أصدرت الحكم الآتيلم يتم التعرف على تاريخ الجلسة
الجريدة الرسمية – العدد 4 (مكرر) – السنة
الحادية والخمسون
19 المحرم سنة 1429هـ، الموافق 27 يناير سنة 2008م
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الثالث عشر من يناير سنة 2008م،
الموافق الخامس من المحرم سنة 1429هـ.
برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبد الواحد – رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين:
ماهر البحيري وعدلي محمود منصور وعلي عوض محمد صالح وإلهام نجيب نوار والسيد عبد المنعم
حشيش وسعيد مرعي عمرو، وحضور السيد المستشار/ رجب عبد الحكيم سليم – رئيس هيئة المفوضين،
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 78 لسنة
25 قضائية "دستورية".
المقامة من:
ورثة المرحوم حسن رشوان محفوظ، وهم:
1 – زينب محمد محفوظ.
2 – علي حسن رشوان.
3 – إبراهيم حسن رشوان.
4 – شاه حسن رشوان.
ضد
1 – السيد رئيس الجمهورية.
2 – السيد رئيس مجلس الوزراء.
3 – السيد وزير المالية.
4 – السيد رئيس الإدارة المركزية لموارد وتعويضات الإصلاح الزراعي.
5 – السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي.
6 – السيد رئيس مجلس إدارة صندوق تعويضات الإصلاح الزراعي.
الإجراءات
بتاريخ الثامن عشر من فبراير سنة 2003، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى،
قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم:
أصلياً باعتبار الأحكام الصادرة في الدعاوى أرقام 3 لسنة 1 قضائية "دستورية"، 28 لسنة
6 قضائية "دستورية"، 24 لسنة 15 قضائية "دستورية"، التي قضت بعدم دستورية مواد التعويض
الواردة بقوانين الإصلاح الزراعي أرقام 178 لسنة 1952، 127 لسنة 1961، 50 لسنة 1969،
سارية بأثر رجعي، بحيث لا تشكل أحكام القانون رقم 168 لسنة 1998، أو حكم المحكمة الدستورية
العليا في مادة الضرائب، عائقاً في تنفيذ هذه الأحكام بأثر رجعي.
واحتياطياً بعدم دستورية أحكام القانون رقم 168 لسنة 1998، فيما تضمنه من مصادرته الأثر
الرجعي للأحكام، التي قضت بعدم دستورية مواد التعويض في القوانين المشار إليها..
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت في ختامها الحكم باعتبار الخصومة منتهية.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعين،
أقاموا الدعوى رقم 1783 لسنة 1999 مدني كلي جنوب الجيزة، بطلب الحكم بإلزام المدعى
عليهم، من الثالث حتى السادس بدفع مبلغ مقداره خمسون ألف جنيه، كتعويض عن الفدان الواحد
من الأراضي المستولى عليها، بالقوانين أرقام 178 لسنة 1952، 127 لسنة 1961، 50 لسنة
1969، قولاً منهم بأن مورثهم سبق أن خضع لقوانين الإصلاح الزراعي المذكورة، وتم بموجبها،
الاستيلاء على 111 فداناً و12 قيراطاً و10 أسهم، كائنة بزمامات مختلفة، ولم يقم الإصلاح
الزراعي بصرف التعويض لمورثهم، أو لهم. وبجلسة 29/ 12/ 2001، قضت المحكمة برفض الدعوى،
مستندة في ذلك، إلى أنه بصدور القانون رقم 168 لسنة 1998، بتعديل نص المادة من
قانون المحكمة الدستورية العليا، الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أصبح النطاق الزمني
لأحكام المحكمة الدستورية العليا، محدداً تحديداً دقيقاً، لا يقبل الجدل. إذ لا يسري
بأثر رجعي الحكم الصادر بعدم دستورية نص قانوني، قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 168
لسنة 1998 ولما كان الثابت، أن الاستيلاء على أطيان مورث المدعين، وتقدير قيمتها التعويضية،
كان سابقاً على تاريخ نشر الأحكام الصادرة بعدم دستورية قوانين الإصلاح الزراعي المشار
إليها، التي لم تحدد مقابلاً للاستيلاء على أراضي الخاضعين أو حددت تعويضاً عن هذا
الاستيلاء على أساس معين، ومن ثم تفتقد الدعوى سندها القانوني. وإذا لم يرتض المدعون
هذا الحكم، فقد طعنوا عليه بالاستئناف رقم 2779 لسنة 119 ق. س، أمام محكمة استئناف
القاهرة، طالبين الحكم بإلغاء الحكم المستأنف، ودفعوا بعدم دستورية القانون رقم 168
لسنة 1998، لما ترتب عليه من حرمانهم من حقوقهم المشروعة في التعويض عما أصابهم من
أضرار. وأثناء نظر الاستئناف، طلب الحاضر عن المستأنفين، التصريح له بإقامة دعوى دستورية،
وفقاً لأحكام المادتين من قانون المرافعات المدنية والتجارية، من قانون
المحكمة الدستورية العليا، لرفع التناقض بين الأحكام الصادرة بعدم دستورية المواد الواردة
بقوانين الإصلاح الزراعي، المتعلقة بالتعويض عن الأراضي المستولى عليها، وأحكام القانون
رقم 168 لسنة 1998، وكذا الأحكام الموضوعية بعدم إعمال الأثر الرجعي لأحكام المحكمة
الدستورية العليا. وإذ قدرت تلك المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعين برفع الدعوى
الدستورية، فقد أقاموا الدعوى الماثلة.
