكمة المختصة
وهذا الحكم كما يكون في دعوى أصلية، يصح أن يكون في صورة دفع أبدي في الدعوى التي يراد
الاحتجاج فيها بالإعلام الشرعي وهو ما سلكته المطعون عليها أمام محكمة الموضوع، وإذ
كانت الهيئة التي فصلت في الدفع مختصة أصلاً بالحكم فيه، فإن قضاءها هو الذي يعول عليه،
ولو خالف ما ورد بالإعلام الشرعي ولا يعد ذلك إهدار الحجية الإعلام لأن المشرع أجاز
هذا القضاء وحد به من حجية الإعلام الشرعي الذي صدر بناء على إجراءات تقوم في جوهرها
على تحقيقات إدارية يصح أن ينقضها بحث تقوم به السلطة القضائية المختصة.
3 – ما تقضي به المادة/ 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون
رقم 78 لسنة 1931 من أن القضاة ممنوعون من سماع الدعوى التي مضى عليها خمس عشرة سنة
مع تمكن المدعي من رفعها وعدم العذر الشرعي في عدم إقامتها وهذا كله مع إنكار الحق
في تلك المدة، هو ترديد لقاعدة أساسية نص عليها في المادة/ 96 من اللائحة الشرعية الصادرة
في سنة 1897 والمادة/ 376 من القانون رقم 31 لسنة 1910 المعدل للائحة الأخيرة، وعلى
ذلك جاء نص المادة 614 من قانون العدل والإنصاف الذي يقضي بأنه لا تسمع الدعوى في استحقاق
غلة الوقف بعد تركها بلا عذر شرعي مدة خمس عشرة سنة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن
المرحوم…….. – مورث الطاعنين – أقام الدعوى رقم 66 سنة 1953 القاهرة الابتدائية
الشرعية – التي قيدت بعد إلغاء المحاكم الشرعية برقم 566 سنة 1956 "أحوال شخصية" القاهرة
الابتدائية – ضد وزارة الأوقاف – المطعون عليها – بصحيفة معلنة في 11/ 2/ 1953 طالباً
الحكم باستحقاقه لحصة قدرها 20 و4/ 9 سهماً من قيراط من أربعة وعشرين قيراطاً ينقسم
إليها وقف المرحوم……. وتسليمه هذا النصيب، وقال بياناً لدعواه أن الواقف أنشأ وقفه
المبين بالحجة المحررة أمام محكمة الصالحية بمصر بتاريخ 18 جمادي الأولى سنة 1080 هـ
على نفسه مدة حياته ثم من بعده على أولاده……. ومن سيحدثه الله له من الأولاد ذكوراً
وإناثاً بالفريضة الشرعية بينهم، ثم من بعد كل منهم فعلى أولاده ثم على أولاد أولاده،
ثم على ذريته ونسله وعقبه من أولاد الظهور دون أولاد البطون على النص والترتيب المشروحين
في عريضة الدعوى، فإذا انقرض أولاد الظهور كان ذلك وقفاً على من يوجد من ذرية الواقف
من أولاد البطون بالفريضة الشرعية، فإذا انقرض أولاد البطون كان ذلك وقفاً على مصالح
مسجدي…… وقد توفى الواقف كما توفى أولاده وانقرضت ذريته من أولاد الظهور وآل الوقف
بتمامه إلى السيدة…… بنت…… ابن الشيخ…… ابن الشيخ…… بن……. ابن
الواقف، ثم توفيت…. المذكورة وانحصر الاستحقاق في أولادها الخمسة وهم……. لكل
منهم 4 و4/ 5 قراريط من 24 قيراط ينقسم إليها الوقف، كما توفى…… بن……. عن أولاده….
– مورث الطاعنين – ……. و…… فاستحق كل منهم 20 و4/ 9 سهماً من قيراط من 24 قيراط
ينقسم إليها الوقف، وإذا امتنعت وزارة الأوقاف عن تسليمه نصيبه المذكور فقد أقام الدعوى
بطلباته. وبصحيفة معلنة في 27/ 3/ 1953 اختصم مورث الطاعنين وزارة الأوقاف وطلب فيها
الحكم باستحقاقه 2 و2/ 15 سهماً من قيراط في وقف المرحوم……. وتسليمه له تأسيساً
على أن الواقف المذكور أنشأ وقفه المبين بالحجة المحررة أمام محكمة مصر الشرعية في
تاريخين ثانيهما 4 شوال سنة 939 هـ على نفسه مدة حياته ثم من بعده يكون الثلث على ولديه…..
