الرائيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 699 سنة 25 ق – جلسة 28 /11 /1955 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الرابع – السنة 6 – صـ 1381

جلسة 28 من نوفمبر سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ حسن داود المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: محمود ابراهيم اسماعيل ومصطفى كامل ومحمود محمد مجاهد ومحمد محمد حسنين المستشارين.


القضية رقم 699 سنة 25 القضائية

خيانة الأمانة. اختلاس أشياء محجوزة. حجز إدارى. عدم تعيين حارس للأشياء المحجوزة إداريا. بطلان محضر الحجز. عدم جواز تطبيق أى من المادتين 323 أو 341 ع. المادتان 508 و512 مرافعات. مجال الأخذ بحكمهما.
مجال الأخذ بحكم المادتين 508 و512 من قانون المرافعات مقصور على الحجز القضائى الذى يوقع بالشروط التى نص عليها هذا القانون، وبهذا الحجز القضائى يصبح الشئ بمجرد أمر القاضى بحجزه محتبسا على ذمة السلطة القضائية خاضعا لتصرفها طبقا لأحكام القانون، ولا يتعدى حكم هذه القاعدة إلى الحجز الإدارى الذى نظمه الشارع بتشريعات خاصة وحدد له شروطا نص عليها فأوجب دائما لانعقاد الحجز الإدارى تعيين حارس على الأشياء المحجوزة لتنتقل لعهدته بمجرد تنصيبه من مندوب الحجز ويصبح أمينا مسئولا عن كل ما يقتضيه تنفيذ الحجز، أما إذا لم يعين الحارس ولم تسلم إليه الأشياء المحجوزة إداريا تسليما فعليا أو حكميا بعدم قبوله الحراسة فإن الحجز الإدارى لا ينعقد ويكون العيب الذى يلحق محضره فى هذه الصورة هو عيب جوهرى يبطله، مما لا محل معه لتطبيق أى من المادتين 323 أو341 من قانون العقوبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: بدد المحصول المبين الوصف والقيمة بالمحضر والمحجوز عليه إداريا لصالح مصلحة الأموال المقررة والذى سلم إليه على سبيل الوديعة لحراسته وتقديمه يوم البيع فاختلسه إضرارا بالدائنة الحاجزة حالة كونه حارسا عليه ومالكا له. وطلبت عقابه بالمادتين 340 و341 من قانون العقوبات. ومحكمة رشيد الجزئية قضت غيابيا عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه بلا مصروفات جنائية. استأنفت النيابة ومحكمة اسكندرية الابتدائية قضت بتأييد الحكم المستأنف بلا مصروفات جنائية. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض…. الخ.