وحيث إن المحكمة – بما لها من هيمنة على الدعوى – هي التي تعطيها وصفها الحق، وتكييفها
الصحيح، متقصية في سبيل ذلك الطلبات المطروحة فيها، مستظهرة حقيقة مراميها وأبعادها؛
وكان المدعون، يهدفون من دعواهم الراهنة، إلى المضي في تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية
العليا، الصادرة في الدعاوى أرقام 3 لسنة 1 قضائية "دستورية" بجلسة 25/ 6/ 1983، 24
لسنة 15 قضائية "دستورية" بجلسة 7/ 3/ 1998، 28 لسنة 6 قضائية "دستورية" بجلسة 6/ 6/
1998، التي قضت بعدم دستورية بعض نصوص قوانين الإصلاح الزارعي، السالف الإشارة، إليها
المتعلقة بالتعويض عن الاستيلاء على أراضي الخاضعين لأحكام تلك القوانين وإعمال آثارها
في حق مورثهم أو في حقهم وعدم الاعتداد بكل من أحكام القانون رقم 168 لسنة 1998 بتعديل
نص المادة من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979،
والحكم الموضوعي الصادر من محكمة الجيزة الابتدائية "الدائرة 16 حكومة" بجلسة 29/ 12/
2001 في الدعوى رقم 1783 لسنة 1999 حكومة الجيزة، برفض طلب التعويض عن أراضي مورثهم
المستولى عليها من الإصلاح الزراعي، مستنداً في ذلك إلى تفسير اعتنقه للقانون المشار
إليه، باعتبار أن ذلك كله يشكل عقبة تنفيذ، تحول دون تنفيذ الأحكام الصادرة من المحكمة
الدستورية العليا السالفة الذكر، من ثم فإن دعواهم – والحال كذلك – تندرج في عداد المنازعات
المتعلقة بتنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا، في مفهوم المادة من قانونها
الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن منازعة التنفيذ، هي تلك المنازعة، التي تتوخى
في ختام مطافها، إنهاء الآثار المصاحبة لعوائق التنفيذ أو الناشئة عنها أو المترتبة
عليها، بشرط أن تكون قد حالت فعلاً، أو كان من شأنها أن تحول دون تنفيذ أحكام هذه المحكمة،
تنفيذاً صحيحاً مكتملاً، أو كانت مقيدة لنطاقها، على أن يكون مفهوماً، أن التنفيذ لا
يبلغ غايته، إلا إذا كان كافلاً انسحاب أثر الحكم إلى يوم صدور النص المقضي بإبطاله،
فإذا أعاق انسيابه أي عارض – ولو كان تشريعاً أو حكماً قضائياً – جاز لهذه المحكمة
الأمر بالمضي في تنفيذ الحكم بعدم الدستورية؛ وعدم الاعتداد بذلك الحائل، الذي عطل
مجراه.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان النص في المادة من قانون المحكمة الدستورية العليا
– قبل تعديلها بالقانون رقم 168 لسنة 1998 – على عدم جواز تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته
من اليوم التالي لنشر الحكم بعدم الدستورية، هو خطاب تشريعي موجه لجميع سلطات الدولة
وللكافة للعمل بمقتضاه؛ وكان قاضي الموضوع هو من بين المخاطبين بهذا النص التشريعي،
فإنه يكون متعيناً عليه، عملاً بهذا النص، ألا ينزل حكم القانون المقضي بعدم دستوريته،
على المنازعات المطروحة عليه من قبل، وذلك يؤكد قصد المشرع في تقرير الأثر الرجعي للحكم
بعدم الدستورية، ويؤيد انسحابه على ما سبقه من علاقات وأوضاع نشأت في ظل القانون، الذي
قضى بعدم دستوريته. وقد أعملت المادة من قانون المحكمة الدستورية العليا هذه الرجعية
على إطلاقها، بالنسبة للنصوص الجنائية، إلى حد إسقاط حجية الأمر المقضي، لتعلقها بالإدانة
في أمور تمس الحرية الشخصية. أما في المسائل الأخرى – غير الجنائية – فيسري عليها،
كذلك، الأثر الرجعي للحكم بعدم الدستورية، ما لم يكن للعلاقات والأوضاع السابقة عليه
أساس قانوني آخر، ترتكن إليه، ويُحد من إطلاقه الرجعية عليها، وهو ما أفصحت عنه المذكرة
الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا، في تعليقها على نص المادة منه، حيث
جاء بها أن القانون "تناول أثر الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة، فنص على عدم
جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم، وهو نص ورد في بعض القوانين المقارنة، واستقر
الفقه والقضاء على أن مؤداه هو عدم تطبيق النص، ليس في المستقبل فحسب، وإنما بالنسبة
إلى الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص، على أن يستثنى من
هذا الأثر الرجعي الحقوق والمراكز، التي تكون قد استقرت، عند صدوره، بحكم حاز قوة الأمر
المقضي، أو بانقضاء مدة تقادم. أما إذا كان الحكم بعدم الدستورية، متعلقاً بنص جنائي،
فإن جميع الأحكام، التي صدرت بالإدانة، استناداً إلى ذلك النص، تعتبر كأن لم تكن، ولو
كانت أحكاماً باتة."، ثم رأى المشرع أن يتدخل، لتعديل نص الفقرة الثالثة من المادة
من قانون المحكمة الدستورية العليا، الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، بما يكفل
– حسبما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا التعديل – تحقيق الأغراض الآتية:
أولاً – تخويل المحكمة سلطة تقرير أثر رجعي لحكمها، على ضوء الظروف الخاصة، التي تتصل
ببعض الدعاوى الدستورية، التي تنظرها، بمراعاة العناصر المحيطة بها، وقدر الخطورة التي
تلازمها.
ثانياً – تقرير أثر مباشر للحكم، بنص القانون، إذا كان متعلقاً بعدم دستورية نص ضريبي.
فصدر القرار بقانون رقم 168 لسنة 1998، بذلك التعديل، ونُشر في الجريدة الرسمية بعددها
رقم 28 مكرر في 11 يوليو سنة 1998، ونص في مادته الأولى على أن "يُستبدل بنص الفقرة
الثالثة من المادة من قانون المحكمة الدستورية العليا، الصادر بالقانون رقم 48
لسنة 1979، النص الآتي:
"ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة، عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي،
لنشر الحكم، ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخاً آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي،
لا يكون له، في جميع الأحوال، إلا أثر مباشر، وذلك دون إخلال باستفادة المدعي من الحكم
الصادر بعدم دستورية هذا النص."، ومؤدى ذلك أن المشرع أكد، من ناحية، المفهوم الصحيح
لأثر الحكم بعدم الدستورية، والذي سبق أن استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا،
وهو الأثر الرجعي، ذلك أن عبارة النص جاءت في مقدمتها، كما هي، دون تعديل. ومن ثم يجرى،
بشأنها، ما انتهت إليه هذه المحكمة، تفسيراً للنص السابق، وما ورد من تعليق عليه في
مذكرته الإيضاحية، ومن ناحية أخرى، استحدث هذا التعديل أمرين، كلاهما يعتبر استثناءً
من الأصل، وهو الأثر الرجعي، الأول: ترك تحديده للمحكمة الدستورية العليا ذاتها، حيث
رخص لها في أن تحدد، في حكمها، تاريخاً آخر لبدء إعمال أثر حكمها، الثاني: حدده حصراً
في النصوص الضريبية، فلم يجعل لها، إلا أثراً مباشراً، في جميع الأحوال.
وإذا كان ذلك، وكان الثابت أن الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا، في الدعاوى
الدستورية أرقام 3 لسنة 1 قضائية بجلسة 25 من يونيه سنة 1983، 24 لسنة 15 قضائية بجلسة
7 من مارس سنة 1998، 28 لسنة 6 قضائية بجلسة 6 من يونيه سنة 1998، لا تتعلق بنص ضريبي،
وإنما انصبت على عدم دستورية النصوص الخاصة بالتعويض عن الاستيلاء على أراضي أصحاب
الشأن، الواردة بقوانين الإصلاح الزراعي، ولم يحدد، في أي منها، تاريخاً آخر لسريانها،
ومن ثم لا ينطبق بشأنها ما استحدثه المشرع من استثناء، بقرار رئيس الجمهورية بالقانون
رقم 168 لسنة 1998 المشار إليه، وتظل خاضعة للأصل العام، وهو الأثر الرجعي للأحكام
بعدم دستورية النص، ولا تشكل، بالتالي، أحكام ذلك القرار بقانون، وما تبنته محكمة الجيزة
الابتدائية، في حكمها الصادر بجلسة 29/ 12/ 2001 في الدعوى رقم 1783 لسنة 1999 حكومة
الجيزة، من مفهوم خاطئ لمقتضاه، عقبة في تنفيذ الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية
العليا السالفة الذكر، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى الماثلة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.
| أمين السر | رئيس المحكمة |