ومن سيحدثه الله من الذرية ثم من بعدهم على أولادهم ثم على أولاد أولادهم ثم على ذريتهم
ونسلهم وعقبهم الذكر والأنثى في ذلك سواء، والثلث الثاني على جامع…… والثلث الثالث
على عتقاء الواقف، وشرط أن يكون النظر لنفسه حال حياته ثم بعد للأرشد فالأرشد من أولاده
وذريته وعقبه. وقد توفى الواقف وانتهى أمر النظر عليه إلى وزارة الأوقاف بمقتضى قرار
صادر بتاريخ 24/ 2/ 1923، وقد انحصر الاستحقاق في الوقف في وقف المرحوم……. بن……
وتوفى الحاج…… عن بناته الثلاث….. فاستحقت كل واحدة منهن 2 و16/ 24 قيراط من
24 قيراط ينقسم إليها الوقف المذكور، ثم توفيت… عن بنتها……. التي توفيت عن بنتها….
ثم توفيت…. عن أولادها الخمسة…… أولاد المرحوم….. فاستحق كل منهم 12 و4/ 5
سهماً، ثم توفى…… عن أولاده….. – مورث الطاعنين – ……. فاستحق كل منهم 2 و2/
15 سهماً، وإذ تضع وزارة الأوقاف اليد على الوقف بصفتها ناظرة عليه فإنه يطلب الحكم
له بطلباته. وبجلسة 18/ 12/ 1961 عدل مورث الطاعنين طلباته في وقف…….. طالباً استحقاقه
ثلث حصة والده أي 1/ 12 من غلة الوقف جميعه، وقال في بيان ذلك أن الاستحقاق انحصر في…..
أولاد المرحوم…… بنتي المرحوم…… و…… بنت……. بنت…. و…… بنت…….،
وقد توفى الإناث من هؤلاء المستحقين ولا استحقاق لذريتهن عملاً بشرط الواقف الذي حصر
الاستحقاق في أولاد الظهور فانحصر الاستحقاق في الأربعة الذكور يستحق كل منهم ربع غلة
الوقف، ثم توفى…. عن أولاده الثلاثة ….. – مورث الطاعنين – ………، وبذلك استحق
ثلث حصة والده، أي 1/ 12 من غلة الوقف جميعه. دفعت وزارة الأوقاف بعدم سماع الدعوى
لمضي المدة المانعة من سماعها مع التمكن وعدم العذر الشرعي إعمالاً لنص المادة 375
من اللائحة الشرعية وطلبت في الموضوع رفض الدعوى واحتياطياً وقفها حتى يحصل الطاعنون
على حكم بالوفاة والوراثة في مواجهتها، واستندت في ذلك على أنها تضع اليد على أعيان
الوقف بمقتضى القرار الصادر من محكمة مصر الشرعية في 24/ 2/ 1923 وأنها تنكر استحقاق
المورث ولا تحاج بإشهادات الوفاة والوراثة المقدمة إذ لم تكن طرفاً فيها. وبتاريخ 10/
2/ 1969 حكمت المحكمة بعدم سماع الدعوى. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم
34 سنة 86 ق "أحوال شخصية" القاهرة طالبين إلغاءه والحكم لهم بطلباتهم، وبتاريخ 25/
10/ 1969 حكمت المحكمة بالنسبة لوقف…… برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وبالنسبة
لوقف…… بإلغاء الحكم المستأنف وسماع الدعوى وباستحقاق مورث الطاعنين……. لحصة
قدرها 5 و1/ 3 سهماً من قيراط من أربعة وعشرين قيراطاً ينقسم إليها الوقف المذكور مع
إلزام المطعون عليها بالتسليم. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة
العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة
فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثمانية أسباب، ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون
فيه الإخلال بحق الدفاع، ذلك أنهم قدموا إلى محكمة الاستئناف طلباً بفتح باب المرافعة
للرد على مذكرة المطعون عليها وتقديم مستندات رسمية لتصحيح أخطاء مادية تضمنتها المذكرة،
إلا أن المحكمة رفضت هذا الطلب مما أدى إلى وقوع الحكم في هذه الأخطاء.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه بحسب الأصل لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي لم تجب
الطلب المقدم إليها بفتح باب المرافعة لتقديم مذكرات أو مستندات متى كان قد قدم إليها
بعد انتهاء المرافعة في الدعوى، إذ يصبح هذا الطلب من الإطلاقات التي لا يعيب المحكمة
الالتفات عنها، ولما كان الثابت في الدعوى أن طرفي الخصومة كانا ماثلين بوكلائهما بجلسة
4/ 10/ 1969 وقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة 25/ 10/ 1969 بناء على طلبهما وصرحت
بتقديم مذكرات لمن يشاء في خلال خمسة عشر يوماً ولتقدم النيابة رأيها والمدة مثالثة،
فإنه لا محل للنعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع لأنه لم يصرح للطاعنين بفتح باب المرافعة
لتقديم مذكرة ومستندات رداً على دفاع المطعون عليها الذي أبدته في مذكرتها.