المحكمة

…. وحيث إن النيابة تقول فى طعنها إن محكمة أول درجة قضت ببراءة المطعون ضده تأسيسا على أن الحجز لم يعين له حارس وترك الحراسة فى يد المالك لا يرتب مسئوليته وبالتالى لا يجيز عقابه، وقد أيدت المحكمة الاستئنافية هذا الحكم لأسبابه ومذهب الحكمين ينطوى على خطأ فى تطبيق القانون لأن قانون المرافعات الجديد استحدث أحكاما فى المواد 508 وما بعدها منه مؤداها أن الحجز يتم بغير تعيين حارس، ورفض المالك قبول الحراسة لا ينفى حصول الحجز، وتقول الطاعنة أيضا إنه من جهة أخرى، بفرض أن المطعون ضده لم يعين حارسا فإن الواقعة تكون منطبقة على المادتين 318 و323 من قانون العقوبات الخاصتين بالمالك الذى يختلس الأشياء المحجوز عليها.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الدعوى العمومية رفعت على المطعون ضده بتبديد محصولات محجوز عليها إداريا لصالح مصلحة الأموال المقررة حالة كونه حارسا ومالكا، وطلبت النيابة عقابه طبقا للمادتين 341 و342 من قانون العقوبات. ومحكمة أول درجة قضت ببراءة المتهم مؤسسة قضاءها على أن الثابت فى محضر الحجز أن صورة من هذا المحضر تركت للمتهم الحارس لامتناعه عن التوقيع كما قالت المحكمة إنه كان يتعين على جهة الإدارة أن تعين حارسا يوقع على محضر الحجز وتوكل إليه المحافظة على المحجوزات، ولما استأنفت النيابة هذا الحكم قضت محكمة ثانى درجة بتأييده لأسبابه.
وحيث إنه وإن كان قانون المرافعات قد نص فى المادة 508 منه على أن "تصبح الأشياء محجوزة بمجرد ذكرها فى محضر الحجز ولو لم يعين عليها حارس" كما نص فى المادة 512 "إذا لم يجد المحضر فى مكان الحجز من يقبل الحراسة وكان المدين حاضرا كلفه الحراسة ولا يعتد برفضه إياها…" إلا أن مجال الأخذ بحكم هذين النصين مقصور على الحجز القضائى الذى يوقعه القاضى بالشروط التى نص عليها هذا القانون، وبهذا الحجز القضائى يصبح الشئ بمجرد أمر القاضى بحجزه محتبسا على ذمة السلطة القضائية خاضعا لتصرفها طبقا لأحكام القانون، ولا يتعدى حكم هذه القاعدة إلى الحجز الإدارى الذى نظمه الشارع بتشريعات خاصة وحدد له شروطا نص عليها، من ذلك الأمر العالى الصادر فى 25 من مارس سنة 1880 الذى نص فى مادته الثامنة على وجوب عد الأشياء التى تحجز وبيان أوصافها فى محضر الحجز" ثم يتعين حارس على الاشياء المحجوز عليها…. والحارس يضع إمضاءه أو ختمه على محضر الحجز" والقانون رقم 26 الصادر فى 5 من يوليه سنة 1923 بشأن تحصيل أثمان الأسمدة فقد نص فى مادته الأولى على سريان أحكام الأمر العالى سالف الذكر على تحصيل أثمان الأسمدة التى تبيعها وزارة الزراعة وكذلك المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 65 الصادر فى 27 من أكتوبر سنة 1928 الذى مد أحكام الأمر العالى المذكورة أيضا على تحصيل بعض الديون المطلوبة للحكومة، والمرسوم بقانون رقم 55 لسنة 1929 فقد نص الشارع فى الفقرة الخامسة من المادة الثالثة منه على أن "يعين حارس أو أكثر لحراسة الأشياء المحجوزة….." كما أوجبت الفقرة السادسة من هذه المادة أن يوقع الحارس على محضر الحجز وكذلك القانون رقم 81 لسنة 1933 بتطبيق المرسوم بقانون رقم 55 لسنة 1929 للحصول على الإيجارات والمبالغ المستحقة لوزارة الأوقاف عن الأملاك الزراعية التى تحت إدارتها وقد استبقى الشارع هذا الحكم أيضا فى القانون الجديد رقم 308 لسنة 1955 فى شأن الحجز الإدارى ونص عليه نصا صريحا فى المادة 11 من هذا القانون، ولما كان يبين من هذه النصوص أن الشارع أوجب دائما لانعقاد الحجز الإدارى تعيين حارس على الأشياء المحجوزة لتنتقل لعهدته بمجرد تنصيبه من مندوب الحجز، ومن ثم يصبح أمينا مسئولا عن كل ما يقتضيه تنفيذ هذا الحجز ولا يسوغ من وضوح هذه النصوص الخاصة الأخذ بما جاء فى نص المادة 508 من قانون المرافعات من اعتبار الأشياء محجوزة بمجرد ذكرها بمحضر الحجز ولو لم يعين عليها حارس ولا بالحراسة المفترضة المنصوص عليها فى صدر المادة 512 من هذا القانون ما دام الشارع قد أوجب لانعقاد الحجز الإدارى عناصر وشروطا مخصوصة أوردها بصيغ صريحة ولا سيما والأمر يتصل بتقرير المسئولية الجنائية – لما كان ذلك، وكانت المادة 341 من قانون العقوبات التى طلبت النيابة تطبيقها إنما تعاقب الحارس بناء على عقد الوديعة الذى بقبوله يصبح ملتزما بواجباته فيه، أما إذا لم يعين الحارس ولم تسلم إليه الأشياء المحجوزة إداريا تسليما فعليا أو حكميا بعد قبوله الحراسة فإن الحجز الإدارى لا ينعقد ويكون العيب الذى يلحق محضره فى هذه الصورة هو عيب جوهرى يبطله، لأن المتهم عندئذ لا يكون مستودعا لتلك الأشياء وبالتالى تمتنع مسئوليته الجنائية. ولا يؤثر فى ذلك أن تكون الأشياء قد تركت فى عهدته ما دام القانون قد أوجب فى الحجز الإدارى خاصة تعيين من يقبل الحراسة على ما سلف بيانه.
وحيث إن ما تقوله النيابة من أن عدم قبول المطعون ضده الحراسة لا يجعله غير مسئول باطلاق، إذ أن ما وقع منه على الرغم من عدم تعيينه حارسا أو قبوله الحراسة يقع تحت حكم المادة 323 من قانون العقوبات، ما تقوله النيابة من ذلك غير سديد، ذلك بأن من أركان الجريمة التى تنص عليها هذه المادة أن تكون الأشياء المختلسة محجوزا عليها من الجهة الإدارية – ولما كان من مقومات الحجز الإدارى كما يتضح مما سبق أن توضع الأشياء المحجوزة تحت يد حارس قبل الحراسة سواء أكان هو مالكها أم غيره وكان واقع الأمر فى الدعوى الحالية غير ذلك، فإن الحجز الإدارى لا يكون له وجود ومن ثم فلا يقع فعل المطعون ضده تحت طائلة العقاب.
وحيث إنه يبين مما تقدم أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة ببراءة المطعون ضده للأسباب التى وردت بهذا الحكم الأخير، يكون غير مخطئ فى تطبيق القانون.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات