أصدرت الحكم الآتيلم يتم التعرف على تاريخ الجلسة
الجريدة الرسمية – العدد 20 (مكرر) – السنة
الحادية والخمسون
14 جمادى الآخرة سنة 1429هـ، الموافق 19 مايو سنة 2008م
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الرابع من مايو سنة 2008م،
الموافق الثامن والعشرين من ربيع الآخر سنة 1429هـ.
برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبد الواحد – رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين:
محمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي وماهر سامي يوسف والسيد
عبد المنعم حشيش ومحمد خيري طه، وحضور السيد المستشار الدكتور/ حمدان حسن فهمي – رئيس
هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 147 لسنة
19 قضائية "دستورية".
والمحالة من محكمة العمال الجزئية في الدعوى رقم 889 لسنة 1996 ع. ج. القاهرة.
المقامة من:
1 – السيد/ فاضل عبد المجيد أحمد.
2 – السيد/ محمد عبد الرحمن أحمد عودة.
ضد
1 – السيد وزير القوى العاملة والهجرة.
2 – السيد رئيس النقابة العامة للنقل البري.
3 – السيد رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر.
"الإجراءات"
بتاريخ السادس عشر من شهر يوليو سنة 1997، ورد إلى قلم كتاب المحكمة
ملف الدعوى رقم 889 لسنة 1996 عمال جزئي، بعد أن قضت محكمة العمال الجزئية بالقاهرة
بجلسة 28/ 6/ 1997 بوقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل في دستورية
قرار رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر رقم 35 لسنة 1996 وقراري وزير القوى العاملة
رقمي 146، 147 لسنة 1996.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم.
"المحكمة"
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعيين
كانا قد أقاما الدعوى رقم 889 لسنة 1996 عمال جزئي، أمام محكمة العمال الجزئية بالقاهرة
بطلب الحكم بصفة مستعجلة بإلزام المدعى عليهما الأول والثاني بقبول أوراق ترشيحهما،
ثم إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع لنظر طلب التعويض؛ قولاً منهما بأنهما من العاملين
بشركة أتوبيس القاهرة الكبرى؛ وإذ رغبا في الترشيح لانتخابات اللجنة النقابية لدورة
96/ 2001؛ فقد تقدما إلى النقابة العامة التي ينتميان إليها بطلب شهادة تفيد عضويتهما
بها وسدادهما الاشتراكات؛ وذلك إعمالاً للقرار الوزاري الصادر في هذا الشأن؛ إلا أن
طلبهما قوبل بالرفض مما دعاهما إلى إقامة تلك الدعوى، وأثناء نظرها قدما بجلسة 5/ 4/
1997 مذكرة دفعا فيها بعدم دستورية قرار رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر رقم 35
لسنة 1996، والفقرتين الثالثة والرابعة من المادة من قانون النقابات العمالية
الصادر بالقانون رقم 35 لسنة 1976، وقراري وزير القوى العاملة رقمي 146 و147 لسنة 1996
وعلى أثر ذلك أصدرت المحكمة حكمها الآنف الذكر بوقف الدعوى، وإحالتها إلى المحكمة الدستورية
العليا محددة نطاقها بالفصل في مدى دستورية قرار رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال
رقم 35 لسنة 1996 وقراري وزير القوى العاملة رقمي 146 و147 لسنة 1996 دون باقي نصوص
القانون التي ضمنها المدعيان مذكرة دفاعهما بجلسة 5/ 4/ 1997 ولم يتضمنها حكم الإحالة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تقرير اختصاصها ولائياً بنظر دعوى بذاتها،
سابق بالضرورة على الخوض في شروط قبولها أو الفصل في موضوعها، إذ لا يتصور أن تفصل
هذه المحكمة في توافر شروط اتصال الخصومة القضائية بها؛ وفقاً للأوضاع المنصوص عليها
في قانونها، قبل أن تتحقق من أن النزاع موضوعها، يدخل ابتداءً في ولايتها. لما كان
ذلك، وكان الدستور قد عهد – بنص المادة منه إلى المحكمة الدستورية العليا دون
غيرها بتولي الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه المبين في القانون؛
وبناءً على هذا التفويض أصدر المشرع قانون هذه المحكمة مبيناً اختصاصاتها، محدداً ما
يدخل في ولايتها حصراً مستبعداً من مهامها ما لا يندرج تحتها، فخولها اختصاصاً منفرداً
بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح، ينحصر في النصوص التشريعية أياً كان موضوعها
أو نطاق تطبيقها أو الجهة التي أقرتها أو أصدرتها. فلا تنبسط هذه الولاية إلا على القانون
بمعناه الموضوعي باعتباره منصرفاً إلى النصوص القانونية التي تتولد عنها مراكز عامة
مجردة، سواءً وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي أقرتها السلطة التشريعية، أم
تضمنتها التشريعات الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية في حدود صلاحيتها التي ناطها
الدستور بها، وأن تنقبض تلك الرقابة – بالتالي – عما سواها.