وحيث إن حاصل الأسباب الثاني والرابع والخامس أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون
وشابه قصور، ويقول الطاعنون في بيان ذلك أن الحكم أهدر ما أثبته إشهاد تحقيق وفاة ووراثة
مورثهم وفي هذا مخالفة للمادة 11 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 التي تقضي بأن
المحررات الرسمية حجة على الكافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها في حدود مهمته،
كما التفت الحكم عن الشجرتين المقدمتين منهم لإثبات تسلسل نسب مورثهم إلى كل من الواقفين……
وابنه….. مع أنها حررت نقلاً عن مستندات رسمية وليست من صنع مورثهم وهي لا تختلف
عما دون بقرارات النظر على وقفي……… وبإعلامات الوراثة الخاصة بهما، وإذ ترتب
على ذلك أن قضى لهم الحكم بحصة تقل عن استحقاقهم في وقف…… فإنه يكون معيباً بالخطأ
في تطبيق القانون وبالقصور.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قرر في هذا
الخصوص ما يلي "والقول بأن جد المستأنفين من أولاد الظهور فضلاً عن كونه من أولاد البطون
يكذبه أن أولاد الواقف الواردة أسماؤهم في الحجة وهم…… ولم يرد في الحجة اسم لآخرين
ممن ينسب إليهم رافع الدعوى نفسه سواء من جهة الأم……. أو الأب…… كما أن التسلسل
الذي جاء من رافع الدعوى خلا من ذكر أبناء الواقف المذكورين في الحجة وبيان مصيرهم
ومصير ذريتهم – كما أن رافع الدعوى لم يتحدث عنهم – على أية صورة من الصور في جميع
مراحل الدعوى التي ادعى فيها أنه من أبناء الظهور عن طريق والده……، كما يكذبه قرار
النظر الصادر من محكمة بندر المحلة الكبرى بتاريخ 20 جمادي الثانية سنة 1303 هـ المسجل
في 26 منه والمتضمن إقامة الشيخ…… وأخيه السيد………. في النظر على الوقف المذكور
بعد وفاة الناظرة السابقة زنوبة عبد الله الغمري إذ ثبت في هذا القرار أن ذرية الواقف
هم تسعة أشخاص من أربعة ذكورهم أبناء زنوبة وخمس إناث…….. إذ أن في ذكر هؤلاء باعتبارهم
دون سواهم ذرية الواقف ونسبتهم جميعاً إلى أمهاتهم ما يقطع بصحة القول بانقراض أولاد
الظهور وأن الاستحقاق قد آل إلى هؤلاء باعتبارهم من أولاد البطون…… ولا يغير من
هذه النظرة ما تقدم به المستأنفون من إعلام بالوفاة والوراثة الصادر لمصلحتهم في سنة
1965 محدداً صلتهم بالواقف على النحو الذي يدعونه – ذلك أن هذا الإعلام صدر خصيصاً
لخدمة ادعائهم وبعد مضي حوالي اثني عشر عاماً على رفع الدعوى – كما صدر في غير مواجهة
وزارة الأوقاف وهي خصيمهم الذي ينكر عليهم صفتهم وقد كان الواجب – وهذا الإعلام صادر
أثناء سير الخصومة – أن تختصم فيه الوزارة أما وذلك لم يحدث وصدر الإعلام في غيبتهما
مع إنكارها لهؤلاء المستحقين فإنه يفقد حجيته بمجرد الإنكار سواء كان في صورة دعوى
أو دفع، كما لا يغير منه شجرة الوقف التي تقدم بها رافع الدعوى لأنها ليست رسمية وإنما
من صنع يده فضلاً عن وجود شجرتين في إحداهما نسبة رافع الدعوى إلى……… فقد وفى
الأخرى نسبته إلى……… – ثم تسلسل بالأجداد إلى الواقف على النحو الذي يؤيد الدعوى.
وإنما يقوم قرار النظر الصادر سنة 1303 هـ وإعلام وفاة جد المستأنفين الصادر في سنة
1919 حجة على الوزارة لأنهما صدرا قبل نظارتهما وقبل اختصامها فلم تكن طرفاً في النزاع
إذا ذاك وهاتان الورقتان رسميتان لهم حجيتهما على الكافة…… وإنه يثبت من كل ما
تقدم أن أولاد الظهور قد انقرضوا وأن الاستحقاق قد آل إلى أولاد البطون ومنهم…….
ولم تكن المستحقة الوحيدة بل كان يشاركها…. ومن ثم ينقسم الوقف إلى ستة أقسام متساوية.
وبوفاة….. يختص أولادها بسدس الوقف أي أربعة قراريط أي أن….. جد المستأنفين يخصه
قيراط واحد وبوفاته ترك ثلاثة ذكور وثلاث إناث يوزع عليهم القيراط للذكر مثل حظ الأنثيين
فيخص…. ابنه – مورث الطاعن – 2/ 9 من القيراط أي 5 و1/ 3 سهم"، ولما كان يبين مما
أورده الحكم أنه لم يأخذ بما استند إليه مورث الطاعنين في تعديل طلباته من أنه من أولاد
الظهور فضلاً عن كونه من أولاد البطون وانتهى الحكم إلى أنه من أولاد البطون للأسباب
السائغة سالفة البيان، ولأن الإعلام الشرعي الصادر لصالحهم في سنة 1965 لا يطابق الواقع،
ولما كانت حجية الإعلام الشرعي – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – تدفع وفقاً لنص
المادة 361 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بحكم من المحكمة المختصة وهذا الحكم كما
يكون في دعوى أصلية يصح أن يكون في صورة دفع أبدى في الدعوى التي يراد الاحتجاج فيها
بالإعلام الشرعي وهو ما سلكته المطعون عليها أمام محكمة الموضوع، وكانت الهيئة التي
فصلت في هذا الدفع مختصة أصلاً بالحكم فيه فإن قضاءها هو الذي يعول عليه ولو خالف ما
ورد بالإعلام الشرعي ولا يعد ذلك إهداراً لحجية الإعلام لأن المشرع أجاز هذا القضاء
وحد به من حجية الإعلام الشرعي الذي يصدر بناء على إجراءات تقوم في جوهرها على تحقيقات
إدارية يصح أن ينقضها بحث تقوم به السلطة القضائية المختصة، ولما كان الأخذ بما في
المستندات أو إطراحها مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع التقديرية التي تنأى عن رقابة
محكمة النقض متى كان استخلاصها سليماً ومستمداً من أوراق الدعوى، لما كان ذلك فإن النعي
على الحكم بهذه الأسباب يكون على غير أساس.
وحيث إن الأسباب السادس والسابع والثامن تتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق
القانون وشابه القصور، ذلك أنه قضى بعدم سماع الدعوى بالنسبة لوقف…… لمضي خمسة
عشر عاماً استناداً إلى أن وزارة الأوقاف المطعون عليها وضعت اليد على هذا الوقف في
سنة 1923 ولم يرفع مورث الطاعنين دعواه إلا في سنة 1953، في حين أن القانون الذي قرر
بعدم السماع لم يصدر إلا في سنة 1931 وقطعت المدة في سنة 1945 بالطلب الذي قدمه المورث
في مادة التصرفات رقم 672 سنة 1945/ 1946 مصر الشرعية للمطالبة باستحقاقه في هذا الوقف،
هذا إلى أنهم قدموا مستنداً سابقاً على سنة 1923 يثبت أن الوقف المذكور كان في حيازة
أجدادهم ولم تلتفت إليه المحكمة، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور
في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن ما تقضي به المادة 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية
الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 من أن القضاة ممنوعون من سماع الدعوى التي
مضى عليها خمس عشرة سنة مع تمكن المدعي من رفعها وعدم العذر الشرعي في عدم إقامتها
وهذا كله مع إنكار الحق في تلك المدة، هو ترديد لقاعدة أساسية نص عليها في المادة 96
من اللائحة الشرعية الصادرة في سنة 1897 والمادة 376 من القانون رقم 31 سنة 1910 المعدل
للائحة الأخيرة، وعلى ذلك جاء نص المادة 614 من قانون العدل والإنصاف الذي يقضي بأنه
لا تسمع الدعوى في استحقاق غلة الوقف بعد تركها بلا عذر شرعي مدة خمس عشرة سنة، ولما
كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بعدم سماع الدعوى بالنسبة لوقف…….
إلى أن وزارة الأوقاف وضعت اليد على أعيان الوقف في 4/ 2/ 1923 ولم يرفع مورث الطاعنين
دعواه إلا في سنة 1953 مع التمكين وعدم العذر الشرعي، وأنه عن طلب الاستحقاق في مادة
التصرفات رقم 672 سنة 1945/ 1946 مصر الشرعية فقد قدم بعد أن اكتملت المدة في سنة 1938،
ولما كانت المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية أطرحت المستند الذي استدل به الطاعنون
على وضع يد أجدادهم على الوقف المذكور، فإن النعي على الحكم بهذين السببين يكون على
غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه أنه خالف الثابت بالأوراق
بتقريره أن الطاعنين من ذرية…… ولا علاقة لهم بوقف……، مع أن البين من حجتي
الوقف أن……. هو ابن…….. مما يثبت استحقاقهم في الوقف الأول.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف بيانه لم يخالف
القانون فيما قضى به من عدم سماع الدعوى بالنسبة لوقف…… فإن النعي عليه بهذا السبب
يكون غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
[(1)] نقض 7/ 2/ 1968 مجموعة المكتب الفني السنة 19 ص 214.