وحيث إن قرار وزير القوى العاملة والتدريب رقم 147 لسنة 1996 اقتصر فقط على تحديد مواعيد
الترشيح والانتخاب لتشكيلات المنظمات النقابية لدورة بعينها هي دورة 96/ 2001، فإنه
لا يعدو أن يكون قراراً تنفيذياً لا ينطوي على قاعدة عامة مجردة، وإنما يتحدد مجال
تطبيقه بواقعة محددة بذاتها، فيستنفد موضوعه بمجرد سريانه، ولا يتضمن بالتالي أية شروط
أو قواعد تنظيمية عامة تسبغ عليه وصف القرار اللائحي (التشريع الفرعي) الذي تختص هذه
المحكمة بالرقابة على دستوريته بما يتعين معه الحكم بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظره.
وحيث إن قانون النقابات العمالية الصادرة بالقانون رقم 35 لسنة 1976 قد أقام البنيان
النقابي على شكل هرمي بمراعاة وحدة الحركة النقابية، وعلى أساس أن المنظمات النقابية
تتعدد مستوياتها، وأن الاتحاد العام لنقابات العمال يتصدرها، وأن انتهاجها الديمقراطية
أسلوباً وحيداً ينبسط على نشاطها ويكفل بناء تشكيلاتها وفق الإرادة الحرة للعمال المنضمين
إليها، بما مؤداه أن التنظيم النقابي يتمحض تصرفاً حراً لا تهيمن عليه سلطة الإدارة،
بل يستقل عنها ليظل بعيداً عن سيطرتها؛ وكان الدستور بما نص عليه في المادة من
قيام النقابات واتحاداتها على أساس ديمقراطي، قد دل على أن حكمها جاء عاماً مطلقاً،
منصرفاً إلى كل تنظيم نقابي – مهنياً كان أم عمالياً – ممتداً إلى تشكيلاتها جميعاً
على تباين مستوياتها؛ وكان الاتحاد العام لنقابات العمال – وبالنظر إلى طبيعة وكيفية
تكوينه – من أشخاص القانون الخاص، فإن القرار الصادر عن رئيس الاتحاد العام لنقابات
العمال برقم 35 لسنة 1996، لا يعتبر تنظيماً لائحياً مما يستنهض ولاية هذه المحكمة
للفصل فيه، ولو تعلق مجال سريانه بالعمال في مجموعهم، ذلك أن القاعدة القانونية لا
تتوافر خصائصها بالنظر إلى اتساع دائرة من تشملهم بحكمها أو محدوديتها، وإنما بإقرارها
أو إصدارها من الجهة التي أولاها الدستور، أو القانون اختصاص فرضها، وبشرط ألا يتعلق
مجال سريانها بأشخاص محددين بذواتهم، أو بواقعة بعينها تصاغ القاعدة لضبطها، بما يدل
على انتفاء تخصيصها. الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر الطعن
عليه.
وحيث إنه بالنسبة لقرار وزير القوى العاملة والتدريب رقم 146 لسنة 1996، فقد سبق للمحكمة
الدستورية العليا أن حسمت المسألة الدستورية المثارة بشأنه بحكمها الصادر بجلسة 7/
2/ 1998 في القضية رقم 77 لسنة 19 قضائية "دستورية" والذي قضى بسقوط البند الثاني من
المادة السادسة من قرار وزير القوى العاملة 146 لسنة 1996 بشأن إجراءات الترشيح والانتخاب
لتشكيلات المنظمات النقابية العمالية؛ تبعاً لما قضى به الحكم من عدم دستورية البند
ج من المادة 36 من قانون النقابات العمالية الصادر بالقانون رقم 35 لسنة 1976 وقد نشر
هذا الحكم في الجريدة الرسمية العدد بتاريخ 19/ 2/ 1998، إذ كان ذلك، وكان مقتضى
نص المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة
1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية – وهي عينية بطبيعتها – حجية
مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً
في المسألة المقضي فيها، بما لا يجوز معه أية رجعه إليها، فإن الدعوى الدستورية في
هذا النطاق تكون غير مقبولة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: أولاً: بعدم اختصاصها بنظر الطعن في قرار رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر رقم 35 لسنة 1996، وقرار وزير القوى العاملة رقم 147 لسنة 1996، ثانياً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن على قرار وزير القوى العاملة رقم 146 لسنة 1996.
| أمين السر | رئيس المحكمة |
